المفكر السيف: صنع الديمقراطية بغياب المشاركة المجتمعية وهم وحلم

3٬967

أكد المفكر والباحث السياسي الدكتور توفيق السيف على أن صنع الديمقراطية في أي مجتمع بدون أن يشارك أفراده في العمل على إقامتها وترسيخها فإن الكلام عنها مجرد “حلم أو وهم”. وذكر بأن هذا هو جوهر الصعوبة في الديمقراطية إذ لا يمكن لها أن تُقَرر منوهًا لضرورة مشاركة الناس جميعها في إقامتها ومؤكدًا على أن جوهرها هو المشاركة الشعبية في العمل السياسي أو الحياة العامة.
وجاء حديثه في الورقة النقاشية التي قدمها مساء أمس في منتدى الثلاثاء بعنوان “الديمقراطية باعتبارها تحول نفسي” في الندوة التي شاركه فيها الكاتب حمد الحمدان والتي كان موضوعها “التحول الديمقراطي والإشكالات الثقافية”. وشدد السيف على ضرورة أن يمارس أفراد المجتمع كل الممارسات التي تعبر عن المشاركة في الشأن العام حتى في أقل المستويات وأدناها سواء كان في انتخاب لجنة تنمية اجتماعية، أو شيخ مسجد أو حتى انتخاب مدير مدرسة إن أمكن إذ أنه لا يمكن أن تقام الديمقراطية بدون الدخول في المشاركة الضرورية في الإعداد.
وأشار إلى أن معنى الديمقراطية يكمن في التعبير عن المشاركة في الشأن العام الذي يؤدي لتجسيد فكرة تمثيل الجمهور سواء كانت صغيرة أو كبيرة إذ هي ليست مجرد انتخابات ومجلس وإنما “تحول داخلي ذهني”. وتحدث عن فكرة التمثيل التي تعد من أهم اركان الديمقراطية، حيث أن مشاركة كل فرد في إيجاد جماعة تمثل البقية من أركان الديمقراطية كما أن القبول بالخيار العام والأكثرية من أركان الديمقراطية. وقال السيف بأنها لا تتعلق بالحق والباطل وإنما الاستعداد الذهني المتعلق بفوز الجميع لا فوز الأفراد، فمن أوصله الأكثرية للكرسي فإنه يمثل الجميع وليس فقط من صوتوا له.
وتابع القول بأن فكرة التمثيل هي فقط تستهدف جهة تمثل الجميع وقد يكون الذين فازوا وانتخبوا أقل مستوى من آلاف غيرهم لكنهم فازوا لأن الناس يريدونهم وليس لأنهم أفضلهم وأعلمهم. ودعا لضرورة التحول الداخلي الذي يشير إلى أهمية الرضا بالتوافق بين الجمهور على طريقة محددة لإدارة أمورهم والإجماع وطني الذي يجري بالتفاوض والنقاش والتوافق على رأي الأكثرية. وطالب السيف بأهمية السعي نحو التعود على الشراكة في ملكية تراب البلد، وصناعة مستقبله، وإدارة أموره وبنفس المقدار المسؤولية عنه، منوهًا إلى أن الشراكة في المسؤولية تتنافى مع فكرة عدم الاهتمام بسبب النظر للصراعات الحزبية والمرجعية.
ووجه حديثه للجمهور بقوله “أنت كفرد مسؤول لأنك شريك، فإذا كنت تؤمن بذاتك وأنك من البشر الخيرين الذين خلقهم الله خيرين؛ فأنت مسؤول وشريك، فالديمقراطية طريق لارتقاء الانسان، والاستبداد طريق لسقوط الانسان.. فأي طريق سنختار؟”. وتطرق للحديث عن تصنيف الناس تبعًا لاختلافاتهم في الأساس الفلسفي الذي تقوم عليه الديمقراطية أو الاستبداد. وبين بأن الديمقراطية تعد ببساطة قائمة على فكرة جوهرية خلاصتها أن الناس عامتهم يستطيعون أن يديروا أنفسهم ويفكروا بعقولهم ويتوصلوا إلى أمور طيبة أو عكس ذلك.
وأفاد في حديثه موضحًا الرأي المؤيد للديمقراطية الذي يرى بأن الإنسان بطبعه خير وعاقل ويسعى للصلاح وقادر على التفاهم مع بني جنسه والوصول للحقائق وكشف المصالح والمفاسد، والرأي المقابل من أعداء الديمقراطية الذي يؤيد الاستبداد سرًا وعلنًا ويرى عجز الإنسان وفساده. وأوضح السيف بأن الإيمان بالديمقراطية أو ضدها يعد المرجع الأساس وهو ليس أيدلوجية أو دين أو أمر آخر وإنما هي رؤية فلسفية أساسية جوهرية قد يتبناها بعض رجال الدين أو الفلاسفة أو الحكام أو أي جنس من أجناس الناس.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد