التشريعات المستجدة في نظام المرور الجديد

4٬082

بحضور جمع كبير من مثقفي وشخصيات وإعلاميي المنطقة، وضمن برنامجه الأسبوعي، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف عضو مجلس الشورى سعادة الدكتور عبد الجليل السيف في محاضرة بعنوان “التشريعات المستجدة في نظام المرور الجديد”، وذلك  مساء الثلاثاء 1/3/1425هـ الموافق 20/4/2004م. وقد قدم المحاضرة الأستاذ عبد الله آل محمد حسين عضو هيئة التدريس، والمحاضر بمعهد الإدارة العامة بعد افتتاح الندوة بتلاوة عطرة من آي الذكر الحكيم قرأها الطالب مرتضى آل قريش.

بعد ذلك، ألقى راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب كلمة ترحيبية حيا فيها الحضور، وشكرهم على مشاركتهم، ونوه بأهمية الموضوع وضرورة البحث الجاد فيه، كما أشار إلى دور منتدى الثلاثاء في التطرق إلى مختلف قضايا المجتمع ومشاكله عبر مناقشات موضوعية وصريحة وبروح منفتحة، حيث استضاف المنتدى خلال سنواته الأربع عددا من المثقفين من مختلف مناطق المملكة لتجسير العلاقة، وتعزيز التواصل بين مختلف النخب المثقفة، كما عرج بالحديث على دور الدكتور السيف وجهوده الكبيرة في الدفع بالعديد من الأنظمة والتشريعات الحيوية التي تخدم المواطنين.

إثر ذلك، عرف مقدم المحاضرة الدكتور السيف واستعرض جزءا من سيرته الذاتية، مشيرا إلى أبرز المناصب التي تقلدها، والانجازات التي نال على إثرها العديد من الأوسمة والجوائز.

في محاضرته المكتوبة، بدأ الدكتور عبد الجليل السيف بتناول عدّة نقاط مهمة متعلقة بالنظام المروري بالمملكة، وأشار إلى أن الوضع المروري بالمملكة يثير الاهتمام الأكبر لدى المسؤولين والمواطنين المتطلعين إلى إيجاد نظام وتشريعات مرورية جديدة وقوية وشاملة؛ تستجيب لمتطلبات العصر الاقتصادية والاجتماعية والقضائية.

وأشار الدكتور السيف إلى أن المملكة تأتي في مقدمة دول العالم من حيث الاستنزاف البشري والمادي نتيجة حوادث المرور، بل أن التقرير السنوي لمركز الجمارك لعام 2001م أشار إلى أن المملكة تنفق حوالي 13 مليار ريال سعودي على استيراد مختلف الأنواع من السيارات وقطع غيارها، وتدفع ضعف هذا الرقم سنوياً بسبب حوادث السيارات العاملة على الطرق التي تجاوزت 4 ملايين سيارة، وهذه المبالغ تعادل ما يُنفق على الميزانية السنوية المخصصة للقطاعات الصحية والتنمية الاجتماعية.

وحول الخسائر البشرية، بسبب حوادث السير، أشار إلى أنه في عام 1424هـ بلغ مجموع الحوادث 261872 حادث بنسبة زيادة 17 % عن العام الماضي، وأن 11% ممن تسببوا في هذه الحوادث تقل أعمارهم عن 18 عاماً، وأن 2000 مصاب تقريباً ينتهون بإعاقة دائمة، وقد احتلت المنطقة الشرقية في هذه الأرقام وفقاً للتقرير الإحصائي للإدارة العامة للمرور عام 1423هـ المرتبة الثانية من بين مناطق المملكة من حيث عدد القتلى في حوادث الطرق التي بلغت نسبتها 15.3% من مجموع الوفيات، والمرتبة الثانية في عدد الإصابات بنسبة 9%، وجدير بالذكر أن نسبة 14% من مجموع وفيات الحوادث بالمنطقة الشرقية تقل الأعمار فيها عن 18 عاماً.

وقد عزا الدكتور السيف هذه الحوادث إلى العديد من الأسباب أهمها السلوكيات الخاطئة لقائدي السيارات، كعدم التقيد بالأنظمة والتعليمات، مستشهدا بارتفاع المخالفات المرورية في عام 1424هـ إلى 10,641,474 مخالفة بنسبة قدرها 34% عن العام الذي سبقه.

كذلك تحدث الدكتور السيف عن تطور الأنظمة والتشريعات المرورية في المملكة، حيث استعرض تاريخ العمل المروري بالمملكة مرجحاً أن يكون عام 1925م هو البداية الحقيقية لهذه الأنظمة والتشريعات على أساس البدء الرسمي المعلن عن استخدام السيارات وبالتالي ضرورة وجود أنظمة تتعلق بها، وقد تبع ذلك عددا من الأنظمة التي كانت تسعى إلى مواكبة التغير في هذا المجال منها “قانون السيارات” الذي صدر عام 1345هـ، و”تعديل نظام السيارات وتعليمات سائقي السيارات الحكومية” عام 1361هـ، وأشار إلى أنه تم تعديل هذا النظام إلى “نظام المرور المعدل في المملكة” عام 1388هـ، وأخيرا صدر النظام الأول للمرور عام 1391هـ والذي لا يزال ساري المفعول لتاريخه.

وتحدث الدكتور السيف أيضاً عن الحاجة الماسة حاليا لتطوير نظام المرور وإعادة صياغة هذا النظام القائم بما يستوعب المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والفنية والتنظيمية، والمكونات الأساسية لمشكلة المرور المتمثلة في السائق والطريق والمركبة، والتعامل مع العنصر البشري والأخطاء البشرية كمحور لجميع المعالجات المقترحة.

وأشار إلى أن نظام المرور الجديد المقترح الذي يفترض صدوره هذا العام، انطلق من وزارة الداخلية مرورا بهيئة الخبراء في مجلس الوزراء ثم في اللجنة الأمنية بمجلس الشورى، محاولا الاستفادة من الإضافات والمقترحات المقدمة من جميع الجهات المعنية وفي مقدمتها الإدارة العامة للمرور، وأكد على أن هذا النظام استفاد من مختلف المرجعيات النظامية والتشريعية والأنظمة المرورية الخليجية، والعربية، واتفاقية جنيف لعام 1949م، واتفاقية فينا لعام 1968م، والاتفاقية الأوروبية لعام 1972م وغير ذلك من مرجعيات ذات علاقة.

وعدد الدكتور عبد الجليل السيف أبرز الملامح والمستجدات في هذا النظام الجديد، ومنها: الجهد المشترك لجميع الجهات الرسمية ذات الاختصاص، قلة مواده ومرونتها بنفس الوقت، وجود محاكم مرورية متخصصة للنظر بالقضايا المرورية المختلف عليها، إنشاء جمعية منع الحوادث، تحديد دور رجال المرور في تعيين المتسبب وإيقاع المخالفة بحق المخالف على أن تترك الإجراءات المالية والفنية والقضائية لجهات الاختصاص، إلغاء عقوبة السجن لمرتكبي مخالفات السير والاكتفاء بالغرامات المالية وحجز المركبة مع بقاء المخالفة تحت المسؤولية إذا ارتكب بالإضافة إلى ذلك جرماً يستحق عليه السجن، معالجة نظامية لإدخال مادة تعليم سلامة المرور ضمن المناهج الدراسية العامة.

هذا واختتم السيف محاضرته بالتأكيد على أهمية التطور المروري كجزء من تطور شامل، كما أكد على أهمية المتابعة الحازمة والجادة وتطبيق نظام المرور ولائحته على أساس العدل والمساواة بين الجميع دون استثناء.

بعد ذلك، فتح المجال أمام الحضور لطرح مداخلاتهم وأسئلتهم على المحاضر حيث تطرقت إلى جوانب مهمة في طبيعة النظام المروري وتطبيقاته والآفاق المستقبلية لهذا النظام، كما شملت أيضاً طرق الوقاية من الحوادث المرورية، وبالواقع المروري الحالي والمآسي المرورية التي تصيب عدد كبير جدا من اليافعين والشباب، وذلك استنادا على أرقام الحوادث الواردة في المحاضرة.

وعلق سماحة الشيخ حسن الصفار على أهمية البعد الديني في توعية الناس باحترام أنظمة المرور وضرورة إعطاء الفرصة لجمعيات أهلية مستقلة كي تمارس دورا توعويا تكميليا للجهود الرسمية في هذا المجال، كما عقب عضو مجلس المنطقة الشرقية الأستاذ علي الملا على المحاضرة بشرحه لدور مجلس المنطقة في رعاية ودعم الجهود التوعوية ووضع مقترحات وأفكار عملية في هذا المجال، وعقب المهندس غسان أبو حليقة بتأكيده على أهمية التخطيط العمراني للمناطق والشوارع  بحيث تعالج قسما كبيرا من مشاكل واختناقات المرور، وخاصة في المناطق الحديثة، وأشار الأستاذ علي البحراني إلى ضرورة الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في التنظيم المروري ومنها بعض الدول المجاورة التي يلاحظ فيها تنظيما جيدا لحركة السير والمرور، كما أكد العميد متقاعد عبد العزيز العبد الواحد على أهمية التجديد والتطوير في الأنظمة المرورية وضرورة الجدية في تطبيقها، مشيرا – من واقع تجربته – إلى أثر ذلك في الحد من الخسائر الناتجة عن التسيب، وعجز الأنظمة القديمة من استيعاب الحاجات المستجدة في المجتمع.

وعلق بعض الحاضرين على سوء حالة الطرق السريعة والشوارع في المنطقة الشرقية ودورها في زيادة عدد الحوادث، كما أشاروا إلى أهمية تأهيل وتدريب رجال المرور والأمن بحيث يمارسون دورا توعويا للمواطنين وليس تطبيق الإجراءات الجزائية فقط، ونوه أحد المتداخلين بتجربة إدارة المرور في توعية المواطنين بأهمية حزام الأمان في العام الماضي، كما لاحظ البعض حالة الانتقائية في التعامل بين المواطنين من قبل بعض رجال الأمن والدوريات عند نقاط التفتيش.

وقد أجاب الدكتور عبد الجليل السيف بكل وضوح على مداخلات وأسئلة الحضور، داعيا الجميع إلى ضرورة التعاون مع الجهات الرسمية ذات الصلة، مؤكدا على أهمية دور المواطن في الحد من أخطار حوادث المرور المستمرة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد