الثلاثاء يناقش ترسيخ المواطنة في المؤسسات التعليمية والإعلامية

4٬173

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف الدكتور عبد الوهاب القحطاني مساء الثلاثاء 22/صفر/1430هـ، الموافق 17/فبراير/2009م للحديث حول موضوع دور المؤسسات التعليمية والإعلامية في ترسيخ المواطنة، وقد أدار الأستاذ محمد الصادق الندوة معرفا بداية بالضيف، وهو أستاذ مشارك في قسم الإدارة والتسويق بكلية الإدارة الصناعية، جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. حاصل على درجة الدكتوراة الفلسفية في إدارة الأعمال من جامعة شمال تكساس الحكومية بالولايات المتحدة الأمريكية.

مدرب معتمد للموارد البشرية من قبل صندوق تنمية الموارد البشرية للعام 2004م، ومستشار في العديد من المشاريع التطويرية، وهو كذلك عضو في العديد من الجمعيات والهيئات المحلية والدولية. ألقى العديد من المحاضرات، ورأسَ الكثير من المؤتمرات والندوات وورش العمل التي شارك فيها داخل وخارج المملكة. وموضوع اللقاء أحد عناوين بحوثه الكثيرة التي كتبها في مجال عمله ونشاطه.

قدم مدير الندوة للحديث بإشارة سريعة لدور المؤسسات التعليمية والإعلامية في ترسيخ المواطنة وصياغة علاقة الأفراد ببعضهم للتعاطي مع هذا المفهوم الحديث في ظل انتقال المجتمع القبلي إلى آخر أكثر انفتاحا إثر التحولات الاجتماعية والاقتصادية المعاصرة. الدكتور القحطاني بدأ حديثه بتعريف المواطنة على أنها شعور داخلي سيكولوجي يشعر به الفرد في أي مكان في العالم تجاه أفراد المجتمع الكلي أو المجتمع المحيط به، مشيرا إلى أن المواطنة معنى شامل لمفهوم “قديم بثوب حديث” عرفه القدماء في مختلف الحضارات الإنسانية، ساهم على ترسيخه في العقل البشري عوامل كثيرة، كاللغة والدين والثقافة الاجتماعية والقيم. وقد استعرض المحاضر مفهوم المواطنة المختصر عبر العصور ولتطوره قبل حوالي قرنين من الزمن عندما تشكلت الدول القومية الأوربية، معتبرة لنفسها السيادة المطلقة داخل حدودها، وأن أوامرها نافـذة على كل من يقطن داخل تلك الحدود الجغرافية، الأمر الذي نشأ على أساسه مشروع حقوق الإنسان الغير قابلة للأخذ أو الاعتداء من قبل الدولة.

وأكد على أن المواطنة دليل شعور إيجابي تجاه المجتمع ورموزه، لا يمكن تحقيقه – للوصول إلى الانسجام المطلوب بين أفراد المجتمع – قبل تحقيق العدالة بينهم، عبر تطبيق القيم السامية وإحياء المثل العليا. وقال أن غياب العدالة دافع لغياب شعور الإنسان باحترام وطنه له، وبذلك لا يعود قادرا هو على احترامه. كذلك فصّل في تبعات هذا الشعور لدى المواطن ومثلـّها في عدم الاكتراث بأمن الوطن، وانتشار الجرائم والسلوكيات الغير أخلاقية، وبروز ظواهر سلبية مثل الفساد المالي والإداري في مؤسسات الوطن، ثم تدني الإنتاجية الاقتصادية للمواطن في عمله الحكومي أو الخاص.

بعد ذلك، انتقل المحاضر للحديث عن ترسيخ المواطنة في التاريخ الحديث؛ مشيرا للقنوات التي يمكن عبرها تحقيق ذلك، من قبيل الحدود الجغرافية والتاريخ المشترك والدين واللغة والأسرة والعادات والتقاليد والأنظمة السياسية والاجتماعية والتعليمية، مؤكدا على دفعها جميعا لتقبل الآخر واستيعابه رغم الاختلافات القائمة والمفارقات التي يفكك التركيز عليها بناء المجتمع القويم؛ الأمر الذي أثبته علم النفس الحديث باعتماده انطباعات الفرد وألفاظه كمؤشر لمستقبل أفعاله، وأكد على أهمية المواطنة في توحيد الأمة أمام التحديات المشتركة، وتعزيزها للروابط بشتى أشكالها بين أفراد الأمة، فضلا عن التعايش السلمي بين الجميع على أساس الثوابت المشتركة.

الموازنة بين سـلطات الدولة وحقوق المواطن، أشار المحاضر لكونها أساس العلاقة المشتركة في المجتمعات المتطورة الواعية بتكافؤ الحقوق والواجبات، مؤكدا على أن تحقيقها دافع لاحترام الإنسان لمكتسبات وطنه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واختلال هذا التوازن داع ٍللعبث بهذه المكتسبات، ومثل لذلك بالمجتمع الياباني كنموذج بلغ سقفا إيجابيا عاليا في التعاطي مع مكتسبات وطنه أبان الحرب العالمية الثانية، مرجعا ما حصل لارتفاع مستوى وعيه بمفهوم المواطنة التي عززها بآليات تناسب بيئته آنذاك – كتخصيص يوم لعبادة الإمبراطور – الأمر الذي كان سببا في عجز أميركا عن اختراقه خلال الحرب العالمية الثانية، وأشار لتراجع المجتمع الياباني بعد ذلك لطغيان الرأسمالية عليه، والتي أدت لمزج ثقافته بثقافات أخرى سلبية.

وانتقل المحاضر لدور الحكومات في تعزيز المواطنة الواجب ترسيخها – بداية – في المؤسسات التعليمية والثقافية والإنتاجية، وذلك بتحقيق عدالة المساواة بين المواطنين بمختلف توجهاتهم الفكرية والدينية والحزبية؛ الجانب الذي ركز عليه بالحديث عن قانون تكافؤ الفرص للجميع (Equal Opportunities for All) الذي اعتمد في أميركا في ستينيات القرن الماضي.

وحول دور المؤسسات التعليمية، أكد الضيف على ضرورة ربط المناهج الدراسية بالوطن وأهدافه واحتياجاته لغرس حب الوطن في الأجيال الناشئة منذ الطفولة. كذلك أشار لأهمية التعاون بين الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية لتطوير خطط التعليم بما يخدم الوطن والمواطن، ثم قيام المؤسسات التعليمية بورش عمل لتطوير مفهوم وتطبيق المواطنة لدى المواطنين. ولتحقيق نجاح المؤسسات التعليمية والإعلامية في دورها بتعزيز المواطنة اقترح المحاضر في توصياته الأخيرة العديد من الأفكار المعِينة على ذلك، منها قيام المؤسسات التعليمية بورش عمل لتطوير مفهوم وتطبيق المواطنة للطلاب، واعتمادها في مناهجها لنماذج في المواطنة، بهدف تصحيح المفاهيم المغلوطة فيما يخص هذا الموضوع الهام من جانب، ولربط المنهج الدراسي بالعمل الخيري التطوعي الحاض على سلوك التسامح والتعايش بين المواطنين جميعا.

في مداخلته، تساءل الأستاذ موسى الهاشم عن كيفية تطويع الاختلاف في فهم الدين ليكون عامل قوة في تعزيز المواطنة، وكان المحاضر قد أشار للدين ضمن قنوات تعزيزها. وأجاب المحاضر بضرورة التركيز على القضايا المشتركة وتنحية ما سواها. وأثار الأستاذ علي السيف سؤالا حول تضارب تطبيق بعض المفاهيم القبلية التي ينشأ عليها المواطن مع بعض مبادئ الديمقراطية التي لا تتعامل مع الإنسان انطلاقا من مفهوم قبلي، ومثل لذلك بظاهرة الواسطة المنتشرة في حياة الناس، حتى باتت ضرورة لا يستغنى عنها.

الأستاذ جعفر الشايب أشار لأهمية دراسة كيفية توظيف بعض المفاهيم القبلية في خدمة مجتمع يصعب إزالتها من عقليته بشكل قاطع، وبلور مشكلة المواطنة في المنطقة بعدم فاعلية النظام السياسي وقدرته على التحول إلى دولة مدنية حديثة، مدللا على ذلك بحقيقة استطاعة العديد من المجتمعات الأخرى معالجة نزاعات لا وطنية قامت على التمييز بين المواطنين من قاعدة اللون والجنس والمذهب وما شابه، في الوقت الذي لا تزال مجتمعاتنا العربية تغرق في هذه المشكلة، ومثل لذلك بالتحولات في السياسة الأميركية فيما يخص معاملة السود، والتي تحولت من الإقصاء فترة في ستينيات القرن الماضي إلى انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، مقابل سيطرة المحسوبيات والعلاقات على حساب الكفاءة. وأكد في ختام مداخلته على ضرورة تأسيس مشروع وطني عام يساهم في تعزيز الحس الوطني لدى الجميع.

الأستاذ حسن آل حمادة أشار لإخفاق المناهج المحلية في تحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها، ومثل لذلك بغياب أثر منهج التربية الوطنية، – الذي اعتمدته وزارة التعليم منذ العام 1417هـ – في سلوك المواطن الطالب، وكذلك الحال في منهج التربية الدينية. وأكد على أن التناقض الحاصل بين ما يتعلمه الطالب في مناهج المؤسسات التعليمية وما يراه من القائمين على هذه المناهج أمر مربك. وأثار بمناسبة الحديث عن مناهج التربية الدينية السؤال حول أحقية المواطن السعودي في دراسة منهج تربية دينية قائم على قاعدة تتوافق مع مذهبه، مشيرا للأثر الإيجابي الذي يمكن تحقيقه في ترسيخ المواطنة.

 

لمشاهدة الصور إضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد