الشباب في منتدى الثلاثاء يناقشون المتغيرات في العالم العربي

4٬210

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 26 ربيع الأول 1432هـ الموافق 1 مارس 2011م، الكاتبين الشابين الأستاذ ميثم الجشي والأستاذ سعيد الوهابي، في أمسية عُنونت بــ “الشباب والمتغيرات في العالم العربي” امتدادا لندوة الأسبوع الماضي التي تم فيها استضافة مجموعة من المثقفين. أدار الأمسية الأستاذ موسى الهاشم الذي قدم الأستاذ ميثم بن محمد علي الجشي، وهو من مواليد مدينة الخبر بالسعودية، حاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة المالية من جامعة كانساس، وشهادة الدبلوم في التسويق من الكلية التقنية بالدمام، كتب في جريدة اليوم السعودية والدار الكويتية والعديد من المواقع الإخبارية. أما الأستاذ سعيد عبد الله الوهابي، فهو من مواليد مدينة جدة بالسعودية، حاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال والنظم الإدارية، يكتب بشكل أسبوعي في جريدة شمس السعودية وموقع الحوار المتمدن، وله مدونته الشخصية، وصدر له كتابان (سور جدة)، و (كنت مثقفاً).

بدأ البرنامج بعرض من طلبة مدرسة العوامية الثانوية لتجربة مجلس الشورى الطلابي، حيث استعرض المرشد الطلابي الأستاذ جعفر آل مزعل بعض ملامح هذه التجربة بشكل موجز، كما ألقى الطالب محمد نصر الله الفرج كلمة مفصلاً فيها مفردات عمل المجلس وأهدافه وانجازاته حيث يتم انتخاب اعضائه بكل شفافية، ويهدف إلى توعية الطالب وإشراكه في الشأن العام وإعطائه دورا قياديا في مجتمعه، وبين ان مجلس الطلاب نظم لقاءات مع المجلس البلدي وجمعية حقوق الإنسان ومدير التعليم ومسئولين آخرين، كما انجز مهام يحتاجها الطلبة من بينها تشكيل لجان لمراقبة الصيانة في المدرسة وعقد لقاءات مع المدرسين وتنظيم جداول الاختبارات وكذلك توصيل مصادر التعلم التابعة للمدرسة بشبكة الإنترنت.

افتتح الأستاذ ميثم الجشي الندوة بطرح ورقته تحت عنوان “التحول من سجن كبير إلى وطن”، أشار فيها إلى الممارسات القمعية السائدة في العديد من الدول العربية في مجال الرأي وسلب الحريات كمصادرة الكتب وحجب مواقع الانترنت، معقبا ان أزمة غياب المواطنة ناتجة من انعدام العلاقة المتوازنة والصحيحة بتعطيل دور المواطن في وطنه، وسلب حقوقه السياسية والإنسانية، وهنا تخلق أزمة أخرى وهي أزمة التفكك الوطني حيث الانتماءات الطائفية والقبلية والمناطقية تكون بديلا عن الرابطة الوطنية.

وذكر أن المحرك لانتفاضات الشباب الحاصلة اليوم، هو طلب الحرية التي لا يؤطرها حزب أو ايدلوجيا بل يتوافق عليها كل مواطن بغض النظر عن المعتقدات والأفكار، وأثنى على الجيل الجديد داعيا إلى التأمل في الأدوات التي استطاع الشباب من خلالها صنع التغيير غير المتوقع. ويرى أن الثورة المصرية لم تكن مفاجئة، على الرغم من إجماع الكثير من المحللين السياسيين على ذلك، لأنه منذ عام 2008م كانت هناك حركات شبابية “فيسبوكية” تدعو للإضراب، وقاموا خلال العامين 2009م و 2010م بالعديد من المظاهرات، ثم أتت قضية الشهيد خالد سعيد لتحول الجهود الفردية المبعثرة إلى جهود منظمة على مواقع الانترنت، مؤكدا على أن ما يميز هذه الثورات أنها سلمية وغير مؤدلجة، مما ينم عن مدى وعي شباب هذا الجيل.

وتحدث أيضا عن دور ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي في إعادة إنتاج العقل العربي، وكيفية تحليله لما يدور حوله، وسرعة الاستجابة، داعيا الشباب إلى العمل على بناء الثقة بين أفراد المجتمع والاستفادة القصوى من التكنولوجيا وشبكة الانترنت لتحقيق ذلك، والانضمام إلى المجموعة السعودية الفيسبوكية والتي تجمعت تحت شعار “شباب السعودية يد واحدة في وجه الطائفية والقبلية والعنصرية”، وذلك لتعزيز المواطنة. وقدم بعده الأستاذ سعيد الوهابي ورقته مستعرضاً عدة أفكار حول الثورة والحرية والشباب، وأشار إلى أن الثورات الحاصلة ليست ثورة جياع وإنما هي ثورة للحرية والكرامة، فالتقارير الصادرة من منتدى “دافوس” الاقتصادية والبنك الدولي تبين تحسن الأوضاع الاقتصادية في العديد من الدول العربية، وأنها الأقل في إحصائيات البطالة مقارنة بالدول النامية في السنوات الأخيرة. وكذلك الأمر بالنسبة لمصر، فالمظهر العام للثوار المصريين لا يوحي بالفقر والحاجة، فوائل غنيم، شاب يشغل منصب المدير الإقليمي لشركة قوقل في مجال التسويق، ونوارة نجم وهي صاحبة المدونة الشهيرة (جبهة التهييس الشعبية) تعمل في التلفزيون المصري وغيرهم من أبناء الطبقة الوسطى، مما يؤكد على ان مطلب الحرية والكرامة هو في المقدمة.

وأشار إلى مقاربة بين ثورة الطلاب في فرنسا عام 1968م والثورات الحاصلة مؤخراً، حيث أنها ثورات مفاجئة، وأنها ضد القمع والتسلط، كما بين الفارق بين الجيل القديم والجيل الجديد في إصراره على المطالبة بحقوقه، وعدم رهبته من الممارسات السلطوية والقمعية من قبل الأنظمة الاستبدادية. وذكر أن الثورات العربية هي ثورة الإنسان العربي على نفسه، ثورة تسقط الخنوع الداخلي وفقدان الأمل من التغيير، ثورة ضد شخصيته الانهزامية وفقدان الثقة بنفسه، موضحا التناقض القسري الذي يعيشه المواطن العربي من خلال إبراز قضايا ومشكلات الدول الأخرى وتغافل قضايا ومشكلات وطنه، والناجم عن قمع حرية الرأي والكلمة. وقال الوهابي أن قيم الشباب اليوم مختلفة عن الأمس القريب، حيث استنارت بمفاهيم جديدة كالديموقراطية، الحرية، الحقوق، الانتخاب، القانون، التنمية والإصلاح والذي كان حتى عهد قريب يعني المعارضة. وأشار إلى أنه في عام 2009م نشرت في مواقع محلية عريضة تطالب الدولة بالمزيد من الإصلاحات في القضاء وهيكلة الدولة، ولم يوقع عليها سوى 77 ناشطا وناشطة، وينم ذلك عن عدم وعي المواطن وعدم اهتمامه بالشؤون السياسية المحلية، أما الآن فخلال شهر فبراير فقط زاد عدد السعوديين المشتركين في الفيس بوك 500 ألف مشترك خلال شهر واحد ليصل المجموع إلى ثلاثة ملايين مشترك.

وقبل المداخلات ألقت الفنانة سعاد وخيك والتي تقيم معرضها الفني في منتدى الثلاثاء كلمتها التي أشارت فيها إلى أن بدايتها كانت بالقلم والورقة، ثم سعت إلى تطويرها بالالتحاق بمختلف الدورات في الفن التشكيلي، فبدأت برسم الطبيعة الصامتة ثم اتجهت للواقعية والبورتريه فالمدرسة التجريدية، مستخدمة عدة خامات كالرصاص والألوان المائية والزيتية والباستل. كما ذكرت تأثرها القوي بالتراث وشدة ولوعها به حيث تقوم بتقديم دورات في هذا الجانب، وختمت كلمتها بتقديم الشكر الجزيل للأستاذ جعفر الشايب على إتاحة الفرصة لمشاركتها.

بدأت المداخلات بكلمة الاستاذ أحمد الخرمدي، التي عبر فيها عن تطلعاته المستقبلية من إرساء أرضية صلبة تخدم مصلحة الوطن والمواطنين بعيدا عن المشاحنات البغيضة، وإفساح المجال للتعبير عن الرأي وتحقيق العدل والمساواة بين شرائح المجتمع على اختلاف انتماءاتهم العقدية والإنسانية، وناقش الأستاذ مصطفى آل صمخان طبيعة التحركات الشعبية الحالية مؤكدا على دور العامل الاقتصادي فيها. وحول استفسار الأستاذ حسن العيد عن حاجة الجيل الجديد لمظلة الجيل القديم والاستفادة منهم، يرى الأستاذ سعيد الوهابي أن هناك انفصام حقيقي بين الجيلين وأن الجيل الجديد قادر على المواجهة بدون الاستظلال بالجيل السابق.

وعبر الأستاذ عبد الله العبد الباقي عن اطمئنانه على المستقبل، لمدى الوعي الذي لامسه في الجيل الجديد، وانبثاق القيم الإنسانية والسعي لترسيخ مفاهيم المواطنة وإلغاء الطائفية والمناطقية، وعبر الطالب محمد الفرج عن مدى الحاجة إلى تقييم المناهج المدرسية وضرورة استيعابها للتنوع والاختلاف المذهبي والفكري. وحول تساؤل الأستاذ زكي البحارنة عن واقع الشباب اليوم اتجاه الطائفية والمناطقية والقبلية أفاد الأستاذ ميثم الجشي أن شبكات الإنترنت ساهمت في القفز على تلك المفردات المتقوقعة وذلك بجعل الهم هما واحد مشتركا نحو تحقيق الحرية والكرامة.

وفي الختام أثنى راعي المنتدى المهندس جعفر الشايب على جهود الشباب في هذه المرحلة مؤكدا على ضرورة الاستماع إليهم وإفساح المجال أمامهم، معبرا عن تفاؤله للمستقبل بقيادة هذا الجيل الذي ثار على جميع أشكال الفشل والهزيمة التي خلقتها مؤسسات الدولة الوطنية والنخب السياسية والثقافية، ومؤكدا على ان أمام هذا الجيل مسئولية كبيرة في حماية أوطانهم وتقدمها، ثم قدم شكره الجزيل للأستاذ ميثم الجشي والأستاذ سعيد الوهابي، ولممثلي مدرسة الثانوية بالعوامية، وللفنانة سعاد وخيك على معرضها الفني، وللحضور من السيدات والسادة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد