راعي المنتدى يتحدث عن الهوية الوطنية في ديوانية العلي

4٬218

تناول راعي منتدى الثلاثاء الثقافي الأستاذ جعفر الشايب موضوع “الهوية الوطنية وسبل تعزيزها” في محاضرة ألقاها مساء أمس الثلاثاء في ديوانية الدكتور أحمد العلي بالخبر والتي حضرها جمع كبير من المثقفين والأكاديميين . وتحدث الشايب في الندوة عن أهمية البحث في موضوع الهوية الوطنية لكونها تشكل عاملا بارزا من عوامل تصاعد ونمو الصراعات في المنطقة العربية بشكل عام ، ولأن الدراسات والأبحاث حولها لا تزال محدودة للغاية معللا كونها تكون إشكالية حقيقية في الأوساط الفكرية والسياسية . وطرح أسباب إستمرار إشكالية الهويات الوطنية لوجود الجدل الغير محسوم بينها وبين الهويات الأعلى في الثقافة العامة كالهوية الإسلامية أو العربية ، وبسبب أن الدولة القطرية العربية لم تتمكن من إنتاج هوية وطنية جامعة ومؤسسة بصورة سليمة . وتحدث الأستاذ جعفر الشايب عن التعريفات المختلفة للهوية الوطنية ومفاهيمها المستمدة من مكوناتها الجغرافية والتاريخية والثقافية والحقوقية والإقتصادية ، موضحا أن تعريفات الهوية الوطنية تختلف على ماهية الإستمرارية والمماثلة، فهوية أي شعب هي القدر الثابت والجوهري والمشترك من السمات والقسمات العامة التي تميزه عن غيره من الشعوب . وبين أن من هذا الشعور الجمعي يستمد الفرد إحساسه بالهوية والإنتماء المشترك مع عدد كبير من أفراد الجماعة في عدد من المعطيات والمكونات والأهداف . وأشار الشايب إلى الخلاف الدائر بين الباحثين حول مدى ثبوتية الهوية أو حركيتها بسبب التحولات في مختلف المكونات والتطورات التي تطرأ عليها . ونبه إلى خطورة تفكك الهوية الوطنية وخاصة لدى جيل الشباب لصالح الإنتماءات والهويات الفرعية كالعودة للولاءات الإجتماعية والعشائرية والمذهبية والأطر التقليدية الأخرى على حساب الإعتبارات السياسية والوطنية الكبرى بسبب تراجع الشعور بالإنتماء الوطني مما يدفع الفرد إلى محاولة التعويض بإعلاء الولاءات الفرعية . وأكد على أن ذلك بالطبع يهدد الأمن الوطني والإستقرار الإجتماعي والسياسي .
وحول العلاقة بين الهويات التقليدية والهوية الوطنية الجامعة ، أشار الشايب إلى أن الهوية الوطنية الجامعة لا تعني مطلقا أن يتخلى الناس عن خصوصياتهم الإجتماعية والدينية ، كما أنها لا تعني بالضرورة الإشتراك في جميع الخصائص الثقافية والإجتماعية كي يكون لديهم الإحساس بالإنتماء الوطني ، فهي في مفهومها الواسع تعني إشتراك أناس من مختلف الثقافات والعقائد والأعراق بوطن واحد ومصير مشترك في إطار هذه الهوية الوطنية الجامعة ، داعيا لإيجاد حالة من التوازن بين هذه المستويات من الهوية لئلا تتحول الهوية الوطنية إلى حالة قسرية تسقط الهويات الأخرى وتهمشها .
وتطبيقا لذلك على الصعيد المحلي ، رأى الشايب أن عملية بناء المجتمع تستهدف إدماج وتسكين الهويات السابقة لقيام الدولة ضمن إطار جمعي موحد ومتفق عليه ، مستشهدا بمجموعة من الشواهد الحية في مجالات الإقتصاد والتعليم والإبتعاث والثقافة . كما ناقش الشايب رأي الكاتب عبد الله حميد الدين في مفهوم الهوية الوطنية القائل بأنها الإشتراك في بناء الدولة الوطنية والمنطلقة من مفهوم أن الوطن هو أرض مشتركة وأن تنمية المجتمع ينبغي أن يرافقها إرادة فاعلة ومجسدة لخلق الدولة لنقل الفرد من وضع المستفيد من خيرات الوطن إلى وضع المواطن والمشارك بفاعلية في بناء الدولة .
وفي نهاية حديثه أكد الأستاذ جعفر الشايب على مجموعة من السبل التي تساهم في تعزيز الهوية الوطنية في المجالات الفكرية والقانونية والسياسية والإعلامية والثقافية والإقتصادية ، مشيرا إلى عدة مجالات تطبيقية على الواقع المحلي كالتواصل الإجتماعي وتكثيف اللقاءات الثقافية والحوارت الوطنية الجادة وتوجيه الإعلام ليصب في تعزيز الهوية الوطنية .
شارك العديد من الحضور في مداخلات متنوعة أبرزها مداخلة الدكتورعبد الرحمن الحماد الذي ناقش تجارب الدول والمجتمعات الأخرى في بناء الهوية الوطنية وتعزيزها ، والإعلامي فالح الصغير رئيس تحرير صحيفة الحوار الذي أشار إلى وجود أزمة في الوعي على مستوى العالم الإسلامي وتوجهات لتوظيف الدين وفق أنماط معينة مما يفرز صراعات بينية ، كما عقب على حالة التعايش والإنسجام في المجتمع المحلي في المنطقة الشرقية بين مختلف المكونات الإجتماعية وهو أمر أكد عليه أيضا الكاتب محمد المعيبد . وتناول المهندس حالد بوبشيت تجربة مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ودوره في هذا المجال ، كما أشار الأستاذ سلطان الخيال إلى أن المشكلة تكمن في طريقة التفكير في قضايا بناء الهوية الوطنية ، وطرح الكاتب محمد الخلفان رأيه المعارض للطائفية باعتبارها إحدى معاول إضعاف الهوية الوطنية . كما طرح المهندس وائل البسام دور الفرد في تعزيز الهوية الوطنية متسائلا على من تقع هذه المسئولية .
وفي نهاية الحوار تحدث راعي الديوانية الدكتور أحمد العلي معبرا عن شكره للمحاضر والضيوف وموضحا بأن تجربة بناء الهوية الوطنية من الأمور التي تتطلب جهودا كبيرة وفترات زمنية طويلة مشيرا إلى أهمية الجهد الذي يقوم به مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني ، ومؤكدا على أهمية تناول مثل هذه القضايا بعيدا عن أي حساسيات أو توجهات فئوية فالوطن هو أهم الأولويات لدى الجميع . وفي كلمته الختامية أكد الأستاذ جعفر الشايب على أهمية مثل هذه اللقاءات وضرورة تكرارها داعيا الجميع إلى المشاركة في لقاءات أخرى قادمة ، ومشيرا أن دعوته تهدف إلى الإعلاء من القضايا الوطنية، وأبرزها موضوع الهوية الجامعة ومعالجة كل ما يعيق تعزيزها وتنميتها .

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد