الأخصائي العواس يطالب بتوعية أهالي التوحد بالمطالبة بحقوق أطفالهم

3٬280

طالب الأخصائي عبد الحكيم العواس بنشر التوعية لفهم طبيعة اضطراب التوحد السلوكي، مشددا على أهمية مساعدة الأسر والمطالبة بحقوق هؤلاء الأطفال من ناحية الدراسة المناسبة ومختلف جوانب حياتهم. وأكد على وجود فرص استثمارية عالية في العمل في هذا المجال، وضرورة تصنيف تخصص التوحد في وزارة الصحة كبقية التخصصات العلاجية، ومركزية الجهة التي تتعاطى مع أطفال التوحد بدلا من تعميمها بين جهات التعليم والصحة والتأهيل.
وذكر العواس في الندوة التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف بمناسبة اليوم العالمي للصحة، أن اضطراب التوحد هو من النوع الذي كلما توغلنا فيه وجدنا أنفسنا في بحر عميق ولجج كثيرة، بسبب أنه علم لا زال حديثا وأن سبل العلاج لا تزال مختلف عليها بين عدة مدارس، وبين في الأمسية التي أدارها رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى عيسى العيد أن تعريف التوحد ومصطلحاته لا تزال محل اختلاف بين المتخصصين فيطلق عليه الذاتوية، والفصام الطفولي، والإنغلاق على الذات، إلى غيره من المسميات. وأوضح أن مصدر مفردة التوحد هو الكلمة اليونانية «Autizm» أي النفس أو الإنغلاق على الذات.
وشرح أن هناك اختلاف بين المدارس البارزة في هذا المجال وهما الأمريكية والإنجليزية في تعريف التوحد، مختلفين من سن بدء الحالة، وعرفه على أنه اضطراب نمائي لدى الطفل حيث تظهر آثاره في مجالات النمو المختلفة كالنطق والحواس والتواصل الاجتماعي، وتم تصنيف التوحد في عام 1943م بعد اكتشافين متزامنين لعالمين أحدهما أمريكي «كانر» والآخر نمساوي (آسبرجر)، وأوضح العواس في الأمسية التي حضرها عدد من المهتمين أن أبرز الصفات التي تتشكل لدى أطفال التوحد هي القصور الثلاثي وهي قصور في التواصل وفي التخيل وفي العلاقات الاجتماعية، مع اشتراط ظهور هذه الحالات قبل بلوغ عمر ثلاث سنوات.
وقال أن نسبة ظهور حالات التوحد في أمركيا هي واحد لكل 150 شخصا، أما في السعودية فهي واحد لكل 100 شخص. وأشار إلى أنه نتيجة لعدم فهم اسباب التوحد بصورة دقيقة، فإن وسائل العلاج لا تزال تجريبية، وبين المحاضر أن ضعف التواصل لدى أطفال التوحد قد يكون بسيطا، أو متوسط أو شديد، وأن من أعراضه لدى بعض الأطفال تمسكهم بالروتين وعدم حبهم للتغيير، الذي قد يسبب لهم قلقا أو نوبات عصبية، كما أن لديهم تعلق بأمور معينة تعتبر مصدر أمان لهم، وقصور واضح في التخيل. وأوضح أن طفل التوحد لا يفهم تعبيرات الآخرين أو ما يفكرون به، وتتولد لديهم المصاداة أي تكرار الكلمات التي يسمعونها أو عدم فهم الكلمات ومقاصدها، كما أن جهاز النطق غالبا ما يكون لديهم سليما ولكن تحدث مشاكل في توظيفه بسبب عطل في مركز اللغة بالدماغ.
وحول أسباب التوحد، بين المحاضر أن هناك عدة نظريات من بينها النظرية النفسية التي تقول أنه قد يكون بسبب ابتعاد الأم عن ابنها في السنوات الاولى، فكل فرد – حسب هذه النظرية – يمر بمرحلة توحد طبيعي في البدايات ثم يتم التوافق مع الأم حيث يتطلب وجودها معه، وواجهت هذه النظرية معارضة كبيرة من حيث اعتبار المرأة سببا في المشكلة.وأضاف العواس والحاصل على درجة الماجستير بمرتبة الشرف من جامعة الخليج العربي في مجال اضطراب التوحد، أن النظرية البيولوجية فترى أن التوحد سببه عضوي كفترات الحمل وفقر الدم الشديد لدى الأم، أو إصابتها ببعض الاضطرابات في فترة الولادة كنقص الأوكسجين التي يتلف بعض خلايا الدماغ لدى الطفل. كما شرح أيضا نظريات المسببات البيوكيمائية، والعصبية، والبيئية.
وعن تشخيص التوحد، طالب العواس بأن يتم التشخيص عبر فريق عمل متكامل يشمل اخصائي سمع ونطق وأخصائي اجتماعي ونفسي وأخصائي توحد، ولا يمكن أن يتم التشخيص من قبل شخص واحد كما يدري حاليا، دون إجراء جراسة تفصيلية كاملة ووافية كما هو متبع في الدول الغربية التي يستغرق تشخيص الحالة فيها في حدود الثلاثة أشهر. وأوضح أن هناك بعض من يستغل التخصص بشكل خاطئ دون الاهتمام الكامل، مما يعني أن المعالجة لن تكون مناسبة للحالة.
وتحدث المحاضر حول الاستراتيجيات العلاجية المتبعة وتنوعها، مشيرا إلى أن الأسلم والأضمن هو استخدام العلاج السلوكي من خلال برامج سلوكية معينة دون عقاقير مهدئة والتي عادة ما تكون لها أعراض جانبية.
وذكر بعض البرامج العلاجية المتبعة والمشهورة كبرنامج «TEACCH» الذي يوفر بيئة تعليمية ميسرة، وبرنامج لوفاس الذي يعتمد على تحليل السلوك التطبيقي للطفل وتدريبه بصورة مكثفة بحوالي 40 ساعة اسبوعيا. وأوضح أن من بين البرامج العلاجية أيضا برنامج التكامل الحسي بين الحواس السبع – وليس الخمس فقط – لدى الطفل.
بدأت المداخلات مع الدكتور حسن البريكي بشكره المحاضر على تفكيره المنهجي في الطرح مشيرا إلى أن الطفل لديه آلة لغوية تمر بمرحلة نمو ينبغي أن تنمو وتوظف بصورة سليمة. وأكد على أهمية التشخيص بصورة سليمة، وموضحا نظرية اللدانئية وهي التعويض من خلال تدريب الخلايا المجاورة لمعالجة النقص. وتساءل علي الحرز عن سبب التسمية بالتوحد، وعن موقع جان بيانجيه بين الأعلام النفسيين في هذا المجال. وتحدث حسين المعاتيق عن محدودية المراكز المتخصصة للتوحد في المملكة، وأن بعضها مكلف جدا، بحيث لا يتحملها الكثير من المواطنين. وتساءل عبد الجليل هلال عما إذا كان الفحص الطبي قبل الزواج يمكن أن يساهم في التخفيف من حالات التوحد إذا كان السبب وراثيا.، وتساءل مشاري الخالدي عن أي تأثير لمشاهدة الأطفال للتلفاز على فرط الحركة لدى بعضهم.
وعرض في بداية الأمسية الشاب علي الناصر مقاطع فيديو من انتاجه الفني حول عدة قضايا من بينها فلما حول الناشطة الباكستانية ملالا يوسافزي ذات الثمانية عشر ربيعا، والحاصلة على جائزة نوبل للسلام لجهودها في تعليم الفتيات. وتحدث الشاب علي الناصر البالغ من العمر 16 عاما عن اهتماماته الفنية وسعيه لتوظيفها في المجالات الإنسانية عبر استخدام تقنيات بسيطة وسهلة.
وتحدث أيضا المصور الفوتغرافي فيصل هجول الذي أقام معرضا فنيا في المنتدى عن تجربته في عالم التصوير، التي أنهاها في مجال تصوير الطيور باعتبارها مكون أساسي للطبيعة ولحماية البيئة، وشكل مع مجموعة هواة آخرين مجموعة فنية تهتم بهذه المجالات وجمالاتها.
وفي نهاية اللقاء شكر راعي المنتدى جعفر الشايب المحاضر والحضور على إثراء هذه الأمسية بالنقاش المثمر حول مشكلة صعبة، مذكرا أن الأسرة تقع عليها مسئولية كبيرة في هذا المجال، وينبغي بث الوعي لدى أفرادها كي يتم التعاون في التعامل المناسب مع أطفال التوحد.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد