الاقتصاد الوطني على طاولة منتدى الثلاثاء

4٬253

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الخبير والمحلل الاقتصادي الأستاذ برجس حمود البرجس في ندوة اقتصادية تحت عنوان “رؤى وأفكار حول الاقتصاد الوطني” وذلك بتاريخ 14 جمادى الأول 1437هـ الموافق 23 فبراير 2016م، للحديث عن مستجدات الاقتصاد في المملكة والتحديات التي يواجهها والتوجهات الرئيسية لبرامج التنمية الاقتصادية. وحضر الندوة جمع من المثقفين والمهتمين بقضايا مجال التجارة والاقتصاد، حيث أبدوا رؤاهم وطرحوا تساؤلات مهمة في هذا الصدد.

قبل بدء الندوة، تجول الحضور على المعرض الفني الذي أقامه فنان الخط العربي الأستاذ عبد السلام العباد للأسبوع الثاني على التوالي، وتعرفوا على تجربته الفنية في الخط العربي واستلهامه بعض الأفكار من الآيات القرآنية الكريمة. كما تم أيضا تكريم الدكتورة آمال محمد رضي الأَسود مساعد مدير مجمع الدمام الطبي، نظير إنجازاتها الأكاديمية والعملية المتميزة في مجال آليات مكننة السجلات الطبية، وبحثها الميداني حول مشكلة الأخطاء الطبية الذي نالت عليه تقدير من الجهات المسئولة، وتحدثت خلال التكريم عن مسيرتها العلمية والأكاديمية وتطلعها لتقديم المزيد في مجال الإدارة الطبية.

بدأ مدير الندوة وعضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة حديثه مشيدًا بأهمية هذه اللقاءات التي تسلط الضوء على واقع ومستقبل الوضع الاقتصادي في المملكة والتحديات التي يواجهها، كما تساهم أيضا في التماس المعالجات الممكنة والتي بدورها تمكن المواطن من الوعي تجاه الأزمات القائمة حيث أصبح القلق على مستقبل الاقتصاد الوطني يساور المواطن والمسئول على حد سواء. بعدها عرف البحارنة بالمستشار الاقتصادي برجس حمود البرجس على أنه من مواليد مدينة الدمام، درس بجامعة لويزيانا بالولايات المتحدة الامريكية وحصل منها على درجة البكالوريوس في الهندسة الكهربائية، كما حصل أيضا على ماجستير تنفيذي في الإدارة والاقتصاد من جامعة دارتموث بالولايات المتحدة الامريكية، وعمل مستشارًا للتخطيط الإستراتيجي في شركة أرامكو السعودية، وهو كاتب ومحلل اقتصادي في صحيفة الوطن، ويعمل حاليًا مستشارًا متفرغا في مجال الإستشارات الهندسية والاقتصادية وإدارة الأعمال العليا.

استهل المحاضر حديثه بتوضيح الفرق بين الاقتصاد والتنمية حيث أوضح أن التنمية تشكل إطارا أوسع مجالا بينما يتناول الاعلام قضايا الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من أبعاد التنمية كمواضيع متعلقة بالاقتصاد. وحول الاقتصاد السعودي، أوضح المحاضر أنه يعتمد أساسا على مداخيل العوائد النفطية التي تشكل المصدر الرئيسي للدخل القومي، وبالتالي فإن اقتصاد المملكة يتأثر بصورة مباشرة مع تغير أسعار النفط، مشيرا إلى كون النفط سلعة رخيصة وغير مكلفة، ولكنها في نفس الوقت نادرة ومطلوبة لأنها المادة الوحيدة التي تتعدد استخداماتها في عدة مجالات حيوية. وتحدث البرجس بعدها عن آثار الانخفاض الحاد في أسعار النفط على الاقتصاد السعودي، حيث انخفضت عوائد النفط إلى أقل من النصف عما كانت عليه في الأعوام السابقة كمتوسط سنوي، فقد كان ايراد مبيعات النفط في عام 2012م أكثر من 1.200 مليار ريال وانخفض حاليا إلى حوالي 500 مليار ريال أي بما يعادل 60% تقريبا، موضحا أن القراءات المالية المستقبلية ليست متفائلة.

وتناول المحاضر مشكلة غياب الدراسات والأبحاث الاقتصادية المتخصصة والمتعمقة عبر مراكز الدراسات والأبحاث، حيث أن ما هو قائم عبارة عن تحليلات محددة لا تشكل نظرة شاملة للاقتصاد الكلي للمملكة، وهذا ما يفسر ضعف الاستثمارات المالية لعوائد النفط بشكل سليم في الفترات الماضية، ونتج عنه ضعفا في استكمال البنية التحتية. واشار الأستاذ برجس البرجس إلى طبيعة محركات الاقتصاد الوطني ومن بينها الأيدي العاملة الوطنية التي تعتبر عالية التكلفة مقارنة بالوافدين، مستشهدا بأن أحد المحددات الاساسية لمستوى الراتب وهو السكن فإن متوسطه في المملكة هو 24 ألف ريال سنويا، وباعتبار أنه يشكل 25% من الراتب فإن معدل الراتب الشهري ينبغي ألا يقل عن 8 آلاف ريال، بينما متوسط الرواتب في المملكة هي أقل من 6 آلاف ريال شهريا. وأوضح أن مستوى الرواتب في انخفاض مستمر، ومع وجود تضخم في الاقتصاد فإن ذلك يولد مجالات للتستر والتلاعب والفساد بأشكاله المختلفة بسبب ضعف التوازن بين الدخل وتكلفة المعيشة.

تطرق بعدها البرجس للحديث عن اعتبار مشكلة البطالة من أهم تحديات الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى اعتبارها القضية الأولى في الاستراتيجيات التي يجب أن تبنى عليها الخطط التنموية للمملكة، مطالبا التوجه لخلق اعمال منتجة وليست خدمية فقط من خلال توجه المؤسسات التربوية والاجتماعية للعمل على تطوير الانسان وتنمية الخبرات. وأشار إلى بعض الإحصائيات المتعلقة بالبطالة موضحا أن هناك ثلاثة مليون ونصف طالب وطالبة في المدارس أعمارهم أكبر من 15 سنة، ومليون ونصف في طالب جامعي سيتخرجون للبحث عن وظائف، وقرابة الأربعة مليون امرأة في منازلهن أما أن يكن مجبرات أو لا يجدون أعمالا. وشدد المحاضر على أن تكون الخطط الاقتصادية المستقبلية مبنية على أسس ودراسات علمية وبحثية، وأن تشمل هذه الخطط جميع مجالات التنمية، موضحا أن الايراد الناتج من رفع الدعم عن المحروقات وبعض الخدمات لن يضيف الكثير للاقتصاد الوطني، كما أن خصخصة القطاع الصحي والمدارس وغيرها لن تكون ذات جدوى كبيرة. وحول دور القطاع الخاص، أوضح المحاضر بأنه لن يتمكن من توفير الفرص المطلوبة والتعويض عن العجز المالي القائم، مؤكدا على أهمية استبدال الطرق التقليدية في إدارة الاقتصاد بوسائل أكثر إبداعية وانتاجية.

وأشار المحاضر إلى أنه ينبغي أن يشمل برنامج التحول الوطني على اهتمام كبير بالجامعات لإحداث تغير جذري في العقول التي تدير الأعمال وإنتاج البحوث العلمية القيمة والدقيقة، موضحا أن مراكز البحوث تأتي في سياق إيجاد منظومة إصلاحية شاملة. وتطرق البرجس للحديث عن العوامل الاساسية لتحسين فعالية الاقتصاد الوطني من خلال التخطيط الموضوعي والسليم، القضاء على الفساد بكل أشكاله، وتحسين جودة إدارة المشاريع في المملكة التي يمكنها النهوض بالتنمية، وتطوير الأعمال والابتكار، وانشاء مراكز البحوث والدراسات، والاستفادة من خبرات وتجارب الدول المتقدمة.

بعدها بدأت المداخلات من الحضور، حيث أعربت الدكتورة عائشة المانع عن وجهة نظرها في تجاهل الدراسات ونتائج البحوث العلمية التي دائما ما توضع على الرفوف ولا يتم العمل بها، فالمهم أن يتم تطوير أبناء المجتمع مهنيا لأنهم الطاقة المستدامة التي يجب الاعتماد عليها. وأشار الأستاذ عاطف الأسود إلى عدم وجود خطط بديلة لتنويع مصادر الدخل غير النفط على مستوى القطاع الخاص والعام، وتحدث الأستاذ وليد سليس عن برنامج التحول الوطني مطالبا أن ينتقل استراتيجيا لتكون أعماله وخطط ناتجة عن دراسات استراتيجية شاملة، كما تساءل عن مدى تأثير ضريبة القيمة المضافة على سد العجز المالي ودور قطاعات التعدين والسياحة الدينية.

تحدثت الأستاذة عالية فريد حول دور استقدام العمالة الأجنبية في الأزمة الاقتصادية الحالية، بينما يتم التساهل في تنمية كفاءات الشباب المبتعثين وعدم الاستفادة من طاقاتهم الإنتاجية، وأشار الأستاذ علي الخميس إلى ضعف الاهتمام بالمشاريع الصغيرة ضمن برامج التنمية حيث أنها بالتأكيد ستساهم بصورة كبيرة في تقليل نسبة البطالة. وتساءل الأستاذ كفاح الخنيزي عن الكيفية المثلى التي ينبغي علينا مراعاتها والعمل بها كرجال أعمال في ظل هذه الأوضاع الراهنة، واستفسر الأستاذ أحمد الخميس عن البيئة القانونية القائمة ومدى فاعليتها في جذب الاستثمارات الخارجية.

أشار الأستاذ علي الرضي إلى أن الرسوم التي تمت إضافتها مؤخرا تأثر منها الكثير من شرائح المواطنين وأثرت بالتالي على زيادة التكلفة على الأسر الضعيفة، كما طرح الأستاذ منصور سلاط تعقيبا حول أهمية مواجهة الاقتصاد السعودي للتحديات التي يواجهها في ظل تنامي الصراعات الإقليمية والتي تعمل على استخدام الاقتصاد كأحد أدوات الصراع. وفي ختام اللقاء شكر راعي المنتدى الأستاذ برجس البرجس مثنيا على ما طرحه المحاضر ومؤكدا على الأهمية البالغة لقضية الشفافية والمحاسبية في الاقتصاد كي يكون أكثر فاعلية وحيوية.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد