عرض لتجربة مشروع “القرآن نور”

3٬861

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الذي يرعاه الأستاذ جعفر الشايب مساء الثلاثاء  2صفر 1425هـ الموافق 23 مارس 2004م مجموعة من القائمين على مؤسسة “القرآن نور”، وكان على رأس المجموعة سماحة الشيخ فيصل العوامي، الذي يتقاسم الإشراف على المؤسسة مع سماحة الشيخ عبد الغني العباس. وفي بداية الندوة، عرف مدير الندوة الأستاذ ذاكر آل حبيل للحاضرين في تقديم مختصر طبيعة اختصاص المؤسسة، وهي مؤسسة تعنى بالعلوم والفكر القرآني، وتتبنى منهجية مبتكرة ذات خصوصية متجددة، وتتعاطى بعلوم القرآن وفكره، على نحو القراءة الموضوعية للمناهج القائمة، فيما تقدم المؤسسة اقتراح مناهجي مستحدث، يصعد من ضرورة الاهتمام العام بالقرآن الكريم في الوسط الاجتماعي، على مستوى البحث والدراسة، أو على مستوى التفكر والتدبر. وقد تم الإعلان عن المؤسسة في عام 1423هـ، ثم عرف مدير الندوة بالمشاركين ومؤلفاتهم الشيخ فيصل العوامي، والأستاذ حسن حمادة رئيس التحرير، والأستاذ باسم البحراني أحد أعضاء مؤسسة “القرآن نور”.

بعد ذلك، بدأ سماحة الشيخ فيصل العوامي الحديث، بتقديم لمحة عامة عن مؤسسة “القرآن نور”، وأهدافها، وطبيعة مرتكز المنهج العلمي المتبع فيها، وفصّل في القول بأن ما دفع القائمين على إنشاء هذا المشروع كمؤسسة متكاملة، هو وعي القائمين عليها بأن المشاريع والجهود الفردية سرعان ما تنتهي بقرار شخصي من أصحابها، وهي صرخة منقطعة. أما العمل الجمعي، الذي يعبر عن مجموعة قدرات وكفاءات متواشجة ومتضامنة، فقد تخلق تحولاً نوعياً منشوداً يستغرضه القائمين على مشروعهم في وسط الرأي العام. ومن هنا نشأت فكرة إنشاء مؤسسة لها أهدافها وأعضاؤها وعطاؤها المتواصل.

أما لماذا مؤسسة تعنى بالقرآن؟ فقال الشيخ العوامي: لقد فكرنا ملياً باستقراء ماهية النشاطات الثقافية القائمة في المنطقة، فوجدناها ذات صفة، غالباً ما تكون اجتماعية، وقد تكون في مجملها جهود فردية متضامنة، لا ترقى للمأسسة، فكان إصرارنا على ضرورة قيامنا بمشروع مؤسسي نضمن من خلاله الاستمرارية والتواصل. وكان العمل على هذا البعد الثقافي التخصصي وهو علوم القرآن وفكره، الذي ربما كان شبه معدوم إن لم يكن عدماً في منطقتنا هذه، وفي الدول الخليجية أيضاً، حيث اقتصر الاهتمام بالقرآن بالقراءة والتجويد فقط، كما يوجد عندنا ندرة ملحوظة في المتخصصين في الشأن القرآني.

ثم تحدث الشيخ العوامي حول المنهج المتبع في داخل المؤسسة، وهو المنهج القائم على الرواية المعتبرة القوية السند، التي تضئ النص القرآني بفك سائر ألغازه، فالرواية هي النظارة والمعتمد والأساس وآلية النظر إن وجدت لفهم النص القرآني، مضيفا بأننا لا نكتفي كبقية المفسرين بالاستئناس بالرواية، وجعلها توكيداً لما توصلوا إليه بصورة مجردة، بل نعتمدها منهجاً وطريقاً مباشراً لفهم الآية، ثم قدم مسحا نقدياً للمناهج المتبعة في تفسير القرآن الكريم، مبيناً الفارق الموضوعي بين تلك المناهج والمنهج المتبع في مؤسسة القرآن نور، كما أكد الشيخ العوامي على أن جهدهم المنهجي الآخر ينصب على ترسيخ ما أسماه بمنهج الاستنباط الفقهي للتفسير، وعرفه بالقول بأن العمل في داخل دائرة الفقهاء منصب على آيات بعينها لاستنباط الأحكام الشرعية، قائلا أن ما نرمي إليه هو الترويج لما ما ممكن تسميته بالمنطق الفقهي في عملية التفسير، وهذا ما تبناه كتابنا الأساس النظري لفهم القرآن الكريم.

ثم تحدث الأستاذ حسن آل حمادة رئيس تحرير موقع ومجلة وسلسلة “القرآن نور”، فتحدث عن الأهداف التي شكلت منطلقات أساسية لهذه المؤسسة، وهي الرغبة في إشاعة جو قرآني في الوسط الاجتماعي الثقافي، والتأسيس للتفسير العلمي التربوي، وتنشيط المشروع الداعي إلى ربط الشريعة بعموم القرآن الكريم، والسعي لتأسيس مدرسة قرآنية متميزة، وإعداد جيل من الكوادر القرآنية التي تهتم بتجذير هذا الهم وتطويره في الوسط الاجتماعي والثقافي، وأخيرا تنشيط حركة التأليف في الشأن القرآني.

ثم عدد الأستاذ آل حمادة مجالات العمل المعتمدة وآلياتها والتي منها إصدار مجلة “القرآن نور” الورقية، وهي مجلة متخصصة تعنى بالشأن القرآني، وتصدر بشكل فصلي كل أربعة أشهر من بيروت، وقد صدر العدد الأول منها في رمضان عام 1424هـ،ومنها إنشاء موقع القرآن نور www.qrnoor.net إلى شبكة الانترنت، والذي يعنى بتقديم خدمة متقدمة للباحثين في الشأن القرآني بعمومه، ومنها إصدار سلسلة القرآن نور، التي صدر منها أربعة كتب لحد الآن، وأيضا منها إصدار سلسلة المناهج الدراسية القرآنية، والتي تعتمدها المؤسسة في إعداد كوادرها، وكذلك ممن يلتحقون بحلقات الدرس في المؤسسة.

بعد ذلك، تحدث الأستاذ باسم البحراني، عضو مؤسسة القرآن نور، عن الجانب الاجتماعي لمؤسسة القرآن نور، مبتدأً حديثه بقول الرسول الأعظم (ص) “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، ثم تحدث عن الهدف الرئيس من أنشاء المؤسسة، وهو بناء جيل قرآني قادر على سبر غور المعرفة القرآنية بيسر وبمنهجية متجاوزة للسائد من الاهتمام القشري القائم على معرفة القراءة والتجويد فقط، ولترسيخ ذلك داخل مؤسسة القرآن نور، يقول البحراني “قمنا بإعطاء دورات تدريبية لخريجي الثانوية والجامعة على مدار عامي 1423هـ و 1425هـ، وأقمنا العديد من الندوات الخاصة في المجال القرآني، وكما تتبنى المؤسسة التخطيط لعمل الحوزة القرآنية، لجعل القيمة الدراسية أكثر اعتبارية وقرباً للمناهج الراسخة في مجال الدراسة والبحث والتحقيق”.

بعد ذلك فتح مدير الندوة المجال للمداخلات والأسئلة، والتي جاءت مركزة حول العرض الذي قدمه سماحة الشيخ العوامي، وبالخصوص حول المنهج المتبع داخل المؤسسة في مجال الدراسة والبحث، والذي ظن جل الذين قدموا مداخلاتهم بان الدعوة لمنهج قراءة الآية وفهمها على ضوء الرواية، بأنها دعوة نصوصية مغرقة في التقليد لمناهج قديمة لا تفي بغرض التجديد الذي ينشده أصحاب هذا المشروع، بل وذهب الأستاذ زكي الميلاد رئيس مجلة الكلمة الفكرية الإسلامية في مداخلته بعد إن أشاد بالمشروع وبجهد القائمين عليه، إلى ضرورة المراجعة الدقيقة للمنهج، والتريث في الحكم على بقية المناهج المعمول بها في مجال التفسير، خصوصاً تلك المناهج المتقدمة مثل منهجية المرحوم العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان، مؤكداً على أن هذا التفسير يمتلك منهجية معروفة، وهي منهج تفسير القران بالقرآن.

كما أكد الأستاذ الميلاد على ضرورة الاستفادة من مناهج العلوم المعاصرة، وبالخصوص العلوم الإنسانية، في تطوير آلية النظر عند من يريد الاشتغال على النص القرآني، أما الأستاذ جعفر الشايب، فسائل الشيخ العوامي عن دور المرأة في هذا المشروع، وعن التعاون مع المؤسسات الشبيهة في المنطقة، وعن الوضع المالي للمؤسسة، وبدوره، أجاب الشيخ العوامي على الأسئلة والمداخلات بالمزيد من الإفاضة في توضيح مقاصده حول ما تحدث به في بدأ الندوة.

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد