الدكتور الرشيد يستعرض دور الإدارة الاستراتيجية في التنمية

578

 

ضمن الاهتمام بقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة ثقافية تحت عنوان “الإدارة الاستراتيجية في دول مجلس التعاون” ألقاها الأستاذ الزائر في جامعة أريزونا الدكتور تركي الفيصل الرشيد وذلك في مساء الثلاثاء 17 جمادى الثانية 1441هـ الموافق 11 فبراير 2020م، وأدار الندوة الأستاذ عيسى العيد. وتناول المحاضر وناقش المحاضر في الندوة التي حضرها جمع من المهتمين بالشأن الإداري والاقتصادي فعالية وقدرة القطاع العام في دول الخليج العربي وخاصة في المملكة العربية السعودية، وسبل تحديد القدرات الاستراتيجية التي يحتاجها القطاع العام.

وتضمنت الأمسية عدة فعاليات مصاحبة قبل المحاضرة، شملت مشاركة للفنانة التشكيلية امتثال العوامي التي أقامت معرضا لأعمالها الفنية في المنتدى ركزت على معالجة الصورة النمطية للمرأة في المجتمع وتناولت في كلمتها تجربتها الفنية المنبثقة من واقع تجربتها واحتكاكها المباشر بالمرأة. وتحدث أيضا الكاتب البحريني حسن فضل عن قصة كتابه “عاشق الكالسيوم” والتجربة المرضية اللهمة التي مر بها والتي وثقها في كتابه الذي وقعه في نهاية الأمسية، كما شاركت الطالبة امتنان آل يعقوب الفائزة بجائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتفوق العلمي وهي من ذوات الاحتياجات الخاصة وتحدثت نيابة عنها أختها التي استعرضت مسيرتها العلمية.

قدم مدير الندوة الأستاذ عيسى العيد للمحاضرة بتأكيده على أهمية الإدارة الاستراتيجية ودورها في مختلف المجالات وخاصة في مجال التنمية، مشيرا إلى بروز أهميتها في الفترات الأخيرة نظرا لحاجة القطاع العام للمزيد من الاصلاحات الهيكلية في بنيته، وعرف بضيف الندوة بأنه رجل أعمال وأكاديمي مختص في التنمية المستدامة ومهتم باستراتيجية التنمية الزراعية والادارة الاستراتيجية في القطاع الحكومي، وله عدة مؤلفات ودراسات عن الأمن القومي والزراعة الاجتماعية الأمن الغذائي. بدأ المحاضر الدكتور تركي الرشيد كلمته مقدما بعدة تعريفات لمفاهيم ومصطلحات ذات علاقة كالإدارة الاستراتيجية والحكم العام والحكم الرشيد والحوكمة، مشيرا إلى أن مبادئ الحكم الرشيد تتركز في المشاركة وسيادة القانون والشفافية والاستجابة والتوافق مع الآراء والمساواة والإنصاف والفعالية والكفاءة والمساءلة والمحاسبة والرؤية الاستراتيجية.

وتناول بعد ذلك موضوع دور الإدارة في تحقيق خطط التنمية، حيث ركز على أن الإدارة العامة تعتبر أداة لتحقيق التنمية في مختلف مراحلها كالإعداد والتنفيذ والمتابعة والتقويم. وأوضح أن العوامل التي قد تؤثر على فعالية الحكومة هي وضوح الأهداف والأولويات ودعم ومشاركة أصحاب المصالح، وقدرات الحكومة، والظروف والملابسات التي تمر عليها.

وانتقل بعد ذلك للحديث حول مصطلح الدول الريعية الذي يشير إلى الدولة التي تستمد كل أو جزء كبير من ايراداتها الوطنية عن طريق الموارد الطبيعية وتتميز بالغياب النسبي للإيرادات الضريبية ويؤدي ذلك للاعتماد على المصادر الطبيعية والركون إليها وهو ما يسمى بالمرض الهولندي. وأضاف أن الاقتصاد الريعي يتميز بأن عوائد النشاط الاقتصادي يتم توزيعه على كافة أفراد المجتمع بينما تشارك فئة قليلة منهم في عملية الانتاج، ويتم استخدام الريع في عملية ايجاد وظائف تنتج عنها بطالة مقنعة أو تقديم خدمات كثيفة الدعم تقدم للمواطنين دون أن يصاحب ذلك وجود نظام ضريبي فعال وهو ما ينشأ العقلية الريعية بين المواطنين.

وتناول الدكتور الرشيد تجربة النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية، مستعرضا مراحل هذا النمو منذ مراحل التأسيس الأولى مرورا بمرحلة اكتشاف النفط وخلق جهاز إداري ومرحلة ارتفاع أسعار البترول الذي أدى إلى توسع أجهزة الدولة، وأخيرا مرحلة اعداد الرؤية السعودية 2030 والتي تمثل استراتيجية طويلة الأجل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الوطنية. وعرف الدولة التمكينية والاستراتيجية من خلال تحفيزها للعمل الجماعي وعلاقاتها التفاعلية مع الآخرين سواء في مرحلة صياغة الخطط الاستراتيجية أو مرحلة تنفيذها لضمان علاقة منفعة متبادلة مع المجتمع المدني، مشيرا إلى أن من أهم الصعوبات التي تواجه الانتقال إلى الدولة الاستراتيجية هو التصادم بين الرؤية الاستراتيجية والظروف المحيطة بها.

وعدّد المحاضر أبرز التحديات التي تواجه النمو الاقتصادي في المملكة، ومن أبرزها النمو السكاني السريع، والنمو الاقتصادي العادل في جميع المناطق، وتدهور الموارد الطبيعية بما فيها المياه، وتنمية الموارد البشرية، وارتفاع وتيرة العولمة، والاستثمار الأجنبي المباشر، وتقلبات أسعار النفط، والاعتماد على استقدام العمالة. وعرّج على مشكلة الاستقدام والعمالة الأجنبية في دول مجلس التعاون حيث أن هذا الارتفاع الكبير والغير متوازن من العمالة الأجنبية دفع بالكثير من المواطنين للعمل في القطاع العام، مذّكرا بتوصية من مركز أبحاث الخليج للحد من نمو نسبة الأجانب في دول الخليج لتحقيق التوازن بين المصالح الوطنية والاقتصادية وإصلاح سوق العمل.

وأعاد التأكيد في حديثه عن موضوع الحوكمة على ستة محاور يعتمدها البنك الدولي وهي: التعبير عن الرأي والمساءلة، والاستقرار السياسي وغياب العنف والارهاب، وفعالية إدارة الحكم، ونوعية الأطر التنظيمية، وسيادة القانون، والحد من الفساد. وفي نهاية محاضرته، خلص الدكتور الرشيد إلى القول أن مستجدات العولمة والمتغيرات المحلية والعالمية فرضت على قيادات دول الخليج ضرورة تبني استراتيجية تنموية جديدة، كما أن تغيرات أسعار النفط أثرت على الموازنات العامة في دول مجلس التعاون، وهناك قلق من البطء في الاستثمار في التعليم والإدارة والبحث والتطوير والتكنولوجيا.

بدأت مداخلات الحضور بتساؤل من المحامي خليل الذيابي عن مدى مصداقية وتأثير المعلومات التي ينشرها صندوق النقد الدولي على الصعيد العالمي، وطرح اللواء عبد الله البوشي أن توصيات تخفيض الرواتب ليست اجراء سليما ومنصفا بل أنه يضر قطاعات اجتماعية واسعة. وطرح الأستاذ حسين أل سيف موضوع توزيع الثروات على المواطنين في الدول ذات الاقتصاد الريعي وكون ذلك أمرا متعارفا ولا يضر بالاقتصاد الوطني، كما تساءل الأستاذ أحمد الخرمدي عن مدى تجاوب وفاعلية القطاع الخاص مع الاجراءات الاقتصادية التي تطلبها الخطط الاستراتيجية في هذه المرحلة.

وتناول الأستاذ حسين الحاجي مشكلة الثقافة الاستهلاكية في المجتمع التي تأتي من توفر القروض الاستهلاكية للأفراد مما ينتج عنها تأثرا في أداء الاقتصاد بسبب ارتفاع الاستهلاك والانفاق، وتساءل الأستاذ علوي الخباز عما إذا كانت الاجراءات الاقتصادية الحالية تأتي ضمن استراتيجية تنموية واضحة ومتكاملة. وطرح الاستاذ فرحان الشمري موضوع ربط العملات الخليجية بالدولار وأثر ذلك على السياسات الاقتصادية لهذه الدول. وناقش الأستاذ زكي ابو السعود صعوبة توفر المعلومات الرسمية عن العمليات الاقتصادية وعما إذا كان الباحثون يواجهون ذات الصعوبة في جميع دول الخليج وكذلك حول مدى تناغم السياسات الاقتصادية المتبناة في دول الخليج. وعلق المشرف على المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بالقول أن التحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج يتطلب اشتراطات وأثمان اجتماعية وسياسية قد لا تكون ممكنة في العديد من الدول.

وانتهت الندوة بكلمة لضيف الشرف فيها الأستاذ حمد الحمدان الذي أشاد كثيرا بجهود المنتدى على مدى عشرين عاما وافتتاحه على مختلف الأطياف وتنوع برامجه وسعيه إلى تناول قضايا ومواضيع ذات أهمية بالغة، وعقب على المحاضرة بالقول أن هناك وجهات نظر مختلفة حول معالجة المشاكل الاقتصادية ليس عبر الاقتصاد المتحش فقط بل عبر خيارات متنوعة ومتعددة، رابطا بين الاصلاح الاقتصادي الذي ينبغي أن يكون ضمن بيئة تنموية متكاملة وشاملة تأخذ جميع الأبعاد بعين الاعتبار.

 

رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد