السفير الدكتور سعود يدعو إلى ضرورة انشاء لجنة وطنية للدبلوماسية العامة السعودية

721

 

وسط حضور شخصيات اجتماعية وثقافية ورجال أعمال، ألقى السفير الدكتور  سعود كاتب، وكيل وزارة الخارجية السابق لشئون الدبلوماسية العامة محاضرة بمنتدى الثلاثاء الثقافي تحت عنوان “الدبلوماسية العامة: القوة الناعمة السعودية في عصر ثورة المعلومات” مساء الثلاثاء 1 رجب 1441هـ الموافق 25 فبراير 2020م. وتناول المحاضر في الندوة التي ادارها عضو المنتدى الاستاذ امين الصفار مختلف ابعاد الدبلوماسية العامة كتعريف المفاهيم المرتبطة بها، ودور القوة الناعمة، ودور الاعلام الخارجي وحدود قدراته، والدبلوماسية الثقافية والتبادل الدبلوماسي. وشارك رجل الأعمال الدكتور عبد الله السيهاتي كضيف شرف في الأمسية، حيث سلم المكرمين في الأمسية دروع التقدير.

وشملت الأمسية عدة فعاليات مصاحبة من بينها عرض فيلم قصير من تصوير الفنان وسيم العبيدي حول البيئة البحرية في جزيرة تاروت، وأقام العبيدي معرضا فوتوغرافيا لأعماله الفنية حول البيت الحرام والبيئة البحرية في ساحل سنابس والزور بجزيرة تاروت. وتم تكريم البطل العالمي في كمال الأجسام علي بوخمسين الذي تحدث عن تجربته في رياضة كمال الأجسام دون منشطات ومشاركته في العديد من المسابقات الاقليمية والدولية التي حقق فيها جوائز وبطولات مختلفة، كما وقعت الكاتبة زهراء القطان روايتها “أهلة حمراء” وتحدثت عن تجربتها في الكتابة واهتمامها بتناول موضوع مرض الدم المنجلي بطريقة أدبية لايصال مضمون معاناة المصابين بهذا المرض.

قدم اللقاء مدير الندوة الاستاذ أمين الصفار مرحبا بضيف الأمسية وضيف الشرف وحضور الندوة مشيرا إلى مفهوم الدبلوماسية العامة ودوره في السياسة الخارجية للدول وتطوره تاريخيا وزيادة الاهتمام به في العقود الأخيرة كمنهج في العلاقات الدولية، ومعرفا بضيف الندوة السفير الدكتور سعود كاتب الوكيل السابق لوزارة الخارجية لشئون الدبلوماسية العامة مستعرضا سيرته الذاتية ومؤلفاته وأبحاثه الأكاديمية ومشاركاته في العديد من المؤتمرات الدولية. بدأ الدكتور سعود كاتب محاضرته بالحديث حول المفاهيم الأساسية للدبلوماسية العامة والقضايا المرتبطة بها كالقوة الناعمة والقوة الذكية والدبلوماسية الرقمية، معرفا الدبلوماسية العامة بأنها أحد فروع السياسة الخارجية وتعني سياسة التواصل مع الشعوب لأجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية عبر توظيف القوة الناعمة للبلد وترتكز على تجنب الدعاية حفاظا على المصداقية.

واستعرض نماذج شائعة من أدوات الدبلوماسية العامة كالتقديم الصادق والحقيقي لسياسة الدولة الخارجية والتعريف لأسلوب الحياة وتحفيز الفهم الدولي والتعريف بالانجازات دون تهويل وتأكيد التعايش والتقارب معع الآخرين، موضحا الفرق بينها وبين الدعاية التي تختلف تماما عن الدبلوماسية العامة. وأوضح أن من أهم مصادر القوة الناعمة هي ثقافة البلد الجاذبة للآخرين، وقيم البلد السياسية، وسياسة البلد الخارجية، والتعليم، وانجازات البلد العلمية والرياضية والانسانية، كما بين أن القوة الذكية هي الاستراتيجية التي تقوم على مزيج من القوة الناعمة والقوة الصلبة، وأن الدبلوماسية الرقمية هي استخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية. وأشار إلى أن مراحل عمل الدبلوماسية العامة مركزا على تحديد المصادر، وضع الاستراتيجية، التنفيذ، التقييم، والمراجعة والتطوير.

وركز الدكتور كاتب على أهمية الدبلوماسية العامة بتأكيده على أنه “عندما نخفي وجهنا يرسمه الآخر كما يشاء”، مشيرا إلى تغييب الفنون والتنوع الثقافي السائد في المملكة لعقود كثيرة كان سببا في الضبابية التي تشكلت حولها في الخارج، مستعرضا جوانب تاريخية من استخدام الدبلوماسية العامة في مختلف دول ومجتمعات العالم ومستشهدا في بالتجربة الهندية في ابراز اليوغا والسينما والطبخ لوضع الهند على خارطة العالم. وأوضح أن الدبلوماسية العامة أصبحت نشاطا معتمدا ومتداولا عالميا من خلال الكتب والبحوث والدراسات العلمية والتخصصات الجامعية والمؤتمرات المتخصصة والمطبوعات والدوريات. وانتقل للحديث عن تزايد وتنامي أهمية الرأي العام في التأثير على الحكومات، وتأثير الأطراف غير الحكومية ومصادر القوة الناعمة كالثقافة والفنون والتعليم وخاصة مع اهتزاز صورة الاعلام الخارجي دوليا نتيجة لانتشار الأخبار المزيفة، موضحا أن القوة الناعمة لا تهدف إلى بسط النفوذ والسيطرة ولكنها تهدف إلى مخاطبة القلوب قبل العقول ونشر الود والتعايش.

واستعرض الدكتور كاتب أفضل الممارسات العالمية في مجال الدبلوماسية العامة من خلال عرض تجارب عدة دول كالمملكة المتحدة في استخدام الدور العالمي للغة الانجليزية، واستراليا في اطلاق برنامجا لجعلها وجهة للأعمال والسياحة والرياضة، وكذلك الولايات المتحدة وجمهورية صربيا. وحول التجربة السعودية، أوضح المحاضر أن المملكة أحوج ماتكون إلى الاستثمار بقوة في الدبلوماسية العامة أمثر من أي أمر آخروذلك لتعويض الضرر الكبير الذي لحق بصورتها نتيجة لغياب الثقافة والفنون والآثار وباقي مصادر القوة الناعمة السعودية لعقود عديدة مضت. وتناول الأدوات التي يمكن أن تفعل الدبلوماسية العامة في المملكة من بينها الارتباط الداعم والتناغم بين العلامة والممارسة والاصول الملموسة بصورة واضحة ومقنعة، مستعرضا بعض جوانب هذه الاستراتيجية عبر تحديد أصحاب العلاقة ومن بينهم المواطنين والمقيمين ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص ومراكز الفكر والأبحاث والاعلام بمختلف مستوياته.

وتناول الدكتور سعود كاتب في معرض حديثه ضرورة انشاء لجنة وطنية للدبلوماسية العامة السعودية بهدف تكامل دور الجهات المرتبطة بهذا المجال تتشكل من وزارة الخارجية والجهات الحكومية المختلفة والجامعات ومراكز الفكر والدراسات والمنظمات غير الحكومية. وأكد أن نتائج الدبلوماسية العامة تستغرق وقتا لتحقيقها حيث تبدا بمرحلة الوعي والاهتمام وتغير السلوك والاندماج الذي يتطلب أدوات وموارد دبلوماسية كبيرة، موضحا أن التفير الداخلي هو مفتاح تغير الصورة النمطية في الخارج. وأنهى محاضرته بالحديث حول القواعد الذهبية العشرة للدبلوماسية العامة وهي الانصات والقدرة على رؤية الصورة كاملة، ووضوح السياسة، وإسماع صوتك للآخر، ومعرفة الثمن الباهظ للغياب، والمصداقية، والحديث الايجابي من قبل الآخرين، وبناء نظام حوكمة جيد، وعدم التمحور حول الذات، وكون الدبلوماسية العامة مسئولية الجميع.

بدأت مداخلات الحضور بالأستاذ سعيد الخباز الذي تحدث عن التجربة الأمريكية في انتاج الأفلام ووضع العلم الأمريكي في كل فيلم منتج مما جعل هذه الدعاية البسيطة مؤثرة مقترحا أن تكون نموذجا يقتدى به في الانتاج الفني السعودي، متسائلا عن التداخل بين الدعاية والدبلوماسية العامة، وطرح الأستاذ جمال الحمود عن دور المواطن في الدعاية للأانشطة المحلية كالمهرجانات مستشهدا بدعوة القنوات الأجنبية لتغطية فعاليات بعض المهرجانات المحلية التي كان لها أثرا اعلاميا كبيرا. وطرح الأستاذ خليل الفزيع موضوع التواصل والمشاركة مع مؤسسات المجتمع المدني من قبل وكالة الوزارة للدبلوماسية العامة من أجل العمل المشترك للترويج للمملكة في الخارج.

وطالبت الأستاذة وسيمة العبيدي بضرورة التوعية المجتمعية بالدبلوماسية العامة وانشاء مراكز متخصصة في هذا المجال كي يساهم المواطن بدوره الفعال، كما أشار الأستاذ فؤاد الجشي إلى موضوع تمكين المرأة وكونه أحد الانجازات الكبيرة على مستوى الوطن ويمكن توظيفه في هذا المجال، وهو ما أكد عليه أيضا الأستاذ أحمد الخرمدي. وتناول الأستاذ فاضل العماني مفهوم القوة الناعمة بين الإهمال والإفراط باعتبار ان الكثيرين من مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي لا يتقنون القيام بدورهم المطلوب، وطالب الفنان عيد العظيم الضامن الاهتمام بالفنون والمبادرات الثقافية التي تلعب دورا مهما في ايصال الرسائل للشعوب الأخرى.

وأكد المشرف على المنتدى الأستاذ جعفر الشايب على أهمية العمل على تغيير الصورة النمطية عن المملكة من خلال تفكيك الصور السابقة وتصحيحها بوسائل حديثة ومتقنة. وتحدث ضيف الشرف الدكتور عبد الله السيهاتي في نهاية اللقاء عن شكره لمنتدى الثلاثاء الثقافي ودوره البناء في تعزيز الثقافة والشاركة المجتمعية وتقريب وجهات النظر، مشيدا بالمحاضر والأفكار التي أبرزها خلال الندوة.

رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد