سيد ضياء الموسوي في منتدى الثلثاء الثقافي:

3٬253

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الباحث البحريني السيد ضياء الموسوي في حديث عن “الخطاب الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر”. وقدم المحاضر الاستاذ محمد الخباز الذي سرد سيرة مختصرة عن حياة المحاضر الأكاديمية والعملية، اذ درس العلوم الدينية في حوزة قم لمدة عشر سنوات وبلغ مرحلة الدراسات العليا “بحث الخارج”، كما حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي والماجستير في فقه السنة، ويرأس حاليا مركز الحوار بمملكة البحرين وله عدة كتب منها “علي وحقوق الإنسان”، “شيعة الخليج من المواجهة إلى المراجعة”، “ثقافة التخوين في الخطاب الإسلامي” و”مقالات في زمن الردة”. كما أن له مشاركات إعلامية وثقافية متنوعة في داخل البحرين وخارجها في مجالات الأدب والثقافة والشعر.
بدأ المحاضر حديثه بالتأكيد على ان الخطاب الإسلامي لم تحدث فيه تغيرات حقيقية بعد حوادث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول وذلك لوجود خلل حقيقي في هذا الخطاب، ولا يقتصر ذلك على الإسلاميين وحدهم بل جميع الاتجاهات السياسية والفكرية في العالم العربي والإسلامي، مؤكدا على وجود أزمة تقهقر وتخلف في العالم العربي. وأكد على أن هذا الخطاب لا يمكن ان يتغير ما لم تتوافر جرأة حقيقية لنقده والمطالبة بإصلاحه، فالأسس التي ابتنيت عليها ثقافة المجتمعات هي المنبت الاساس لوجود حال التخلف وتكريسها وهو المعاش في مختلف المجتمعات العربية والإسلامية. وأشار الى إن ازمة الخطاب الاسلامي شاملة ولا تقبل النقد وتنحو باتجاه المواجهة والتخوين والتبرير، بدلا من المراجعة على اثر حوادث سبتمبر والمواقف الخاطئة والمتناقضة التي تبناها الكثير من المثقفين بشأن مختلف القضايا المحلية والعالمية. كما انتقد المحاضر العودة الى حالة العقل الخرافي والتراثي والروايات المفخخة في مختلف المجالات الثقافية، بدلا من الاتجاه نحو ثقافة التنظيم، وتنمية المجتمع المدني وسيادة القانون وتعزيز دور الإنسان في التنمية والتطور.
كما ركز السيد على أن الخطاب الإسلامي المستند على الحال الكاريزمية والانتفاخ الأيديولوجي ينحى باتجاه دغدغة عواطف الجمهور بدلا من التركيز على الجوانب العقلانية والمنطقية، وبذلك يجره لاتخاذ مواقف متشنجة من قضايا قد لا تكون مهمة واستراتيجية. واستشهد المحاضر بنماذج من الخطاب الاسلامي التي تكرس التضليل والتخلف وتبرر السلوكيات المنحرفة وتبتعد عن المعرفة والقراءة الصحيحة للتراث والحوادث وتعزز الخطاب الوهمي والخرافي المتضخم في الأذهان، وهذا ما يشحن العقل المسلم باليقين والتسليم والخرافة والعيش في التاريخ. كما أشار المحاضر إلى أزمة النرجسية التي يعيشها الخطاب الإسلامي والذي يصور الغرب على انه نظام مهزوز سياسيا واجتماعيا وثقافيا وأنه معرض للزوال وينتظر الحل من العالم الإسلامي، ويطرح شعارات كبيرة وغير واقعية من قبيل “الإسلام هو الحل” من دون البحث في المحتوى والتطبيقات العملية لمثل هذه الشعارات.
ثم تحدث الموسوي عن أزمة الطائفية في الخطاب الإسلامي والحاجة إلى تعزيز مفهوم المواطنة لتجاوز الأزمات السياسية التي تعصف بالعالم الإسلامي وتحرك قواه الاجتماعية على أساس المحاصصة الفئوية. وانتقد عجز الخطاب الإسلامي عن الإجابة على الكثير من أسئلة الجيل الجديد والتعاطي مع قضاياه من خلال تجاوز الأزمات التقليدية العالقة والانطلاق بصورة أكثر عقلانية وانفتاحا إلى الاستفادة من مكتسبات الحضارة وتحويل التراث إلى عامل دفع حضاري، مشيرا إلى أن من ابرز التحديات هي قيادة المجتمع إلى تحقيق انجازات معيشية له بدلا من أوهام الشعارات التي تدعو إلى العزلة والمقاطعة السياسية والثقافية مع القوى الداخلية والخارجية. ونبه في حديثه إلى أزمة الخطاب المعارض الذي لا يساهم في البناء ولا يتفاعل مع الاستحقاقات السياسية ويقف معارضا أمام المشاركة في الفرص المتاحة.
واستعرض المحاضر نماذج كثيرة لمسيرة بعض الحركات الإسلامية في المنطقة والتغير الذي طرأ على خطابها السياسي، مؤكدا على خطورة التشنج في الخطاب الذي يؤدي إلى العنف، ما ينتج عنه خسائر سياسية واجتماعية كبيرة. وركز في حديثه أيضا على أهمية تحديد الأولويات في العمل المحلي والداخلي بدلا من الانشغال بالقضايا البعيدة والكبيرة، مطالبا بالتوجه إلى الاهتمام بقضايا المجتمع المحلي أولا. وأشاد بالمراجعات الفكرية والسياسية التي يطرحها مثقفو المنطقة الشرقية خلال هذه المرحلة وتجاوزها للعقلية النمطية المنغلقة السائدة من خلال الطرح الوطني والواقعي المنفتح.
ودعا إلى العمل على تصحيح الخطاب الإسلامي عبر عدة خطوات من بينها: الانفتاح على الأديان والحضارات الأخرى، التوجه إلى زرع روح الوطنية والتسامح في الجيل الجديد، القبول بالآخر واحترامه، استبعاد المفردات المنفرة في الخطاب الإسلامي، تعزيز الخطاب المعتدل والمتسامح بدلا من الخطاب الثوري والتكفيري، أهمية المصالحة الاجتماعية والمشاركة السياسية، والقيام بمشاريع إعلامية وثقافية تساهم في تصحيح صورة المسلم لدى الآخر.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد