اكاديميان: المنطقة العربية تمثل مركز الثقل الطائفي في العالم الاسلامي

265

 

أكد اكاديميان، ان المنطقة العربية تمثل مركز الثقل الطائفي في العالم الاسلامي، مشيرين الى ان الحديث عن الهويات المذهبية في المنطقة العربية يتطلب نوعا من الحذر والمسؤولية.

ولفت، الى ان الهويات المذهبية دخلت حلبة الصراعات السياسية معظم البلدان الاسلامية منتصف القرن التاسع عشر، مما الهوية المذهبية مصدر تنافر بين المكونات الاجتماعية المختلفة.

وقالا خلال خلال ندوة بعنوان ”خارج الجماعة.. داخل الوطن: ندوة حوارية حول الهويات المذهبية“، بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف، ان العوامل الخارجية التي ساهمت في تسييس الهويات المذهبية.

واضافا، أن بريطانيا قامت بمسح اجتماعي موسوعي تحليلي عن المجتمعات في الخليج نتج عنه ”موسوعة دليل الخليج“ الذي أعده لويمر، مؤكدين، أن الهويات المذهبية بدأت كمسالة تصنيف تقوم بها أفراد وجهات داخلية وخارجية.

وقال الدكتور توفيق السيف، أن المذاهب كانت تعتبر نوعا من التنوع التقليدي في المجتمعات ويكون التبدل في المذهب أمرا اعتياديا ومقبولا لأنها لم تحتوي على مضمون سياسي حينها، وكان العدول عن المذهب لمذهب آخر أمرا طبيعيا.

وأضاف منذ منتصف القرن التاسع عشر تقريبا دخلت الهويات المذهبية في حلبة الصراعات السياسية في معظم البلدان الإسلامية واستخدمت مبررا لها ووظفت كأداة من أدوات هذه الصراعات، وهذا ما جعل منها حدود تنافر بين المكونات الاجتماعية المختلفة.

وتناول العوامل الخارجية التي ساهمت في تسييس الهويات المذهبية، مستشهدا بدور الانجليز في البحرين والعراق وايران والهند حيث ضخوا مضامين سياسية واقتصادية في الدوائر المذهبية من خلال التصنيف والتمييز بين الناس على أساس مذهبي حيث تحولت الهويات المذهبية الى دوائر مصالح بعد ذلك.

وحول سبب احتفاظ الهويات المذهبية بدورها الفاعل وموقعيتها المؤثرة على الرغم من قيام الدولة الوطنية الحديثة وتطور عقدها الاجتماعي، قال الدكتور نادر كاظم أن الهويات المذهبية من القضايا التي تبدو بسيطة ولكنها شديدة التعقيد، فيمكن ان تقول فيها كل شيئ وتنتهي بلا شيئ.

وأضاف أن منطقتنا هي مركز الثقل الطائفي في العالم الاسلامي وخاصة بين السنة والشيعة، من هنا فإن الحديث حول الهويات المذهبية ينبغي أن يتم تناوله بحذر ومسئولية.

وبين أن الكثيرين يتوهمون بأن الهويات المذهبية بدأت منذ صدر الاسلام ويتخيلون إسقاط الحاضر وهمومهم على تاريخ سابق، بينما من المؤكد أن حدود الهويات طوال التاريخ السابق لم تكن بهذه لصرامة.

وأكد أن الهويات قبل الدولة الحديثة كانت تتميز بالمرونة في التحول والتغير من مذهب لمذهب، ومع نشوء الدولة الحديثة «الكولونيالية» سعت إلى محاولة فهم الشعوب والسيطرة عليها من خلال فهم الكيانات القائمة في المنطقة كما يوضح ذلك بندق أندرسون في كتابه ”الجماعات المتخيلة“.

وأوضح الدكتور كاظم أن البريطانيين قاموا بمسح اجتماعي موسوعي تحليلي عن المجتمعات في الخليج نتج عنه ”موسوعة دليل الخليج“ الذي أعده لويمر، وأن الهويات المذهبية بدأت كمسالة تصنيف تقوم بها أفراد وجهات داخلية وخارجية.

وأضاف أن هناك تغييران حصلا في العلاقات بين المذاهب حيث جرى تحويل المذاهب من عقائد إلى هويات كمجموعة محددات في العلاقة مع الآخرين، ودخول الدولة المستندة على احتكار السلطة وقيامها بمنافسة شرسة مع الفاعلين الاساسيين في المجتمع الاهلي ونتج عن ذلك توتر في العلاقة بين الاهالي والدولة.

وأوضح أنه نتيجة لذلك كان متوقعا تضاؤل الجماعات في مقابل الدولة، ولكن نظرا لكون الدولة لم تنشأ بصورة تعاقدية وإنما بالغلبة فقد تولد عن ذلك حذر من بعض الفئات الاجتماعية من التعامل مع الدولة وقبول الوظيفة فيها.

وحول قدرة الجماعات الدينية واستمرارها في استغلال التراث وتوظيفه من اجل المنافسة في الصراعات القائمة، أوضح الدكتور السيف أن هناك حاجة لدى الكثير من الفئات الاجتماعية لإحياء هويات سابقة على قيام الدولة الحديثة بسبب سيطرة الدولة على المجال الديني الذي يجعل منه أداة للتمايز بين الكاسبين والخاسرين.

وأضاف أن هناك ردات فعل طبيعية من قبل الخاسرين الذين شعروا بمزاحمة الدولة لدوائر مصالحهم.

وبين أن القهر الموجه ضد جماعة دينية او المكاسب التي تحصل عليها جماعة دينية معينة، تدفع بالجماعات الى اعادة فهم نفسها كجماعة خاصة وليس جماعة وطنية.

وأستشهد بما يحدث حاليا في العراق حيث أن اللجوء إلى الجماعة يأتي من اجل الحماية الذاتية وتتشكل دوائر مصالح أصغر على حساب الوطن، وأن ارتباط المذهبية بالمصالح سبب في تحولها الى ملجأ بديل.

وأضاف أن التمايز والاختلاف بين أصحاب الهويات يكون بعض الممارسات وفي نمط الثقافة – كما يؤكده اندرسون -.

وأوضح أن استذكار التاريخ من خلال الانتقائية الإيجابية لبعض مقاطعه يساهم في بناء هوية مذهبية او قومية معينة.

وفيما يتعلق بالتنافس بين مؤسسة الدولة ومؤسسة الطائفة، ذكر الدكتور نادر كاظم أننا نتعامل في كثير من الأحيان مع الهوية كأنه معطى ثابت بينما هي متغيرات متواصلة ومستمرة ومتحركة بظروف وزمان.

وقال هناك تداخلات في الانتماءات المختلفة، ففي الداخل الشيعي مثلا كانت هناك تصنيفات حدية بين الإخباريين والأصوليين نتجت عنها صراعات عميقة وطويلة.

وأوضح أن هناك تحول في العلاقة بين الجماعات قبل نشوء الدولة، حيث تتنافس الجماعات كصراع من اجل الحقيقة وهو حق تمثيل او احتكار الدين، أما بعد الدولة فقد أصبح الصراع بين الجماعات قائم على الفرص والامكانيات والخيرات وعلى حقوق المواطنة.

واكد أن أنماط الصراع بين الهويات ستتواصل في التغير والتبدل.

وبين أن هناك إشكالات قائمة من بينها أننا عجزنا عن بناء دولة الأمة بحيث بقينا طوائف وجماعات متفرقة، وأن الدولة الحديثة فشلت في قيامها يدور جامع لكل المواطنين.

أوضح الدكتور كاظم أن الهويات المذهبية هي صناعة وقتية قابلة للتجاوز مع الزمن مستشهدا بالصراع بين الاصولية والإخبارية التي كانت حادة جدا والآن أصبحت من التاريخ، وقد يكون في يوم ما الانقسام الشيعي السني تاريخيا.

وأضاف أن من أسباب الانقسام الحاصل في المنطقة الثورة في إيران والحرب في أفغانستان حيث عمل هذان العاملان على الإيقاظ العنيف لانتماءات تقليدية كانت نائمة، والأمر الآخر هو أدلجة الانتماءات المذهبية ونمو حالة الأسلمة الواسعة.

فيما قال الدكتور السيف أن هناك تشدد من قبل الدولة الحديثة لادعائها بنها طرفا في الدين، بينما هي معنية بإدارة شئون دنيا الناس وحياتهم وليس دينهم، وهذا التداخل هو الذي يربك العلاقة بين المواطنين أنفسهم فتتحول الدولة إلى طرف مع فئة ضد فئة أخرى.

وحول الانقسامات الاجتماعية. أوضح السيف أن هناك نوعين من الانقسامات: عمودي ويكون مفروضا وتلقائيا وثابتا كالانتماء للقبيلة والمنطقة والمذهب وأفقي وهو اختياري وتعاقدي ومتغير كالانتماء في النقابات والجمعيات والأحزاب.

وحول امكانية تحييد الدولة في علاقتها بالمجتمع ومكوناته المختلفة قد يعني تمددا أوسع للجماعات الدينية وللهويات المذهبية وقد تتحول لبديل عن الدولة، أجاب الدكتور كاظم أن الجماعات الدينية لم تقدم الكثير لاتباعها واقتصرت خدماتها على تسيير قضايا الاحوال الشخصية، بينما الدولة أصبحت تقدم خدمات أعمق وأكبر.

واكد، أن وظيفة الدولة الأساسية هي تأمين الاستقرار والسلم الأهلي، ثم أضيف لها وظيفة توزيع الخيرات العامة، وهناك شعور دائم بالخطر من أن تأخذ الدولة دور المجتمع او المجتمع يأخذ دور الدولة.

رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد