منتدى الثلاثاء يناقش الخلاف المذهبي واشكاليات الطائفية

189

 

حذر باحثان من تحول الانتماء المذهبي الى عشيرة تعتمد على تحصيل مصالح تلك الطائفة على النفوذ داخل كيان الدولة، مشيرين الى ان الطائفية منهج سياسي لا اعتقاد ديني.

وقالا خلال ندوة بعنوان ”الخلاف المذهبي واشكاليات الطائفية“، بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف أن بناء الدولة القطرية العربية الحديثة أساس رئيسي في بروز المشكلة الطائفية.

وأضافا، أن الدولة الوطنية الحديثة لا تقوم على أساس التفريق بين عقائد الناس بل تلتزم الحياد حيال ذلك، مؤكدين، ان المشكلة الطائفية ليست دينية وان تلبست بذلك، بل هي مشكلة سياسية حديثة.

وأوضح الباحث عبد الله الدحيلان على أن الطائفية ليست الايمان بفكرة محددة أو الانتماء إلى جماعة دينية معينة.

وأشار الى ان ذلك في تسييس الانتماء المذهبي والتحول إلى عشيرة وعصبة تقوم على تحصيل مصالح تلك الطائفة، والصراع على النفوذ داخل كيان الدولة، فهي تولد جماعات تتنافس على تحقيق سيادتها وتغييب مصالح الجماعة الوطنية الموحدة.

وأشار الدحيلان في الندوة التي قدمها الكاتب مجتبى عمير إلى أن الطائفية منهج سياسي لا اعتقاد ديني؛ نتيجة تشكيل رابطة سياسية تلزم أفرادها بتحصيل مصالح الطائفة أولا.

ولفت الى ان من يحاول الخروج عن هذا الطوق يتم نبذه وتفسير تصرفه أنه ضد مصلحة الطائفة بالضرورة.

ولفت الى تشكل الحالة الطائفية حصارا داخليا لأفرادها كأن يبقوا رعايا مطيعين لزعماء الطوائف الذين ينمون زعامتهم من خلال توجيه الخطاب المتشدد والمحرض على الكراهية ضد الآخر المقابل.

وقال أن الطائفية قد تتجاوز الحالة الدينية لتشمل الأفراد من ذوي المرجعيات العلمانية الذين يظلون حبيسي الخيار الطائفي وينظرون الى الصراع على أساس طائفي.

وشدد على أن الطائفية ليست خطاب كراهية مذهبي وحسب – كما يروج البعض عند تشخيص الطائفية – ولكنها قد تكون ذات قالب سائل يتم تقديمه في خطاب تسامحي لا ينفك عن تفسير الصراع والأحداث بعين مصلحة الطائفة.

وأكد أن الطائفية في حال نموها تمهد لاحتراب أهلي فعلي، ومثال هذا ما جرى في العراق ولبنان في أوقات متفاوتة، موضحا أن المشكلة الطائفية ليست دينية وان تلبست بذلك، بل هي مشكلة سياسية حديثة.

وأعتبر أن بناء الدولة القطرية العربية الحديثة أساس رئيسي في بروز المشكلة الطائفية، نظرا لتغييب العلاقات السليمة بين المواطنين التي تقوم على العدالة والمساواة.

وبين ان هذا ما يدفع الهويات للبحث عن ذاتها المفقودة في حقها في التمثيل والعدل وتكافؤ الفرص، ما جعلنا أمام جماعات متصارعة على السيادة، وليس أمام دول حديثة تفترض وجود أمة لها هوية وطنية موحدة تشمل كافة المواطنين.

وتساءل الدحيلان عن أسباب التراجع عما أسماه حركة الكفاح الثقافي التي كانت تقوم بها النخب الطليعية سابقا، من التعبئة ضد العدوان والاستعمار والهيمنة على مقدرات الأمة.

وأشار الى انها أثمرت هذه الدعوات إلى الوحدة والتكامل العربي، وحضور قضية فلسطين في المجال العام كقضية قومية مركزية مشتركة.

ونوه إلى أن تراجع المشاريع القومية والوطنية أدى إلى تعزز التوجهات الطائفية التي تعمقت منذ 1979م مع انتصار الثورة الإيرانية ثم احتلال العراق عام 2003م.

واوضح أن النخبة العربية عجزت عن تحمل المسئولية في التصدي للسعار الطائفي.

وأكد انها بعض أطرافها ساهمت لتكون بيدقا في تأجيج الصراع وتكريس تفسير الصراع تفسيرا مذهبيا، عبر تبني خطابا دوغمائيا شعبويا، يصعب عليه تحييد الساحات المحلية من نيران الصراع في المنطقة، وتقديم حلول التقسيم والمحاصصة الطائفية، بالتزامن مع فتح الأذرع للترحيب بالتدخلات الخارجية حتى ولو من العدو الصهيوني.

ولفت إلى أن هذه النخب انحازت لجماعات إبادية ذات مشروع طائفي لتقسيم الوطن العربي، وقامت بالتبرير المستمر لفتاوى التكفير وخطاب الكراهية، ولاحقا ذرف دموع التماسيح عند وقوع تفجيرات طائفية، تماما كما حدث في الكويت والسعودية.

وختم الدحيلان حديثه بأنه رغم الواقع العربي وما يعانيه من تصدعات وتحديات، إلا أنه يجب على النخب المعتدلة والواعية أن تفعل دور جيوب المقاومة الثقافية، لنشر الوعي والتحذير من المنزلق الطائفي بقدر المستطاع، وإعادة البوصلة لوجهتها الصحيحة من جديد، فرغم هذا السوء والعتمة لا يزال هناك بصيص أمل لا ينطفئ.

وبدوه استهل الباحث محمد الشافعي ورقته بالحديث عن الدوافع التي تقودنا لتناول موضوع الطائفية والتعاطي معها من فترة لأخرى أنها تعود إلى ما قبل انفجار الهويات في المشرق العربي.

وقال كان الحديث عن الطائفية مرتبط بدوافع تنموية متعلقة بالمجتمعات المحلية كتعايش المواطنين داخل بلدانهم، وإتاحة الفرص المتساوية، وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأشار الى انه بعد حدوث الانفجار الكبير للهويات في المشرق العربي وخصوصا بعد الغزو الامريكي للعراق، أصبح الحديث عن الطائفية هو حديث لوقف الاقتتال والاحتراب، ووقف الارهاب وتدمير الدولة الوطنية الحديثة وانجازاتها.

وبين أن جميع محاولات المعالجات للمشكلة الطائفية كانت موضعية تتناول الطائفة على أنها تنوع مجتمعي وهذا خلل في المصطلح.

واوضح أنها ليست تنوعا دينيا أو عرقيا أو غيره، وإنما هي حالة من حالات تمترس داخلي يرفع من مكانتها لتكون القيمة العظمى في المجتمع.

وقال أن الطائفية اليوم هي الخطر الحقيقي الذي يهدد الاستقرار والأمن المجتمعي بسبب بقاء وتضخم الروابط التقليدية داخل إطار الدولة الحديثة وسعي المؤمنين بتلك الروابط الحفاظ على تموقعهم داخل النظام الاجتماعي القائم على مرتكزات مختلفة بل ومتناقضة.

وأكد الشافعي على أن الدولة الوطنية الحديثة لا تقوم على أساس التفريق بين عقائد الناس بل تلتزم الحياد حيال ذلك، وتقوم أساسا على ثنائية الحقوق والواجبات.

وعرج على حالة المنطقة العربية مقارنا إياها بأوروبا في العصور الوسطى على أنها نعمة، مشيرا الى ان “ما حدث في أوروبا كان أكثر بكثير من الذي نعيشه الآن من حيث حجم الحروب التي وقعت فيها، لكن أوروبا تجاوزت هذه المرحلة بتأسيس الدولة الوطنية الحديثة”.

واشار إلى أن الدولة القطرية التي قامت في منطقتنا لم تتمكن من الحد من الروابط التقليدية أو توظيفها لتعزيز الكيانات الوطنية، بينما تطورت مفاهيم ومبادئ وقيم حديثة في أوروبا ساهمت بشكل كبير في تفكيك الروابط التقليدية القديمة القائمة على أساس العشيرة والطائفية وتم أبدالها بالصيغة الجديدة وهي الدولة الحديثة.

وشدد على ضرورة النظر في تجربة الدولة الحديثة عند الأوروبيين ومقارنتها بالتطور الذي حصل في المنطقة لنكشف من أين تستمد الطائفية قدرتها على البقاء في مجتمعنا.

وقال ان الدولة الحديثة في العالم العربي لم تمر بالتدرج السليم لتطورها وإنما حدث فراغ كبير بسبب الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، واستيراد بعض الدول لمفهوم الدولة الحديثة كمنتج ناجز وجاهز ولبنان نموذج واضح في هذا المجال.

وتطرق الى الخيارات التي تواجهها مجتمعات المنطقة في ظل استمرار المشكلة الطائفية وهي إما العمل على المحافظة على مكتسبات الدولة الحديثة وتنمية وتطوير الأطر المناسبة لبنائها، أو العودة إلى ما قبل الدولة الحديثة وحكم الجماعات الأصولية.

واكد على أنه لابد من تحقيق انزياح حقيقي بين مركزية الطائفة والجماعة وتعزيز حضور الدولة المدنية واعتمادها في تنظيم المجتمع، لأننا في مواجهة متوالية تاريخية تراكمت فصولها منذ القرون الوسطى.

 رابط الخبر اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد