في ندوة حوارية تحت عنوان “عودة الحياة لمواقع التراث العمراني”، نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 16-3-2021م تحدث المهندس بدر الحمدان المتخصص في التخطيط والتصميم العمراني عن مختلف أبعاد عودة الحياة لمواقع التراث العمراني والتحديات التي تواجهه، وأدار اللقاء المعماري سامي الحداد بحضور عديد من الخبراء والأكاديميين المختصين.
وعرف المحاضر التراث العمراني بأنه كل ما شيده الإنسان من مدن وقرة وأحياء ومبان مع ما تتضمنه من فراغات ومنشآت لها قيمة عمرانية، أو تاريخية، أو علمية، أو ثقافية، أو وطنية، وإن امتد تاريخها إلى فترة متأخرة. وقال أن أبعاد التراث العمراني تتمثل في عودة الحياة إلى المكان، واعتباره كمولد اقتصادي وكمصدر للهوية الوطنية، مضيفا أن البعض عادة ما يتعامل مع التراث بصورة عاطفية بينما هو يحتاج لتنظيم ومنهجية علمية واضحة.
وأوضح في حديثه أن من العناصر المؤسسة لبناء منظومة فاعلة لإعادة الحياة لمواقع التراث العمراني هي الاستثمار في الإدارة والتشغيل، صون وحماية مواقع التراث العمراني، التخطيط والدراسات والأبحاث، وتفعيل التراث العمراني الرقمي. وبين أن أحد أهم المعايير الرئيسة لانضمام مواقع التراث العمراني لقائمة التراث الثقافي والطبيعي في اليونسكو هي أن يمثل الموقع إحدى القيم الإنسانية المهمة والمشتركة لفترة من الزمن أو في المجال الثقافي للعالم.
وجاء في كلمة المهندس الحمدان قوله أن التحدي الرئيس أمام عودة الحياة لمباني التراث العمراني في المملكة كون 85% منها ملكيات خاصة وأن 80% من هذه الملكيات لا توجد لها وثائق مما يسبب في توقف الكثير من المبادرات الاستثمارية، كما أن نزع الملكيات من قبل الدولة لا يحقق الاستدامة المطلوبة.
وفي جانب آخر من المحاضرة، أشار الحمدان إلى أن ذاكرة المكان لمواقع التراث العمراني تعبر عن تجسيد ذاكرة التي عاش فيها الناس واستذكار حياتهم فيها وربطهم بها من خلال تعزيز العلاقة بين الانسان والمكان، مما يجعل الحياة في المكان أكثر جاذبية ورعاية وملائمة للإنسان، مضيفا أن بورتريه المدن هو فن إبراز ملامح المدن ووجه المكان وتوظيف العناصر البصرية في تكوين صورة ذهنية واضحة عن إطار الحياة الذي نعيش فيه وصناع احترافية لذائقة المكان ونشر ثقافة الجمال الحضري.
ووجه الأنظار إلى أن إعادة الحياة لمواقع التراث العمراني تتطلب تعريف الناس بهذه المواقع بصورة جاذبة، وتهيئة البنية التحتية بصورة مناسبة، وخلق فعاليات مستدامة في هذه المواقع، وعندها يعادل عائد الاستثمار في هذه المواقع أضعاف عوائده في المشاريع الأخرى. وأوضح أن من أهم ملامح خطط العمل لإحياء مواقع التراث العمراني: الانحسار التدريجي لدور الحكومة التنفيذي وتمكين المجتمع المحلي، وضع سياسات وضوابط مناسبة للتعامل مع هذه المواقع، تأهيل المكاتب الهندسية والمقاولين، وتعزيز التدريب وتأسيس مسارات تعليمية متخصصة
وختم حديثه بالقول أن الجمعيات المعنية بمواقع التراث العمراني بحاجة إلى تنظيم وتأهيل لمواكبة الاحتياجات، وهناك بعض النماذج الناجحة في عدة مناطق لتمكنها من التنظيم المجتمعي وأخذ مبادرات مخططة بشكل جيد. واستعرض العديد من التجارب القائمة في مناطق المملكة المختلفة التي حققت نجاحا في إعادة إحياء المواقع التراثية.