مطالبة بأنظمة تحمي المثقف وتحافظ على حقوقه

190

أكد الناقد والأديب محمد بن عبد الله بودي أن جور المثقف أشد خطورة من أي جور آخر، معللاً ذلك بكون المثقف أكثر معرفة بالتفاصيل. وأضاف أن جور المثقف لم يسلط عليه الضوء لأنه جرت العادة أن من يتحدث عن الظلم والإلغاء والتسلط عند الآخر السياسي والاقتصادي والاجتماعي هو المثقف نفسه, لذلك هذا الجور هو جور تاريخي موجود منذ القدم ولكن لم يركز عليه من قبل الراصدين للحراك الاجتماعي والثقافي, ولأن المثقف هو في الأصل مصدر للتنوير والإصلاح والتغيير, لذا لم تدرس هذه الظاهرة التي برزت في السنوات الأخيرة بشكل واضح بالمستوى الذي يعادل حجمها.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها الناقد بودي في ملتقى الثلاثاء الثقافي في القطيف بعنوان “ظاهرة الجور الثقافي”. وقال “إن الجور الثقافي يتحرك ضمن قواعد وآليات يعرف ممارسها كيف يخدع الرأي العام ويضلله بسبب الحصيلة الفكرية التي يمتلكها، في حين أن الآخر لا يتمتع بالقدرة التفكيرية نفسها”، معتبرا أن المنطقة الشرقية تشهد جورا ثقافيا أعلى من أي منطقة أخرى في المملكة، وقال في هذا الصدد: “شهد إعلامنا في الفترة الماضية قضايا شغلت المثقف في الشرقية وكانت الأبرز على مستوى البلاد، ومنها قيام مثقفين بمنع محاضرات لنظرائهم، وإصدار كتب ضمن شللية معروفة سيطرت على المؤسسات الثقافية”.
وانتقد بودي عددا من المثقفين، واضعا الأسماء أمام الجميع من دون أي تحرج، وهم مثقفون انتقدهم بودي لأنهم مارسوا الجور الثقافي ضده، وقال: “حين عرفوا أن دراسة “عودة شعراء المماليك” ستطرح في ندوة في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، قاموا بعمل اتصالاتهم لمنع المحاضرة التي أقيمت فيما بعد، ما أثار ضجة ثقافية في صحافتنا المحلية وسخطاً لدى المثقفين، معتبراً ذلك أنه تدخل سافر في حرية الطرح، الذي لم يمس الشخوص، بل تناول إنتاجهم الأدبي، مستدركا “هم مثقفون مارسوا الجور بكل معنى الكلمة، ويجب أن يتصدى المثقفون لمثل هذه الحالات التي تحصل للمثقف.
وشهدت المحاضرة حضوراً كثيفاً صاحبته كثرة الطلب على المداخلات، فقد قال الناقد عبد الله الملحم في مداخلته: ” أستغرب لماذا يتخوف المثقفون من طرح اسم الشخص المُنْتقد في الدراسة”، مضيفا “حين نتحدث عن الشأن العراقي مثلا فمن الخطأ ألا نطرح اسم صدام حسين على اعتبار أنه كان حاكما للعراق”. وشدد على ضرورة طرح الأسماء طالما أنها لا تنال من الشخوص، بل مما كتبوه في كتبهم أو مارسوه في سلوكهم الثقافي.
وعلى الرغم من أن كل المحاضرة التي تحدث فيها الناقد بودي خلال ساعة كاملة تركزت على خطر جور المثقف إلا أن الروائي والقاص ناصر الجاسم رأى في هذا الجور شيئا يدفع الإبداع نحو الانتشار، محذرا من الجور الحقيقي، وقال في هذا الصدد: “هناك جور دموي، وهو الجور الذي يكفر المثقف ويبيح دمه، أما الجور الذي نتحدث عنه، فهو جور كيدي شبيه بكيد النساء، فهو يفيد المثقف في الانتشار”.
في حين اعتبر الناقد عبد الله الربح: “إن نسقنا الثقافي يكرس ظاهرة الجور الثقافي”، وشدد على ضرورة متابعة تطور هذه الممارسة تاريخياً.
من جانبه وصف الشاعر عادل اللباد المحاضرة بـ ” الجدية” والواقعية وأن ما كشفه الناقد بودي تواطأ عدد من المثقفين على عدم كشفه للمحافظة على صورة المثقف النمطية لدى المجتمع، وهي صورة تحمل في طياتها العدل والحب والصراحة والتصحيح. وقال نحن نحتاج إلى هذه الشفافية في الطرح حتى نصلح عيوب مثقفينا.
من جانبه طالب عبد الله السعران بوجود جمعيات تحمي المثقف من جور المثقف الآخر، وهو ما لقي الترحيب من المحاضر الذي زاد على وجود أنظمة تحمي المثقف وتدافع عنه وتحافظ على حقوقه.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد