في الندوة التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء انس الثلاثاء تحت عنوان “الترجمة ونقل المعنى لسانيا وثقافيا”، طرح شاعران مختصان في الترجمة الشعرية إشكالات الترجمة والجدل الدائر حول بعض قضاياها. وشارك في الندوة كل من الشاعر رائد الجشي والشاعر صالح الخنيزي وأدارها الشاعر صبحي الجارودي.
وناقش الجشي أشكال الترجمة وضرورة اختيار المفردات بشكل سليم والعودة للمصادر في محاولة فهم ما يريده الكاتب والدخول في النص، محددا بعض الإشكالات كالتصاحب اللفظي والمكملات المعرفية. واستشهد بعدة نصوص شعرية واشكالات ترجمتها مشيرا إلى أهمية معرفة طبيعة النص وتقاناته حيث أنه بدون ذلك قد تفقد القصيدة المترجمة الكثير من المعاني، مؤكدا على أن ترجمة الموزون لا ينبغي ان يترجم منظوما وإيقاعا.
وتحدث في ورقته حول تأهيل الشاعر المترجم عبر تسلحه بدراسة التقانات وعروض الشعر وأن المعرفة ضرورية لتمكن المترجم من التميز في الأداء، مشيرا إلى الخلاف حول المساحة التي يأخذها المترجم في النص بين أن يكون حاضرا أو متلاشيا، ومؤكدا على أن النقد التكويني للنص القديم يتطلب تحقيقا ومراجعة النصوص وأدوات الشعر والمسودات والمخطوطات المتعلقة بها.
وختم ورقته بالقول أن بعض المترجمين لديهم اجندات واهداف خاصة، فشعراء المستعمرين مثلا يكتبون عن الشعوب المستعمرة بطريقة دونية بينما يختلف ذلك تماما عندما يكتبون عن المناطق المستعمرة.
وتحدث الشاعر صالح الخنيزي معرفا الترجمة بأنها نقل المعنى الذي تحتويه مجموعة من الإشارات اللغوية إلى مجموعة من الإشارات اللغوية الأخرى عن طريق المهارة في استخدام القاموس والقواعد، معددا أنواع الترجمة وهي الترجمة ضمن اللغة الواحدة، والترجمة بين لغتين مختلفتين، والترجمة السيميائية. وتحدث حول عناصر الترجمة وهي اللغة المصدرية والمعنى أو الإشارة اللغوية واللغة المستهدفة، وأعطى ثلاث توصيفات للثقافة وهي الثقافة المدونة وثقافة التراث الانتقائي والثقافة المعيشة.
ونقل في ورقته قول بعض منظري الترجمة أن الترجمات بحاجة إلى أن تعاد كل عقد من الزمان، وإشارة بول ريكور بأن “اللغة حاملة للمعنى والإبداع في جوهرها، تنمو وتتوجه دائما نحو الخارج، أو إلى ما هو خارج ذاتها، ولها إمكانية التعدد في القول والتعبير والخطاب”. من هذا المنطلق، تساءل كيف يتسنى للمترجم أن ينقل سياقا آخر من زمن آخر ومكان مختلف، لم يعايشه وما هي الطريقة التي سينقل بها المعنى؟ مؤكدا على أنه إذا كان ثمة تفاوت في الفهم بالنسبة للأجيال داخل اللغة والثقافة الواحدة، فسيكون ذلك التفاوت أكثر تعقيدا عند الترجمة من لغة إلى لغات وثقافات أخرى.