أكد السيد هاشم السلمان أن البعد العلمي والدور الديني في مسيرة السيد ناصر السلمان، وجهين لعملة واحدة، الأولى «المجال العلمي النظري»، والثانية «المجال العلمي العملي».
خيارات متميزة
وأوضح أنه في المجال العلمي، يلاحظ أنه منذ البداية كانت له خيارات متميزة لبناء شخصيته الفكرية، وذلك باختياره أن يكون من علماء الأمة لا من جهالها؛ ليرتفع بذلك درجة عند الله.
موروث تقليدي
وأضاف: اختار من أجل تحصيل هذه الفضيلة الجمع بين منهج التحصيل العلمي الموروث التقليدي الذي سارت عليه الحوزات منذ قرون عديدة، ومنهج الدراسة النظامية الحديثة؛ استجابة منه لمعطيات الواقع آنذاك.
الدراسة النظامية
وأشار إلى التحاقه بركب الدراسة النظامية في جمعية منتدى النشر؛ ليتخرج منها بدرجة البكالوريوس في مجال اللغة العربية والفقه، وذلك بغية التوسع في المعارف، وضرورة التجديد ومواكبة احتياجات المجتمع لرفع حالة الوعي والثقافة آنذاك.
روحية تواقة
وأكد عمق هذه الخطوة نحو تحقيق التمييز، وهذه الروحية التواقة للتجديد التي لازمته وظلت تتوهج بين جوانبه أثناء إقامته في النجف الأشرف، ومن آثارها أن كانت خياراته في مرحلة دراساته العليا في مراحل البحث الخارج هو البحث عن عمالقة البحث الفقهي والأصولي، ويظهر ذلك جليا من خلال حضوره بحث السيدِ محسن الحكيم المعروف بالذوق والدقة الفقهية وحضور بحث السيدِ الخوئي المعروف بالعمق الأصولي وأخيرا اختار العمق والتجديد والإبداع من خلال حضوره دروس فقيد العلم والتجديد الشهيد السيدِ محمد باقر الصدر.
مجالس الأعلام
وتابع: كان خياره المتميز في التلقي وحضور مجالس الأعلام في زمانه، كان له أيضا جانب التميز في التدريس وتربية طلاب العلم آنذاك، وقد ظهر ذلك جليا في مستوى دروسه التي كان يلقيها آنذاك.
تجارب ومعارف
وبين أنه وبنفس هذه الروح التواقة للعلم والتجديد، انتقل إلى مسقط رأسه الأحساء، وكله طموح في أن ينقل تجاربه ومعارفه، وأن يجسد رؤاه وما يتلطع إليه على أرض الواقع، وذلك من خلال تنشيط مسار الحوزة العلمية بالأحساء في مرحلتها الرابعة من عمرها الشريف.
بصمة خاصة
ولفت إلى أن بصمته الخاصة تتسم في أنه لما وجد من إقبال الطلاب وزيادة أعدادهم وزيادة عدد حلقات الدرس وتنوع الدروس فيها، تَوَّجَ هذه المرحلة في عام 1413 بإضافة نوعية، قام خلالها برسم رؤية حديثة لمستقبل الحوزة العلمية بالأحساء.
مظلة نظام
وأكد أنه عمل على أن تكون الحوزة تحت مظلة نظام يراعى فيها سير الدراسة كغيرها من المؤسسات العلمية، من ضبط لإيقاعها على عدة عناصر أساسية للدروس النظامية، كالتالي ”الأستاذ – الطالب – الكتاب – المكان – الزمان – تقييم الطالب والأستاذ“، وذلك عبر قياس تحصيل الطلاب أنفسهم من خلال اختبارات دورية، بموجبها يتحدد إمكانية استمرار الطالب في الدراسة وانتقاله إلى الصفوف التي تليها.
دروس حديثة
وتابع: تتنوع الدروس التي يدرسها الطالب لتشمل الدروس الأساسية في الحوزات العلمية مع مراعاة الأخذ بمستواها وعمق تأصيلها كما هي في حلقات الدروس التقليدية، والانفتاح على ما أفرزه واقع النمو والتطور في المقررات الدراسية وأحدث النظريات العلمية في مجال الفقه والأصول في الحوزات أيضا، مضافا إليها بعض الدروس الحديثة في التخصصات العلمية الأخرى ذات الصلة بواقع التخصص العلمي الشرعي.
العلوم المدرسة
وأشار إلى العلوم التي تدرس في الحوزة العلمية بالأحساء مع حفظ مراحل التدرج في تلقيها وفقا لمراحل نمو معارف الطالب، وهي ”علم المنطق – علوم اللغة العربية والأدبية – علوم القرآن والتفسير – علم الكلام – علم الفلسفة – علم أصول الفقه – علم الفقه – علم الرجال والدراية – المسائل الفقهية المعاصرة – علم الاقتصاد – علم التاريخ – علم الفقه المقارن – علم الأديان – علم الأخلاق“.
إنجازات تطورية
وتابع أن هذا الواقع وهذه التجهيزات تمخض عن العديد من الإنجازات التطورية في المجال العلمي، منها تقنين المراحل الدراسية وتقسيمها إلى مرحلتين كل مرحلة خمس سنوات، وإضافة دروس البحث الخارج في الفقه والأصول والتي بلغت ثمان دروس أربعة في الفقه وأربعة في الأصول يحضرها أكثر من 90 طالبًا.
تخصصات جديدة
ولفت إلى إضافة تخصصات علمية جديدة تم إنجاز اثنين منها، هما تخصص العقائد والفلسفة، وتخصص التفسير وعلوم القرآن، واثنان تحت الإعداد ”أ – تخصص الحديث والرجال، ب – تخصص الخطابة والسيرة“.
مناهج دراسية
وأكد كتابة مناهج دراسية جديدة لمؤلفين من فضلاء الحوزة، منها ”أسس التفسير – للشيخ عبدالجليل المكران – المدارس التفسيرية – للشيخ إسماعيل الهفوفي – قواعد مهمة في علم الكلام – للشيخ حيدر السندي – علم النفس الفلسفي – للشيخ أحمد الدهنين“.
أبحاث وتحقيقات
وأشار إلى تأسيس إدارة البحث العلمي وتحقيق التراث بإشراف د. الشيخ الخرس، يقوم على تدريب الطلاب بمهارات كتابة البحوث العلمية وكيفية التحقيق العلمي، وقد نتجت هذه التجربة عن صدور 42 بحثا و10 تحقيقات.
تنمية المعارف
واستطرد: شملت كذلك تقديم دورات تدريبية في تنمية مهارات ومعارف طلاب الحوزة العلمية بالأحساء بلغت 25 دورة في مختلف المجالات البحثية والتحقيقية والأسرية والقانونية والاجتماعية والإعلامية والخطابية.
بنك معلوماتي
ولفت إلى تأسيس بنك معلوماتي إلكتروني يحتوي على أكثر من 10 آلاف سؤال في جميع المواد الدراسية، واعتماد الامتحان والتصحيح الإلكتروني، وتأسيس مركز دراسات للصم والبكم الذي التحق به أكثر من 200 طالب وطالبة.
المجال العملي
أما فيما يتعلق بالمجال العملي، فأشار إلى اختياره لسكنى الدمام بدلا من الأحساء، وهذا في حد ذاته قرار ليس باليسير، فقد جمع على غربة تحصيله غربة جديدة عن مسقط رأسه الأحساء، وذلك لما وجده من حاجة المؤمنين في الدمام إلى من يرعى احتياجاتهم الشرعية والروحية.
أكبر جامع
وأضاف: تمخضت إقامته في مجتمع الدمام أن تم تأسيس أكبر جامع لاتباع أهل البيت في المملكة إن لم يكن في الخليج بأسره، وكذلك قام بفتح داره يوميا طوال العام للمؤمنين؛ للإجابة على مسائلهم، والنظر في حوائجهم، وأيضا إجراء عقود الأنكحة، والمصالحات المالية الشرعية، وأيضا له الدور البارز في تثبيت دعائم الإيمان والمعرفة الدينية، وتشييد معاني الولاء لمحمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين من خلال إقامة مناسباتهم.
تضحيات كبيرة
وأكد أن هذا الأمر لم يكن إلا من خلال تقديم تضحيتين كبيرتين، الأولى تتمثل في الرجوع إلى البلاد وهجرته مركز العلم وانقطاعه عن مواصلة التحصيل الحوزوي، والثانية تتمثل في تركه لموطن أجداده وآبائه الأحساء وقبوله للإقامة في بلد ناشئ جديد يحتم عليه أن يبذل قصارى جهده في تأسيسه.