قبل سنة ونيف تصفحت ديوان الشاعر عبدالوهاب المهدي وقبل أيام قلائل أعدت قراءته من جديد فوجدت في تضاعيفه إبداعا خاصا قد لا نجده في كثير من دواوين شعراء عصرنا الحاضر، فقد وجدت فيه جزالة في اللفظ وعذوبة في الإيقاع الموسيقي المصاحب لتلك الجزالة وغزارة في المعاني المتناثرة في كل قصائده،
فالمرحلة الكتابية المؤرخة لتلك الإرهاصات انسدلت على الأحداث الخاصة والشخوص ذات العلاقة الجذرية بمسالك فكرة الشاعر وثقافته وشمولية أصواته المحلقة في تجاربه الحياتية المعطاءة، وحياة الشاعر حافلة ضمن تلك المرحلة بوقفات حيوية اكتسب على ضوئها حضوره الشعري عبر قصائده العذبة، فهو بمعانيه الشمولية المطروحة في ديوانه رسم أمام أنظارنا عوالم متداخلة بين صوته الخاص وصوت مجتمعه، وهو رسم تتضح معالمه عبر الموضوعات الخاصة والعامة التي جاءت في ديوانه.
وقد تزامنت قراءتي الثانية للديوان مع قراءة جديدة له ضمن الندوة السابعة لموسم منتدى الثلاثاء الثقافي بمحافظة القطيف لصاحبه جعفر الشايب تحت عنوان «قراءة في ديوان بقايا الرماد» حيث سلطت الأضواء فيها على قصائد الشاعر المهدي وتجاربه العديدة المستقاة من نبض مجتمعه وهي في مجملها تشير إلى إبداعات الشاعر الموضوعية،
ولعل القارئ يلمس في مجمل القصائد تلك الروح المتقدة التي تسعى لإثارة موضوعات جديدة من سماتها البارزة التعمق في الذات بشكل ملحوظ، وهو تعمق فيه الكثير من التصوير والخيال من جانب، وفيه توظيف عملي لقدرات فنية امتلكها الشاعر وقام بترجمتها عبر أحاسيسه وأفكاره الأخاذة ليصنع منها جماليات مؤثرة مبعثها الصدق الفني البارز في هذا العمل الشعري الرائع.