رجال الأعمال والمجتمع نحو علاقة تكاملية

3٬610

في جمع حاشد من المثقفين والمواطنين، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 5/فبراير/ 2008م، الموافق 27/محرم/1429هـ الدكتور هلال بن حسين الطويرقي، رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات الطويرقي التجارية للحديث عن “رجال الأعمال والمجتمع: نحو علاقة تكاملية”، أدار الندوة المهندس نبيه البراهيم، نائب رئيس المجلس البلدي بمحافظة القطيف، فعرف الضيف بأنه من أبرز رجال الأعمال في المملكة، جمع بين الأكاديمية والعمل المهني، وأنه عضو مؤسس للعديد من المؤسسات والمراكز والمعاهد، كجامعة الأمير محمد بن فهد في الدمام، ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة، ومعهد سيد ضياف للصم والبكم في مدينة كراتشي، وهو مشارك فاعل في العديد من المنظمات والمعاهد الجمعيات الخيرية والإنسانية على امتداد العالم الإسلامي.

بدأ الطويرقي حديثه مشيرا إلى غياب التواصل العام بين رجال الأعمال فيما بينهم واقتصاره على التكتلات التي تغلب عليها حالة الشللية، موعزا ذلك لروح الأنا التي تسيطر على غالبية التجار وتعزز اعتمادهم على الحكومة في خدمة المجتمع دونهم، الأمر الذي يعزلهم عن تبني قضايا المجتمع، فلا تعود علاقتهم به غير علاقة تحصيل ربحي، بينما ينبغي على رجال الأعمال التوجه لدعم حاجات المجتمع التي لا تغطيها الدولة.

وبلغة الأرقام، استشهد الطويرقي ببعض الأمثلة الحية تأكيدا على ذلك الغياب، فأشار مثلا إلى أن أرباح البنوك السعودية الصافية للعام 2007م بلغت 24,3 مليار ريال سعودي، في حين بلغت أرباح شركة سابك 27 مليار ريال، وبلغ مجمل أرباح الشركات السعودية المدرجة في سوق الأسهم السعودي 83 مليار ريال، مطالبا بضرورة توظيف جزء بسيط من هذه الأرباح في خدمة المجتمع، كتأسيس معاهد تدريب مصرفية وتأهيل الشباب السعودي، وأشار إلى أن المحرك الأقوى لعمل الخير هو الإنسانية في حد ذاتها، والتي يؤدي غيابها إلى أن يكون الفرد مضافا على مجتمعه بدل أن مضيفا.

وإذ يرى الدكتور هلال أن استقلال اقتصاد بلد ما يقوم على ثلاثة أركان تتمثل في صناعة الدواء والغذاء والكساء، أكد على سهولة تحقيق ذلك في المملكة، ولو اعتمادا على مخرجات الزكاة، ملمحا إلى تدني نسبة تحصيلها إلى 6,4 مليار ريال للعام 2007، في حال أنها لا يجب أن تقل عن 100 مليار حسب الإحصائيات المدروسة ورغم القوانين التي تلزم بها، مرجعا أسباب هذا التدني إلى غياب الدافع الذاتي لدفعها، الأمر الذي دعا به إلى القول بضرورة فرض ضرائب مستقطعة على التجار تسلم من قبل الحاكم لمؤتمن عليها قادر على توظيفها في تنمية المجتمع كما هو معمول به في مختلف الدول، حيث أن المستثمرين السعوديين يدفعون ضرائب عالية جدا في عندما يستثمرون في الخارج، وأشار لخلل توظيف الأموال السعودية في الخارج مقابل توظيف رؤوس الأموال الأجنبية داخل المملكة، في ظل عدم تحقيق الأهداف المطلوبة وأهمها إيجاد فرص وظيفية للشباب السعودي الذي لا يزال يعاني من البطالة المقننة مقابل تحايل كثير من رجال الأعمال على أنظمة السعودة الذي يعمل على تطبيقها في مجموعة شركاته حيث وصلت نسبة السعودة فيها 44%.

وأشاد المحاضر بالموظف السعودي القادر على الإنتاج المطلوب في حال تحققت له مرتكزات الوظيفة، وأهمها تعزيز شعوره بالانتماء للجهة التي ينتسب لها من خلال تفهم احتياجاته النفسية والاجتماعية والمعيشية، كما أشار إلى ضرورة تأكيد الوحدة الوطنية ومعالجة الاحتقانات الطائفية، واستشهد على ذلك بمثال اعتماد يوم عاشوراء إجازة رسمية في شركاته لعموم الموظفين الشيعة مؤكدا على الانعكاس الايجابي لذلك على زيادة الإنتاجية وولاء العاملين أكثر لشركاتهم، فضلا عن رغبة العديد من رجال الإعمال في اعتماد خطوات شبيهة، مؤكدا على أن المواطنة هي نتاج تفاعل مستمر تنبع من حب الإنسان لأرضه ومنجزاته.

وفي محاولة لخلق شراكة حقيقية بين رجال الأعمال والمجتمع، تحدث الدكتور هلال عن أهمية توجيه المال لخدمة المجتمع من خلال تأسيس معاهد تدريبية وأكاديميات تعليمية مرخصة ضمن مشاريع من شأنها دعم الشباب وتأهيلهم بعيدا عن الانتماءات الضيقة، كذلك إنشاء مراكز لتبني الأطفال الموهوبين بعيدا عن جفاف مناهج التعليم التي لا تأتي أكلها، كما تحدث عن أهمية إنشاء مجالس بلدية منتخبة في كاملها لمحاربة الفساد المالي والنظر في التجاوزات القائمة، حيث أن ذلك يساهم في خلق تمثيل حقيقي للمواطنين ويدعم الاستقرار ويقنن آليات المحاسبة، كذلك تحدث عن أهمية إشراك المرأة وإيجاد برامج مناسبة لها، خاصة في مجال الرياضة، كإنشاء مراكز رياضية لها.

مداخلات الحضور عكست جوا من التفاعل الذي مهدت له شفافية الضيف بحديثه، ففتحت آفاقا لتفعيل علاقة التجار بالمجتمع إذ تناولته من مختلف أبعاده محاولة تلمس متغيرات التواصل الإيجابية في المجتمع لرجال الأعمال، فتساءل الدكتور عبد العزيز المصطفى عن سبل تفعيل السعودة في الشركات السعودية وإمكانية رفع نسبتها في شركات الطويرقي، وقد صرح المحاضر في جوابه بإنشاء مركز جديد مجهز بأحدث التقنيات والمدربين لتخريج شباب مؤهل للعمل في أي مكان يريد دون استغلال إمكانياته لصالح الشركة المدربة، وأنهم بصدد تدريب 850 شخص خلال عام 2008م.

من جهته، رحب راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب في مداخلته بالضيف الطويرقي مشيدا بتواصله الاجتماعي ودعمه للمشاريع الأهلية، مشيرا إلى أن منتدى الثلاثاء يهدف من خلال هذه اللقاءات إلى تعزيز التواصل بين الجهات الفاعلة في المجتمع على مختلف اختصاصاتها.

وشد الشيخ محمود السيف على أيدي رجال الصناعة ودعاهم للتفكير في إنماء مالهم في مجتمعهم وليس بعيدا عنه، مشيرا للدور المهم الذي قامت به جمهورية ماليزيا لرفع مستواها الاقتصادي بتوظيفها دور الإنسان منذ مراحله الدراسية الأولى، كما دعا إلى التبشير بثقافة القانون في المجتمع بدءا من المدارس وانتهاء بالإعلام.

من ناحيته، أكد الأستاذ زكي أبو السعود على ضرورة إتاحة المجال لمؤسسات المجتمع المدني وإقرار نظام خاص لعملها كي تتمكن من ممارسة دور فاعل في المجتمع بدلا من الاتكال على مشاريع الدولة فقط.

في نهاية الحديث، أكد الدكتور هلال الطويرقي على إمكانية استحداث رجال الإعمال مشاريع صناعية تكون بديلا عن استيراد ما يمكن تصنيعه داخل البلاد، معبرا عن سعادته البالغة لمشاركته في المنتدى، وتواصله مع مثقفي وجمهور المنطقة، ثم ختم الندوة المهندس نبيه الإبراهيم بشكر الضيف والحضور على ما أثروا به الموضوع من طرح وحوار إيجابيين.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد