العمل الثقافي في المنطقة.. تجربة ذاتية

3٬974

في تجمع حاشد بالمثقفين والحقوقيين والمفكرين احتفل منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 10/ربيع الأول/ 1429هـ، الموافق 18/مارس/ 2008م بالأستاذ ذاكر آل حبيل مستعرضا تجربته الثقافية في المنطقة، وقد أدار راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الحفل مرحبا بالحضور، ثم معرفا بالأستاذ الكاتب والباحث الاجتماعي والحقوقي ذاكر الحاصل على درجة الماجستير في علم الاجتماع، فضلا عن دبلوم في الموارد البشرية؛ وهو عضو مؤسس في العديد من المنتديات واللجان والشبكات الثقافية كمنتدى الحوار الثقافي، والثلاثاء الثقافي، وموسوعة الساحل الالكترونية، وهو عضو كذلك في هيئة تحرير مجلة الكلمة، ومدرب متقدم في تنمية الموارد البشرية ومجال حقوق الإنسان وفي التحرير والنشر الإعلامي الالكتروني، ويشرف حاليا على نشرة مساواة الالكترونية؛ وهي نشرة حقوقية تعنى بحقوق الإنسان في المملكة، شارك في العديد من الدورات والمؤتمرات الأكاديمية والعلمية والحقوقية، وله دورة تحضيرية متكاملة للتدريب الحقوقي، ويعتبر من رواد المنطقة في مجال الثقافة المدنية، يكتب في العديد من المجلات والصحف المحلية والعربية، وقد صدر له العديد من الكتب منها شرف الكائن الحي، والسلوك الديمقراطي.

بدأ الأستاذ ذاكر حديثه بشكر المنتدى على بادرته الكريمة، متمنيا أن يكون عند حسن ظن الجميع الذين تجشم بعضهم عناء الحضور من مناطق بعيدة، ثم طرح تجربته الثقافية التي شهدها منذ سن الثانية عشرة في منطقة (البستان) مسقط رأسه في محافظة القطيف وكانت متاخمة لشمال القطيف النشط ثقافيا؛ مستعرضا المؤثرات التي أسهمت في توجهه الثقافي المبكر كمدرسة الفلاح التي درس فيها وانضمامه لنادي البدر، ونادي الشاطئ، وكان لهما زخما ثقافيا مشهودا في ظل تماوج الثقافة الوطنية بالأفكار اليسارية وتخلل الممارسات الفنية لأجناس الأدب من مسرح وسينما فيها مما فرض كثيرا من الأسئلة الوجودية حوله.

تحدث الأستاذ ذاكر بعد ذلك عن رياح الحركة الإسلامية كمؤثر آخر عليه، وكانت أكثر الحركات تأثيرا عليه الثورة الإسلامية في إيران إذ حفزته لدخول معتركها الثقافي من خلال حركة الرساليين التي اكتسحت المنطقة بإصدار كتيبات التثقيف الابتدائي وطرح القضايا الثقافية الكبرى، فضلا عن تنظيم الدورات والندوات التي فتحت له الآفاق الفكرية بالتأمل والتدبر في بعض العلوم القرآنية.

الحركة الثقافية بين الحداثيين والأصوليين في المنطقة أثارت نفس الأستاذ ذاكر لدخول دائرتها المفتوحة والاطلاع على الكتب المترجمة والجدل الصائر في المملكة آنذاك حولها وحول المناهج الثقافية والنقدية الجديدة وكان لها روادها الكبار أمثال الدكتور عبد الله الغذامي، والدكتور معجب الزهراني، والدكتور سعيد الصريحي، فأثر ذلك كله في تكوينه الثقافي ليبدأ رحلة الإطلاع على المشاريع الفكرية الكبرى لبعض المفكرين كالدكتور عبد الله العروبي والدكتور الأنصاري، مما ساهم في خروجه برؤى ثقافية متعددة؛ في الحين الذي انطلقت الحركة الدينية باتجاه استيعاب حركتها التاريخية مما أدى لخلق تقارب مع الجهات الوطنية الثقافية وكان ذلك ممهدا لحالة النضج والتآلف مع الواقع.

وتحدث الأستاذ ذاكر عن فترة التسعينيات، حين عاد أفراد حركة الرساليين للوطن لصالح العمل على حراك ثقافي داخلي أنتج فيما أنتج مشروع مجلة الكلمة التي تؤصل لمفهوم التعددية المنبثقة من إطار إسلامي، وكان له شرف المشاركة في تحريرها مع مجموعة من الأستاذة والمثقفين أمثال الأستاذ الشيخ زكي الميلاد، حتى تم تأسيس منتدى الثلاثاء الثقافي ليكون رائدا يسلط الضوء على الحراك الثقافي والإنتاج الفني المحلي بجهود نخبة من الشباب المثقف يتصدرهم الأستاذ جعفر الشايب من خلال صلاته العديدة بمثقفين ومفكرين من مختلف المناطق والدول العربية.

انتقل الأستاذ ذاكر من الحديث حول نشاطه الثقافي إلى النشاط الحقوقي الذي انخرط فيه قبل خمس سنوات بعد مشاركته في دورة حقوقية تلمس من خلالها جانبا مهما من شأنه أن يفتح للوطن العربي بابا مشرقا، فدعاه ذلك للعمل على تثقيف ذاته حقوقيا عبر العديد من الدورات، واستطاع – بذلك – مع بعض النشطاء أن يدرب مجاميع من الشباب والشابات عزز تواصلهم بإصدار نشرة مساواة الالكترونية لتكون مضيفة لحركة حقوق الإنسان في المملكة والعالم العربي.

حقب زمينة ثرية اختزلها الأستاذ ذاكر في وقت قصير جدا ففتح بذلك الباب للحضور بمحاولة التعمق فيما طرح من خلال معرفتهم الشخصية له، فبدأ سماحة الشيخ حسن الصفار الحديث بمعرفته القديمة والوثيقة بالأستاذ ذاكر مستعرضا ميزتين رآهما من أبرز ما يجسد شخصيته، فتحدث عن التثقيف الذاتي الذي عمل على تحقيقه في نفسه في وسط يغلب أن يكتفي فيه شبابه بممارساتهم الدينية مستغنين بالخطباء عن تثقيف أنفسهم واصفا ذلك بالخلل الكبير ومشجعا على الانفتاح المعرفي والثقافي، أما الميزة الثانية فكانت متمثلة في تفاعله الإيجابي مع جميع النخب والفئات الاجتماعية في الحين الذي يعتد به بعض المثقفين بأنفسهم، الأمر الذي قد يحدوهم لأخذ مواقف حادة تجاه الآخرين، وأشار الشيخ إلى تعاون الأستاذ ذاكر المثمر معه في تحضيره لمواضيعه التي يطرحها في المواسم الثقافية من خلال تعزيزه بالمصادر والأفكار والكتب التي تملأ مكتبته العامرة ووصفه بـ (الجندي المجهول) الذي سيفتقده حتما.

من جانبه، تحدث الأستاذ زكي الميلاد عن علاقته بالأستاذ ذاكر في إطار مجلة الكلمة، والتي بدأت في سنة المجلة الثانية حين وقع الاختيار عليه بعد بحث طويل عن اسم يمثل انفتاحا ووعيا يقصر عنهما الكثير من المثقفين حين ينكمشون ويتراجعون مستسلمين لظروف المجتمع الذي يعني انغلاقا ومحدودية في التجربة الفكرية والثقافية، وأشاد بقدرة الأستاذ ذاكر على تطوير تجربته رغم ذلك حتى وصل لمرحلة الحسم للاهتمام بالأنشطة الحقوقية.

وكان لمنتدى الحوار الثقافي ممثلا في الأستاذ جعفر التحيفة كلمة أشاد فيها بالدعم الذي قدمه الأستاذ ذاكر للمنتدى حين تأسيسه وبمدى الفراغ الذي سيخلفه غيابه مؤكدا أن رجوعه وقد حقق أهداف سفره سيكون العزاء الأمثل، بعده تحدث الأستاذ منصور سلاط عن شاب مختلف أدمن وجهه الابتسامة كما أدمن هو مكتبته في حقبة زمنية لم ينفك عن البحث عن الكتب المؤسسة للثقافة المعاصرة التي ربت فيه البعد النقدي والحس الجمالي بالإنسان ومحيطه.

الأستاذ عبد الله عبد الباقي وصف الأستاذ ذاكر بالمختلف والمتمرد لقدرته على الانفتاح الغير متحفظ الذي خلق منه مثقفا مؤمنا وعلمانيا في ذات الوقت وعبر عن ذلك بالمعادلة الصعبة، ليتبعه الأستاذ رائد الجشي بالحديث عن الطاقة الإيجابية التي يبعثها الأستاذ ذاكر فيمن يسمعه أو يشاهده مشيدا بالدهشة والفاعلية التي يخلقها حديثه مقابل طبيعة جمود الأطروحات الأخرى، ونوه كل من الأستاذ زكي أبو السعود ومحمد النمر بتوجه الأستاذ ذاكر للانطلاق إلى مرحلة عمل جديدة في الخارج لمواصلة دراسته وعمله مؤملين أن يكون ذلك منطلقا لأفق عملي جديد له.

وتحدث الأستاذ محمد المحفوظ عن مسألة أساسية استطاع الأستاذ ذاكر تحقيقها في ذاته مشيرا لأهمية أن يأخذ بها الشباب المنخرطون في العمل الاجتماعي، ألا وهي القدرة على التوفيق بين مستلزمات الوظيفة والعمل الثقافي الجاد وأشاد بقدرة الأستاذ ذاكر على التوفيق في هذا الجانب فاستطاع تنمية ذاته وفكره.

قبل أن يختم الحفل، تحدث الفنان عبد العظيم الضامن عن مشروع المنتدى الجديد الذي تمثل في عرض نتاج بعض الفنانين في مجال الفن التشكيلي والتصوير الضوئي فضلا عن الخط العربي يستمر كل معرض شهرا كاملا، ودعا الجميع للمساهمة في التعريف بأسماء جديدة لتتاح لها عبر المنتدى فرصة التعريف بفنها.

في نهاية الحفل قدم الشيخ حسن الصفار درع المنتدى للأستاذ ذاكر تكريما له على عطائه وإنجازاته الطيبة، شكر بعده الأستاذ ذاكر واعدا لهم بالسعي الحثيث ومواصلة العمل من أجل مجتمع سيفتقد خضرته وساحله وصفاء إنسانه.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد