المهدي: “الأزمة” لن تطول.. وأنصح بالاحتفاظ بالأسهم والعقارات

3٬246

ألقى المستشار الاقتصادي والمالي الدكتور حسين المهدي في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف محاضرة حول الاستثمار العقاري في الخليج في ظل الأزمة المالية. اذ تحدث عن تداعيات الأزمة التي بدأت قبل حوالى شهرين، مستعرضا القطاعات التي تأثرت بدءا من الرهونات العقارية التي بلغت خسائرها 1.4 تريليون دولار، وانتهاءً بانخفاض أسعار النفط؛ حيث وصل سعر البرميل الى 58 دولارا للبرميل بعد أن كان 147 دولارا، وبذلك تحولت الأزمة المالية إلى أزمة اقتصادية.
وتحدث المحاضر عن خطأ اعتماد قطاع واحد من القطاعات الاقتصادية أو المالية كمؤشر لنبض الاقتصاد العالمي في عملية التقييم الاقتصادي العام، كاعتماد مؤشر الأسهم مثلا .. مشيرا إلى الصورة المغلوطة التي عكستها المؤشرات الاقتصادية العالمية والخليجية للشارع .. مثيرة بذلك هلعا أدى إلى تداعيات أثرت على قطاعات المستثمرين الصغار والأفراد، على عكس الشركات الكبرى التي استعانت بالتسهيلات الائتمانية بشروط أفضل، حتى أصبحت لاعبا رئيسا في السوق.
ورغم قلة حجم ما يمثله الاقتصاد العربي في الاقتصاد العالمي .. إذ يبلغ تريليون دولار من اصل 60 تريليون دولار، وهي قيمة لا تمثل أكثر من 6 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، وأكد المحاضر تضرر العالم العربي بخسائر ضاعفت عشرات المرات خسائر الاقتصاد الغربي، لا سيما في سوق الأوراق المالية. ودلل على ذلك بخسارة السوق السعودية قبل فترة ما نسبته 10 في المائة في يوم واحد، في الحين الذي خسرت فيه الداو جونز بنسبة 5 في المائة فقط؛ رغم أن اقتصاد السعودية بلغ 381 مليار دولار من مجموع اقتصاد دول الخليج الذي لا يتجاوز 707 مليارات دولار، وهو ما يساوي اقتصاد هولندا وحدها، في حين يمثل اقتصاد أمريكا ثلث الاقتصاد العالمي.
وتحدث الضيف عن شح السيولة الخليجية المفاجئة التي ظهرت على السطح في وقت قياسي، وعانت منها البنوك التقليدية على الخصوص، مستعرضا ما كانت عليه قبل شهر في بعض دول الخليج من خلال مخططات بيانية في عرض مرئي، مشيرا لتأثير ذلك على القروض العقارية التي بدأت تواجه قيودا لدى الأفراد والشركات، كما لفت الانتباه إلى مطابقة هذه المشكلة مع ما واجهته أمريكا بعد أحداث سبتمبر .. وعالجتها بذكاء عبر تيسير القروض العقارية حفاظا على سوق العقار من الانهيار ورفعا للاقتصاد الأمريكي.
بعد ذلك، انتقل المحاضر للحديث عن الاستثمار العقاري، مشيرا لحجمه في عموم الخليج .. إذ بلغت قيمته 330 مليار دولار للعام 2008م، مقابل 30 مليار دولار فقط لقيمة الاستثمار في قطاع النفط والغاز في ذات العام .. مؤكدا بذلك ضخامة الاستثمار في هذا القطاع وتشجيع السوق له في جانب بيعا لا شراءً. وتحدث كذلك عن جانب مهم من جوانب قطاع الاستثمار بدأ ينتعش على مستوى مملكة البحرين في بعض القطاعات، كقطاع التربية والتعليم، والقطاع الصحي وذلك عبر بناء جامعات متكاملة الخدمات، فضلا عن المعاهد التدريبية والمستشفيات الخاصة.
وبعد تفصيل لأحوال الاستثمار العقاري في مختلف دول الخليج من حيث القيمة والنشاط، أكد المحاضر نأي المنطقة عن تداعيات أزمة الرهن العقاري لقلة حجم استثمارها مقارنة بالاستثمار العالمي، وأن ما حدث من تداعيات لا يتجاوز مواصلة نمط مضاربة غير معتمدة على ما يحدث على أرض الواقع فعلا ليختم بأن 3800 مشروع عقاري قائم في الخليج تبلغ قيمته اليوم 4 تريليونات دولار تستحق أن تستثمر بما يدفع قطاع الاستثمار في الخليج لرفع مستوى اقتصادها في العالم.
وافتتحت المداخلات بأسئلة ساخنة اهمها استعراض دراسة حول تملّك المواطنين الخليجيين لبيوت خاصة، جاءت نسبة المواطنين السعوديين فيها الأدنى .. حيث بلغت 22 في المائة، مقابل 90 في المائة لمواطني الإمارات، و 86 في المائة لمواطني الكويت، لتفرض تلك الأسئلة نفسها حول مستقبل الشباب الذين يمثلون 30 في المائة في مجموع دول الخليج، والذين يعيشون وضعا اقتصاديا متدنيا لا يملكون معه التأسيس لحياة مستقرة دون التعرض لضغوط الديون.
من جانبه، أشار جعفر الشايب لما يثار مؤخرا من حديث حول فشل النظام الرأسمالي من خلال أنظمة التمويل التقليدية بعد التطور الحاصل في أنظمة التمويل الإسلامية وكونها بديلا محتملا لها، متسائلا عن مدى صحة ذلك. وأبدى المحاضر احترامه لهذه النظرية، غير أنه أكد على أهمية إيجاد نظام متوسط بين البينين يقدّر الملكيتين الفردية والعامة على حد سواء. وفيما يخص تساؤلات الحضور حول مستقبل الاقتصاد الخليجي، أكد المحاضر على كونه يتمثل في تنمية الموارد البشرية بشكل عام، وليس في الأسهم أو العقار تخصيصا.
وتناولت المداخلات أيضا قضية الاستفادة من التسهيلات البنكية للبعض والآثار الناتجة عن ذلك على وضع الأفراد الاقتصادي في ظل الأزمة الراهنة التي أدت إلى لجوء بعض الأفراد لتوقيع شيكات مستقبلية بمبالغ تفوق تمكنهم، مما خلق أزمة فرضت نفسها في ظل الحاجة الملحة لتملك منازل تنهي معاناة ذوي الدخل المحدود مع ارتفاع الإيجارات. وفي ختام الندوة، طمأن الدكتور المهدي الحضور بتوقع انتهاء الأزمة خلال سنة، داعيا كل قادر على الحفاظ على ما في يديه من أسهم وعقار عدم التفريط بها للاستفادة منها حين تعاود الارتفاع مجددا.
وأدار الندوة محمد الخياط مبتدئا بتعريف الضيف، وهو من مملكة البحرين، حاصل على شهادة الدكتوراة في إدارة وتخطيط الطاقة من الولايات المتحدة الأمريكية. عمل محاضرا في الاقتصاد والضرائب بجامعة البحرين العام 1985م، كما عمل في صندوق النقد الدولي في واشنطن العام 1985م، وقدم عددا كبيرا من الدورات التدريبية في عدد من دول المنطقة العربية والعالم. هو يرأس العديد من إدارات الشركات والجمعيات واللجان المتخصصة، كشركة خير الإسلامية القابضة للاستثمار، والشركة الخليجية العالمية للاستشارات الاقتصادية منذ العام 1994م، وغيرها.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد