الدكتور حسين الشريف يتناول دور المؤسسات الحقوقية في حماية حقوق الإنسان

3٬677

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الدكتور حسين الشريف مساء الثلاثاء20/ ذي القعدة/ 1429هـ، الموافق 18/ نوفمبر/ 2008م في ندوة حول دور المؤسسات الحقوقية. وقد أدار الندوة الأستاذ موسى الهاشم الذي بدأ الندوة بمقدمة حول حاجة المجتمعات المحلية للوعي بدور المؤسسات الحقوقية فيها لخلق حالة من التفاعل الإيجابي الذي يدفع بمسيرة مشروع حقوق الإنسان إلى حيز التطبيق الفعلي؛ بدءً من المستويات العالمية ومرورا بالمستويات الإقليمية ونزولا إلى المستويات المحلية والوطنية.

عرف مدير الندوة بالدكتور حسين الشريف، المشرف العام على فرع جمعية حقوق الإنسان في منطقة مكة المكرمة، وهو عضو مؤسس فيها، حاصل على شهادة الدكتوراة في القانون من جامعة نيوكاسل بالمملكة المتحدة، يرأس حاليا قسم الأنظمة والقانون بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات داخل المملكة وخارجها، وله عدة مؤلفات وأبحاث ومقالات منشورة، منها ضمانات المساءلة التأديبية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، حقوق الإنسان في منظور دولي وإسلامي، حقوق الإنسان في النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، وغيرها.

بعد إشادة الضيف بنشاط المنتدى الذي يتابعه عن كثب، بدأ طرحه بالإشارة إلى انبثاق فكرة حقوق الإنسان تاريخيا؛ فذكر كونها قديمة جدا حيث استعرض بعض صور انبثاقها في العصور القديمة مبتدئا بالقرن الثامن عشر قبل الميلاد على يد الاسكندر المقدوني حيث صاغ لـ “مقدونيا العظمى” حقوقها انطلاقا من فكرة واجب الحاكم. ومر على التطورات التاريخية المختلفة في الحضارة الفرعونية واليونانية والسومرية والرومانية، حتى انتهى للثورة الفرنسية والأميركية في العامين 1767م و1789م، وانبثاق إعلان حقوق الإنسان على إثرهما.

وفي تركيز على انبثاق مشروع حقوق الإنسان في العصر الحديث، تكلم الضيف عن “الوثيقة الكبرى” أو ما عرفت بالماجنا كارتا في القرن الثالث عشر، والتي اعتبرت من أولى الوثائق التي طالبت بحقوق الإنسان في ثورة ضد الملك، أتبعتها مساهمات من قبل أفراد مهدوا لبلورة فكرة الحقوق بمفهومها الحديث ولبنتها الأولى، مؤكدا أن ما حصل من حراك اجتماعي، فضلا عن حاجة المجتمعات الإنسانية وضرورتها اللازمة كانت دافعا لانبثاق إعلان عالمي لحقوق الإنسان صادقت عليه الكثير من الدول، مما أسس لقيام منظمات تراقب مدى التزام هذه الدول بتطبيق بنود الاتفاقيات.

وحول أهمية هذه المنظمات والنظرة لها تحدث الضيف عن رؤيتين، أولهما تتمثل في الاعتقاد بتصادمها مع فكرة الدولة التي قد لا ترغب فيها لاحتمال تدخلها، والرؤية الثانية تقول بقابلية التعاون المثمر بينها وبين الدولة في جانب إرشادها لقضايا حقوق الإنسان فيها ومراقبتها بتقديم البحوث والدراسات والتقارير.

بعد ذلك انتقل المحاضر لمحور آخر من محاور حديثه، وفيه استعرض نماذج لمؤسسات حقوقية على الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية، مذكرا قبله بتعريف المؤسسات الحقوقية وكونها مجموعة من الأفراد اجتمعت من أجل تحقيق هدف معين؛ كالمحافظة على حقوق الإنسان التي تنبثق من دستور الدولة، وأنظمتها المحلية، وكذا الاتفاقيات الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان. مؤكدا أن ذلك لا يتم لها دون الاعتراف بها من قبل الحكومة للمصادقة على آليات عملها واعتماد تقاريرها. واستعرض مجموعة من المؤسسات الحقوقية الدولية موجزا بعض المعلومات عنها، كما استعرض بعضا آخر على المستوى الإقليمي؛ مشيرا إلى عدم وجود منظمة حقوقية فاعلة على مستوى المنطقة العربية متمنيا من الجامعة العربية المبادرة بتأسيس منظمة على نسق محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، ومن رابطة العالم الإسلامي القيام بمبادرة شبيهة.

أما على المستوى المحلي، فقد ذكر المحاضر أن من أسباب عدم قيام مؤسسات حقوقية هو غياب قانون تسجيل المؤسسات الأهلية، على الرغم من إقراره من قبل مجلس الشورى. وتحدث عن ظروف قيام الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، مستعرضا أعمالها والنتائج التي حققتها، وأهمها إصدار التقارير، ومتابعة الحالات، وزيارة السجون، وإعداد الدراسات والبحوث ونشر ثقافة حقوق الإنسان.

بعد ذلك عرج على الصعوبات التي تواجهها الجمعية كمؤسسة لا تزال حديثة عهد، ومن أهمها التشكيك في مدى استقلالية الجمعية عن الحكومة، وقدرتها على إدارة شؤونها بعيدا عن سلطة الدولة، إضافة إلى الخلط بين مفهوم المعارضة ومفهوم العمل السياسي والحقوقي، وعائق الفقر المجتمعي العام بثقافة الحقوق؛ داعيا إلى تكاتف الوزارات الحكومية والمؤسسات لنشر هذه الثقافة في المدارس والمعاهد والجامعات عبر خطة استراتيجية وطنية شاملة تمكن الجيل الجديد من التدريب والتطوير.

ودارت أسئلة الحضور حول إشكالية تبرير المطالبات الحقوقية بأسباب أمنية هي أبعد ما تكون عن الحقيقة، وكذلك عن دور الجمعية في الدفاع عن سجناء الرأي. واستعرض أحد الحضور مشكلته الحقوقية المنشورة في الصحافة المحلية، والمتعلقة بقضية طلاق إكراه لعدم تكافؤ النسب. وتساءل أحد الحضور عن أسباب غياب قانون تسجيل الجمعيات، وعن وجود نسبة تقريبية لسجناء الرأي في المملكة، مقارنة بسجناء الملفات الأخرى، متسائلا إن كانت الجمعية عالجت قضية من قضايا الرأي. وقد أكد المحاضر إمكانية ذلك لوجود نتائج دراسات كاملة حول جميع القضايا التي وردتها في ملفات الجمعية؛ معتذرا عن عدم وجود النسبة لديه حاضرا. وأشار إلى متابعة الجمعية للعديد من قضايا سجناء الرأي الأربعة بمجرد مباشرة الجمعية عملها.

الجدير بالذكر أن المنتدى، وضمن اهتماماته وأنشطته وفعالياته كان قد درج على إعطاء الفرصة للكفاءات الشابة للتعريف بأنشطتها وعرض إبداعاتها، وكانت مجموعة شباب المستقبل برعاية الفنان التشكيلي عبد العظيم الضامن هي ضيفة المنتدى لهذا الأسبوع. وقد تحدث الضامن معرفا بأهداف إنشاء المجموعة وبعض فعالياتها، ثم قدم الطالب محمد العلي من مجمع ابن القيم التعليمي بسيهات كأحد المواهب الشابة في المجموعة ليلقي نصا شعريا من تأليفه.

وكان راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب قد أشاد بتواصل شريحة الشباب مع أمسيات المنتدى في بداية الندوة بعد ترحيبه بالضيف ومن حضر معه من أعضاء فرع الجمعية بالمنطقة الشرقية، وهم الأستاذ جمعة الدوسري والمحامي عويضة المنصور، والأستاذ عبد الله الرمضان.

 

لمشاهدة الصور إضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد