منتدى الثلاثاء الثقافي يناقش المسرح بين الأزمة الاجتماعية وغياب الوعي

3٬951

بحضور لافت ضم لفيفا من المهتمين بالشأن المسرحي وكتاب وصحفيين ومثقفين أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ندوته الأسبوعية مساء الثلاثاء 1 محرم 1432هـ الموافق 7 ديسمبر 2010م تحت عنوان “المسرح بين الأزمة الاجتماعية وغياب الوعي”، باستضافة كلا من الفنان عبد الله الجفال والفنان جبران الجبران، وأدار اللقاء الأستاذ الشاعر زكي الصدير الذي أشار الى بواكير العمل المسرحي العربي والذي بدأ بعد حملة نابليون وجلبهم الفرق المسرحية لترفيه جنودهم ثم بناء الخديوي إسماعيل لدار الأوبرا، التي أسست لمرحلة جديدة وهي دخول المسرح الأجنبي في العالم العربي، وسبق ذلك المشهد اللبناني حينما أسس مارون نقاش أول فرقة مسرحية بمسرحية (البخيل)، وأشار الى أن بداية الظواهر الدرامية للمسرح العربي كانت بنهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

ثم عرف بالفنان عبد الله مهدي الجفال بأنه ممثل وكاتب مسرحي ومخرج، أسس فرقة آفان للفنون المسرحية بدأ عمله المسرحي عام 1974 بمسرحية (مؤهلات جديدة) التي فازت بأفضل عرض يومها وهو ناشط بجمعية الفنون السعودية نال عدة جوائز في الاخراج وجائزة الممثل العام، وشارك في انتاج اعمال تلفزيونية وأفلام قصيرة مثل في العديد من المسرحيات وشارك في اخراجها كما مثل المملكة في مصر والجزائر، ومن مؤلفاته المسرحية المهمة “كسر حاجز الصوت”، “عزلة فنان”، “من تجليات الباب”.

في البدء طرح الفنان الجفال ورقته التي عنونها ب (المسرح في غمار المجتمع)، واستهل حديثه بقوله: حينما كنا صغارا كنا نردد بأن الحياة مسرح كبير. موضحا بأن المسرح كلما كان قريبا من هموم أفراد المجتمع تحول الى حياة زاخرة بالمعطيات الإنسانية. وقال أن المسرح كمفهوم إنما هو تزاوج بين الإبداع الثقافي والإبداع الفني، بين كاتب يقترب من كل الهواجس الاجتماعية وبين مخرج يعملان معاً على توصيل هذه الرسالة الثقافية إلى حيز الوجود من خلال كوادر فنية.

وتحدث عن معاناة المسرح من فقدان رؤية التزاوج بين الثقافي والفني قائلا بأننا نرى أكثر المتحمسين لنا كمسرحيين أما أنه يرى في المسرح وسيلة مؤقتة لنقل أفكاره فينقطع عن المسرح ساعة تحقق ذلك أو لحظة فشل هذا العناق المصطنع بين المسرح وأهدافه، أو أنه يرى بأن اقترابه من الفن لا يستقيم وحالة الانتماء إلى أجواء ثقافية بعينها، من هنا ولدت حالات تجيير مبتسرة وأجناس مصطنعة من المسرح لاعلاقة لها بهواجسنا وهمومنا وتطلعاتنا فكانت قاصرة عن استيعاب أفراد المجتمع واحلامهم والسبب الرئيس في ذلك هو الفصل بين ماهو فني وما هو ثقافي. واضاف انه نتاجا لهذه المعطيات أصبح الفرد (الممثل) هو عنصر الارتكاز في النص المسرحي لغياب الكاتب الواعي بجوانب الحياة المختلفة، فمارس الممثل ضربا من التأليف والتوليف طبقا لخامات مسرحية يراها قريبة من شخصياته المسرحية التي حاول خلقها من خلال تجربته المسرحية ذات الطابع التطبيقي والترقيعي في العروض السابقة.

وفي تشخيص أكثر لهذه الإشكالية قال الجفال: حينما نتحدث عن المسرح كحالة رمزية لنمو حضاري يتعاضد من خلالها الثقافي والفني فإننا ندرك مدى البعد عن تمثل هذه الحالة في نمونا الحضاري المتذبذب بين التقدم والنكوص من خلال المسارات الفكرية المتضاربة التي عصفت بالمجتمع من خلال التغيرات المختلفة التي حصلت طيلة أربعة عقود خلت، ولانطلاقة جادة للمسرح لابد من تمثيل حالة التزاوج بين الفاعلين الثقافي والفني. بعدها أتى على مجموعة من عوائق العمل المسرحي يشترك بتحمل مسئوليتها الوسط المسرحي نفسه بالاضافة الى المجتمع منها الأذى المتأتي من الاتجاهات المتطرفة في النسق الديني والثقافي وحتى القبلي التي تأخذ بالاعتبار حسابات الأعراف الاجتماعية السائدة على حساب عرض ومعالجة قضايا المجتمع المختلفة، ومنها الرفض التام لخروج المرأة على خشبة المسرح، مما أفقد المرأة معالجة قضاياها المختلفة من خلال الفن المسرحي، ومن العوائق أيضا سيادة ثقافة اجتماعية متوجسة من المسرح مما أثر على المشتغلين بهذا الفن وأصبحوا يمارسون الرقابة على عملهم خشية الاصطدام بالثقافة السائدة ولجوئهم الى التحايل في ايجاد الرموز البديلة على المسرح.

طرح الفنان جبران سعيد الجبران ورقته حول (المسرح الجامعي والأزمة المسرحية بين 91م و 98م أسبابها ونتائجها)، وقد عرف مقدم الندوة بالفنان الجبران بأنه يتميز بالعمل الدؤوب وفاعل بشكل ممتع هو من مواليد 1389هـ من جنوب الوطن، حاصل على دبلوم مساحة، بدأ حياته العملية في وحدة المظليين لمدة 7 سنوات، حاصل على العديد من الدورات في التمثيل والكتابة المسرحية، قضى سنوات عديدة في انتاج العمل المسرحي والأعمال التلفزيونية، كما قدم نصوصا مسرحية عديدة منها “كوابيس”، “بدون عنوان”، “لاخيار لامساومة”، “الكرة” وعمل في الاخراج لأعمال وثائقية وفيديو كليب “البيعة”، كما أقام دورات تدريبية داخل وخارج الوطن، وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات، وهو عضو الجمعية العربية للثقافة والفنون ومنظمة المسرح الجامعي في بلجيكا والمهرجان الدولي للمسرح الجامعي بتونس وجمعية المسرحيين السعوديين وعضو اللجنة الاشرافية للمهرجان المسرحي في الجامعات والتعليم العالي بدول مجلس التعاون.

استهل الفنان الجبران حديثه حول أهمية الجامعات للرقي بالشعوب، ولكونها مجتمع مصغر لمحيطها الخارجي فهنا تكمن أهمية وجود المسرح بالجامعة، وأشار الى انقسام المجتمع السعودي في نظرته للمسرح فهناك قسم يحرم المسرح جملة وتفصيلا وذلك من منطلق عدم الخروج على التقاليد وفي أفضل الحالات يتم انتقاء بعض الصور المسرحية السطحية. وقسم آخر ينظر للمسرح على أنه مدينة ملاهي وللضحك فقط واصفا هذه النظرة بأنها أخطر من الأولى لأنها تساهم في تهميش وتقليل قيمة هذا الفن. من هنا فإن المسرح الجامعي يعاني من هاتين النظرتين والتي تنطبق على مجتمع الجامعة مسئولا ومراقبا وطالبا مما ينتج عن ذلك تذبذب قوة الأندية المسرحية الجامعية، وكوني شاهدا على تأسيس نادي مسرح جامعة الملك فهد ولازلت مشرفا لهذا النادي لذا فالمعاناة من عدم مشروعية المسرح السعودي ماثلة أمامي، ورغم ضم وزارة الثقافة للاعلام منذ عدة سنوات الا أنه لايوجد دعم علمي أو فني ولابنية تحتية ولايوجد مدربين متفرغين ولا حتى نظام مكتوب متعارف عليه.

واوضح ان العمل المسرحي يعاني من عدم وجود مهن رسمية بتخصصات المسرح، ورغم وجود وزارة للثقافة وتأسيس الجمعية السعودية للثقافة والفنون منذ أكثر من ثلاثين عاما، ووجود جمعية المسرحيين السعوديين غير أن هذا المنتج الثقافي الهام ليس له قانون يحميه وبحاسبه، ولازال المسرح يتواجد بسبب نشاط أشخاص يحبون المسرح ارتبط بوجودهم في الجامعات.

كما قدم الفنان الجبران عرضا مرئيا لأعمال مسرحية قدمت بجامعتي الملك فهد للبترول والمعادن وجامعة الملك عبد العزيز، وأشاد بالأسماء التي أسهمت بانجاحها كالأستاذ عبد الله باحطاب مشرف نادي المسرح بجامعة الملك عبد العزيز والأستاذ عبد العزيز الخميس والأستاذ سامي الجمعان بجامعة الملك فيصل. وقدم نبذة عن تأسيس المسرح بجامعة الملك فهد قائلا أنه كان مشروعا قائما عن دراسة ففي عام 96م قام عميد شئون الطلاب آنذاك د. عبد الله المسلم بوضع ميزانية مفتوحة للنادي ودعم غير محدود للطلاب، وارسالهم الى مهرجان الجنادرية للاطلاع وكذلك الى مهرجان المفتاحة بأبها، وفي السنة الثانية تم الاستعانة بالأستاذ محمد العثيم ككاتب مسرحي بارز، والاستعانة بأبرز الاسماء المسرحية بالمنطقة للمشاركة بعروض جريئة وقوية بالجنادرية ومهرجان أبها ومهرجان المستنير الدولي بتونس، مما حقق حضورا للجامعة بالمحافل الثقافية وأصبح أحد أهم الأندية الطلابية، واستمر دعم النادي بقوة ايضا مع تولي د. سامي خياط عمادة الطلاب. واوضح الجبران ان مسرح الجامعة يعمل من خلال خطة سنوية يضعها الطلاب وتناقش من قبل العمادة لغرض تحقيق أهداف محددة وواضحة، واستعرض بالتفصيل خطة النادي لعام 2009م.

بعدها تحدث الجبران حول ازمة المسرح بين عامي 91 و 98 حيث ان النشاط المسرحي توقف تماما على مستوى المملكة من 91 حتى 94 وخلى المسرح الا من مشاركات خجولة بمناسبات خاصة، وارجع السبب في ذلك هو استبعاد المسرح من مدارس التعليم بشكل تدريجي خلال العشرين سنة التي سبقت هذا التاريخ الأمر الذي أدى لبروز قوة هائلة تحارب المسرح وساعدهم في ذلك جهل المجتمع ثقافيا بأهمية المسرح. ثم عاد المسرح بالنهوض منذ 98 من خلال مهرجان المسرح السعودي الأول بالقصيم ثم توالت المشاركات المسرحية هنا وهناك، وهذه العودة لازالت بجهود فردية قد تنتهي باختفاء هؤلاء الأشخاص والأمل معقود على وزارتي الثقافة والاعلام والتربية والتعليم لتبني المشروع المسرحي الوطني بخطة خمسية واضحة.

وركز في نهاية حديثه حول أبرز المعوقات الادارية بالمسرح الجامعي المتمثل في دور عميد شئون الطلاب وارتباط المسرح في نموه واختفاءه على ميول العميد تجاهه، وأشار الى أن الحل هو ربط النشاط المسرحي بالمنظمات الدولية كالأمم المتحدة أو الاقليمية كمجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوربي. والمعوق الآخر هو طبيعة الدراسة التي تنهي ارتباط الطالب بالمسرح مع تخرجه.

شاركت في اللقاء الفنانتان زينب الناصر وأمل الحكيم بلوحات فنية متميزة تعبر عن تجربتهما الفنية، وتحدثت الناصر في كلمتها للحضور ان تجربتها بدأت عبر الالتحاق بدورات الفنون مع الأستاذة سهير الجوهري وشاركت في عدة معارض فنية جماعية داخل المملكة منذ 2003 ويشغلها الاتجاه السيريالي بالفن وكذلك الرسم للأطفال. كما أشارت بأن أعمال الفنانة أمل الحكيم تميزت بالواقعية والحرفية العالية وقوة البناء الفني ولأعمالها أيضا روحا سيريالية، وأنها والحكيم التقتا برؤى وحلم مشترك تسعيان لتحقيقه.

بعدها بدأت مداخلات الحضور التي أكدت على العديد من الموضوعات التي تناولها الفنانان الجفال والجبران فتحدثت فاطمة القحطاني الصحفية بجريدة اليوم حول أهمية دور وزارة التربية والتعليم في تعزيز دور المسرح في المدارس والتعليم العام، وأشادت بالمواهب الفنية التي شاهدتها بمنطقة القطيف وعبرت عن مشاعرها تجاه الروح الايجابية لحالة الحراك الفني فيها.

وتحدث الأستاذ عبد الله العبد الباقي الى أن غياب المسرح جاء نتيجة زمن الصحوة، حيث كانت الرعاية والشباب تقوم بالعديد من الأنشطة الفنية، وطالب المسرحيين أن يعودوا من جديد أقوياء كما كانوا في السبعينات والاستفادة من الانفتاح الاعلامي لطرح قضايا هامة للمجتمع، كما أيد دعوة الفنان الجفال لوقوف المرأة على المسرح. وتساءل الاستاذ حسن الجمعان ما اذا كان المسرح السعودي قادرا على الحضور في المناسبات الاجتماعية المختلفة ويساهم في تعزيز فرض القانون كما هو الحال بالنسبة للمسرح الكويتي؟

الاستاذ محمد الحلال أشاد بالفنان الجفال وأنه تعلم منه العمل المسرحي غير أنه انتقد الطرح البكائي للضيفين وقال أن اهتمام الجمهور بالمسرح حاليا أفضل من السابق والمشكلة ليست فيهم وانما نحن المسرحيون لازلنا مصابون بالإحباط. وقال علي ابراهيم رئيس مسرح جامعة الملك فهد انه يتمنى على المسرحيين طرح شكواهم على المسئول الرسمي. وداخل الصحفي بجريدة اليوم حسين السنونة نقلا عن أحد المسرحيين الكبار بأن الرسمي لايعترف بالعمل المسرحي لذا فمشكلة العمل المسرحي تبقى غير محلولة نتيجة موقف الرسمي.

أشار أيضاالأستاذ محمد الصفار الى أن ظهور الفن انما تم بجهود فردية وفرض نفسه بدون دعم رسمي وحمل الأهالي مسئولية قصور الوعي بالفن لدى ابناءهم وقال لاتعتمدوا على كتاب التربية الفنية للمدارس فهو لاينهض بالمواهب الفنية. الشاعر معتوق العلي اختلف مع الجفال تحميل مسئولية انفصال المسرحي والأديب على الأديب وشبه الأديب بالبخور الذي يحتاج الى عود ثقاب يشعله.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد