منتدى الثلاثاء يناقش أدب السكان الأصليين في استراليا

3٬850

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف الدكتور مبارك الخالدي في يوم 3 ذو الحجة 1431هـ الموافق 9 نوفمبر 2010م، في ندوة حملت عنواناً “قراءة في أدب السكان الأصليين في استراليا”، وقد أدار الندوة الأستاذ عبد الباري الدخيل، حيث عرّف للحضور الضيف وهو الدكتور مبارك بن راشد بن مبارك الخالدي، كتب القصة القصيرة ومارس النقد والترجمة وكتب للصحافة، عشق الأدب الانجليزي فكان البكالوريوس في الرياض والماجستير والدكتوراة في أمريكا، ثم أستاذاً مساعداً للأدب الإنجليزي في جامعة الدمام (جامعة الفيصل سابقا).

استهل الضيف الندوة بعرض فيلم مرئي عنوانه “سياج ضد الأرانب”، وهو مبني على كتاب (اتبعن السياج المضاد للأرانب) تأليف الأصلانية دوريس بلكينغتون غاريمارا، فيروي الكتاب والفيلم قصة ثلاث طفلات أصلانيات خطفن من منطقة جيغالونج، وأخذن إلى مستوطنة نهر مور في الجنوب قرب بيرث، استطاعت الفتيات الفرار من المستوطنة، وعادت الأختان إلى أمهما وجدتهما بعد تسعة أسابيع من هروبهن من المستوطنة.

ذكر الدكتور الخالدي في مقدمته بعض مما جاء في كتاب “الاستراليون الأصليون” للكاتب رتشارد مور، حيث يعتقد شعب أرندا من وسط استراليا أنه في لحظة ما في الماضي البعيد، أفاق البشر الخارقون من نومهم، وقد كانوا بشر وحيوانات في نفس الوقت، وقد شقوا الأرض التي كانت باردة وبلا حياة، كما قاموا بتحرير البشر ونفخ الحياة فيهم، وقد عملوا العجائب وألفوا القصص والطقوس لوضع منهج السلوك، وبعدما شعروا بالإعياء عادوا إلى الصخور والأشجار والسماء، كما يرى القبتاريخيون أن سكان استراليا الأصليين جاءوا من جنوب شرق أسيا.

كما تحدث الدكتور مبارك عن أصولهم وطبيعة حياتهم وعن اكتشاف استراليا، وتأسيسها حسب البندين التاليين: سلب الشعب الأصلاني، ومعاقبة الطبقة الفقيرة من الايرلنديين والبريطانيين على جرائم ضد ممتلكات الطبقة الحاكمة، كما أشار إلى ما مر على استراليا والأصلانيين من احتلال وانتهاكات، وخاصة سرقة الأجيال التي امتدت من عام 1869م وحتى 1960 أي لغاية السبعينات في القرن العشرين، والذي تشابه إلى حد التطابق مع سرقة أطفال السكان الهنود الحمر الأصليين في أمريكا الشمالية وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فقد كان الشعار “اقتل الأصلاني وأنقذ الإنسان”.

ثم قرأ ضيف المنتدى بعضا من قصائد السكان الأصليين المترجمة واستهلها بقصيدة للشاعرة والحكواتية والناشطة السياسية “أودجيرو نونوكال”، عنوانها “نحن ذاهبون” التي تحكي فيها سيطرة البيض عليهم، بالرغم من انتماءاتهم العريقة لأصول الطبيعة والعادات القديمة وقد قالت فيها أن كل شيء ذاهب حتى هم ذاهبون فتقول:جاءوا إلى القرية الصغيرة زمرة شبه عاريةجاءوا مقهورين وصامتينهم كل ما بقي من قبيلتهمجاءوا إلى هنا إلى موقع ميدان البور القديمحيث يتراكض الآن كالنمل الرجال البيض الكثيرونوتقول:نحن كالغرباء هنا الآن بينما القبيلة البيضاء هم الغرباءإننا ننتمي إلى هنا، نحن أصحاب العادات القديمة

ثم قدم قصيدة ثانية للأب الروحي للمسرحيين الأستراليين الأصلانيين “جاك ديفيس” عنوانها “وارو”، وارو هذا الفتى الذي رافق القصيدة في رحلة صيد الكنغر التي حملت الكثير من الإثارة، كما حكت لنا بعضا من مغامراته وأحلامه التي نسجها بالكلمات فقال:مستغرقاً في النوم على المقعد الخشبي العريضذراعاه مثنيتان تحت رأسه المرهقهناك في الغسق وسط نتانة الشارع الخلفيكان مضطجعاً و سيماء الموت على وجهه

ثم قدم الدكتور مبارك الخالدي تسجيلاً مترجماً للاعتذار المقدم من حكومة استراليا، لما اقترفوه في حق الأصلانين من اعتداءات وسرقات للأطفال، وقد قدم هذا الاعتذار في 13 فبراير 2008م، من قبل رئيس الحكومة الاسترالية في البرلمان.

وقبل المداخلات قدم مدير الندوة الفنانة التشكيلية الأستاذ خلود عبد المحسن آل سالم، وهي عضوة في جماعة الفن التشكيلي بمركز الخدمة الاجتماعية، وعضوة مؤسسة للمنتدى النسائي بمركز الخدمة الاجتماعية، حاصلة على العديد من الجوائز منها شهادة مقدمة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فطرحت الأستاذة خلود مجموعتها “الجوهر” وهي مجموعة أعمال زيتية، مشيرة إلى أنها ترتقي في تأملها للأشياء من حولها، من معانقة العين السطحية لها إلى الولوج لعمقها وجوهرها الجمالي، متخذة من الدائرة كأساساً شكلياً ورمزاً للعمل حيث يشير للوحدة والكمال.

ثم قدم الوصيفة الثانية لمسابقة سيدة جمال الأخلاق الأستاذة إيمان محمد سعود آل زين الدين، وهي من مواليد سيهات، طالبة جامعية في جامعة الأمير محمد بن فهد تخصص إدارة أعمال، درست العديد من الدورات في اللغة الانجليزية والحاسب الآلي وعلم الطاقة، فذكرت أن حملها للتاج هو بداية نجاحاتها المأمولة، ليس للتاج بحد ذاته؛ فالمسابقة وما حوتها من فعاليات وأنشطة هادفة من دورات وتعاون بين أفرادها ومنسوبيها، كان لها الدور الفعال في صقل شخصية المشاركات وإكسابهن مهارات وعلاقات إنسانية جديدة، تفتح لهن الأبواب لسلسلة من النجاحات المستقبلية، وختمت الأستاذة إيمان كلمتها بتقديم الشكر للقائمين على المسابقة ولراعي منتدى الثلاثاء الثقافي لاستضافتها.

ثم فتح المجال أمام المداخلات، حيث ذكر الأستاذ زكي الصدير أن كل الشعوب بحاجة إلى أن توقظ الديناصور النائم فيها، كما أنها بحاجة إلى الشعراء والمغنيين والفنانين، فالاعتذار الرسمي لم يكن ليتحقق لولا الاشتغال العلمي والإنساني الذي أحرج المؤسسات الرسمية، والتي لم تستطع تجاهل الوسائط وما تحمله من عمق وثقافة قادرة على إيصال الجرائم بصورتها البشعة، ثم استفسر حول المرجعيات التي يُرجع لها في قضية السرقات، وما إذا كانت الثقافة العربية قادرة على صناعة مثل هذا النموذج الحر، إذ أنها عبرت الكثير من المحطات التي تحتاج الحكومات الاعتذار منها، فأشار الدكتور مبارك الخالدي أنه لا نستطيع الجزم بالوصول إلى حد الاعتذار، ولكننا نأمل من الاشتغال العربي الثقافي أن يؤسس لمثل هذا الاتجاه، كما ذكر أن قضية الأصلانيين تتشابه إلى حد كبير مع قضية الفلسطينيين ومع الهنود الحمر، بل أن من يهتم بالدراسة المقارنة سيجد من الأدبين – الاسترالي والهندي – منطقة خصبة للدراسة، فالهنود الحمر تم إقصائهم ثقافياً وإبادتهم من قبل مدرسيين مستأجرين في مدارس داخلية، كما يُزعم أن الهنود لم يبنوا حضارات ولم يؤسسوا ولم يتعلموا الرياضيات، ولكن بصمتهم على الطبيعة تنفي تلك المزاعم.

وطرح الأستاذ صالح الخنيزي تساؤلاً حول إمكانية مقارنة الأدب الأصلاني مع الأدب الانجليزي، حيث أن الشاعر “ويليام بليك” جسد معاناة الطفل وسلبه لحريته في بعض قصائده، فرد المحاضرأن الإبداع في الشعر يكمن في موضعته للإنسان في كل زمان ومكان، فيذكر مشكلاته وتجاربه، فهناك التجارب الفردية والتجارب الجمعية الشعبية. استفسر الأستاذ عبد الباقي البصارة عن قلة التركيز على الأصلانيين، فذكر الدكتور الخالدي أن القصور قد يعود إلى صعوبة الوصول إلى الأصلانيين، حيث اشار الى الصعوبة التي واجهها في تجربته الشخصية في دراسته المقارنة للأدب بين الاستراليين والهنود الحمر، كما أوضح رأيه إجابة لتساؤل الأستاذ عبد الوهاب ابو زيد، حول أسباب ولوع العرب بأدب المستعمر، حيث يرى أن قوة المستعمر في نشر ثقافته، وسهولة سبل التواصل كالإنترنت والوسائط خلقت هذا الولوع وربما لأسباب أخرى.

وفي ختام الندوة قدم راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب شكره للمحاضر الدكتور مبارك الخالدي وللفنانة خلود السالم وللأستاذة إيمان زين الدين وللحضور، كما أعرب عن سروره لما قدمه المحاضر ولمداخلات الحضور من تميز في الطرح فوق المتوقع لموضوع الندوة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد