الاحتفاء بالمرأة في يومها العالمي

3٬071

احتفلت معظم دول العالم باليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من شهر مارس من كل عام، وهو احتفال تصاحبه في معظم الدول حفاوة كبيرة بالمرأة من خلال العديد من الانشطة والفعاليات المختلفة، التي تؤكد في مجملها على إتاحة الفرصة للمرأة لممارسة دورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. شأنها في ذلك شأن الرجل الذي احتكر لأزمنة طويلة دور السيطرة على المرأة في معظم المجتمعات.
يوم الثلاثاء الماضي الثامن من مارس الحالي.. شهد منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف احتفالا بهذه المناسبة، ربما هو الأول من نوعه في بلادنا إذ اقتصر الأحتفاء بهذا اليوم في السنوات الماضية على ما يرد من إشارات مقتضبة في بعض وسائل الإعلام عن هذه المناسبة الأممية اعتمادا على ما تنشره وتبثه وسائل الإعلام ووكالات الأنباء الخارجية، دون الإشارة لأي نشاط داخلي حول هذا اليوم العالمي لسبب بسيط هو أنه لا وجود لهذا النشاط بالأساس، ولا على أي مستوى رسمي أو أهلي.. مؤسساتي أو فردي،ما يفسر أهمية أن يقوم منتدى الثلاثاء الثقافي بهذه المبادرة الإيجابية، مستضيفا بعض الناشطات في مجال حقوق المرأة، في حوار مفتوح أتاح للكثيرين طرح أفكارهم وتصوراتهم حول حقوق المرأة، وما هو متاح وما يجب ان يتاح لها، لتسهم بنصيب وافر في الحراك التنموي الذي تعيشه البلاد وفي مختلف المجالات، باعتبارها الركيزة الأساس لكيان المجتمع، فليست هي نصف المجتمع كما يقال، لكنها من وجهة نظر منصفة.. المجتمع كله، وعلى جهدها ومبادراتها ووعيها يمكن أن تنشأ أجيال قادرة على بناء الحاضر والمستقبل، فهي ليست أخت الرجال فقط، لكنها قبل ذلك وبعده أم الرجال، بينما وجودها في مجتمع تسيطر عليه النزعات الرجولية يجعل دورها هامشيا إلى حد كبير، لأن هذا المجتمع الرجولي ينسى أمومتها له، ويتذكر فقط نفسه أبا أو أخا أو زوجا، يتعامل مع المرأة وفق مفاهيم سلطوية حادة، تهمِّش دور المرأة، بل وتلغي إمكانيات تواجدها الفعال في كل مجالات التنمية والبناء، وفرص مشاركتها في القرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، بعد ان أثبتت وجودها الفعال والمؤثر في الحياة العامة، وفي دول ومجتمعات إسلامية عديدة.
في منتدى الثلاثاء الثقافي كان الحوار صريحا وواضحا تناول أوضاع المرأة في بلادنا من جوانب عديدة، ووفق آراء مختلفة بل ومتناقضة أحيانا، لكنه التناقض الذي لا يلغي الرأي الآخر، بل يقبله ويستوعبه بوعي وشفافية، ليتواصل الحوار في جو من حرية الرأي والنقاش الهادئ الرزين، وبمشاركة إيجابية من الحضور رجالا ونساء، وليس من هو أقدر على طرح ومناقشة شئون المرأة من المرأة ذاتها، وما على الرجل سوى مساندتها لنيل حقوقها، وإتاحت الفرصة لها للمطالبة بهذه الحقوق المشروعة، خاصة وأن الرجل هو الممسك بزمام الأمور وبيده وحده فتح نوافذ النور للمرأة كي ترى ما لها وما عليها، دون أن يلغي ذلك أهمية جهدها وطموحها في المطالبة بتلك الحقوق المشروعة، وإصرارها على انتزاع تلك الحقوق من يد أي رجل متعصب في فهمه للدين والحياة، وما أكثر الذين يتذرعون بالدين في تضييقهم على المرأة.. والدين براء مما يدعون.
إن الإشكالية الحقيقية التي لابد من الاعتراف بها هي أننا نرى المرأة في حالات كثيرة وقد استكانت لأوضاعها المريحة المعتمدة على الرجل في كل شيء، وهو أمر ليس في صالحها لا في الحاضر ولا في المستقبل، ومنهن من تعتبر خدمة الرجل لهن حقا لا يردن التفريط فيه، فالسلطة الرجولية لدى بعض النساء لها فوائدها التي يصعب التخلي عنها بسهولة، لذلك يأتي التقاعس في تغيير هذا الواقع بالنسبة لنساء كثيرات، مع أن نيل المراة لحقوقها.. لا يلغي دور الرجل في أن يكون عونا لها في الحياة، ومساندا لها في كل أمورها، والتعاون والمشاركة بين الرجل والمرأة في كل الأمور هو الضمانة لبناء مجتمع متكامل قادر على استغلال كل طاقاته وتوظيفها في الاتجاه الصحيح من أجل بناء المجتمع والوطن والأمة.
المطالبة بحقوق المراة ليست ترفا إعلاميا، ولا وجاهة اجتماعية، ولا تعديا على حقوق الرجل، بل ضرورة حضارية تحتمها متطلبات التنمية، ويفرضها ضمان الحياة الحرة الكريمة للمرأة، وقدرتها على الإسهام في بناء الأسرة السعيدة، وبالمرأة الواعية لحقوقها وواجباتها الوطنية، وبالرجل القادر على فهم المتغيرات فهما إيجابيا وواعيا، يمكن قيادة سفينة التنمية لتصل بالوطن إلى شواطئ الرخاء والإزهار، ليسهم في التقدم الحضاري الذي يعيشه عالم اليوم…(المصدر)

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد