الأخلاق اللا دينية في بعض طلبة العلوم الدينية

3٬207

ما إن انتهت ندوة أستاذنا آية الله المحقق الشيخ حسين الراضي ليلة الأربعاء في منتدى الثلاثاء إلا وثارت ثائرة الأحبة من أبناء جلدتنا بأخلاق ليست من أخلاق أهل البيت (ع) وليست من أخلاق العوام فضلاً عن أهل العلم. ومن المؤسف أن تجد بعض الألفاظ ممن يتصفون بأهل العلم، والناس في ثقة منهم ومن ألفاظهم التي لا تخرج إلا عن كونها سوقية يتصف بها أهل الرذائل لا أهل العلم! أين هو الورع وأين هي التقوى؟ هل هي حبر على ورق؟!
نعم ما صدر من بعض المتصفين بأهل العلم مما لا ينبغي أن يصدر منهم، لأن هذه ليست أخلاقاً لأهل البيت فتارة يقولون (الكلاب المسعورة) وأخرى (الزنادقة) ومرة (ضال وفاسق) وغير ذلك مما يندى له الجبين أسفاً وخجلاً. وأقول لأولئك الذين حشدوا طاقاتهم لتسقيط الأستاذ هل هذه تربية الحوزة؟! هل الحوزة تخرج أناساً بهكذا ألفاظ؟! ما الفرق بينكم وبين القاعدة التكفيرية؟
أين الدعوة التي تزعمون أنها في الحوزة فضلاً عن التشيع بأنكم (أبناء الدليل) هل هذا هو أسلوب أهل العلم الذين يقارعون الحجة بالحجة والدليل بالدليل وهو ديدن العلماء المخلصين للدين والمذهب أم أننا أصبحنا (أبناء التضليل) بدلاً من (أبناء الدليل). إن من المؤسف أن يتحول المنطق العقلي والخلق العلمي والحوار الأدبي إلى سباب وشتائم! هل عجزتم عن المناقشة والمحاججة والمجادلة؟ فلجأتم إلى هكذا من رذيلة الأخلاق!
أهكذا كان أئمة أهل البيت في نقاشهم مع أهل الكتاب والمسلمين، أكانوا يناقشونهم بالحسنى أم يكيلون عليهم السباب والشتائم؟! أم أنهم ليسوا أسوة لنا في هذا. أهكذا كان المراجع في أبحاث الخارج يسبون ويشتمون كل من يختلفون معه؟!، ثم إنه لماذا هذا الكذب الصريح واللعب بعواطف الناس هل هذا لاجترار مودتهم وكسب ثقتهم أو أن وراء ذلك أهدافاً لا يعلمها إلا الله والراسخون في الكذب.
ألم يقل أستاذنا في الندوة وفي أبحاثه كما هي منشورة في الموقع أن حديث الكساء متواتر، فلماذا الكذب على الناس؟ نعم أشكل على الرواية المنقولة عن مولاتنا الزهراء بأنها ليس لها مصدر فتلطفوا علينا ببحث يرد عليه (قال: وقلت) لتشفوا قلوب محبيكم ولتعطوا الثقة للناس أنكم (أبناء الدليل) ولستم (أبناء التضليل). ألم يقل في الندوة وفي أبحاثه كما هي منشورة في الموقع أن لزيارة الحسين في يوم العاشر أربع زيارات، وقد أشكل على مقطع من الزيارة المشهورة بأنه غير موجود في الأصل، فلماذا الكذب على الناس؟، إن من يكذب على الناس كيف يؤتمن على الأخماس أو يصلى خلفه، أو يجعل مصلحاً للقضايا الاجتماعية أو حتى يطمأن لحاله؟! (اللَّـهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) ﴿الأنعام: ١٢٤﴾.
وهنا أوجه كلامي إلى جهتين:1- الأخوة الأحبة من الشيعة الذين يختلفون معنا؛ هل هذا ما تعلمتموه من أهل البيت؟ هل أهل البيت أمرونا أن نسب ونشتم من يختلف معنا؟ هل علمونا أن نصف من يختلف معنا بهذه الألفاظ الرذيلة واللا أخلاقية واللا دينيه؟2- الأخوة السلفيين الذين نختلف معهم فكراً ومنهجاً؛ نقول لهم لا حاجة ولا عناء لأن تنتظروا من فقهائكم أن يكفرونا ويضللونا ويخرجونا من الدين فقد كفاكم أحبتنا من الشيعة ذلك، فوصف الزنادقة والضلال كاف لاعتبارنا كفاراً من الداخل فهلموا لقتلنا وإبادتنا، فإن عندكم فتاوى من الداخل تغنيكم عن فتاواكم فإن فينا من يتفل في وجوه بعضٍ ويكفر بعضنا بعضاً.
نعم إن أستاذنا الجليل مع كل السباب والشتائم له يستقبل ذلك بقلب ملؤه الحب والحنان والود والاحترام لأحبتنا الذين يختلفون معنا وقد تعلمنا منه كيف نتقبل النقد والسباب والشتائم دون ردة فعل معاكسه. وعلى كل حال: إن الذين يختلفون معنا لم نجد لهم صوتاً في أحلك الظروف وأشدها والتي منها ما حدث لرسول الله (ص) فقد أسيء إليه ولا زال وقد خرج أستاذنا بمظاهرة جريئة كرامة لرسول الله ودفاعاً عنه في لحمة اجتماعيه عنوانها لبيك يا رسول الله وقد أدخل السجن بسببها وكان مستعداً لئن يتحمل أصعب الظروف في سبيل رسول الله (ص) ولكن لم نجد من هؤلاء الأحبة أي حراك لرسول الله ولا كلمة واحدة تعبر عن انتمائهم لرسول الله (ص).
وأن كانوا هم أهل الولاء والولاية والدفاع عن التشيع فأين كتبهم وتحقيقاتهم في الدفاع عن التشيع؟ أين أبحاثهم التي رسخت المفاهيم العقائدية والولائية الصحيحة في أذهان الناس؟ فأستاذنا قد حقق ثلاثة كتب لها دور في إيصال فكر أهل البيت للناس وهي المراجعات والفصول المهمة والنص والاجتهاد. فأين دوركم في ذلك؟! لِمَ لا تتركون لأهل الشوارع مجالاً بتفوقكم عليهم في السباب والشتائم؟ ولِمَ لا تتركون لإخواننا السلفية مجالاً للتفسيق والتكفير بتفوقكم عليهم؟ لماذا لا تبذلون جهودكم النيرة وأعمالكم المخلصة في منع تحول الشيعة إلى سنة ممن يعيشون الفقر المدقع والذي كان الفقر سبباً في ذلك؟ فهلا التففتم عليهم وأعطيتموهم جزءاً من الأخماس التي لا نعلم أين مصيرها؟! وأينكم من شباب القطيف الذين يجرون إلى دعوة أحمد القاطع ماذا فعلتم لهم وهم يوماً بعد يوم يزدادون؟!
نعم إن كان ما تعلمتموه من سب وشتم وتسقيط وتوهين وحقد وبغض وتضليل وتفسيق هو من أئمة! فقطعاً ليس هؤلاء الأئمة أئمة أهل البيت بل (أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) ﴿القصص: ٤١﴾ فأئمة أهل البيت رفضوا ذلك منهجا وسلوكا والقرآن يوجهنا إلى اتباع رسول الله (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّـهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ﴿الأحزاب: ٢١﴾ فهل كان رسول الله سبابا شتاما ونحن نتأسى به؟؟
وختاما أقول: لقد بُذل ولا زال البعض من أحبتنا يبذلون جهداً واسعاً وخلقاً رذيلاً في تسقيط أستاذنا الراضي وسواء أكانت تصفية حسابات أم على قاعدة من لم يكن معنا فهو ضدنا، فإننا نقول: إن كل المحاولات التسقيطية السابقة باءت بالفشل بل إن كثيراً من أهل العلم من المنصفين من أهل منطقتنا رجعوا وتراجعوا عن موقفهم وطلب بعضهم وساطة للتصالح والتصافي مع أستاذنا، بل ولحظة خروجه من السجن بسبب وقوفه دفاعاً عن كرامة رسول الله زاره الكثير من العلماء الأعلام الذين أيدوا موقفه -والصور شاهدة- والذين أبعدوا الخلافات الفكرية بوعيهم الحقيقي من أجل هَمٍّ مشترك.
وأما المحبون له فلعلكم لم تشاهدوا لحظة وصوله في أواخر شوال الماضي بعد عودته من قم المقدسة بعد المرض الذي ألم به، كيف كانت الحفاوة الشعبية له التي لا نظير لها في الغالب، فالمحبون والعاشقون له متى ما ازددتم سباً وشتماً له ازدادوا تمسكاً وتشبثاً به، إنهم يقفون احتراما وتقديرا له بلا نظير ولا مثيل له من الطلبة فأتعبوا أصواتكم وأحرقوا قلوبكم وأعصابكم واشتمونا وأوغلوا في سبنا فلن نزداد إلا حباً له ولكم ولن نعاملكم إلا بما تعلمنا من أئمة أهل البيت؛ الإحسان لمن يسيء إلينا والعفو عمن ظلمنا والمغفرة لمن أساء إلينا.

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد