الأطر التقليدية وتحديات الإنفتاح في منتدى الثلاثاء

4٬553

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف أمسية ثقافية ضمن برنامجه للموسم الرابع عشر تحت عنوان “الأطر التقليدية وتحديات الإنفتاح” وذلك مساء الثلاثاء 27 ربيع الأول 1435هـ الموافق 28 يناير 2014م ، حيث شارك فيها كل من الدكتور عبد السلام الوايل السليمان والأستاذ محمد بن علي الحمزة .

بدأت الأمسية بتعريف لتجربة الفنانة ياسمين الزاير التي أقامت معرضا فنيا لها في المنتدى ، والتحديات التي واجهتها في مراحل عملها الفني المختلفة . كما استعرضت الأستاذة غادة السيف مسيرة عمل مركز وعي للإستشارات التربوية والتعليمية الذي تأسس منذ ثلاث سنوات وأشارت للبرامج التي ينفذها طوال تلك الفترة في توعية الأطفال حول الحماية من الإعتداء والتحرش ، والتعاون الذي حققه المركز مع مختلف المؤسسات المحلية والدولية .

أدار الندوة الكاتب الأستاذ حسن آل حمادة الذي عرف بالمحاضرين ، فالدكتور عبد السلام الوايل السليمان حاصل على الدكتوراة في علم اجتماع المعرفة والعلوم من جامعة كاليفورنيا ستيت بالولايات المتحدة الامريكية ، وهو أستاذ مساعد في قسم الدراسات الاجتماعية بكلية الاداب  بجامعة الملك سعود  ومدير برنامج الأطفال والشباب بالمعهد العربي لإنماء المدن ، كما أنه عضو الحلقة الفلسفية في نادي الرياض الأدبي وكاتب أسبوعي بجريدة اليوم السعودية للفترة من 2009 وحتى 2011 ثم في جريدة الشرق لسنتي 2012 و 2013 وكاتب أسبوعي بصفحة الرأي بجريدة الحياة وله العديد من

الابحاث والدراسات. أما الأستاذ محمد الحمزة  فهو من مواليد الرياض و حاصل على الماجستير في علم الاجتماع من جامعة الامام محمد بن سعود ومتخصص في دراسة المجتمع السعودي والخليجي، درس الأسرة في مجتمع القطيف دراسة اجتماعية أنثروبولوجية(كيفية) تعتمد على أدوات التواصل المباشر مع الناس من الملاحظة و الملاحظة بالمشاركة ودراسة الوثائق .
بدأ الدكتور عبد السلام السليمان المحاضرة ،  مشيرا إلى أن الهدف منها تقديم نموذج حي لمحاولة تكسير الأطر الإجتماعية التقليدية المقيدة للشخصية في السعودية ، مستشهدا بالباحث محمد الحمزة المنحدر من أسرة محافظة من منطقة الباحة في جنوب المملكة والذي قام بدراسة الوضع الإجتماعي في مدينة صفوى (الشيعية)  في شرق المملكة ، والدراسة قدمت في جامعة الامام محمد بن سعود المعروفة بمحافظتها وإهتمامها الديني .

ثم بدأ المحاضر مناقشة توصيف المجتمع السعودي من خلال تصنيف عالم الإجتماع دوركايم الذي يصنف المجتمعات إلى بسيطة – أي بدائية – في مقابل المجتمعات المعقدة ، مشيرا إلى أن من مواصفات المجتمع البسيط أنه مجتمع مثماثل ولا يحتمل الإختلاف في التنظيم أو الآراء والفكر ويستعدي وينبذ كل من يختلف معه . بينما  المجتمع المعقد فهو غير متجانس ، وهو منتج وقادر على هضم الإختلافات ، والتضامن فيه يكون عضويا ، والأفراد لا يشعرون بأن المختلف يوجه لهم أي إعتداء .

وبين أن الثقافة في العلوم الإجتماعية تشير إلى كل أنماط الحياة ، وتعبر عن مجمل سلوك ومكتسبات الإنسان ، وأن البشر يختلفون في ثقافتهم وتخاطبهم . كما أكد أن هناك ربط بين الشخصية والثقافة ، حيث أن هناك خصائص ثقافية للشخصية كالميزات القومية والجندرية والطائفية . وأوضح أن المجتمع السعودي لا يمكن تصنيفه بأنه بسيط ، كما إنه ليس معقدا بل إنه يجمع صفات من التصنيفين ، مشيرا إلى أن الشخصية المحلية تحاول أن تتماهى مع الأطر التي يصيغها المجتمع . وبين أن كارمن هايم يتحدث عن علاقة الفرد بالأطر الإجتماعية فيقول أن الآراء علامة عضوية لدى الجماعات ، مستشهدا بقبول الفرد السعودي بمشاهدة السينما خارج بلاده بينما هو يرفضها في مجتمعه بسبب أن الفرد يريد أن يتماهى مع الجماعة لكي لا يخسرها .

وأكد الدكتور السليمان على أن المجتمع السعودي ليس مجتمعا بسيطا ، مستدركا أنه  على مستوي التشكيلات الإجتماعية الصغيرة لا تزال عوامل الضبط قوية جدا ويلقي ذلك بظلاله على طريقة التفكير . كما أشار إلى دراسة جامعية حول محددات الشخصية السعودية أفادت بأن من العناصر البيئية في الشخصية السعودية العصبية القبلية والتقليد والمحاكاة .
وأشار في نهاية حديثه إلى أن السعوديين لا يمثلون نسيجا واحدا ، ولعل الأحداث الأخيرة التي مرت بها المنطقة بدت وكأنها تهدد بإنقسام المجتمع ، موضحا أن ظاهرة الإزدواجية قد تكون طبيعية ولكن هناك إختلاف في حجم وكثافة حالة الإزدواجية ، فالإنسان لا يستطيع إدانة ما يمارسه .

وتحدث بعده الباحث محمد علي الحمزة الذي عمل على إعداد دراسة ماجستير تحت عنوان (الأسرة والتغير الإجتماعي في مدينة صفوى بمحافظة القطيف – دراسة أنثروبلوجية). حيث تحدث عن أهداف الدراسة ومنها معرفة البنية الأسرية ، وذلك من خلال دراسة نمط الأسرة وأشكال الزواج فيها ودور أفرادها وتحديد النسق المؤثر عليها ، ومعرفة العوامل المؤثرة عليها من خلال دراسة عوامل التغير الإجتماعية والثقافية ودراسة مشكلاتها الإجتماعية والأسرية . وأوضح أن الدراسة قامت على إستخدام المنهج الكيفي عبر إستخدام الملاحظة للمجتمع المراد دراسته في فترة زمنية قاربت السنة ، وتم إستخدام أيضاً المقابلة لعدد من أفراد المجتمع في مدينة صفوى وبناء دليل مقابلة خاص بذلك، واستخدم الباحث أيضاً المنهج الوصفي والتاريخي لدعم الدراسة .

وبين أن الدراسة خلصت لعدة نتائج منها أن الأسرة في مدينة صفوى محافظة وتقليدية ، وإتجهت من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النواة ، وبدأت تأخذ مرحلة جديدة وهي (الاسرة الممتدة المستقلة) ، وأن الزواج يأخذ في شكله العام الزواج التقليدي وفق الشريعة الإسلامية في أحكامه المبنية على المذهب الشيعي والذي لا يختلف عمّا عليه لدى المنهج السني في الشروط الشرعية .

وأوضح أيضا أن النسق الديني هو المؤثر بدرجة كبيرة على المجتمع بصفة عامة ، فعلماء الدين هم الرموز بالنسبة للمذهب الشيعي ويتمتعون بحضور قوي وتأثير كبير في الاسرة ، وأن للشركات الكبرى دور في إنفتاح أفراد الأسرة على مظاهر الحياة العصرية ، كما أن المناسبات الدينية لها دور كبير إذ تعمل على تنمية الوعي الديني وتقوية العلاقات الأسرية والمحافظة على أخلاق وقيم الأسرة وإيجاد أسباب التعاون والتكافل الأسري .

كما أوضح أن أبرز المشكلات المجتمعية التي توصلت لها الدراسة هي  البطالة ، المخدرات ، ضعف الوازع الديني ، ضعف تواصل الجيران ، تحسس السلبيات من المشاريع الإجتماعية ،غلاء المعيشة ، أزمة السكن ، تلوث البيئة بسبب  الشركات مما سبب عدد من الأمراض .

وفي ضوء النتائج التي توصلت إليها الدراسة ، فإن الباحث يوصي بإستمرار ودعم البحوث العلمية على المجتمعات الصغيرة داخل المجتمع السعودي الكبير للوصول لفهم أوسع عن طبيعة هذه المجتمعات وتقاليدها ، وإحياء مبدأ (التعايش) و (التآخي) بين أبناء الوطن الواحد الذين يجمعهم دين واحد وتجمعهم أرض واحدة ويعيشون تحت قيادة سياسية واحدة ، وعمل لقاءات وندوات ومؤتمرات تجمع الباحثين في مختلف المجالات من شرعيين وإجتماعيين ومفكرين ومثقفين ، وأن على كافة الجهات الحكومية العمل على تنمية المجتمع المحلي في القطيف ومدينة صفوى والتعرف على مشكلاته ووجوب حلها ، وعدم إهمال المتطلبات الاساسية في المجتمع .

بدأت الأستاذة عالية فريد بمداخلة حول الخوف من تكسير الأطر والهيبة من التغريد خارج السرب مشيرة إلى أسبابه ، وإنتاج حالة الإزدواجية لدى الأفراد بسبب الركون لمتطلبات المجتمع الخارجة عن قناعاتهم . وأشار الدكتور توفيق السيف إلى أن المجتمع السعودي يمر في مرحلة إنتقالية بين التقاليد والحداثة ونشوء منظومات جديدة وهناك شعور مركز في القلق على الهوية لدى الاخرين ، وأن الهوية المتخيلة تقتضي عدم خروج احد على النسق العام مع كونه شأن طبيعي .

وأشار محمد المرزوق إلى دور العوامل السياسية والدينية والمذهبية في تكريس الأطر التقليدية ، وأكد الأستاذ إبراهيم الإسماعيل إلى أن الدراسة تجربة علمية ينبغي ألا تكون محبوسة في الأدراج . وتحدث الأستاذ إبراهيم الشايب حول أن الأطر تتطور سلبا ضمن سياقات مختلفة وبالتالي يصعب كسرها وتجاوزها كما هو الحال في وسط الجامعة . وأشار الأستاذ علي بن محمد الحمد عن التخوف المفرط لدى بعض المواطنين الشيعة من ذوبانهم في الأكثرية السنية وهذا يعيق الإنفتاح والتعايش.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد