المحفوظ يستعرض قضية الدولة والطائفية في الخليج

3٬460

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ضمن برنامجه للموسم الثقافي الثاني عشر الأستاذ محمد المحفوظ في ندوة بعنوان “الدولة والطائفية في الخليج”، مساء الثلاثاء بتاريخ 10 صفر 1433هـ الموافق 3 يناير 2012م وحضرها جمع من المثقفين والمهتمين بالشأن العام في المنطقة.

وأدار الندوة الأستاذ حسين العلق الذي قدم الضيف المحفوظ بآنه من مواليد سيهات في شرق السعودية وهو كاتب وباحث ومفكر إسلامي، شارك في تأسيس مجلة “الكلمة” الفصلية، له كتابات كثيرة ومتنوعة خاصة في مجال الفكر السياسي، كما أن له حضور بارز في الندوات والمنتديات الثقافية والأدبية في المنطقة، إضافة إلى أنه يتبوأ منصب رئيس مركز آفاق للدراسات والبحوث.

بدأ الأستاذ محمد المحفوظ حديثه بفرضية أساسية، مفادها أن المجتمعات الخليجية كغيرها من المجتمعات الإنسانية حاضنة ومليئة لكل أشكال التنوعات والتعدديات ، وأن المشكلة الطائفية في المنطقة ليست وليدة التمايز الفقهي أو المذهبي أو الفكري، وإنما وليدة الخيارات والتدابير السياسية المتبعة في إدارة هذه الحقيقة. وأشار إلى انه على المستوى الفقهي – المذهبي ، تنتشر في مجتمعات الخليج المذاهب الإسلامية الثمانية ويتفاوت هذا الانتشار من منطقة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر ، إلا أن القدر المتيقن في هذا السياق أن مجتمعات الخليج العربي تتمذهب وتلتزم بمدارس فقهية ومذهبية ثمانية وهم المذاهب الإسلامية السنية الأربعة ( الحنفية – المالكية – الحنبلية – الشافعية ) إضافة إلى المذاهب الإسلامية – الشيعية ( الإمامية – الزيدية – الإسماعيلية ) إضافة إلى المذهب الأباضي الذي يتواجد فقط في سلطنة عمان.

وأكد في كلمته على أن إصلاح العلاقة المذهبية في الخليج ، مرهون إلى حد بعيد إلى الإصلاح السياسي وبناء دولة وأنظمة سياسية محكومة بقانون ودستور ويكون ( أي النظام السياسي ) معبرا حقيقيا عن كل الأطراف والشرائح الاجتماعية.. بحيث تكون الدولة ، دولة للجميع بدون انغلاق ، أو نبذ لبعض المكونات والتعبيرات.

واقترح المحفوظ في هذه الندوة سبيلاً للخروج من مآزق التعددية المذهبية التي تعيشها المنطقة في محورين أساسيين، هما الدولة والمجتمع. فعلاقة الدولة في منطقة الخليج بالمشكلة الطائفية، تأتي من خلال انعدام برامج الاصلاح المؤكدة للمواطنة. والدولة بخياراتها السياسية وبآليات عملها وبطبيعة القاعدة الاجتماعية لها تكون صانعة ومربية للفوارق العمودية والأفقية لمجتمعها ووطنها، مما يؤدي الى تعزيز حالة الطائفية.

وتطرق إلى الناحية السسيولوجية، حيث ان الإنسان يلجأ إلى انتماءاته التقليدية والتاريخية حينما لا تضمن حقوقه في انتمائه الحديث المواطن، لذلك نجد في كل المجتمعات التي تعيش حالة تمييز، وغلبة ومغالبة ومكابدة داخلية لاعتبارٍ مذهبي أو قومي أو قبلي، هناك نمو سريع للانتماءات التقليدية وللانتماءات التاريخية بحيث تكون هذه الانتماءات التقليدية هي الحاضنة وهي المدافعة وهي الضامنة للحقوق بالنسبة إلى الإنسان. وهذا الأمر يفضي إلى بناء مساحات اجتماعية مغلقة على بعضها البعض وينتج في الأخير نظام محاصصة مقيت لاعتباراتٍ طائفيةٍ أو لاعتباراتٍ مناطقيةٍ أو قبلية.

وفي إطار بناء دولة وإصلاح وطني، تحدث المحفوظ عن أربع نقاط أساسية: أولاً، العمل على بناء كتلة وطنية عابرة للمناطق والمذاهب والأيدلوجيات تطالب بالإصلاح في مجتمعاتنا وتعمل من أجله. ثانياً، ضرورة تظهير المشكلة الطائفية في سياقٍ وطني. ثالثاً، الابتعاد عن نزعات السجالات المذهبية التي تشحن النفوس وتضيف أبعاداً سلبية لمشروع العلاقة الداخلية بين مختلف المكونات. وأخيراً، إنهاء حالة العزلة والانكفاء وإطلاق مشروعات ومبادرات تستهدف تجسير العلاقة بين مختلف المكونات.

وانتقل بعد ذلك إلى المحور الثاني وهو بناء المواطنة في ظل مجتمعٍ متعدد ومتنوع. وتابع حديثه ليعرض كيفية تحقيق المواطنة في ظل مجتمع متعدد ومتنوع كمجتمعنا في ثلاث نقاط: الأولى، بناء الدولة المدنية العادلة الحاضنة لجميع مكونات شعبها. الثانية، صياغة مشروع وطني متكامل يدمج جميع المكونات في إطاره بحيث تكون المواطنة بكل حمولتها القانونية والدستورية هي قاعدة الحقوق والواجبات. النقطة الأخيرة، توفير الحماية القانونية لحقيقة التعددية المذهبية في المنطقة.

استهل المداخلات الأستاذ محمد الشقاق بسؤاله: كيف نجعل الدولة تترفع عن أي انقسامات بين المواطنين في هذه الدولة. وتكلم الأستاذ يوسف السيهاتي مستنكراً، إذا كان السياسي هو من صنع التمييز فما هي مصلحته ان يحكم بلداً مليء بالمشاكل الطائفية أو التطاحن المذهبي!.

وعلقت الأستاذة فاطمة القحطاني، كاتبة في جريدة اليوم باننا قبل 40 سنة كنا نتعايش مع بعض، لا فرق بين سني أو شيعي، هذه الأمور لم نكن نشهر فيها أبداً. فما هي الأسباب التي دعت البعض يفكر بالتفرقة ويفكر بهذه الانزعاجات اللي تحصل بين الطائفتين. وشارك الأستاذ محمد الدبيسي بأن أطروحات الأستاذ المحفوظ جميلة جداً ورائعة لو استطعنا أن نطبقها، ولكن مع الاسف الأطروحات الجميلة الرائعة الذهبية التي يفترض أن تكتب بماء الذهب، تبقى دائماً نظرية فقط يصعب تطبيقها.

وأكد الشيخ حسن الصفار على أن الوضع الذي تعيشه المنطقة العربية الآن وفي ظل ما سُمي بالربيع العربي ينبغي أن يشجعنا لكي نتجاوز التنظيرات إلى الفعل العملي، حيث تلتقي إرادة كل المواطنين من أجل أن يعيشوا كلهم جميعاً بكرامة وبحقوقهم، وأن يعيشوا أحراراً يتمتعون بثرواتِ بلادهم.

وختم مدير الندوة الأستاذ حسين العلق الأمسية شاكراً للحضور على تفاعلهم ومشاركتهم من أجل بناء مجتمع عارفاً بطبيعة وضرورة التعددية الفكرية مع ضمان حقوق كل تلك الفئات والطوائف المختلفة، متمنياً للخليج وحدة وطنية غامرة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد