التبادل الثقافي والحوار الحضاري

4٬305

ضمن زيارته الخاصة للمنطقة الشرقية، التقى السيد ثوماس شنايدر مستشار الشؤون السياسية والثقافية بالسفارة الألمانية في الرياض بجمع من المثقفين والإعلاميين الذين ضمهم منتدى الثلاثاء الثقافي في آخر برامجه لهذا الموسم وذلك مساء الثلاثاء 6/3/1425هـ الموافق 25/5/2004م. وقد رحب راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بالضيف وعرفه للحضور، شاكرا إياه على زيارته، ومنوها بأهميتها للمثقفين في المنطقة، والتي أشار لكونها زيارة خاصة تهدف إلى التعرف على مجالات التبادل الثقافي المختلفة، وخاصة في ظل التوتر الذي يسود العلاقة بين العالم العربي والإسلامي والغرب بشكل عام.

وقد بدأ السيد شنايدر الحديث مرحبا بالحضور، ومؤكدا على أن حديثه يعبر عن وجهة نظره الخاصة، حيث استعرض تجربته العملية والدبلوماسية في العالم العربي وانتقاله للعمل في السعودية منذ حوالي السنتين. ثم أشار إلى أن من أهداف السياسة الخارجية الألمانية العمل في المجال الثقافي وتعزيز القيم الإنسانية كحقوق الإنسان والديمقراطية، وسيادة القانون، والاتصال بمؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز الحوار، والتعاون المتبادل بين الدول والمجتمعات البشرية، مؤكدا على أن عملية التبادل الثقافي هي مشروع ذو اتجاهين، كما أشار إلى أن العمل الثقافي لا يقتصر على المؤسسات الرسمية في ألمانيا، بل يتعداه إلى عدد كبير من المؤسسات والجمعيات الأهلية كمعهد “غوتا” على سبيل المثال الذي فتح له فروعا في القاهرة ودمشق.

وأشار إلى أنه بعد أحداث 11 سبتمبر ازداد الاهتمام في ألمانيا بالعالم الإسلامي، وأنشأت وزارة الخارجية الألمانية وحدة جديدة مسؤولة عن الحوار مع العالم الإسلامي يرأسها المفوض الخاص الذي زار المملكة في بداية هذا العام وأجرى العديد من المقابلات مع مسؤولين ومهتمين بالشأن الثقافي في السعودية، وتهدف هذه الوحدة إلى تحسين التفاهم المتبادل بين العالمين الإسلامي والأوروبي وتعديل الصورة النمطية السلبية بينهما، وقد أصدرت بعض الدراسات الجادة في هذا المجال، كما عقد في ألمانيا مؤتمرا حول المرأة في العالم الإسلامي شاركت فيه ثلاث نساء سعوديات، كما سيكون العالم العربي ضيف شرف في معرض فرانكفورت للكتاب لهذا العام.

وحول التبادل الثقافي بين السعودية وألمانيا، أشار السيد شنايدر إلى أن عدد الطلبة السعوديين المبتعثين إلى ألمانيا قد انخفض كثيرا في السنوات الأخيرة، حيث يبلغ حاليا 39 طالبا فقط، وتحتل السعودية مرتبة 128 تسبقها في القائمة دول مثل البحرين ودولة الإمارات، حيث يتم حاليا السعي لزيادة عدد الطلبة في ألمانيا، كما أن هناك تعاونا كبيرا في مجال الآثار، منها مشروع تيماء بين معهد علم الآثار في برلين وهيئة السياحة السعودية ولمدة خمس سنوات، وأشار إلى أن هذه المجالات لا تزال محدودة جدا أمام متطلبات المرحلة، وبالخصوص في ظل الظروف الحالية التي تتطلب مزيدا من الحوارات واللقاءات والتعارف بين مختلف الحضارات والثقافات في العالم، مشددا على الآفاق الكبيرة الموجودة حاليا على هذا الصعيد، وأكد في نهاية كلمته على رغبته في التعرف على أفكار ومقترحات الحضور في هذا المجال.

وبدأ الأستاذ أسعد النمر المداخلات مشيرا لضرورة التقارب في المستوى الثقافي بين المجتمعات؛ فلا يمكن أن يتقدم التبادل الثقافي بين مجتمع حي وآخر راكد، كما تحدث الدكتور عادل الغانم حول موقعية ألمانيا في العالم العربي، ودورها الايجابي في هذه المرحلة، إلا أنها لازالت عاجزة عن ملئ الفراغ القائم عبر زيادة دورها الثقافي بمزيد من الفاعلية والنشاط الثقافي، كما تحدث الأستاذ عبد الله العبد الباقي متسائلا عن قلة المبادرات الأوروبية في قضايا الشرق الأوسط مقابل الدور الأمريكي في المنطقة، مشيرا إلى أهمية الحوار الداخلي كأولوية قبل أن يتم الانطلاق إلى حوارات ناضجة مع الآخر الخارجي.

وتحدث الأستاذ أثير السادة عن دور ألمانيا في قضايا حقوق الإنسان بصفته جزءا من منظومة سياستها الخارجية، ومشيرا إلى تعدد الأنشطة التي تقوم بها السفارات الأوروبية الأخرى في العالم العربي وفي دول الخليج بالتحديد، وعقب كذلك الأستاذ حسين العلق بقوله أن الشعوب العربية قد تفرق بين الولايات المتحدة وأوروبا في الشأن السياسي، ولكن التمييز قد يكون معدوما في الشأن الثقافي؛ حيث أن الحضارة الغربية متداخلة فيما بينها.

من جانب آخر، علق الأستاذ نجيب الخنيزي بتأكيده على أهمية التبادل الثقافي داخليا، والقائم على أساس الاعتراف المتبادل بالخصوصيات واحترامها، وكذلك على ضرورة الانفتاح الثقافي على مستوى المجتمع ومؤسساته الأهلية والمدنية، أما الأستاذ ذاكر آل حبيل فكان تعليقه حول تفعيل دور السفارة في مجال الابتعاث الدراسي لألمانيا، وتقديم المساعدات للطلبة في هذا المجال، وأكد على ذلك الأستاذ إبراهيم اليوسف الذي تحدث عن تجربته الخاصة منتقدا تحديد تخصصات معينة للدراسة في ألمانيا.

وتحدث الدكتور أحمد الجشي عن أوجه القصور في الإعلام الألماني من ناحية عدد ساعات البث مقارنة مع غيرها من الدول الأوروبية، وعلق الأستاذ عبد المحسن الخنيزي مؤكدا على التقارب في النظريات الفلسفية بين المفكرين الأوروبيين بسب التشابه في البيئة الثقافية، موضحا أن الكارثة النازية قد ساهمت في حالة من الانغلاق لدى المجتمع الألماني على الشعوب العربية، وهي بحاجة إلى وقت وجهد كبيرين لتجاوز هذه الحالة، ومؤكدا على أهمية الانفتاح على التجمعات الأهلية وتعزيز التواصل الثقافي معها.

الشيخ موسى أبو خمسين، نبه لضرورة الاهتمام بالقضايا الإنسانية في العالم العربي من قبل الأوروبيين، وليس فقط بالجوانب الاقتصادية كما هو حاصل منذ عقود، كما تحدث الأستاذ زكي الميلاد عن النظرة المتشكلة في العالمين العربي والإسلامي، وخاصة بالنسبة للإستشراق الألماني الذي قدم إضافات مهمة في مجالات عديدة؛ كونها لم تستهدف توظيفا سياسيا، متسائلا عن طبيعة الاهتمام الثقافي المشترك وغياب الأرضية المشتركة في هذا المجال، وتحدث الأستاذ باقر الشماسي عن الدافع الديني في الإسلام الموجه للعلاقة الايجابية مع الآخر،

كما تحدث الأستاذ محمد المصلي مشيرا إلى طرح أمريكا رغبتها في استنساخ النموذج الألماني في العراق على أساس أن أمريكا هي من أعادت بناء أوروبا بينما يرى البعض الآخر أن ألمانيا هي قوة عظمى في الأصل ومتسائلا عن نظرة الألمان إلى ذواتهم.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد