الشيعة والإندماج الوطني في منتدى الثلاثاء

4٬100

قال الكاتب السعودي الدكتور بدر البراهيم أن العلاقة بين النخب الشيعية ونظيرتها السنية ليست تهمة كما يحلو للبعض أن يطلقها، بل هي شرف ومهمة وطنية وكذلك علاقة بين عموم المواطنين السنة والشيعة، مضيفاً أن مشروع الإندماج المطلوب بين السنة والشيعة ينبغي أن يكون على الصعيد الشعبي وليس النخبوي فقط، والمطلوب هو تحجيم الحالة الطائفية وليس إلغاء الحالة المذهبية لأن هذا ليس ممكناً.

حديث الدكتور البراهيم جاء خلال ندوة “الشيعة والاندماج الوطني، رؤية نقدية” التي أقيمت بمنتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف وسط حضور متنوع ضمن ندوات المنتدى للموسم الثقافي الثاني عشر. وعرف مدير الندوة الكاتب محمد الصادق الدكتور بدر البراهيم بأنه من مواليد عام 1985م، وحاصل على درجة البكالوريوس في الطب من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويعمل طبيبا في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض، كما أنه كاتب في صفحة الرأي بصحيفة الأخبار اللبنانية منذ عام 2008م، وفي موقع الجزيرة نت وموقع المقال السعودي منذ عام 2011م، وصدرت له رواية “حياة مؤجلة” عن المركز الثقافي العربي ببيروت عام 2008م، كما صدر له كتاب “حديث الممانعة والحرية” عن المركز الثقافي العربي ببيروت عام 2012م.

وتخلل الندوة التي حضرها جمهور كبير عرض لفلم حقوقي عن حركة الحقوق المدنية في أمريكا وخطاب مارتن لوثر كنغ الشهير حول حلم الحرية، كما تم إقامة معرض فني للفنانة التشكيلية رقية الحلال التي تحدثت عن تجربتها وأعمالها الفنية.

في البداية أكد البراهيم على أن هنالك تمييز ضد بعض المواطنين ومنهم الشيعة في المملكة، نتيجة لغياب مشروع الهوية الوطنية الجامعة، وأوجد ذلك تضخماً في الهويات الفرعية بدلاً من الهوية الموحدة. ومع المد اليساري والقومي السابق في الخمسينات والستينات وقيام الحركات الوطنية ساهمت في بث روح وطنية إلى حد ما، لكنها سرعان ما اختفت في نهاية السبعينات والثمانينات الميلادية.

وأوضح الكاتب البراهيم أنه لم يوجد لحد الآن حلا جذريا للمشكلة الشيعية في السعودية، لكون الحراك الحالي لازال متقوقعا ضمن الطائفة، وأن أي حراك لأقلية لا يمكن أن ينجح بدون قوة إضافية، والتي إما أن تكون قوة خارجية كما حصل في العراق وفي جنوب السودان، وإما أن تكون قوة داخلية من فئات المجتمع الأخرى التي ترى في هذا التحرك قوة لها. وأضاف أن الحراك الشيعي لا يمكن أن يستند لقوة خارجية بسبب عدم رغبة القوى الشيعية في ذلك.

وأكد البراهيم أن تجربة حركة الحقوق المدنية للسود في أمريكا مثلاً، لا يمكن أن تستنسخ عند الشيعة بسبب غياب الحالة المدنية وسيادة البنى التقليدية في المجتمع السعودي بشكل عام.، مشيرا إلى أن الحراك عندما يأخذ مسلكا مذهبياً فإنه يمكن عزله بسهولة، حيث أن الطرف الآخر يستخدم عصبيته المذهبية السنية في مواجهة هذا الحراك. كما أن الحراك إذا ما كان مذهبياً فإنه سيحرك مساأة المحاصصة الطائفية كما في لبنان او العراق، وهي بمثابة إحتراب أهلي على مدى سنوات، ولا تنتفع منها إلا الزعامات السياسية.

ولتوضيح الأبعاد المختلفة للأزمة، تساءل الدكتور بدر البراهيم حول فرضية نجاح الحراك الشيعي في رفع التمييز، فإنه لن يحل المشكلة الأعم والأكبر وهي التمييز بكل أشكاله على مستوى الوطن، موضحاً بأن هنالك تمييز على الكثير من فئات المواطنين وبأشكال مختلفة، وأن المطلوب هو البحث عن حل جذري عبر إقرار مبادئ مدنية كسيادة سيادة القانون والمواطنة والإقرار بملكية الناس للأرض والتراب.وأ ضاف أن هذا الحل هو بيد الدولة، ولا يعني ذلك إلغاء الهويات الوطنية مثلا، بل يجب إعطاء الخصوصيات الثقافية والمذهبية لدى كل طرف ولكن بلا تمييز بين مختلف الفئات، مشددا على أهمية الفصل بين الإنتماء المذهبي وبين التعبير عن الهوية المذهبية في الإطار العام.

وإنتقد البراهيم الحالة الشيعية التي لا ترى في الإندماج الوطني أولوية، مضيفا أنها لا تزال تتوجس من الآخر وهي تتمحور في أنماط الخطاب الديني والخطاب الثقافي، الذي يستحضر التاريخ، كما أن هنالك إفراط في الحديث عن التمييز الذي يتعرض له الشيعة، لذا لا يمكن نقد الحالة الطائفية طالما أننا نقدم أنفسنا طائفياً في الأساس، مستثنيا بعض رجال دين وجزء من مثقفي المجتمع الذين إنفتحوا على الطرف الآخر، وبادروا تجاهه وإن كان هذا غير كاف أيضاً.

كما إنتقد الدكتور البراهيم تجزئة القضايا المطلبية العامة والكبرى وجعلها مشكلة تخص طائفة فقط، مع أن المصلحة هي إدماج هذه القضايا في السياق العام، وأن بعض هذه القضايا تختلف من منطقة لأخرى ومن مكان لآخر. وأشار إلى أن بعض الكتاب الشيعة الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً من الحالة الشيعية في المنطقة عموما، وهو ما يعني تقديم ذلك على الحالة الوطنية. وأوضح أن هناك توجس واضح ومتبادل، وهنا لابد من خطاب يقدم المشاكل وفق إطار وطني.

وأوضح الدكترو بدر البراهيم بأن هنالك بعض البرامج التي يمكن أن تساهم في تخفيف الأزمة وتساعد في الوصول إلى حلول منها التواصل والإنفتاح على أسس مشتركة بين أبناء المجتمع وليس بين النخب فقط، تأكيد النظرة الوطنية الشاملة وليست مذهبية ومحلية فقط بل الخروج إلى الحيز الوطني العام، وإنتاج خطاب فكري وطني شامل وواضح، وأخيراً العمل المشترك عبر مبادرات مدنية.

في بداية المداخلات، تساءل الإعلامي علي الظفيري عبر صفحة المنتدى في تويتر عن أن التعبير بهوية مذهبية يخلق مشكلة مع الطرف الآخر، وإلى مثل ذلك ذهب الكاتب عبد الله المالكي. وقال الاستاذ خالد النزر أن ما طرحه المحاضر ليست حلولا، بل مقتراحات ومسكنات، ونحن بحاجة إلى قرار سياسي، أما الإعلامي تركي العبد الحي فأكد على أهمية القرار السياسي ولكنه أشار إلى ضرورة التحرك والعمل الشعبي والشبابي لردم الهوة ومعالجة الأزمة مستشهدا بمجالات العمل المشتركة التي خاضها مع شباب شيعة.

وقال الأستاذ زكي أبو السعود أن العملية مشتركة بين ضرورة وجود قرار سياسي، وأهمية التحرك المدني لأن المؤسسات المدنية هي التي تدير المجتمعات، مشيرا إلى أن الأيدلوجيا قد لا تقف حاجزا أمام العمل المدني لأن الحركات الوطنية في الخمسينات والستينات كانت تحمل هذا الهم رغم عدم وجود مؤسسات مجتمع مدني في ذاك الوقت. وتحدث الأستاذ زكي البحارنه عن أن أحد مخارج الحل هي إستغلال اللحظة السياسية، كما ينبغي الإشادة بالمبادرات الفردية التي تحارب الطائفية، وأوضح الأستاذ أمين الصفار بأن المشكلة هي في التطبيق المشوه للمواطنة، وهناك تجارب جيدة في العمل الاقتصادي المشترك يجب تعميمها.

وبين المحامي بدر الجعفري أن مثل هذه الندوات ينبغي أن توجه للطرف السني أيضاً، فالطائفية موجودة لدى الطرفين، واحد أهم الأمور التي تكرس هذا الموضوع هو الخطاب الديني، كما أوضح الكاتب عبد الله العبد الباقي أن عملية التطرف تزداد في لحظات سياسية معينة، وهذا يعني ان هناك أطراف دولية تستفيد من هذا الحالة وتغذيها.

وأضاف بدر الراشد أن الواقع الذي نراه مختلف عما نتحدث عنه، والمطلوب هو مساواة أمام القانون، أما الصحفي عبد الله الدحيلان فقال أن الطرح الرومانسي والتقليدي لم ينفع في مجتمعنا، ولا بد من العمل المدني لأنه يوحد الجميع. وتساءل رضا البوري عن التمميز الطائفي الذي يعانيه الشيعة وكيف يمكن للشيعة ان يطالبوا برفع التمييز الطائفي من غير ان يظهروا أنهم طائفيين.

وقال الدكتور حاتم الهاني أن البعض خصوصا من السلفيين لدى الطرفين يعتقدون أن المواطنة هي نوع من أنواع الإلحاد والكفر، وأنها تخالف الدين، وهنا يجب ترويض الخطاب المنبري الشيعي، لتخفيف حالة الإستعداء تجاه الآخر، وفصل الأستاذ حسين حظية عن أهمية خلق طليعة شبابية تؤثر في القرار السياسي. وقال الأستاذ علي الناصر أن مجتمعنا يفتقر لوجود مؤسسات مجتمع مدني، لأنه لا يوجد قانون مجتمع مدني، فالمؤسسات الموجودة هي شبه حكومية وشبه رسمية.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:   

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد