آفاق التخطيط والتنمية العمرانية في المنطقة

3٬779

في حضور جمع من المهتمين بقضايا التنمية البلدية في المنطقة والعديد من الاعلاميين والمثقفين، القى سعادة المهندس شاكر احمد نوح محاضرة في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 23 شعبان 1426هـ الموافق 27 سبتمبر 2005م حول “آفاق التخطيط والتنمية العمرانية في المنطقة”. وأدار الندوة المهندس الاستشاري المعروف الاستاذ جاسم قو احمد الذي استعرض اهمية التخطيط العمراني ودوره في مشاريع التنمية الشاملة، كما عرف بالمحاضر الذي يشغل حاليا مستشار امين المنطقة الشرقية للشئون الفنية ومدير ادارة تنسيق المشاريع بالأمانة. وهو من خريجي جامعة انديانا في مجال الهندسة المدنية عام 1984م، ودرس الماجستير في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وتقلد العديد من المناصب في وزارة الشئون البلدية والقروية منذ التحاقه بها عام 1985م كان آخرها مديرا عاما للتخطيط العمراني بامانة مدينة الدمام، كما يرأس حاليا مجلس ادارة نادي الهدى بجزيرة تاروت.

تحدث المحاضر بداية عن التلازم بين مفردتي التخطيط العمراني والتنمية المتوازنة مستعرضا الخلفية التاريخية لمشاريع التخطيط في المملكة، حيث اشار الى ان التخطيط جاء متأخرا بعض الشيئ عن مشاريع التنمية التي تسارعت على اثر زيادة الايرادات المالية. وفي الوقت الراهن يتم التخطيط الشامل عبر التنسيق بين مختلف القطاعات وفق اختصاصها وعلى مستويات متعددة. كما تحدث المحاضر عن مستويات العملية التخطيطية التي تشبه الهرم تبدأ بالتسلسل من الاستراتيجية العمرانية الوطنية، الخطة الخمسية، الاستراتيجية العمرانية للمنطقة، المخطط الاقليمي، المخططات الهيكلية، المخططات المحلية، المخططات التفصيلية، واخيرا مناطق العمل المختارة. وشرح المحاضر اهداف كل مستوى من هذه الخطط وطريقة اعدادها والعوامل التي تؤثر فيها.

واكد المهندس شاكر نوح على اهمية دراسة واستيعاب الإستراتيجية العمرانية الوطنية كمدخل مهم للتعرف على ابعاد التخطيط العمراني بكل مستوياته، لما له من أثر بالغ في حياة ومستقبل المواطنين. ونوه المحاضر على أن الإستراتيجية العمرانية الوطنية تمثل استشرافا مستقبليا للشكل الملائم لنمط الاستيطان والتوزيع المكاني للزيادات السكانية المستقبلية والانشطة الخدمية والانتاجية على الحيز الوطني وتحدد كيفية استيعاب الزيادات السكانية المتوقعة على حيز المملكة، وماهية وطبيعة التنظيم الحضري القائم وما يتبعه من أنشطة اقتصادية وخدمات ومرافق، كما تدرس ايضا الاطار العام بعيد المدى لسياسات التنمية العمرانية على مختلف أجزاء الحيز الوطني، وتساعد على تحديد السياسات القطاعية اللازمة لتسريع تحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف المناطق.

وحول استنتاجات الوضع الراهن من خلال الدراسات والابحاث قال المحاضر أن هنالك تزايد سريع في حجم السكان السعوديين خلال الفترة من 1974 الى 1993م من 5,3 مليون إلى 12,3 مليون نســـمة وبمعدل نمو سنوي يقدر بحوالي 4,2% سنوياً.  كما تبين ان هنالك أرتفاعا مستمرا في مستويات التحضر متمثلا في نسبة سكان المدن إلى اجمالي السكان، حيث ارتفعت هذه  النسبة من 48% في عام 1975م  إلى أكثر من 80% في عام 2003م وأن تركز السكان في عدد محدود من المراكز الحضرية، واوضحت الدراسات ايضا تباينا بين المناطق والمدن في مدى كفاية التجهيزات الاساسية للوفاء بالاحتياجات الفعلية الحالية أو المستقبلية.

كما تعرض المهندس شارك نوح ايضا الى بعض التوقعات المستقبلية في هذا المجال ابرزها تضاعف عدد السكان السعوديين أكثر من ثلاث مرات مع حلول عام 2020م ليصل الى 39 مليون نسمة، وأن حجم القوى البشرية بالمملكة خلال المرحلة المقبلة سيشهد ارتفاعا كبيرا وسيكون لها دورا ايجابيا في الإسراع بمعدلات التنمية وذلك اذا ما أحسن استخدامها، وان استمرار تكدس السكان في عدد محدود من المدن ما لم يتم معالجته على المدى الطويل سوف يؤدي الى تدهور البيئة العمرانية، وأن الاستمرار في تركيز الخدمات والانشطة الاقتصادية والخدمية والانتاجية في عدد محدود من المدن قد يؤدي الى تهميش المناطق الريفية والمدن المتوسطة والصغيرة.

ووضح المحاضر توجهات الاستراتيجية العمرانية الوطنية من خلال التأكيد على الأخذ بمحاور التنمية العمرانية كمدخل اكثر شمولية لنشر التنمية العمرانية المتوازنة والتعجيل بتحقيق التكامل بين مختلف مناطق المملكة وذلك لملائمته ظروف المملكة، وذلك باقرار ستة محاور تنمية بمختلف الاتجاهات من اجل ربط المراكز الحضرية والصناعية في شبكة اتصالات ومواصلات فعالة.

انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن استراتيجية التنمية العمرانية للمنطقة الشرقية معبرا عنها كإحدى آليات تفعيل الإستراتيجية العمرانية الوطنيه المعتمدة ووضعها موضع التنفيذ في إطار العمل بنظام المناطق، والذي يسعى إلى تحقيق التنمية في مناطق المملكة وفقا لميزات كل منها والحد من المشاكل والآثار السلبية للتحضر السريع واستقطاب المدن الكبرى للسكان والأنشطة. واستعرض مراكز النمو المستهدفة في المنطقة كحاضرة الدمام والجبيل والهفوف وحفر الباطن، واقليميا القطيف وراس تنورة والخفجي. كما استعرض المحاضر في نهاية حديثه المخططات العمرانية الحالية والمستقبلية لمحافظة القطيف كنموذج للتخطيط العمراني والمستندة على الدراسات والاحصاءات الناتجة عن التعداد السكاني في العام الماضي والذي يستشرف الخطط المستقبلية لمدة خمس وعشرين عاما قادمة، ويشمل الدراسات السكانية والنمو البشري والخدمات التعليمية والصحية والمرورية اللازمة.

وفي نهاية محاضرته تحدث المحاضر حول ابرز ملامح الخطة العمرانية المستقبلية لمحافظة القطيف، والتي لخصها في هيكلة مناطق العمران القائمة لتوزيع الأنشطة والخدمات على مراكز مدن المحافظة، دفع التنمية باتجاه غرب المحافظة في منطقة غرب محور ابوحدرية من خلال إنشاء مراكز توطن للأنشطة والخدمات تستقطب الزيادة السكانية المستقبلية، وربط أجزاء محافظة القطيف بعضها البعض بإنشاء مجموعة من محاور الحركة الرئيسية، تأكيد محاور الحركة الرئيسية وظيفياً وبصرياً وخاصة المحاور المتعامدة على البحر وكذلك طريق الكورنيش، تأكيد مداخل المحافظة من الطرق الإقليمية الخارجية بصرياً، تطوير الواجهة البحرية للمحافظة والحد من التشوه البصري الناتج عن عمليات الدفان المستمرة داخل الخليج، التكامل مع البيئة وذلك بنقل الصناعات الملوثة والمستودعات والمخازن إلى خارج الكتلة العمرانية، تنويع القاعدة الاقتصادية بالمحافظة عن طريق إستغلال الإمكانات المتوافرة بالمحافظة وخاصة الأراضي الزراعية وتوطين بعض الصناعات القائمة على الإنتاج الزراعي وأيضاً الإنتاج الحيواني والداجني، تقليل الكثافة السكانية بقدر الإمكان في المخططات المعتمدة على ساحل الخليج إثر عمليات الدفان وذلك باقتراح أنشطة ترفيهية غير ملوثة وكذلك استغلال تلك المناطق في قطاع الإسكان السياحي في إطار ضوابط واشتراطات شديدة الصرامة .

وفي نهاية المحاضرة اجاب المحاضر على اسئلة الحضور التي تركزت حول اهمية الخطط العمرانية وضرورة تأهيل العاملين في هذا المجال بحيث يمكنهم التعاطي الفعال مع هذه الخطط، كما أشاد الحضور بتوجه الامانات للانفتاح على المجتمع والتواصل معهم عبر عرض المشاريع والخطط من اجل خلق حالة من التفاعل بين المواطنين. كما أشار بعض الحضور الى ضرورة معالجة اشكالية كثرة الاراضي المحجوزة لشركة ارامكو في المنطقة والذي يشكل عائقا امام تنفيذ المشاريع الحكومية، كما اكد الحضور على ضرورة وجود قوانين صارمة تحد من تجاوزات الدفن العشوائي للشواطئ وتملكها.

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد