المجالس البلدية بين الواقع والدور المأمول

4٬001

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي في برنامجه الاسبوعي للموسم السادس مساء يوم الثلاثاء 13 ربيع الأول 1427هـ الموافق 11 ابريل 2006م أمين المجلس البلدي لمحافظة الأحساء المهندس سعيد عبدالله الخرس متحدثاً عن “المجالس البلدية بين الواقع والدور المأمول”، وقدم ضيف المنتدى الاستاذ سعيد الخباز الذي أعطى لمحة سريعة على سيرته الذاتية، حيث تخرج المحاضر من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بدرجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية، وحصل على درجة الماجستير من نفس الجامعة وكان مشروع البحث بعنوان “الانتقال السكني في بيئة عمرانية متحولة –  الاحساء حالة دراسية” وقد تم المشاركة به في مؤتمر السكان العالمي الذي عقد في المكسيك عام 1993م. وقد تنقل الضيف من خلال فترة عمله في البلدية بين ادراتها من عام 1983م إلى 2005م فعمل مديراً للتخطيط والتطوير ومديراً لتنمية الاستثمارات إلى أن وصل إلى أمانة المجلس البلدي، وشارك في العديد من الدراسات والدورات والندوات والأنشطة المختلفة إضافة إلى كتاباته الاسبوعية في جريدة اليوم.

بدأ المحاضر بمقدمة تاريخية حول نشأة المدن وتحول الناس للعيش فيها بصورة متنامية وفق ما يعرف بالتحضر، حيث شهدت المدن نمواً سكانياً متزايداً مع بداية تأثر الصناعة والازدهار التجاري، وقد كان نمو المدن يتعزز دائماً بهجرة سكان الريف نحوها. ويمكن رصد حركة التحضر في العالم والتي مثلت تحولاً واسعاً في طريقة حياة الانسان المعاصر وبالتالي انتشار المدن ونموها المتسارع، ففي عام 1850م كانت نسبة التحضر في العالم تبلغ (6.4%) بينما ارتفعت في عام 1900م إلى (13.6%) وفي عام 1970م ارتفعت نسبة التحضر إلى (38.6%).

تطرق المحاضر بعد ذلك إلى تطور جهاز البلديات والمجالس البلدية عالمياً ومحلياً، فأشار إلى أن فكرة المجلس البلدي هي فكرة قديمة جداً تعود في الأساس إلى أيام قدماء الإغريق لبضعة قرون قبل الميلاد، عندما كانت المدينة القديمة مستقلة استقلالاً ذاتياً تحت ما يسمى بـ (المدينة – الدولة)، أو CITY/STATE ثم تطورت فكرة المجالس البلدية في المجتمعات الغربية خلال القرون الوسطى وقبل دخول الثورة الصناعية كانت المدن قد تخلت تدريجياً عن فكرة المدينة المستقلة، إلى أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من كيان اقتصادي وتجاري واجتماعي أكبر وأشمل تحت مظلة الدولة. ولقد ازدادت المجالس البلدية قوة وفعالية مع بداية الثورة الصناعية في انجلترا عام 1760م، حيث وضع نظام انتخاب المجلس البلدي من سكان المدينة، ومع هذه التطورات في جهاز إدارة المدينة تحول المجلس البدي أيضاً إلى أحد الأعضاء المؤثرة في جهاز المدينة العصرية، حيث أصبحت مهام المجلس البلدي مكملة لوظائف رئيس البلدية أو عمدة المدينة.

أما محلياً فتعود تجربة المجالس البلدية في المملكة إلى فترة مبكرة حيث ظهر أول مجلس بلدي في مكة المكرمة ثم تلاه مجلس بلدي جدة ثم المدينة المنورة ثم ظهر عدد من المجالس البلدية في الأحساء، وكانت مرتبطة في تنظيمها ومتابعتها بمجلس الشورى. وقد صدر أول نظام للانتخابات عام 1936م الذي شمل انتخابات المجالس البلدية وهيئات المطوفين والزمازمة وفي عام 1975م اسست وزارة الشؤون البلدية والقروية، وفي عام 1977م صدر نظام البلديات وأصبح الإشراف على المجالس البلدية من اختصاص الوزارة.

تحدث المحاضر بعد ذلك حول المجالس البلدية على أنها مدخل للإصلاح السياسي والاجتماعي من خلال النظر إلى عملية الإصلاح السياسي القائمة على أربع مراحل هي إصدار الأنظمة الثلاثة (نظام الحكم ونظام مجلس الشورى ونظام المناطق) وتشكيل مجلس الشورى وزيادة عدد اعضائه والتحول إلى عملية الإنتخابات في تشكيل المجالس، ومنح هذه المجالس مزيداً من السلطات والصلاحيات تمهيداً للتحول نحو نظام حكم محلي متكامل. ولقد تم استخدام المجالس البلدية كنموذج تجريبي لممارسة العملية الإنتخابية، منبهاً إلى أن هنالك اخفاقات حصلت في عملية الانتخابات ومنها تشكيل المجالس البلدية عبر انتخاب نصف أعضائها فقط وحجب المرأة في هذه المرحلة من ممارسة حقها في المشاركة ضمن العملية الانتخابية بالإضافة إلى غياب مؤسسات المجتمع المدني. وأشار أنه لتحقيق أهداف المجالس البلدية فإنه ينبغي تعزيز المشاركة من خلال التنمية البشرية وتطوير مؤسسات المجتمع المدني التي تساهم في تحسين إدارة الحكم عبر تعزيز المساءلة والشفافية في النظام السياسي وتفعيل مشاركة المرأة.

وذكر المحاضر أن المجالس البلدية مدخل لتطوير نظام الحكم المحلي وإن اللامركزية أولى الخطوات لهذا الحكم ويمكن من خلال التحول إلى حكومات لا مركزية تحسين إدارة العمل، حيث أن مفهوم اللامركزية يعني العملية العامة التي تنقل بموجبها السلطة السياسية والعمليات التنفيذية إلى هيئات حكومية على المستوى المحلي. وتطرق المهندس الخرس في نهاية محاضرته إلى المأمول من تحقيق أهداف المجالس البلدية وهي دراسة العلاقة بين المجالس المحلية والمناطق وآليات عملها، ومراجعة نظام المناطق خصوصاً بعد مستجدات المجالس المحلية والبلدية، وضرورة تدريب العاملين في العمل المحلي من محافظين ورؤساء مراكز، مشيراً إلى أن المجالس البلدية مدخل لرفع كفاءة أجهزة البلديات فيمكن للمجلس البلدي توفير قوة دعم كبيرة للبلدية في كثير من المجالات، ويمكن لأعضاء المجلس البلدي مساعدة البلدية في طلب اعتمادات للمشروعات البلدية، والاستفادة من خبرات بعض الأعضاء المؤهلين فنياً أو عملياً أو في شؤون الحياة لإثراء العمل البلدي.

انتقلت المحاضرة بعد ذلك إلى المداخلات وطرح الأسئلة والتي تمحورت حول اللوائح التنفيذية والتنظيمية للمجالس البلدية وشروط الانتخابات، فذكر المحاضر أن الانتخابات تعتبر تحدياً كبيراً لمؤسسات الدولة وللمجتمع بشكل عام، وأشار كذلك إلى أن المجالس البلدية لا تزال تعتبر دخيلة على مؤسسات قائمة مما قد يحدث ارباكاً في العمل والموائمة فيما بينها. وأشار بعض المتداخلين إلى عدم انعكاس نتائج أعمال المجالس البلدية على الخدمات العامة وإلى ضعف دورها، كما ناقشوا أيضاً أنظمة لوائح الانتخابات وأوجه القصور فيها على الرغم من نجاح التجربة. وفي نهاية المحاضرة أشار راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب  إلى أن المحاضر طرح كثيرأ من الأفكار والمواضيع التي ينبغي معالجتها بصورة أكثر تفعيلاً، وختم كلمته بشكره للضيف والحضور.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد