ملخصات الموسم الثامن عشر

3٬100

القطيف – المملكة العربية السعودية

ملخص فعاليات الموسم الثقافي الـثامن عـشر

“1439هـ – 2017/ 2018م”

التعريف:
منتدى ثقافي أهلي تأسس في محافظة القطيف بالمملكة العربية السعودية عام 2000م، ويهتم بمختلف القضايا الثقافية والاجتماعية ويتواصل مع النخب المثقفة داخل المملكة وخارجها.
الرؤية:
يسعى المنتدى أن يكون مؤسسة ثقافية رائدة على مستوى الوطن، من خلال الانفتاح على جميع المكونات الثقافية في المجتمع السعودي والالتزام بمفاهيم التعددية الثقافية والحوار الهادف.
الرسالة:
يعمل المنتدى على تنمية الحوار والتواصل بين المثقفين وإشراك مختلف فئات المجتمع في تناول المواضيع الثقافية والاجتماعية المختلفة، من خلال حوار تفاعلي منظم ومتواصل.
الأهداف:
1. التواصل مع النخب المثقفة داخل المملكة وخارجها.
2. إبراز الأنشطة والفعاليات الاجتماعية والتعريف بها.
3. بلورة وطرح القضايا والمواضيع ذات الاهتمام في المجتمع.
4. تفعيل ومساندة النشاط الثقافي في المنطق
وسائل العمل:
1. عقد ندوات اسبوعية و استضافة شخصيات مثقفة من مختلف المناطق
2. نشر المادة العلمية للندوات و المحاضرات عبر مختلف الوسائل
3. تنظيم لقاءات دورية لمناقشة مواضيع و قضايا مختلفة
4. عقد ورش عمل و دورات تأهيلية ذات علاقة بالشأن الثقافي
5. التعاون مع المؤسسات الثقافية الأهلية و الرسمية
أعضاء اللجنة المنظمة:

1. جعفر محمد الشايب
2. زكي عبدالله البحارنة

3. عيسى محمد العيد

4. محمد أحمد المحسن

5. رجاء علي البوعلي

6. عالية أبو شومي

ملخصات الموسم الثامن عشر
“1439هـ – 2017/ 2018م”

· جدول الموسم الثقافي الثامن عشر:

م

التاريخ

عنوان المحاضرة

اسم المحاضر

الفعاليات المصاحبة

المعرض الفني

1

4/2/1439هـ
24/10/2017م

ريادة الأعمال وتأثير التكنولوجيا

أ.أحمد سلمان البدر
مستشار سابق لوزير التجارة

الطالب حسين آل يعقوب

حسين المصوف
فن تشكيلي

2

18/2/1439هـ
7/11/2017م

العلاقة بين الشعر والسرد: قراءة ثقافية

أ.د. حسن محمد النعمي
استاذ السردية المعاصرة

د. زهراء حسن الصفار
جامعة كاوست

حسين المصوف
فن تشكيلي

3

2/3/1439هـ
21/11/2017م

مساجلات وحوار حول الدراما الخليجية
تجربة في العمل الدرامي

الفنان عبد المحسن النمر
ممثل وفنان

المخرج ياسر علي الحسن

زينب البوسعيد
فن تشكيلي

4

10/3/1439هـ
28/11/2017م

أسطرة الرموز التاريخية

الشيخ علي الفرج
باحث في التاريخ الاسلامي

الطالب علي زكي السادة

زينب البوسعيد
فن تشكيلي

5

17/3/1439هـ
5/12/2017م

العامية والعودة إلى ثقافة القبيلة
النشأة والتطور

أ.حمد حميد الرشيدي
كاتب وشاعر وباحث

محمد السويق
نادي السلام بالعوامية

عاطف الغانم
تصوير فوتغرافي

6

24/3/1439هـ
12/12/2017م

تمكين المرأة السعودية في رؤية 2013

أ.آمال يحيى المعلمي
مساعد امين عام مركز الحوار

الناشطة فوزية العيوني

عصمت المهندس
فن تشكيلي

7

1/4/1439هـ
19/12/2017م

ضريبة القيمة المضافة: الدوافع والنتائج

أ.أمين محمد الصفار
مصرفي وخبير مالي

د. إسلام محمد المصلي
جامعة أوريقن

عصمت المهندس
فن تشكيلي

8

7/4/1439هـ
26/12/2017م

أطروحة موت الواقع في الفكر الفلسفي المعاصر

أ.شايع بن هذال الوقيان
كاتب وباحث في الفلسفة

فاطمة عبد المنعم الشيخ
جامعة براون

مجموعة “حكايا الفن”

9

14/4/1439هـ
2/1/2018م

الابتكار في عصر الديجتال
الفرص والتحديات

م. حسن سلمان الحاجي
مهندس انظمة التحكم بارامكو

د. أميرة راضي الغمغام
جامعة هاورد

مجموعة “حكايا الفن”

10

21/4/1439هـ
9/1/2018م

المشروع الثقافي العربي والتحولات العلمية الكونية

د. يوسف مكي
كاتب وباحث في العلاقات الدولية

مريان الصالح
ماراثون الألوان الخيري

حسن آل عبيد
خط عربي

11

6/5/1439هـ
23/1/2018م

قيثارة العشق
أمسية شعرية وحوار أدبي

الشاعر طلال الطويرقي
الشاعر ناجي حرابة

رحاب المزارع
عقيلة آل ربح

حسن آل عبيد
خط عربي

12

20/5/1439هـ
6/2/2018م

الاكتشاف المبكر لأورام الجهاز التناسلي

د. أشرف المطر
استشاري جراحة الأورام

علي العبندي

فاضل ابو شومي
فن تشكيلي

13

27/5/1439هـ
13/2/2018م

المشهد الثقافي وكتابة القصة

أ.عبد الله النصر
أ.محمد الحميدي

موسى آل ثنيان
نادي القصة

فاضل ابو شومي
فن تشكيلي

14

4/6/1439هـ
20/2/2018م

مهارات التواصل والقيادة

أ.محمد العيسى
بطل الخطابة الفكاهية

أبطال الرياضيات الذهنية

جابر الهروبي
خط عربي

15

11/6/1439هـ
27/2/2018م

من حكايا القمر: أمسية شعرية

الشاعرة سوسن دهنيم
الشاعرة فاطمة محسن

الشاعرة بثينة محمد اليتيم

جابر الهروبي
خط عربي

16

18/6/1439هـ
6/3/2018م

المرأة السعودية: تطلعات وتحديات
موقع المرأة ودروها في الرؤية الوطنية

د. زينب الخضيري
كاتية وأديبة وأستاذة جامعية

أحلام القطري، عائشة المانع، شريفة الشملان، منى الشافعي، خضراء
المبارك، نعيمة الزامل

محمد الشبيب
تصوير ضوئي

17

25/6/1439هـ
13/3/2018م

ماوراء الموسيقى
علم الجمال الموسيقي

أ.خليل المويل
باحث موسيقي

الطالب فراس الشماسي

محمد الشبيب
تصوير ضوئي

18

10/7/1439هـ
27/3/2018م

النظرية المعجمية: تطبيقات إجتماعية وتراثية

د. أحمد فتح الله التاروتي
أستاذ جامعي في اللغويات

أحمد عباس العلوي

يثرب الصدير
فن تشكيلي

19

17/7/1439هـ
3/4/2018م

المسرح المحلي بين جيلين

أ.أحمد الجشي
أ.مسبح المسبح

حسن احمد الخنيزي
نوار تسيسر الحداد

يثرب الصدير
فن تشكيلي

20

24/7/1439هـ
10/4/2018م

مستقبل النفايات الالكترونية في الخليج

أ.شروق الصايغ
خبيرة تحليل أنظمة

د فضيلة العوامي

كريمة المسيري
فن تشكيلي

21

1/8/1439هـ
17/4/2018م

الفنون الشعبية والتنمية الثقافية

د.سمير الضامر
باحث في التراث الشعبي

جود موسى النمر

زهراء المتروك
فن تشكيلي

22

8/8/1439هـ
24/4/2018م

أبعاد واتجاهات التحول في مجال التعليم والإنجازات التعليمية في محافظة القطيف

الأستاذ عبد الكريم العليّط
مدير التعليم بمحافظة القطيف

د نورة آل اسماعيل

زهراء المتروك
فن تشكيلي

الندوة الأولى (24/10/2017)

منتدى الثلاثاء ينطلق مع ريادة الأعمال في أولى فعالياته دشن منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف موسمه الثقافي الثامن عشر باستضافة المهندس أحمد سلمان البدر المستشار السابق لوزير الصناعة والتجارة ورئيس شركة صحتك، في ندوة تحت عنوان “تأثير التكنولوجيا على خلق الوظائف في المملكة والشرق الأوسط ” وذلك مساء الثلاثاء 4 صفر 1439هـ الموافق 24 اكتوبر 2017، بحضور رجال أعمال وشخصيات اجتماعية وعدد من المثقفين والكتاب. تضمنت الأمسية فعالياتُ مُصاحبة تَمثلت في تكريم الطالب حسين حبيب آل يعقوب من مدرسة النجاح الثانوية لحصوله على المركز الأول على مستوى المحافظة ووصوله إلى التصفيات النهائية على مستوى المملكة في مسابقة تحدي القراءة العربي في نسختها الثانية 2017م. كما شملت الفعاليات معرضا للوحات الفنان التشكيلي حسين المصوف، عضو جماعة الفنون بالقطيف والحائز على عدة جوائز محلية وعربية ودولية، حيث أمتع الحضور بحديثه عن تجربته المستوحاة من البيئة البحرية.
بدأت الندوة بكلمة الأستاذ زكي البحارنة رئيس اللجنة المنظمة للموسم الحالي الذي أشار فيها إلى أهمية مواكبة العمل الثقافي للمستجدات والتحولات السريعة على الساحة الاجتماعية والفكرية وملامستها ضمن الحوارات التفاعلية للمنتدى، كما أكد على استمرارية المنتدى في منهجية التواصل مع الأوساط الثقافية المختلفة الأهلية والرسمية. من جهة أخرى أشاد بشخصية الأديب الراحل الأستاذ حسن السبع قائلاً أن سيرته مثلت نموذجاً للمثقف الانسان وأن أدبياته في المقال والشعر والرواية شكلت ابداعاً يشار له بالبنان، وكان رحيله خسارة للوسط الثقافي الوطني. أدار الندوة المهندس محمد الخباز عضو المجلس البلدي بالقطيف ممهداً لموضوع الحوار بالقول بأن كل مجتمعات العالم مرت بأزمات اقتصادية، وإن الذين استفادوا من تلك التجارب تطوروا وأصبحوا اليوم من أقوى المجتمعات، وكان التركيز على دعم ريادة الأعمال هو العامل المهم الذي ساعد دول الاقتصاديات المتطورة على تخطي ازماتها. كما عرف بضيف الندوة المهندس أحمد البدر الحاصل على بكالوريوس الهندسة ودرجة الماجستير في إدارة البرامج الكبرى من جامعة أكسفورد، وعمل مستشارا لوزير التجارة والصناعة، وترأس إدارة التشغيل بالمدن الاقتصادية، وعمل رئيسا مكلفا لبرنامج الاستراتيجية الوطنية للصناعة، كما عمل مديراً لإدارة التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ بهيئة المدن الصناعية. بدأ المهندس البدر حديثه بتوضيح أهمية “ريادة الأعمال” في الدورة الاقتصادية، وبين أن بعض الشركات بدأت بأعمال متناهية الصغر ثم أصبحت لاحقا تقود مشاريع عملاقة تفوق ميزانياتها بعض الدول الغنية، مشيراً إلى النقلة العملاقة التي أحدثتها الهندسة الرقمية وبرامج التكنولوجيا الحديثة على ريادة الأعمال، ولذا فإن التكنولوجيا والاتجاهات المستقبلية أصبحا أمراً واحداً. بعد ذلك تطرق البدر لتأثير التكنولوجيا في ريادة الأعمال، حيث أشار في هذا الصدد إلى التغير الهائل في حركة الاقتصاد والتحول إلى التطبيقات الذكية واقتصاد المعرفة. وأشار أن من التحولات المهمة في عالم اليوم ما يسمى باقتصاد المشاركة الذي يقنن استهلاك الموارد ويساعد على تقليل الصرف ومن أمثلتها شركات (كريم وأوبر)، ومن أمثلتها أيضا إدخال الريبورتات في الأعمال خصوصاً في المصانع، الأمر الذي سيضع عبئ ثقيل على نظام التوظيف والوظائف مستقبلاً. وأضاف أن من بين التحولات التوسع في مجالات “قاعدة البيانات الضخمة” كجمع المعلومات المختلفة والتفصيلية لطبيعة حياة الشعوب الاستهلاكية والخدمية، حيث تعمل مؤسسات عديدة ومتخصصة على جمع هذه المعلومات وتبادلها. وأكد أن هذا التغير بقدر ما يعمل على تقليص الوظائف، فإنه يخلق فرصا جديدة للعمل والاستثمار من خلال توظيف وسائل التكنولوجيا، داعياً الجيل الناشئ من الشباب إلى التهيؤ لاستثمار هذه الفرص بالانخراط في التخصصات الهندسية والتي لها مساس بالتكنولوجيا. في جانب آخر، أشار الأستاذ البدر إلى النقاشات التي تدور في صندوق النقد الدولي والتي من ضمنها كيفية معالجة مشكلة تقلص الوظائف بسبب التطور التكنولوجي وضرورة خلق وظائف جديدة، حيث أشار إلى فكرة إعادة الاستفادة من الموظفين السابقين في إدارة الأعمال بشكل أفضل، وذلك من خلال ما يسمى ب”ذكاء الأعمال”. وانتقد المهندس البدر غياب الاستثمار الأفضل للتكنولوجيا من قبل الأفراد والشركات، مطالبا الشركات بأن تعيد تأهيل الموظفين والاحتفاظ بهم لأداء خدمات جديدة على أسس تقنية حديثة. وتطرق المهندس أحمد البدر إلى جانب من تجربته الشخصية التي بدأت كموظف في عدة شركات، وخبر خلالها كيف تدار الشركات، وكانت له أربع محاولات متعثرة، ثم تحققت له النجاحات وكان أبرزها الدخول في منافسة مع ستين شركة من عدة بلدان عربية أواخر 2016م. وبعد تحقيقه المركز الأول على مستوى المملكة، جرت التصفيات النهائية في دبي بين خمس شركات متنافسة، حققوا فيها المركز الأول على العالم العربي في الشركات، وبهذا النجاح تلقت شركتهم مؤخراً دعوة من صندوق النقد الدولي بواشنطن للحديث عن التكنولوجيا بالشرق الأوسط ومدى تأثيرها في خلق الوظائف. وأكد في هذا السياق بأن ريادة الأعمال تبدأ من المحاولة والاستفادة من لحظات التعثر، والمبدأ السائد فيها “اسقط بسرعة وانهض بسرعة” ولا يوجد شيء اسمه الفشل، داعياً إلى الاقتداء بدول الاقتصادات الناجحة كماليزيا التي تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة فيها 70% بعكس تجربتنا المحلية التي اعتمدت منذ الطفرة النفطية على الشركات الكبرى بنسبة 80%
ودعا البدر جيل الشباب إلى الاستفادة من الفرص والتوجهات الرسمية والتطبيقات الالكترونية في انهاء المعاملات التي اعتمدت في السنوات الأخيرة، لأنها تساعد بشكل كبير للمشاريع الصغيرة والمتوسطة. وأكد أن النجاح في ريادة الأعمال يعتمد على العزيمة والمثابرة، ليس على المستوى المحلي فقط فهناك فرص عديدة متاحة على المستوى العالمي، مشيداً في ذات السياق بالتحول الرائع للمؤسسات الرسمية للمملكة في تنفيذ البرامج التكنولجية كأبشر ومساند ويسر، قائلاً أن المملكة تتفوق على كثير من الدول الاقليمية والعربية في تلك البرامج . بدأت جولة المداخلات بمشاركة الأستاذ صالح عمير مؤكداً على أهمية استثمار الشباب لتحصيلهم العلمي في الابداع والابتكار وعدم الاكتفاء بالدراسة النظرية، وعبر الأستاذ مالك عبد العال عن هواجس العديد من المواطنين من التوجهات الحالية لرفع الدعم عن الخدمات المعيشية مبينا أن الكثير من هذه التوجهات لا تزال غير واضحة. الشيخ حسين القريش أشار إلى ضرورة بلوة رؤية واستراتيجية واضحة للتعاطي مع التكنولوجيا الحديثة مطالبا بالعمل المستمر للحد من مختلف أشكال الفساد، وأشاد الأستاذ فرحان الشمري بفكرة دعم المشروعات الصغيرة داعياً لطرح المزيد من البرامج التي تشجع وتسهل للجيل الشاب الانخرط السلس في انشائها. وتساءل الأستاذ علي الحرز حول غياب الخطط الجادة حتى الآن لاستيعاب مليوني خريج في سوق العمل، وعلق الأستاذ امين الصفار حول المبالغة في استخدام التقنية وأنه يجب أن لا يصل لحد الاستخدام التعسفي كما في استخدام البصمة حتى مع طلبة المدارس. واختتمت المداخلات بتعليق الدكتور عبد العزيز الحميدي بأن التغيير يخلق الفرص ولا حاجة للتوجس من اقتحام التكنولوجيا فالمستقبل سيكون واعداً بها.

الندوة الثانية (7/11/2017)

منتدى الثلاثاء يناقش العلاقة بين الشعر والسرد

وسط حضور من الأدباء والكتاب وشعراء المنطقة استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي الدكتور حسن النعمي أستاذ السرديات بجامعة الملك عبد العزيز بجدة في ندوته الثانية من الموسم الثقافي الثامن عشر تحت عنوان “العلاقة بين الشعر والسرد … قراءة ثقافية” وذلك مساء الثلاثاء 18 صفر 1439هـ الموافق 7 نوفمبر 2017م.

وتضمنت الندوة إقامة معرض للوحات فنية مستوحاة من البيئة البحرية للفنان التشكيلي حسين المصوف عضو جماعة الفنون بالقطيف والحاصل على عدة جوائز، والذي شارك بعدة معارض فنية محلية وعربية ودولية. كما كرم المنتدى طالبة الدكتوراه بجامعة “كاوست” الباحثة زهراء الصفار الحائزة مؤخراً على المركز الأول كأفضل بحث في علوم البحار في المؤتمر الدولي بسلوفينيا، وقد تحدثت الصفار عن تجربتها التي شقت طريقها من خلال تخصص الأحياء حيث اكتشفت بالجد والعزيمة فرص التقدم والانجاز في عالم حياة وكائنات البحر الأحمر، وقدمت عرضا عن أبحاثها علمية في هذا المجال.
بدأت الندوة التي أدارها الشاعر الأستاذ فريد النمر متحدثاً في افتتاحيته عن استمرار النظرية السردية بتفاعلاتها الثقافية منذ زمن الكاتب الشهير “شكلوفسكي” إلى ما بعد الثورة الأدبية الفرنسية للكشف عن تطورات تلك المسرودات، باعتبارها اسلوباً لتوصيل الأفكار وتعريتها، ولدورها المحرك في توجيه الأمم للتقارب من خلال العمل الأدبي. بدأ الدكتور حسن النعمي ورقته بالقول لو أردنا أن نلخص العلاقة بين الشعر والسرد في تراثنا العربي لقلنا إنها علاقةٌ مرتبكةٌ لأبعاد ثلاثة متداخلة دينيةٍ، وسياسيةٍ، وثقافيةٍ في سياق الثقافة العربية، ورغم اختلاف حقول الاشتغال في هذه الأبعاد إلا أنها مارست دوراً مؤثراً في تحديد علاقة التجاور والتباعد بين الشعر والسرد.

وأضاف أنه في ظل هذه الأبعاد حظي الشعر بأفضلية النوع على السرد، وأعيد تأسيس المنظور الثقافي والنقدي وفقاً لهذه المعادلة، ولعلَّ مقولة (الشعر ديوان العرب) إحدى المقولات التي كرست أفضلية الشعر على السرد. وأشار إلى أن الإشكالية ليست بين النوعين، فتجاورهما حتميةٌ تاريخيةٌ لا تقبل الجدل، غير أن المشكلة هي مشكلة وعيٍ ثقافيٍ من ناحيةٍ، وتغليب نوعٍ على آخر من ناحيةٍ أخرى، ومن ثمَّ فإن تداخلهما الفني قائمٌ، وأما تجاورهما الثقافي فيبقى محلَّ تساؤلٍ. وأوضح النعمي أن المعطيات الثقافية تشير إلى أنَّ نزعة الانتصار للشعر كانت جنايةً على السرد؛ لتحلَّ به لعنة الإقصاء، التي وصلت ذروتها عند المسعودي حين أعلن أن نصوص (ألف ليلة وليلة) الأولى غثةٌ باردةٌ.
ثم مهد الدكتور النعمي لطرح رؤيته حول السردية بعدة تساؤلات فماذا يعني أن يكون ربعُ القرآن قصةً؟ وماذا يعني أن يقصيَ القرآنُ الشعرَ ويباعد بينهُ وبين الرَّسول؟ وماذا يعني أن يستثمر الرسول القصة القرآنية ويقدم القصة في حديثه بوصفها أحد أهم وسائل الخطاب النبوي؟ مجيباً بأن تبني القرآنِ القصةَ وإقصاءَ الشعر ينمُّ عن حالة الصراع التي خاضها القرآن مع قيمٍ ثقافيةٍ سائدةٍ، يمثل الشعر أبلغ رموزها، وأدواتها في الحرب على الدين الجديد.

منبهاً إلى أهميَّة القراءة السِّياقية؛ التي تربط بين النَّص وأضاف أن النظر إلى القصة القرآنية بمعزلٍ عن محيطها الخارجيِّ يلغي كثيراً من حيويَّة التفاعلات الاجتماعيَّة التي تشكلت حول القرآن والتي أخذت حيزاً مؤثراً في سياق الخطاب الدينيِّ؛ من أجل تكوين مجتمعٍ ذي قيمٍ ثقافيةٍ جديدةٍ، مؤكداً أن استخدام القرآن للقصة هو أحد أهم القضايا الفكرية والأسلوبية التي تحتاج إلى قراءةٍ فاحصةٍ، موضحاً بأن تعلق العرب بالشعر وطغيانه على فنٍ السرد بكل أشكاله، لا يعني ندرة السرد في الثقافة العربية، ذلك أن تبني القرآن للقصة يؤكد حضورها في حياة العرب بصرف النظر عن تعاطيها، أو تقديم الشعر في الأهمية.

وتناول الدكتور النعمي مسألة انصراف العرب عن السرد رغم انتصار القرآن للقصة مشيراً بالقول إلى أن أمر الانصراف النقدي والفكري عن الاهتمام بالسرد في تراثنا، والانحياز إلى الشعر دراسةً وفناً من أعقد المشكلات التي يمكن الخوض فيها لتداخل الأسباب وتعددها. ففي المسار الديني، ظهرت خطورة القص في لحظة بدء جمع الحديث الشريف؛ الذي تزامن مع تكاثر القصاص في العصر الأموي، وأوائل العصر العباسي، فقد كثر الوعَّاظ والمذكِّرون الذين كانوا يستخدمون القصص في الترغيب والترهيب بأحاديث موضوعةٍ في الغالب، مما حمل الخلفاء والفقهاء على التصدي لهذه الظاهرة. وفي مقابل التضييق على القصاص، كان الشعراء يستقبلون في المحافل وتفتح لهم أبواب البلاط، ويُحتفى بهم. وبين المحاضر أنه لا يمكن الاحتجاج بالاهتمام بالمقامة، لأن أمر المقامة لم يؤخذ من زاويةٍ سرديةٍ، بل من زاويةٍ لغويةٍ بلاغيةٍ، فهي في ذلك أقربُ إلى الدرس النقدي الذي حظى به الشعر.

وواصل النعمي موضحا أن خطابنا الثقافي كان منقسماً إلى خطابين متضادين: خطابٌ نخبويٌّ، وآخر شعبويّ، احتضن الخطاب النخبويُّ الشعر، ووظَّفه لخدمة سياقاته السياسية والاجتماعية، فكان حاضراً ومواكباً لاحتفالات البلاط السياسي، والمحافل الاجتماعية الكبرى، أما الخطاب الشعبوي فقد استغل الإمكانات السردية لمواجهة السلطة، وما (كليلة ودمنة، ونصوص المقامات، وألف ليلة وليلة وغيرها إلا أمثلة على مقاومة النخبوي سياسياً واجتماعياً. فهل يمكن أن نتكيف مع هذه الفرضية؟

وأشار النعمي إلى أنه بمراجعة العديد من الأدبيات والمقولات والملاحظات في سياق نشوء وتطور الأدب العربي شعراً وسرداً، يجب أن نحرِّر أمراً في غاية الأهمية، يضاف إلى إشكالية ازدواجية الخطاب الثقافي، وهذا الأمر يتعلق بالناحية المصطلحية، فإذا كان الشعر قد تحدد بمصطلحه قديماً وحديثاً، فإن من معضلات السرد في تراثنا العربي غياب المصطلح الذي يجمع شتات الفنون السردية تحت اسم جامع يحدد هويتها، مما أضعف من شخصيتها أمام الشعر المستقل باسمه، الجامع لشخصيته. وتساءل الدكتور النعمي حول مسؤولية الدور النقدي الذي كرَّس اهتمامه بظاهرة الشعر شرحاً وتمحيصاً وتبويباً وتصنيفاً؟ وفي المقابل، ظلَّ الجهد السردي ينمو بعيداً عن دوائر التأثير الثقافي، فلم يدرس ولم يصنف ولم يبوب؟
وأجاب المحاضر على ذلك بقوله أنه عندما استفاق العرب في عصر النهضة في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، فتشوا عن تراثهم القصصي، فوجدوه مهملاً، لم تبنَ مساراته بالتوازي مع الشعر، لقد وقع الارتباك عند رواد النهضة المشتغلين بالكتابة القصصية من أمثال ناصيف اليازجي وأحمد فارس الشدياق، فقلةٌ من الكتاب رأت ضرورة الاشتغال على المنجز السردي القديم، لكن أين هو؟ لم يجدوا سوى المقامة التي لها شخصيةٌ مميزةٌ، بوصفها نصاً يمكن أن يحتذى. ومع ذلك، لم يكن الأمر مقنعاً ومشجعاً، فالتفتوا إلى السرد القادم من الغرب في شكل الرواية والقصة القصيرة التي كانت حاضرةً في الترجمات الكثيرة.

وفي هذه اللحظة استشعر محمد المويلحي ضرورة الإفادة من الشكلين العربي والغربي معاً، فقدَّم مغامرةً روائيةً ذكيةً بعنوان (حديث عيسى بن هشام) حاول فيها أن يجمع بين شكلين، المقامة في شكلها الثنائي (الراوي والبطل)، والرواية المنفتحة في أفقها الزمني، وفي حركتها وإيقاعها الذي يقترب من نبض الواقع، لكن هذه التجربة لم يستفد من فكرتها إلا في أواخر الستينيات عندما بدأ جمال الغيطاني، ونجيب محفوظ، وواسيني الأعرج، وغيرهم من القيام بمهمة استلهام التراث السردي، لكن هذه المرة بوعيٍ قوميٍ وجماليٍ، قوميٍ؛ لتزامن هذه التجربة مع المد الوحدوي والقومي الذي سعى لإعادة تأسيس التراث القومي، لما في هذه التجربة من غنىً جماليٍ وإنسانيٍ، وإن من يقرأ روايات الغيطاني يدرك الكنوز السردية الهائلة؛ التي يحفل بها التراث السردي التي ظلت غائبةً أو مغيبةً لأسبابٍ كثيرةٍ.

وفي نهاية ورقته طرح الدكتور النعمي ملاحظة تلخص من وجهة نظره أزمة العلاقة بين الشعر والسرد قائلاً: ألا تلاحظون معي أن هناك علاقةً بين الانتصار والشعر، وعلاقةً أخرى بين السرد والهزيمة! الأمر ليس لغزاً، فعلى مدى قرونٍ تمتَّع الشعر بمنزلةٍ رفيعةٍ، لكنَّ ذلك كان ارتباطاً بحال الأمة المنتصرة عسكريا وسياسياً، المتماسكة حضارياً وإنسانياً، فكان الشعر حاضراً؛ لاستثمار حالة الانتصار هذه، فحضر في المعارك، والحروب، وفي الجدل السياسي، وفي بلاط الخلفاء، وعندما فقدت الأمة زهوها وانتصارها انحسر دور الشعر المتباهي بالانتصار؛ ليأتي دور السرد معوضاً الانكسار بالحضور، وتغذية الوجدان العام؛ الذي لم يعد للشعر فيه الدور الفاعل.

بعد ذلك بدأت جولة المداخلات مع الأستاذ عبد الباقي البصارى مشيراً إلى أن كتب السرد العربية القديمة هي تراث مستفاد من الأمم الأخرى وكان تأثيره على الذائقة الأدبية العربية يكشف أهمية التعارف بين الثقافات والمجتمعات، اما الأستاذ عباس الأمرد فانتقد تحيز المحاضر للسرد في حين أن الشعر يظل دائماً متفوقا على السرد. وناقش الأستاذ زكي أبو السعود مقولة أن القرآن تبنى السرد في مقابل الشعر واتفق مع المحاضر أن القرآن وظف القصة لأهداف تربوية وإصلاحية، وخالفت الأستاذة رجاء البو علي المحاضر في ثنائية الشعر والانتصار أو الرواية والهزيمة ويدحض هذا الربط شعراء فلسطين بشعرهم الثوري في ظل واقعهم المهزوم.

وثنى الأستاذ جبير المليحان على نقد الثنائية مستشهداً بالشعر المقاوم بعد هزيمة 67 موعزاً نمو الرواية لأسباب مختلفة غير الهزيمة، وتحدث الأستاذ منصور آل سلاط عن دور الفنون حيث اتفق مع المحاضر أنها لا تعالج الواقع وإنما تتقاطع معه والرواية كأحد الفنون هي تعبر عن رأي صاحبها فقط. وتساءل الأستاذ أحمد الخميس عن موقعية الخطاب السردي في كونه وسيلة فقط لتمرير الأفكار، ويبقى في حدود جمالية النص، وتحدث الأستاذ على الحرز عن افتقار الأجناس العربية لفنون المسرح والملاحم.

وناقش الأستاذ أحمد آل حسن مقولة أن شخصية النثر شاملة ومنفتحة وليست مشتتة كما ذهب المحاضر، وأن السرد الذي يتقاطع مع الواقع هو مؤشر على الوعي به، وتساءل الأستاذ عبد الوهاب الفارس عن الأثر الديني لذم الشعر في القرآن الكريم. وفي ختام المداخلات ناقش الأستاذ جعفر النصر بالقول إذا كانت الرواية لا تعالج الواقع فكيف يتم تصنيف قيمة روايات قامات الرواية العرب وغير العرب، حيث أجاب المحاضر بأن الراوي يعبر عن وجهة نظره تجاه الواقع ولا يمكن أن نختزل رأي مجموع الأمة في رأي كاتب أو شاعر.

الندوة الثالثة (21/11/2017)

الدراما الخليجية على طاولة منتدى الثلاثاء الثقافي
نظم منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الثالثة للموسم الثامن عشر والتي كانت تحت عنوان “مساجلات وحوار حول الدراما الخليجية” حيث استعرض الفنان عبد المحسن النمر تجربته في العمل الدرامي، بحضور نخبة من الفنانين والمسرحيين والكتاب، وذلك في مساء الثلاثاء 3 ربيع الأول 1439هـ الموافق 21 نوفمبر 2017م. وقبل الندوة وضمن الفعاليات المصاحبة لها، تحدثت الفنانة زينب البو سعيد التي أقامت معرضا فنيا بالمنتدى عن تجربتها الفنية التي طورتها أثناء دراستها الجامعية في أمريكا وشاركت في العديد من المعارض الفنية وحصدت مجموعة جوائز. كما كرم المنتدى المخرج المسرحي ياسر الحسن على انجازاته وأعماله الفنية والتي كان آخرها مسرحية “الشرقي الذي فقد” والتي فازت بأفضل نص مسرحي في مهرجان “عشيات طقوس” بالأردن.
أدار الأمسية الكاتب المسرحي عباس الحايك الذي عرف بالفنان عبد المحسن النمر واصفا إياه بأنه أيقونة الدراما الخليجية حيث بدأ مبكرا مع الفن من مسلسل “الشاطر حسن” وواصل متألقا في العديد من المسلسلات التلفزيونية الخليجية والعربية، وحاوره حول العديد من القضايا الفنية.
حيا المحاضر النمر الجمهور المشارك في الندوة واصفا إياهم بأنهم هم أهل الفن المتجذر فيهم حتى النخاع بأشكاله الاجتماعية والتراثية، مستذكرا مشاهداته للتمثيل في المناسبات الدينية والاجتماعية المختلفة بالقطيف، وأن أول تجربة له في التمثيل كان تجسيدا لقصيدة للشاعر القطيفي علي المصطفى. واستعرض نبذة عن حياته الفنية حيث كانت ألعابه وهو طفل تقترب من حركات التمثيل وتعبر عنها، وتدرج مع المسرح في أشكاله المختلفة وشارك في المؤسسات الفنية والثقافية كجمعية الثقافة والفنون. وقال أن الدراما في المنطقة الشرقية لها طعمها وفنها المميز لوجود الكثير من الفنانين الرواد الذين كانوا يمارسون الأعمال الفنية على الرغم من قلة الامكانيات وبساطتها.
واضاف أنه على الرغم من ذلك إلا أن جغرافية المنطقة لم يجعلها تحظى بنيل حظ وافر من الاهتمام بفنونها والبرامج التلفزيونية مثل المناطق الأخرى، مستعرضا بعض الأعمال الدرامية المحلية التي شارك فيها مثل “مجاديف الأمل” الذي اعتبره معبرا عن الحالة المحلية بامتياز مع أنه لم ينل حظه في التوزيع والانتشار. وقال أن مسلسل “طاش ما طاش” عمل فني ناجح بكل المقاييس وتحول إلى كونه أنموذج ومقياس لبقية الأعمال، وحول مسلسل “درب الزلق”، فأوضح أنه احتوى على العديد من الأخطاء الفنية إلا أن ميزته أنه كان يعبر عن حالة عفوية وليدة اللحظة مما جعله تلقائيا أمام المشاهد.
وأوضح الفنان عبد المحسن النمر أن العمل الدرامي ليس مجهودا فرديا، وأن على المخرج لأي عمل فني أن يكون واعيا وقادرا على أخذ أقصى ما يمكن من حقيقة الممثل، من هنا جاء اهتمامه باختياره للمخرجين بعناية في كل عمل يقوم به. وأوضح أن تقييم العمل الفني يأتي من أشخاص متخصصين وليس تعبيرا انفعاليا، وأن الدراما لا تطرح حلولا كما أنها لا توجه المشاهد إلى ما ينبغي القيام به، بل أنها تخلق حالة من الصدمة الداخلية أحيانا، من هنا فإن على الممثل أن يكون صادقا مع الدور الذي يقوم به.
وأضاف أن العمل الدرامي التلفزيوني عمل متقطع وليس متواصلا كالعمل المسرحي، وأنه مارس الانتاج الفني في بعض المراحل، مشيرا إلى أن الممثل يلجأ ليكون منتجا للبحث عن فرصة فنية أو لسبب تجاري. كما تناول تجربته في الحياة العملية وقراره بترك الوظيفة والتفرغ للعمل الفني لأنه وجد صعوبة في الجمع بين العملين في ذات الوقت. وتناول الفنان النمر مشاكل العمل الفني والتي منها قلة الفنانين الجيدين بشكل عام، وغياب المؤسسات الراعية لهم كنقابة الفنانين وغيرها حيث يفتقد العاملون في هذا المجال أية ضمانات معيشية.
وتناول في حديثه أيضا تجربة بعض الفنانين المعروفين الذين شارك معهم كعبد الحسين عبد الرضا والذي خصه بالمديح كونه يمتلك كارزما مؤثرة وشخصية حقيقية وصادقة، وأنه كان متواضعا على الرغم من موقعيته العالية. كما تحدث عن انطباعاته في العمل مع الفنانتين سعاد عبد الله وحياة الفهد واختلاف أسلوب كل منهما. وأوضح أن على الممثل أن يفرض وجوده ودوره من خلال الاصرار والاستمرارية والمواصلة في العمل، وأن من أبرز المشاكل القائمة هي قلة كتاب السيناريو في المنطقة. وأشار في نهاية حديثه إلى أن هناك فرصا واسعة ومفتوحة في هذه المرحلة أمام الدراما، كما أن هناك جاهزية اجتماعية كبيرة، مشيرا إلى ضرورة الفصل بين الترفيه والسينما التي هي عبارة عن فكر وذاكرة وتوثيق وليست مجرد فقرات ترفيه، فالدراما في رأيه تختزل كل المعاني والتأثير. وأكد على ضرورة تفعيل وتنشيط العمل الفني بكل أشكاله، مستشهدا بدور المسرح المدرسي في تأهيل الطلبة على العمل الجماعي وتقوية شخصياتهم وتنمية قدراتهم الذاتية. بدأت المداخلات بمشاركة للأستاذ علي البحراني حول ابتعاد الدراما الخليجية عن الحالة القيمية والمبدئية في مختلف الأعمال المعروض وخاصة خلال شهر رمضان، وتعزز حالات الكذب والسرقة والخيانة في كثير من المشاهد. وتساءلت الأستاذة هدى العبد الجبار عن تأثير الأدوار التي يقوم بها الممثل على شخصيته وحياته الاعتيادية وخاصة في الأدوار التي تتعارض مع شخصيته، وطرحت الأستاذة هدية العباد موضوع العلاقة بين الانتاج والتمثيل، والظروف التي تدفع الممثلين ليتجهوا للإنتاج الفني. الصحفي حسن القريش تساءل حول قرار الفنان النمر بالتفرغ للعمل الفني وترك الوظيفة وهل أن ذلك مجازفة؟
وطرح الاستاذ صالح العمير دور الفنان المرحوم عبد الحسين عبد الرضا وتأثيره في العمل الفني الخليجي، متسائلا عن مدى الاستعدادات لدى الفنانين لمواكبة التحولات القائمة في السعودية والخطط الجديدة. وتناول الاستاذ حسين المطوع اشكالية عدم انجذاب الشباب للأعمال الدرامية الخليجية، كما تساءل الاستاذ حسين ال يعقوب عن معيار اختيار العمل مع فنانين معينين. الاستاذة نسيمة السادة علقت على حديث المحاضر حول اهمية دعم الموهوبين من الممثلين والفنانين المحليين ليكونوا اكثر كفاءة واهلية وشهرة، وطرحت الاستاذة منى الشافعي ضرورة ان تكون الدراما عاكسة للوضع الاجتماعي بكل مكوناته وان تكون مصدرا للمعلومات عنه ومعبرة عنه وعن شخصياته المتعددة كما هو الحال في الدول المتقدمة فنيا.
وأشار الأستاذ فتحي البنعلي إلى ضرورة الاهتمام بالكتابة عن تاريخ وتراث محافظة القطيف الثري جدا، متسائلا عن أسباب العزوف عن ذلك كتابة وتمثيلا. وطرح الأستاذ علي اليتيم ضرورة وجود نقابة للفنانين وتحولها الى مؤسسات فاعلة حقيقية على ارض الواقع. وأكد الشيخ حسين القريش على أهمية استقلالية العمل الفني وملامسته للقضايا التي يستعرضها الفنان واالكاتب والمخرج، مشيرا إلى أن النجاحات توافقت مع الأعمال التي عبرت عن ذاتها بصورة مستقلة. وعلق الدكتور عبد العزيز الحميدي على أهمية المسرح المدرسي ودوره في بناء قدرات الطالب وايصال الرسائل المهمة من خلاله.

الندوة الرابعة (28/11/2017)

رموز التاريخ بين الحقائق والأساطير بمنتدى الثلاثاء
في أمسية حوارية ثرية، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الرابعة للموسم الثقافي الثامن عشر تحت عنوان “أسطرة الرموز التاريخية.. الأسباب والنتائج” باستضافة الباحث في التاريخ الاسلامي الشيخ علي الفرج، وذلك مساء الثلاثاء 10 ربيع الأول 1439هـ الموافق 28 نوفمبر 2017م بحضور لافت من الحضور بينهم شخصيات ثقافية واجتماعية.
وقد صاحب الندوة معرضاً للوحات الفنانة التشكيلية زينب البو سعيد، التي تحدثت عن تجربتها التي حفزتها منذ سنوات الطفولة أجواء التشجيع العائلي ثم نمت مع توجهها للدورات الفنية المتخصصة، كما أشارت إلى تأثر تجربتها بالبيئة الأمريكية أثناء دراستها الجامعية هناك. من جهة أخرى كرم المنتدى الطالب بمدرسة الهدى المتوسطة بصفوى علي زكي السادة الحائز على المركز الأول على العالم العربي وتركيا في مسابقة الحساب الذهني في صيف 1438هـ.
بدأت الندوة التي أدارها الكاتب الأستاذ عبد الباري الدخيل معرفا في افتتاحيته بالباحث الشيخ علي عبد الله الفرج الذي جمع إلى جانب دراسته الدينية الاهتمام بالبلاغة والشعر فصدر له ديوان “نسج المرايا” وكتاب “تكوين البلاغة” و “كائن اللغة” هذا إلى جانب عضويته في دار المصطفى لإحياء التراث ودوره في التثقيف الاجتماعي.
افتتح الشيخ علي الفرج حديثه بالإشارة إلى أن حديثه يتركز حول بعض مضامين كتابه الصادر مؤخراً عن منشورات بيت الحكمة الثقافي “العباس بن علي … بين الأسطورة والواقع”، قائلاً بأنه يطمح لأن يكون هذا الكتاب نموذجاً لسلسلة من الدراسات التي تعنى بتنقيح الروايات التي تنقل أقوال ومواقف الشخصيات التاريخية بكل أمانة ودقة، داعياً العلماء المهتمين بالتحقيق للتعاون معه في هذا السبيل لما له من أهمية في تشكيل الوعي بتلك الشخصيات المؤثرة في التاريخ على أساس من الحقيقة والمعلومة الصحيحة. الشيخ الفرج أشار كذلك إلى أن بداية مشوار الدراسة حول شخصية العباس بن علي قادته للتفكير في التأليف حول هذه الشخصية دون أن يحدد معالم واضحة لمسار البحث، غير أن تتبعه للمصادر التاريخية وربط المرويات ببعضها بالتحليل، أظهرت له نتائج مذهلة في عدم صحة كم هائل من الأقوال والروايات المنسوبة لهذه الشخصية البارزة في معركة كربلاء التاريخية، الأمر الذي دعاه للتوسع في البحث للإحاطة بتفاصيله.
تطرق الشيخ الفرج بعد ذلك لمنهجيته البحثية في المصادر التاريخية والحديثية بالقول بأن معالجة الحوادث المبكرة في التاريخ الإسلامي وتوثيقها تتطلب الرجوع إلى المصادر التي أرخت لتلك الفترة مع عدم الركون إلى أي مصدر إلا بعد التأكد أنه معاصر لتلك الأحداث أو أن الراوي ممن عاصر الحدث. وأضاف أن الروايات المنقولة دون سند كعبارة “عن بعض الأصحاب” أو “نقلها بعض الثقات”، بالإضافة إلى المصادر التي لم يتم العثور على ما يؤيدها من المصادر القديمة فيتم رفضها، موضحاً بأن الرواية التاريخية القديمة قد تقبل – كتاريخ – حتى ولو لم تكن مسندة، إلى أن يتبين عدم صحتها. من جهة أخرى أشار الشيخ الفرج إلى أن أغلب الروايات المجهولة المصدر والتي تصل نسبتها إلى 70% تتركز في الكتب التي دونت في القرن العاشر الهجري وما تلاه، ومنها كتاب “البحار” للمجلسي. ولفت المحاضر النظر إلى البون الشاسع بين الروايات في المصادر التاريخية القديمة عن المصادر الحديثة التي تتحدث عن تفاصيل واقعة كربلاء وشخصياتها، وأورد في هذا السياق جملة من الأقوال والمواقف التي توصل من خلال البحث أنها لا تمت للشخصيات التي نسبت إليها حول العباس بن علي ووالدته أم البنين، موجهاً نقده الشديد لبعض تلك المصادر ككتاب “أسرار الشهادة” للشيخ الدربندي وكتاب “روضة الشهداء” للحسين الكاشفي البيهقي، مبدياً أسفه لقبول بعض القامات العلمية لهذه المرويات بدون تحقيق علمي، منتقداً بعضهم بأنهم لا يقرأون التاريخ قراءة فاحصة.
وتطرق لخمسة عوامل اعتبرها الباحث الفرج أسباباً جوهرية لوجود الروايات الضعيفة في المصادر الحديثة، وهي غياب التحليل التاريخي لواقعة كربلاء لأصحاب هذه المصادر وتركيزهم على الجانب المأساوي للواقعة وإهمال الظروف والأهداف المرتبطة بالحدث وما تلاه من نتائج، وثانياً طرح القضية الحسينية من قبل الخطباء بطريقة أقرب إلى الصورة الشعبية التي تركز على حكايا البطولات الأسطورية، وثالثاً تأثر المصادر الحديثة بالأحاديث المختلقة والموضوعة كون معركة كربلاء لها جانب ديني لارتباطها بالإمام الحسين، ورابعاً تصوير الخطباء لتفاصيل الحدث بالأبيات الشعرية المليئة بخيالات تعبر عن “لسان الحال” وتتحول إلى لسان المقال ومع تكرارها تنتقل في ذهن المتلقي بأنها أحداث وقعت وأقوال قيلت، وأخيراً عدم وجود مؤسسات علمية يتدرب فيها الخطيب على تحقيق الحوادث التاريخية، داعياً إلى أهمية الالتزام بالأمانة العلمية في مراجعة ونقل الموروث الروائي.
وأوضح الشيخ الفرج بكثير من الجزم والقطعية بأن القرن العاشر الهجري الذي شهد صراعاً مذهبياً شرسا هو الفترة الزمنية التي كثر فيه الوضع واختلاق الروايات وكذلك نسبة بعض الأقوال المأثورة أو المواقف البطولية لشخصيات واقعة كربلاء وهي لم تصدر عنهم، أو صدرت من غيرهم وتمت نسبتها إليهم، محملا حكام الدولة الصفوية التي برزت في ذلك القرن مسئولية تغلغل المرويات المختلقة في ثقافة الأمة، حيث كان من ممارسات الحكام الصفويين عقد مجالس عاشورائية رسمية، وكانوا يأمرون العامة بالأخذ بما يطرحه الخطباء في مجالس العزاء التي يقيمونها في أروقتهم.
بدأت جولة المداخلات بمناقشة مدير الندوة الأستاذ عبد الباري الدخيل للمحاضر في حول رفضه التمجيد بشخصيات بطولية بنسبة بعض المواقف المتخيلة لها، حيث أجاب الباحث الفرج بأن ذلك مخالف لقيمة الصدق والأمانة في النقل، وأن الأمر إذا ترك فسوف يتسع لاختلاقات تفقدنا الاستفادة من الدروس الحقيقية لواقعة كربلاء. وأشادت الأستاذة هدى القصاب بموضوع الندوة وانتقدت المحاضر في اختياره لأمثلة واقتباسات كربلائية تعتبر هامشية فالعباس بن علي لن تتغير النظرة حوله برفع بعض الأقوال المنسوبة له، وطالبت الباحث الفرج بالتركيز على الأدوار التي قامت بها بعض شخصيات كربلاء وتم افراغها من مضمونها كدور السيدة زينب بنت علي. وأشاد الأستاذ محمد الماجد بجرأة طرح الشيخ الفرج مبدياً تشككه في الحكم على صحة أو خطأ الرواية بشكل قطعي في ظل المئات من كتب المرويات، وأشار إلى أهمية فرز الروايات التي روجت لأغراض سياسية، لأنها حالة قابلة للحصول حتى في زمننا المعاصر.
الكاتب والصحفي حبيب محمود دعا إلى ضرورة تعزيز الوعي العام بحقيقة بعض الكتابات التاريخية فهي لا تعدوا كونها نسجت من خيال ثم تحولت إلى فلكلور فأصبح تاريخاً متلبساً بالدين، مستدركاً أن بعض المواقف النابعة من الشيم الأخلاقية حصلت فعلاً في واقعة عاشوراء ولكن من غير المستغرب صدور مواقف شبيهة لها في التاريخ في ظروف تكون عصيبة كظرف كربلاء، مشيداً بأهمية البحث للشيخ الفرج حول العباس بن علي. وأشاد الكاتب أمين الصفار بكتاب الشيخ الفرج طالباً توضيح مصدر لبعض المعلومات لواقعة كربلاء الواردة بالكتاب، كما ناقش الأديب والباحث السيد عدنان العوامي المحاضر في المعيار الذي استند عليه في قبول الروايات التي سبقت القرن العاشر ورفض الروايات اللاحقة، مشيراً إلى أن القراءة الحسينية بعلاتها وجدت قبل الدولة الصفوية، متسائلاً عن منهجية المحاضر في البحث التاريخي ومدى قربها من آلية البحث الفقهي.
وناقش الأستاذ محمد جعفر المسكين رفض المحاضر لصحة مقولة السيدة زينب بنت علي بعد مقتل أخيها الحسين “اللهم تقبل منا هذا القربان”، كما ناقش الأستاذ حسين العلي فكرة المحاضر حول الموقف من نسبة أقوال أو مواقف بعض أئمة أهل البيت لبعضهم الآخر بناءَ على نظرية وحدة النور، وتحدث الأستاذ مؤيد الزاير في مداخلته إلى أهمية التثبت في إنكار بعض المرويات التاريخية الواردة لأنها قد تكون نصاً دينيا لا تاريخياً، كما اختلف الشاعر أحمد الخميس مع المحاضر في توصله لجعل الحقبة الصفوية معياراً للفصل بين المقبول والمرفوض في الروايات لأن الوضع والاختلاق وجد قبل تلك الحقبة. وتحدث الكاتب محمد الشافعي مرجحاً صحة ما توصل إليه الكاتب حول حقبة الدولة الصفوية لأنها كانت فترة تركيز هوية جديدة وأن صناعة الهوية تركز على الأشخاص، كما أوضح الأستاذ أحمد بزرون في آخر المداخلات بأن المرجعيات الدينية تعتبر مدارس مختلفة في النظر إلى التاريخ مشيداً بتوجه بعض مراجع الدين وكذا بعض المراكز العلمية في تحقيق التراث والمرويات التاريخية.

الندوة الخامسة (5/12/2017)

منتدى الثلاثاء يناقش العودة إلى ثقافة القبيلة
أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الأسبوعية تحت عنوان “العامية والعودة إلى ثقافة القبيلة .. النشأة والتطور” باستضافة الباحث والشاعر الأستاذ حمد حميد الرشيدي وذلك مساء الثلاثاء 17 ربيع الأول 1439هـ الموافق 5 ديسمبر 2017م بحضور ضم لفيفاً من الكتاب والمثقفين. وصاحب الندوة تكريم البطل العالمي محمد السويق بمناسبة تتويجه بطلاً للعبة التايكواندو وحصوله على المركز الأول في التصفيات التي جرت هذا العام في شرم الشيخ بمصر، كما تضمنت الفعاليات المصاحبة مشاركة الأستاذ عاطف الغانم بعرض مرئي لمجموعة من اللقطات الفوتوغرافية حول البيئة المحلية.
افتتح مدير الندوة الأستاذ زكي البحارنة الأمسية التي تزامنت مع ذكرى المولد النبوي الشريف بالقول إن كثيراً من الصيغ الثقافية التي تملأ مجتمعاتنا والتي من بينها “ثقافة القبيلة بواقعها المعاصر” جديرة بفتحها على مائدة الحوار الموضوعي المنضبط بالاحترام المتبادل كسبيل في إكساب الواقع تراكمات بناءة تشكل رافعة لتجديد الأفكار والرؤى التي تساهم في الأخذ بالقيم الإنسانية الجامعة. وأضاف أن هذه المناقشات لا تحسم التباين في الأفكار بطبيعة الحال، ولكن تجعلها على محك التصويب، مما يدفع بأصحابها لترشيدها ودفع نقاط الضعف عنها، وبهذا تصنع الأفكار التي ترفع قيمة المجتمع وتوجه سلوكياته.
كما عرف بالباحث والشاعر والروائي حمد الرشيدي من مواليد 1966م في ضواحي مدينة خيبر التاريخية، والحاصل على بكالوريوس العلوم في الجيولوجيا، والعميد بالقوات المسلحة، بدأ مشواره الأدبي في القسم الثقافي لجريدة المسائية عام 1414هـ، كما عمل كمعد ومقدم برامج ثقافية في التلفاز والاذاعة السعودية من أبرزها برنامج (أوراق شاعر) الاذاعي، وبرنامج (كتب مهداة) بالثقافية الفضائية. له عدة مؤلفات منها: ديوان “للجراح ريش وللرياح وكر” ورواية “شوال الرياض” عن حياة الملك عبدالعزيز، وكتاب “الجيوإنسانيات .. قراءة في علاقة الإنسان بالأرض من منظور شعري” ودراسة انثروبولوجية وتاريخية عن مدينة خيبر وأهميتها الاقتصادية والتاريخية والدينية وكتاب “العودة إلى ثقافة القبيلة…الجاهلية الجديدة” صادر عام 2015م وهو موضوع الندوة.
بعد ذلك افتتح الباحث حمد الرشيدي حديثه بتعريف مفردة “العامية” التي ترد في الندوة بأنها عامية اللسان من منظور لغوي، وعامية الفكر والثقافة المقابلة لبساطة التعليم، أما المقصود بجملة “العودة إلى ثقافة القبيلة” فإنها مجموعة التوجهات والأفكار الجديدة التي يتبناها بعض إعلاميي ومثقفي منطقة الخليج خلال ثلاثة العقود المتأخرة. وأشار إلى أن ذلك يهدف إلى بعث الحياة القبلية العربية واستعادة بعض ما كانت عليه سابقا من عادات وأعراف على أساس من التمايز الفوقي على بقية القبائل أو الأقاليم، متخذة منحى من التدوين والتنظير الذي أفضى إلى بعض النتائج السلبية في منطقة الخليج. وأوضح أن من نتائجها نشوء “الفكر القبلي” والعودة إلى “ثقافة القبيلة” والتي تتمثل بسلوكيات اجتماعية عفى عليها الزمن، وظهور العامية اللغوية على أساس من التعصب القبلي والنعرة الإقليمية والنزعة المناطقية، لا بأنها قبال الفصحى كما كانت.
وأضاف الباحث أن مثل هذه التوجهات القبلية تستفيد من وسائل الاعلام الحديث في تعميقها وشرعنتها من خلال الاهتمام بتاريخ القبائل ودراسة لهجاتها وأشعارها ومناطق انتشارها لتغذية النعرات المناطقية بين الشعوب العربية، مستدركا بأن الاعتزاز بالموروث والفولكلور أمر مقبول وحق مكتسب للمنتمين إليه، وأن المشكلة لا تكمن في مادة التراث الشعبي وإنما تكمن في شكل الممارسة التي تقوم على النزعة العنصرية والمتطرفة. وأوضح الرشيدي أن بحثه في ظاهرة “العودة إلى ثقافة القبيلة” تقتصر على إقليم نجد مؤكدا في الوقت ذاته أنها ظاهرة تشمل منطقة الخليج “مركز الثقل القبلي” عربيا وإسلامياً، مشيراً بأنها لم تعط حقها من الدراسة والنقاش حتى الآن رغم غرابتها وانحرافها عن جادة الصواب.
وحول فهم جذور هذه الظاهرة، تحدث الأستاذ الرشيدي عن البعد التاريخي للقبلية النجدية قائلاً أن المختصين في دراسة التاريخ القديم لشبه الجزيرة العربية توسعوا في تقسيم تاريخ إقليم نجد إلى ثلاث حقب زمنية بناءً على عوامل متعددة أوجدت انعكاسات متباينة في تكوين هذه المجتمعات وتطورها وتتحكم في تكوينهم الشخصي والنفسي والسلوكي، وأطلقوا على كل حقبة مسميات مختلفة ذات مدلول واحد تقريباً. فحقبة ما قبل الدعوة السلفية (1157هـ) سميت بالعصور المظلمة في دلالة على ربط المصطلح بالجانب الديني أو العلمي، وسميت بعصور الانحطاط من منظور حضاري، وبعض كتاب العصر الحديث أطلقوا مسمى “الجاهلية” بشكل مجازي على فترات زمنية غير محددة من تاريخ نجد حتى قبيل تأسيس المملكة العربية السعودية، وهي تسمية ربما تكون ذات مدلولات دينية وسياسية وثقافية واجتماعية. المرحلة الثانية التي عبر عنها المحاضر ب “القلقة” لما كانت تنطوي عليه من أحداث وتحولات والتي من أبرزها بروز الدعوة السلفية المعروفة والتي جاءت ردة فعل طبيعية لما كان عليه واقع مجتمعات شبه الجزيرة العربية والمجتمع النجدي تحديداً من جهل وتخلف وتفشي للفساد الديني والأخلاقي بين الناس. كما واكب بروز الدعوة السلفية نشوء صراع شبه مستمر بين إمارات شبه الجزيرة العربية على مراكز السلطة كان له أثر عميق في تشتت الشمل العربي في هذه المنطقة. وكان أبرز حدث سياسي طرأ على أوضاع إقليم نجد في ذلك الوقت هو التدخل التركي للسيطرة على شبه الجزيرة العربية خصوصاً بعد تكاثر أتباع الدعوة السلفية وانتشارها، مشيراً إلى أن تلك الأحداث أكبر من طاقة استيعاب المجتمع النجدي كمجتمع بدائي زجت به في المعترك السياسي الدولي، حيث أدت إلى اختلال واضح في بنيتيه الداخلية والخارجية على المستويين الفردي والجماعي.
كما حدد الباحث الرشيدي الحقبة الثالثة لإقليم نجد بأواخر أيام الدولة السعودية الأولى وسقوط الدرعية (1233هـ) لفترة تمتد ثمانون عامأ إلى ما قبل تأسيس المملكة العربية السعودية على يد الملك عبد العزيز، وفي هذه المرحلة بدأت تأخذ هذه المنطقة طابعاً حضرياً من خلال انتشار تعليم الكتاتيب التي ساهمت في التثقيف الديني ومبادئ القراءة والكتابة. واضاف أن المشكلة الرئيسة في هذه المرحلة تتمثل في عدم استقرار الأوضاع السياسية واستمرار الصراعات الداخلية القبلية والنزاعات الإقليمية، بالإضافة إلى تطلع الدول الاستعمارية بريطانيا، فرنسا، والبرتغال لبسط نفوذها بالمنطقة خصوصاً مع بدايات انهيار الإمبراطورية العثمانية.
من جهة أخرى قدم المحاضر توصيفاً للقبلية في نجد التي تتسم بطبيعة الترحال، وفرض السيطرة على القبائل الأخرى، كما أن القوة والهيمنة مقدمة على أي اعتبارات أخرى، كما أنها تنشد للنزعة الإقليمية والعرقية، وأن ولاءها يمنح للأقوى واصفاً هذه الحالة بمبدأ “الخوف والرجاء” في أساليب حياة القبائل وتعاملها مع محيطها، إلى جانب صفات الكرم والشجاعة والايثار والأمانة.
وفي آخر ورقته تعرض الباحث الرشيدي لأبرز مظاهر العودة إلى ثقافة القبيلة في الوقت الراهن كإقامة المهرجانات القبلية لعروض الإبل، والمسابقات الضخمة ذات المبالغ المالية الضخمة بهدف رفع اسم القبيلة عالياً، وكذلك ما تحتويه برامج التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية المشحونة بالعصبية القبلية، وتفشي ظاهرة فحص الحمض النووي. كما قدم رؤيته في بعض المعالجات للحد من هذه الظاهرة كتعزيز الرجوع إلى القيم الإسلامية والإنسانية العليا، وإبراز السيرة النبوية والصحابة في الأخذ بمبدأ التقوى في كل صغيرة وكبيرة، إضافة إلى ترجيح المصلحة العامة للدين والوطن والأمة، والعمل على التثقيف ومحاسبة التجاوزات العنصرية وتغليب اللغة العربية على اللهجات العامية، إضافة إلى تعزيز دور الأسرة في كل تلك المعالجات.
بدأت مداخلات الحضور بتعرض الأستاذ علي الحرز إلى أن الخلل في هذه الظاهرة يكمن في عدم تقديم معالجات قائمة على دراسات أنثروبولوجية معمقة، كما اختلف مع المحاضر في تحميل المستشرقين كامل المسئولية في تعزيز العصبية القبلية. الكاتب إبراهيم الزاكي ناقش المحاضر بأن اللهجات المحلية لا ينبغي اعتبارها معضلة قبلية لأنها أمر تاريخي طبيعي، مشيدا بالتوجه النقدي للباحث الرشيدي لما له من فوائد على صعيد التصحيح من الداخل، وأضاف أن المظاهر التي تطرق لها المحاضر لدى القبائل اليوم قد يكون أحد أسبابها هو حالة الثراء المادي، منتقداً حالة عدم استثمار الثراء في تطوير البنية الثقافية والتعليمية واقتصارها على تطوير البنى الفوقية المادية.
من جهته علق الأستاذ عاطف الغانم بضرورة معالجة الشعور العام بأن تجاوز العرف القبلي يؤدي إلى الضعف الاجتماعي، كما أكد الأستاذ علي سويد على أهمية تعزيز التداخل الاجتماعي بين الأطياف الاجتماعية. وفي نهاية المداخلات عقب الأستاذ جعفر الشايب بأن العالم العربي يعاني الصراع بين تذويب الهوية الخاصة والتمسك بها بدون أي اعتبار داعياً إلى التفكير في احترام الخصوصيات القبلية التي قد تنطوي على بعض الإيجابيات في إطار يستوعب الحالة ضمن قوانين وأطر ثقافية واجتماعية وقانونية، شاكراً المحاضر على مشاركته وطروحاته القيمة.

الندوة السادسة (12/12/2017)

منتدى الثلاثاء يطرح قضايا المرأة في اليوم العالمي لحقوق الانسان

احتفاءً بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان (العاشر من ديسمبر)، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة حوارية تحت عنوان “تمكين المرأة السعودية في رؤية 2030″باستضافة مساعد الأمين العام لمركز الحوار الوطني وعضو مجلس هيئة حقوق الإنسان الأستاذة آمال المعلمي وذلك مساء الثلاثاء 24 ربيع الأول 1439هـ الموافق 12 ديسمبر 2017م وسط حضور كبير من المهتمين بالتطلعات المستقبلية للشأن الحقوقي. وصاحب الندوة عرض لفلم حقوقي قصير ومشاركة الفنانة التشكيلية الأستاذة عصمت محسن المهندس التي تحدثت عن تجربتها الفنية التي تنشد إلى مقاربة الحداثة، حيث كشفت عن مشروعها “مركز ألوان شرقية” والذي تعتزم من خلاله تجميع أكبر عدد من التشكيليين العرب لتنفيذ معارض مشتركة.

كما كان ضمن فعاليات الأمسية منح الناشطة الحقوقية الأستاذة فوزية العيوني درع منتدى الثلاثاء الثقافي لحقوق الانسان الذي يهدف لتكريم الحقوقيين، وألقت العيوني حديثاً عن تجربتها في العمل الحقوقي ابتداء من رعاية الايتام لقضايا المرأة وحقوقها، مؤكدة في حديثها على أن الحقوقيين لا زالوا يأملون بفضاء أوسع للممارسة الفعلية لحماية الحقوق. وتعتبر السيدة العيوني من الناشطات البارزات اللاتي عملن في مجال المطالبة بحقوق المطلقات ومنع زواج القاصرات وحقوق أبناء السعوديات المتزوحات من غير سعوديين.
كما ألقت الأستاذة هدى القصاب عضوة اللجنة المنظمة بالمنتدى كلمة المنتدى بهذه المناسبة مرحبة بمشاركة الأستاذة آمال المعلمي، وكافة الحضور من ناشطات المجتمع المدني، ومنسوبي المؤسسات الأهلية والرسمية، والمثقفين والمهتمين بالجانب الحقوقي، مشيرة إلى اهتمام المنتدى بهذه المناسبة لما لها من علاقة مباشرة بما يحصل من تحولات محلية واسعة في مختلف المجالات وعلى رأسها المجال الحقوقي للمرأة، داعية إلى بذل الجهود أكثر من أي وقت مضى لتطوير المنظومة الحقوقية في بلدنا، ودعم المبادرات الأهلية ومأسستها وتنويع تخصصاتها في هذا المجال.
بدأت الندوة التي أدارتها الأستاذة رجاء البوعلي مفتتحة اياها بالتأكيد على أفضلية الإنسان وقيمته وتكريمه من خالقه تبارك وتعالى، ليأتي الفعل البشري يمتثل لهذا التكريم بالعمل الحثيث على نشر القيّم الضامنة للكرامة الإنسانية، مشيرة إلى أهمية الاحتفاء باليوم العالمي بحقوق الانسان لنشر المفاهيم والقوانين التي لما لها من دور أساس في ضبط وتنظيم العلاقات البينية. وعرَّفت بالمحاضرة آمال يحي المعلمي الحاصلة على بكالوريوس آداب اللغة الإنجليزية، وزمالة مركز الدراسات الإسلامية بجامعة أوكسفورد، بالإضافة إلى دراسات متقدمة في الاتصال الجماهيري من جامعة دنفر الأمريكية، كما عملت على تدريب ما يقارب خمسة آلاف سيدة من خلال مؤسسات دولية ومحلية في مجال الحوار من أجل السلام، وتنمية مهارات الاتصال، وتنمية مهارات التفكير، واستراتيجيات التدريس والتقويم والقياس، لها عدة دراسات ومشاركات في المجالات الاجتماعية والنشاط التطوعي، وكذلك في المجال الثقافي والتربوي.
استهلت الأستاذة المعلمي حديثها بالإشارة إلى مفهوم حقوق الانسان الذي لخصته بأنه مجموعة المبادئ والمعايير الإجتماعية التي تمثل أساسيات للسلوك الإنساني الذي لا يمكن تجاوزه أو الاعتداء عليه، مستعرضة التدرج التاريخي في الاهتمام بحقوق الانسان. وتناولت ما جرى في أعقاب الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان. وقدمت تأصيلاً شرعياً لحقوق الانسان من خلال تحليل لوثيقة المدينة المنورة بين الرسول ويهود المدينة وكذلك لخطبة الوداع في العام العاشر الهجري، موضحة بأن المبادئ التي تضمنتها هذه الوثائق مبادئ عامة تكون صالحة لكل زمن في الأخذ بها وفق متطلبات تغيرات الزمان والمكان.
وركزت الأستاذة المعلمي للحديث بالتفصيل حول الاطار النظامي لحقوق الانسان في المملكة العربية السعودية والتي تتشكل من خلال تشريعات أساسية، وأوامر ملكية، وقرارات مجلس الوزراء، مستعرضة المواد التي تحمي حقوق الانسان مباشرة أو تمثل إطاراً لها، تضمنتها ثمانية أنظمة هي النظام الأساسي للحكم، ونظام الحماية من الايذاء الصادر في عام 2013م، ونظام حماية الطفل عام 2014م الذي يؤسس لمنظومة حماية كل شخص لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره، ونظام رعاية المعوقين عام 2000م الذي لم يكتفي بالنص على الجانب العلاجي بل تجاوزه إلى الجانب الوقائي، ثم نظام المطبوعات والنشر عام 2000 وهو نظام يحمي حرية التعبير، ويعزز مبدأ التقييد النظامي وفق المعايير الدولية، وكذلك نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص صدر عام 2009 ، وفي عام 2012 صدر نظام التنفيذ وهو أحد الأنظمة المساندة للقضاء حيث ينظم متابعة تنفيذ بعض الأحكام القضائية المتعلقة بالأحوال الشخصية وقضايا المال لضمان سرعة تنفيذها، ثم لائحة عمال الخدمة المنزلية عام 2013 والذي يوضح العلاقة بين صاحب العمل وعامل الخدمة المنزلية من حقوق والتزامات.
وتحدثت المعلمي عن مجموعة من الأوامر الملكية وقرارات مجلس الوزراء لدعم الاطار النظامي لحقوق الانسان، وتشمل أحكام ضبط العلاقة بين العامل وصاحب العمل على أساس العقد المبرم بينهما، وقرار الزام الجهات الحكومية باستقبال طلبات النساء لاستخراج التراخيص اللازمة لمزاولة الأنشطة الاقتصادية، وقرار إيجاد أقسام نسائية في المحاكم وكتابات العدل بإشراف إدارة نسائية مستقلة في الجهاز الرئيسي، وقرار معاملة أبناء المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي معاملة السعوديين من حيث الدراسة والعلاج، وهناك عدة قرارات متعلقة بحقوق المرأة في تسهيل الحصول على الخدمات في المؤسسات الحكومية إنشاء المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لتعزيز حقوق الانسان كهيئة حقوق الانسان 2005م، الجمعية الوطنية لحقوق الانسان 2005م، مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني 2003م، الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد 2011م، وبرنامج الأمان الأسري 2005م، واللجنة الوطنية للطفولة 2005م.
وأنهت حديثها بالتركيز على حقوق المرأة وفق رؤية 2030 بالقول أننا بحاجة لتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدنيونشر ثقافة التطوع، والتوعية بثقافة الادخار وتحقيق الأمان المادي للأسرة، كما نادت بتفعيل مشاركة المرأة في المواقع الريادية وتمكينها من المناصب العليا، والعمل على زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل والمشاريع الصغيرة من 20% إلى 30% . كما طالبت بتطوير الرعاية الصحية، والحق في ممارسة الرياضة والترفيه والأنشطة الثقافية، وكذلك الاهتمام بالبيئة الصحية والاجتماعية المناسبة. وفي الأخير أكدت على أهمية مراجعة الأنظمة الخاصة بالمرأة في جميع الجهات الحكومية قائلة إن ممارسة المرأة السعودية للحياة الجادة والنشطة أمر حتمي يفرضه الواقع المعاصر، مناشدة جميع المهتمين بالشأن الحقوقي أن تكون المطالبة ودعم الحركة الحقوقية من خلال التشريعات والأطر القانونية القائمة فهي قادرة على تلبيتها مؤكدة أن فرص تطويرها متاحة.
بعد ذلك كانت جولة من المداخلات حيث أشاد الأستاذ علي البحراني بخطوة المنتدى في تكريم الأستاذة فوزية العيوني، وتحدث من ناحية أخرى عن إشكالية محدودية الاطار للنصوص الإسلامية التي عاقت حتى الآن في تقديم برامج حقوقية تأخذ موقعية عالمية، وأشارت الأستاذة نسيمة السادة إلى ثلاث دعائم لتعزيز تمكين المرأة وهي رفع القوانين التي تقيد حركة المرأة، ونشر ثقافة تمكين المرأة في المجتمع، وانشاء المؤسسات التي تستطيع المرأة أن تلجأ إليها في حال تعرضها لانتهاك ما. في مداخلته عبر الأستاذ وليد سليس بأن البيئة المحلية لم تستوعب بعد الحالة الحقوقية أو الحقوقيين، لافتاً النظر إلى أن ازدياد حالة التعبير من خلال قنوات وسائل التواصل هو مؤشر حقيقي لمستوى استيعاب الحالة الحقوقية، وأنسب سبيل للخروج من هذه الإشكالية هو التشجيع على تأسيس المؤسسات الحقوقية المحلية.
وتساءلت الأستاذة عالية آل فريد حول مدى فاعلية لجنة حماية الإعاقة في اهتمامها بفئة المعاقين من النساء، أما الفنانة التشكيلية أحلام المشهدي فعبرت عن تطلعها إلى أن تمكن رؤية 2030 المرأة من تقلد المناصب القيادية كما هم الرجال، وكذلك تمكينها من مختلف التخصصات العلمية والفرص الوظيفية وتصحيح صرف راتب الوراثة. وناشد الأستاذ علي الدميني هيئة حقوق الانسان للعمل على الافراج عن أي معتقل بسبب الرأي وأن تساعد الجهات المختصة في استيعاب هذه الحالات، من جهتها طالبت الأستاذة أميرة المحسن بتفعيل الرقابة على الشركات والمؤسسات التي تمارس التصنيف المناطقي والعرقي في التوظيف. وفي ختام المداخلات دعى الأستاذ جعفر الشايب المؤسسات الحقوقية إلى تحمل المسئولية في معالجة القضايا المتعلقة بالشأن الحقوقي في المرحلة الحالية، وأن تكون برامج المؤسسات الحقوقية في عصر الرؤية مبنية على أسس واستراتيجية لا تتأثر بالظروف وصولاً إلى منظومة دستورية وإقرار نظام مؤسسات المجتمع المدني.

الندوة السابعة (19/12/2017)

“ضريبة القيمة المضافة” على طاولة منتدى الثلاثاء
تصدر موضوع الساعة “ضريبة القيمة المضافة” مائدة الحوار لمنتدى الثلاثاء الثقافي هذا الأسبوع خلال ندوة عقدت تحت عنوان “ضريبة القيمة المضافة.. الدوافع والنتائج” باستضافة المصرفي الأستاذ أمين محمد الصفار وذلك مساء الثلاثاء الأول من ربيع الثاني 1439هـ الموافق التاسع عشر من ديسمبر 2017م وسط حضور كبير ومتنوع وحوار تفاعلي بناء استفاض بالمعلومات والأسئلة والأفكار.
وصاحب الندوة عرضا لفلم قصير “مخيال” الذي شارك في مهرجانات وطنية وعربية، وكذلك مشاركة الفنانة التشكيلية الأستاذة عصمت محسن المهندس بمعرضها الفني للأسبوع الثاني على التوالي الذي يحكي تجربتها الفنية التي تنشد إلى مقاربة الحداثة. كما كان ضمن فعاليات الندوة تكريم الدكتور اسلام المصلي الأستاذ بجامعة أوريغون الأمريكية لإنجازه عدة براءات اختراع في مجال الحاسب الآلي، من بينها لوحة مفاتيح خاصة للبرمجة.
بدأت الندوة التي أدارها الأستاذ محمد المحسن مفتتحاً إياها بالإشارة إلى أهمية التحولات الاقتصادية الجارية في المملكة ضمن رؤية 2030م والتي من بينها فرض ضريبة القيمة المضافة، حيث تتطلب القاء المزيد من الضوء على تفاصيلها لما لها من تأثير على مستقبل المسار التنموي والموقعية العالمية للمملكة. وعرّف بالمحاضر الأستاذ أمين الصفار الحاصل على تخصص نظم المعلومات الإدارية، ودبلوم عالي في إدارة الجودة، وله مشاركات عدة في دورات وورش عمل في المجال المصرفي.
بدأ الأستاذ الصفار حديثه بالإشارة إلى ما استجد في الموازنة العامة لعام 2018م بتخفيض الاعتماد على النفط بنسبة 50% كمدخل للحديث حول مصادر إيرادات الدول التي من أهمها الموارد الطبيعية والضرائب والرسوم. وأوضح صور الضرائب المعمول بها في مختلف دول العالم بأنها قد تكون ضرائب مباشرة كضريبة الدخل، أو غير مباشرة كالضريبة على المبيعات التي تفرض على المستهلك النهائي من خلال آخر عملية بيع، وضريبة القيمة المضافة التي عرفها المحاضر بأنها ضريبة غير مباشرة تفرض على جميع السلع والخدمات التي يتم شراؤها وبيعها من قبل المنشآت مع بعض الاستثناءات.
وأشار المحاضر إلى آلية فرض ضريبة القيمة المضافة بأنها تأتي في كل مرحلة من مراحل “سلسلة الامداد” ابتداءً من الإنتاج ومروراً بالتوزيع وحتى مرحلة البيع النهائي للسلعة أو الخدمة، موضحا أن عائد تطبيق القيمة المضافة على ميزانية المملكة يتراوح بين 40 و 50 مليار ريال. كما أوضح الصفار أن فرض الرسوم أسهل على الأفراد من فرض الضريبة إلاّ أن فرض الضريبة أكثر عدالة من الرسوم بسبب دعم الفئات المحتاجة من عوائد الضرائب.
من جانب آخر تناول الأستاذ الصفار بعض أهم الدوافع التي بسببها تلجأ دول العالم لفرض ضريبة القيمة المضافة – والمطبقة حالياً في 150 دولة – من بينها المردود الإيجابي المتوقع على خطط التحول الاستراتيجي كرؤية 2030، حيث يكون الهدف من الضريبة هو إصلاح التشوهات الاقتصادية مثل حالات التستر، وغسل الأموال، واقتصاد الظل حيث تشكل العمالة الأجنبية البيئة الحاضنة لها. كما ذكر الأستاذ الصفار أن من الدوافع أيضاً تحفيز قطاعات الاقتصاد في تنويع مصادر الإيرادات وكذلك زيادة القدرة على المنافسة مما يساهم في التحكم في التضخم، وتحسين جودة السلع والخدمات وتقليل هوامش الربح نتيجة زيادة المنافسة. وأضاف أن الضريبة تساهم في زيادة نسبة الشفافية، وترشيد الانفاق العام والخاص، موضحاً أن أهم مكسب لتطبيق القيمة المضافة هو التعرف على الوضع الاقتصادي وبنيته الحقيقية من خلال المعلومات التي ترد من جهات اقتصادية موثوقة بصورة دقيقة.
وأكد المحاضر أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيكون أمرا صعبا على المستهلك في البداية ولاسيما أنها تصل في الواقع إلى ما بين 17% إلى 30% غير أنها ستؤدي بعد فترة من الزمن إلى زيادة الثقافة العامة حول حقوق المستهلك وسيكون الفرد أكثر مطالبة بحقه. أما انعكاسها على العمل التجاري فستساهم ضريبة القيمة المضافة في جعله أكثر تنظيماً واعتماداً للتوثيق الدقيق للعملية المحاسبية، وسيكون البقاء في السوق للمؤسسات الأقوى والأكثر تنظيماً، موضحاً أنه كلما زادت كفاءة تطبيق الضريبة كلما بدت نتائجها أسرع.
وتطرق الأستاذ الصفار لأهمية موضوع قياس أثر الضريبة وانعكاسها على الاقتصاد الوطني مطالبا بضرورة قيام مؤسسات متخصصة بذلك، لافتاً النظر إلى أن تزامن تطبيق الضريبة مع رفع أسعار الخدمات والطاقة سيؤدي إلى صعوبة قياس أثر تطبيق الضريبة بسبب التداخل الحاصل. كما بين المحاضر بعض السبل المعنية بتقليل الآثار السلبية لتطبيق الضريبة على الأفراد كترشيد الانفاق وزيادة الادخار، وتغيير العادات الغير رشيدة، ونشر ثقافة الانفاق الرشيد في العائلة.
وتناول المحاضر أبرز التحديات التي تواجه تطبيق ضريبة القيمة المضافة كمفهوم جديد، حيث أشار إلى أن البنية في الأجهزة الضريبية في منطقة الخليج لا تزال غير فعالة إدارياً وتنظيميا، وتعتبر الهيئة العامة للزكاة والدخل هي الجهة المعنية الآن بإدارة جباية وتحصيل الضرائب والمقاصة ومحاربة التهرب الضريبي ومتابعة غيرها من المسائل المتعلقة. ومن التحديات أيضاً قلة المحامين والمحاسبين الضريبيين، الأمر الذي سيخلق فرصاً مستجدة للأعمال والوظائف، كما أن هناك حاجة لتشكيل محاكم مختصة، ومدى القدرة على الاستفادة من حجم المعلومات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة من تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
في جولة المداخلات، علّق عضو المجلس البلدي المهندس محمد الخباز على أهمية استعداد المؤسسات الصغيرة لتطوير أدائها الإداري والمحاسبي بعد تطبيق ضريبة القيمة المضافة من أجل الاستمرارية في السوق والتقاط الفرص التنافسية، وركز رئيس لجنة التنمية الاجتماعية السابق السيد علوي الخباز على أهمية حماية المنتجات الغير تجارية كالحرفية والزراعية. الفنان ميرزا الصالح طالب أن تعامل المؤسسات الصغيرة بمعدل مبيعات أقل من المعلن لاحتساب الضريبة لأن طبيعة مستوى البيع منخفض، وعقب الفنان محمد المصلي بالقول أنه لا يمكن مع فرض الضرائب أن تتحسن معيشة متوسطي ومحدودي الدخل وأن موارد منطقة الخليج يمكنها أن تسد المصرفات دون الحاجة لضريبة القيمة المضافة.
من جهته أكد عضو مجلس الشورى الدكتور محمد الخنيزي على أهمية الرقابة على عوائد ضريبة القيمة المضافة وتطوير الأداء الإداري والمحاسبي للقطاع الذي يتولى هذه المسئولية لتصبح لهذه العوائد فوائد ملموسة للفئات الأكثر حاجة للدعم، وناقش الأستاذ نادر البراهيم في مجمل إيجابيات فرض ضريبة القيمة المضافة وذهب إلى أن عوائدها غير قادرة على تقليص بعض المشكلات الاقتصادية كالبطالة، ورأى أنه لم يتم توضيح أسباب فرضها بشكل متكامل حتى الآن. وخلافا لذلك أكد الأستاذ موسى الشايب على إيجابيات فرض ضريبة القيمة المضافة في مكافحة التستر وتطبيق الحوكمة بدليل أن الدول الناجحة تمارسها وقد ساعدتها على النجاح، وعبر الأستاذ حسن المبشر عن قلقه من تطبيق الضريبة معللاً أن الوضع العام للأسر الضعيفة والمتوسطة غير مؤهل مالياً للتعامل معها.
وطرح الأستاذ مبارك الميلاد عدة تساؤلات حول الوعاء الضريبي والديون المعدومة، كما تساءل الأستاذ عبد المجيد الزريقي عن انعكاس ضريبة القيمة المضافة على المسرحين من أعمالهم خلال هذه الفترة. وأشار المصرفي زكي أبو السعود إلى أن اتجاه دول الخليج لفرض ضريبة القيمة المضافة جاء في ظل أوضاع اقتصادية وسياسية غير مستقرة كما أن البنية الإدارية غير متكاملة فيرى أن تطبيق ضريبة القيمة في مثل هذه الظروف سيتضرر منها المستهلك النهائي بشكل كبير، وتساءلت الأستاذة زهراء المتروك عن آلية حماية المستهلك مع احتمالات التلاعب المتوقعة مع بدء فرض الضريبة.
وتساءل الأستاذ عبد الله البريكي عن العلاقة بين ضريبة القيمة المضافة وحساب المواطن، بينما ذهب الأستاذ فرحان الشمري إلى أن تخفيض الاعتماد على النفط في الميزانية العامة بنسبة 50% بالتزامن مع فرض الضريبة قد تكون له عواقب سلبية. وطالب الفنان كميل المصلي برفع الضريبة عن الاقتصاد الإبداعي وأكد على أهمية حماية المستهلك من جماعات اقتصاد الظل، كما أشار الأستاذ كفاح الخنيزي إلى أهمية تقييم ومراجعة قرار الضريبة بعد فترة قصيرة من تطبيقه حماية للفئات المحتاجة، وتساءل الأستاذ حسين آل سيف عن المعيار الذي من خلاله نعرف تحقق العدالة الاجتماعية من خلال عوائد ضريبة القيمة المضافة.

الندوة الثامنة (26/12/2017)

حوار حول أطروحة موت الواقع في منتدى الثلاثاء

في ندوة فلسفية حضرها مجموعة من المثقفين والمهتمين وحاضر فيها الأستاذ شايع بن هذال الوقيان، نظم منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الثامنة لموسمه الثقافي الثامن عشر تحت عنوان “أطروحة موت الواقع في الفكر الفلسفي المعاصر”، وذلك مساء الثلاثاء 7 ربيع الثاني 1439هـ الموافق 26 ديسمبر 2017م. وضمن الفعاليات المصاحبة للندوة تم عرض فلم “قاري” للمخرج محمد سلمان، كما ألقى الأستاذ منصور علي رئيس مجموعة “حكايا الفن” كلمة استعرض فيها أهداف وأنشطة المجموعة التي تضم أكثر من 120 فنانا في مختلف المجالات، حيث أقامت المجموعة معرضا فنيا بالمنتدى. كما تم تكريم الطالبة الجامعية فاطمة عبد المنعم الشيخ لإنجازاتها في البحوث العلمية في مجال التغذية وإطلاق وكالة “ناسا” اسمها على أحد الكويكبات.

أدار الندوة الباحث الأستاذ عبد الله الهميلي الذي عرج على مفاهيم فلسفية حديثة مشددا على أهمية دراسة أطروحة موت الواقع والتوجهات الفلسفية المختلفة حوله، كما عرف بالمحاضر بأنه حاصل على ماجستير فلسفة تربية من جامعة فلوريدا، ومؤلف لكتابين هما “الفلسفة بين الفن والايدلوجيا” و “قراءات في الخطاب الفلسفي”، كما أنه عضو مؤسس لحلقة الرياض الفلسفية.

بدأ الأستاذ شايع الوقيان حديثه باستعراض أهم سمات الخطاب الفلسفي لما بعد الحداثة وهو إعادة صياغة مفهوم الواقع أو بالأحرى تفكيكه وتقويض الأساس الميتافيزيقي الذي يستند عليه، حيث أنه لم يعد ثمة واقع واحد بل واقعات، بل لم يعد ثمة واقع بل تأويلات (حسب عبارة نيتشه الشهيرة). وقال أن مفهوم الواقع كما يتجلى في الفكر الغربي مرتبط بمذهب يدعى أحيانا بالواقعية الميتافيزيقية، وهو مذهب ينص على أن هناك واقعاً واحداً موضوعياً مستقلاً عن الذوات المدركة ويعد مرجعاً لتمييز القضايا الصادقة من القضايا الكاذبة. وأشار إلى أن نظرية الصدق الملائمة لهذا المذهب هي نظرية المطابقة، وهذه النظرية تنص على أن القضية “ق” تكون صادقة إذا كانت “ق”، وبالصيغة الدقيقة التي جاء بها ألفرد تارسكي نقول: إن “ق” تكون صادقة إذا وإذا فقط كانت “ق”، بحيث تكون “ق” هي العبارة و “ق” هي الشرط الواقعي لقيمة الصدق.

وأوضح أنه في فلسفة اللغة فإن مفهوم “المرجع” كما أصل له فريجه يمثل الشرط الواقعي لصحة العلامة، وهكذا فإن كلمة (سقراط) تحيل على الشخص سقراط عبر ما يسميه فريجه بالمعنى. وهكذا فإن ثمة علاقة وطيدة بين نظرية المرجع ونظرية المطابقة وكلتاهما لهما أساس ميتافيزيقي واحد وهو وجود واقع مستقل عن العقول. كما أوضح أن نظرية المطابقة الواقعية ليست جديدة بل لها ماض عريق يعود إلى أرسطو، فهو يقول في كتاب (الميتافيزيقا) “أن تقول عن الشيء الذي هو أنه ليس هو أو عن الشيء الذي ليس هو أنه هو، فهذا قول كاذب، وأما أن تقول عن الشيء الذي هو أنه هو والذي ليس هو أنه ليس هو، فهو قول صادق”. وقد أشار هايدجر إلى أن الصيغة الكلاسيكية لفكرة أرسطو والتي تقول (الصدق هو مطابقة الفكر للواقع) تعود إلى ابن سينا والذي أخذها بدوره من إسحاق الإسرائيلي في كتابه (التعريفات) وهو معروف عربياً بكتاب (الرسوم والحدود).

وواصل المحاضر قوله أن أول ضربة قوية وجهت لنظرية المطابقة وبالتالي لمفهوم الواقع أتت من إيمانويل كانط، فمن المعروف أن كانط، في ثورته الكوبرنيكية، جعل صلاحية الموضوع مرتبطة بانسجامه مع تصورات العقل القبلية، وليس العكس كما كان يظن التجريبيون مثل لوك وبيركلي وهيوم. وهكذا فإن الموضوع (الشيء) هو من يتطابق مع الفكر وليس العكس، وبهذا المنهج الترانسنتدالي، أي المنهج الذي يبحث عن الشروط العقلية التي تجعل معرفتنا بالواقع ممكنة، يقوض بشكل راديكالي وجودَ واقعٍ مستقلٍ. وأضاف أن كانط يقر بوجود عالم-في-ذاته يقف إزاء عالم الظواهر، ولكنه بالمقابل ينكر أية معرفة به، لكن، قبل كانط، ظهر رأي غريب ومقلق للفيلسوف الإيرلندي جورج بيركلي تعبر عنه الجملة التالية “أن يوجد شيء معناه أن يُدرَك”، وهو هنا يوحِّد بين المعرفة والوجود.

وبين الوقيان أن الفرق بين بيركلي وكانط هو أن الأخير يقرر أن الشيء موجود بذاته ولكننا لن نعرفه إطلاقا إلا عبر تصوراتنا العقلية القبلية وعبر صورتي الزمان والمكان: صورتي ملكة الحس، وكذلك فكانط يسلم بوجود تصورات قبلية وهذا ما لم يقل به بيركلي. وأضاف أن الواقع تبعاً للكانطية (والبيركلية أيضا) لم يعد مستقلا بل يدين في وجوده (عند بيركلي) وفي شكله (عند كانط) للعقل وتصوراته. ونقل أن الواقع مصنوع من قبل الإنسان ومن اختلاق عقل الإنسان، ولكن هذا العقل هو ملكة مشتركة بين كل البشر في أي زمان ومكان، ومن ثم فهو عقلي موضوعي، مبينا أن الفرق بين موقف كانط وموقف ما بعد الحداثة يكمن فقط في أن العقل الكانطي كلي، وأما العقل ما بعد الحداثي فثقافي تاريخي متغير.

وقال أن الخطاب الفلسفي لما بعد الحداثة لم يأت بشيء جديد كل الجدة، بل هو يعيد في أسلوب جديد ما تم تداوله منذ عصور قديمة تعود لكانط وبيركلي بل وتعود للفكر السفسطائي، فعندما يقول بروتاغوراس (إن الإنسان معيار كل شيء) فإنه يعبر عن النسبية المعرفية التي سوف يجعلها فكر ما بعد الحداثة شعارَه “الميتافيزيقي”، مضيفا أنه إذا كانت قيم الصدق (إضافة لقيم الخير وقيم الجمال) تنهض في إطار الاعتبارات الذاتية أو الثقافية فإن الواقع هنا لا يعود له أي دور. وأضاف أننا هنا نسجل نقطة تلاق بين فكر ما بعد الحداثة وفكر السوفسطائيين، فهما معا يؤمنان بأن العقل نسبي وليس كليا، أما الفكر الكانطي فإنه يطرح ما يمكن اعتباره كلية إنسانية ولكن نسبية واقعية. وأوضح أن الواقع يرى بالنسبة لعقل إنساني ذي صفات كلية (مشتركة)، وأن فكر ما بعد الحداثة هو تطوير وتنويع على الفكر السوفطائي، فهذا الفكر يراهن على البلاغة وليس على المنطق، على الإقناع وليس على الحجاج البرهاني.

وواصل الباحث أنه قد يصح القول بأن الأب الروحي لفلسفة ما بعد الحداثة هو نيتشه، وهذا الرجل يرى أن كل القيم محايثة وليست ذات أصل متعال أو مفارق للزمان وللخبرة البشرية، ومادامت الخبرة البشرية تتغير فالقيم تتغير وليس لها أصل ثابت. وأوضح أن منهج قلب القيم النيتشوي يرتكز على قلب فلسفة أفلاطون، فإذا كانت القيم وإذا كان الواقع عند أفلاطون يكتسب وجوده من عالم المثل فالعكس صحيح عند نيتشه؛ فالواقع، الذي هو وحسب إرادة القوة، هو ما يقرر ويحدد نظام القيم. وقال أنه في القرن العشرين، ظهرت وخاصة في النصف الثاني، موجة ارتيابية عارمة يعبر عنها بما بعد الحداثة، فإذا كانت الحداثة تمجد العقل والمطلق والتقدم الحضاري والتطور البيولوجي والحرية والمساواة فإن ما بعد الحداثة تمجد الطرف النقيض: اللاعقل، النسبي، الانقطاع التاريخي والبرادايم والنسبية الثقافية. ويرى الوقيان أن الصراع بين الحداثة وما بعدها يتعلق جوهريا بفكرة الواقع، فالحداثة تقر بوجود واقع مستقل عن الإنسان والثقافة ومتعال على التغيرات التاريخية، بينما ترى ما بعد الحداثة أن الواقع مجرد أسطورة حداثية وليس ثمة وجود له بل هناك صور عديدة تحاول خلق واقعها الخاص.

وأضاف أن مفكري ما بعد الحداثة يكاد يجمعون على أن الواقع لم يعد واحداً وأنه لم يعد مرجعاً يمكن الاستناد إليه في الأحكام، فالواقع صار لغة واللغة ذات طابع ثقافي وزماني، وبما أن اللغة في هذا الفكر هي طريقنا الوحيد للواقع فإن الواقع ذاته سوف يكتسب من اللغة نسبيتها وتاريخيتها. وأوضح أن الواقع سواء أكان الواقع التجريبي أو الواقع الأخلاقي أو الجمالي ليس شيئا واحدا كليا مستقلا عن العقول المدركة، إنما لكل جماعة لغوية وفئة ثقافية واقعها، بل لكل فرد مخططه التصوري واللغوي الذي يصبح الواقع فيه واقعا فرديا وخاصا، كما أن غياب الواقع يعني في خاتمة المطاف غياب أي قيمة معيارية يمكن اللجوء إليها. واختتم حديثه بالقول أن الفلسفة الكانطية كانت أولى الإشارات القوية لغياب الواقع بمعناها الميتافيزيقي؛ فالواقع أضحى صورة للعقل، ومع الفكر المعاصر الذي جعل كل شيء لغة صار الواقع لغة وانفتح على التأويل بل إنه خضع للعب الدلالي الذي يجعل الإحالة النهائية إلى الواقع أمراً مستحيلا.

وبعد كلمة المحاضر شارك الحضور في مداخلات وحوارات معمقة ومتنوعة حول ما تم طرحه من آراء وأفكار، شملت جوانب مختلفة ومتعددة للموضوع.

الندوة التاسعة (2/1/2018)

المهندس الحاجي يستعرض موضوع الإبتكار في العصر الرقمي

نالت الندوة التي ألقاها مهندس أنظمة التحكم المتطورة بشركة أرامكو السعودية الأستاذ السيد حسن سلمان الحاجي في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 14 ربيع الآخر 1439هـ الموافق 2 يناير 2018م اهتماما كبيرا من الحضور المشاركين، حيث جاءت معنونة “الإبتكار في عصر الديجيتال: الفرص والتحديات”.
وكعادة المنتدى في كل أسبوع فقد تم عرض فلم قصير للمخرج محمد سلمان تحت عنوان “أصفر” يحكي عن التحولات الإجتماعية من خلال قراءة مشهد التغير في سيارة التاكسي ذات اللون الأصفر. كما أقامت مجموعة “حكايا الفن” معرضا فنيا جماعيا لبعض أعضائها، حيث تحدث رئيس المجموعة الأستاذ منصور علي عن الأنشطة والبرامج التي تقوم بها المجموعة في مختلف مجالات الفنون. وتم أيضا تكريم الباحثة الإقتصادية أميرة الغمغام الحاصلة على عدة جوائز لتميزها في أبحاثها الأكاديمية في جامعة هاورد بالولايات المتحدة الأمريكية وتحدثت عن بعض أبعاد تجربتها البحثية.
أدار الندوة المهندس محمد الخباز الذي عرف بالضيف بأنه نفذ العديد من المشاريع التقنية في مجال أنظمة التحكم وأنظمة المعلومات وحماية الشبكات، وقدم العديد من الأزراق العلمية في مؤتمرات داخل وخارج المملكة. ابتدأ المهندس حسن الحاجي محاضرته بإلقاء الضوء على بعض التصورات المستقبلية عندما تتحول أنظمة الإدارة والأتمته إلى الحالة الآلية ويكون دور الإنسان الآلي أكبر وأشمل، موضحا أن النمو الطويل الأجل للإقتصاد يعود إما إلى ثروات طبيعية التي توصف بأنها فاكهة متدنية أو إلى الإبتكارات، ومؤكدا على أن التطور الذي حصل في الةلايات المتحدة كان بسبب الإبتكار الذي يتطلب حواضن وبيئات مناسبة. وأكد على ذلك باستشهاد للدكتور مارتن ويلتزمان الذي يقول “أن النمو طويل الأجل للإقتصاد المتقدم يهيمن عليه التطور التقني”.
وانتقل المحاضر بعد ذلك للحديث حول أبرز الأفكار المبتكرة في تاريخ الإنسان، مستعرضا إياها تسلسليا ومدى تأثيرها على نمط حياة الإنسان ابتداء من النار وانتهاء بالتقنية مرورا على توطين الحيوانات، القراءة والكتابة، توطين زراعة القمح، النقود والتجارة، العجلة، المطبعة، الكهرباء، الآلة البخارية. واعتبر أن ابتكار جيمس وات لماكينة البخار يعتبرانفجارا كبيرا أعطى الإنسان القوة والقدرة لامتداد عضلاته، وأنها تشكل بداية الثورات الصناعية الأربع التي هي الآلة البخارية عام 1784م التي حررت الإنسان والحيوان وأدت إلى الاستغناء عن الكثير من الأيدي العاملة، تلتها الكهرباء عام 1913م التي قللت التكلفة وضخمت الإنتاج بشكل غير مسبوق. الثورة الصناعية الثالثة كانت ابتكار الالكترونيات في عام 1969م ونتج عن ذلك الاعتماد على الحواسيب والأتمتة، وأخيرا ما نعيشه الآن من تحولات رقمية وما ينتج عنها من تداعيات سياسية واجتماعية واقتصادية.
واستعرض المهندس الحاجي مقومات الابتكار الرقمي شارحا تفاصيلها كخدمات المواقع وسعة التخزين والشبكات والاستشعارات المتقدمة ونمو القوة الحاسبية وضخامة البيانات المجموعة والحوسبة السحابية، موضحا المفارقات التكنولوجيا الرقمية والتأثير الأسي. كما بين بعض نماذج من الابتكارات الرقمية المتقدمة كالواقع المعزز والروبوتات والطابعات ثلاثية الأبعاد والذكاء الصناعي والطائرات الصغيرة. وواصل في حديثه حول التحديات التي تواجه الابتكار الرقمية ومن أبرزها القواعد الحاكمة كالأنظمة المؤسسية والحكومية والإجتماعية والمبادئ والقيم، وضعف المهارات كالرشاقة والتكيف والتعليم والفلترة، والسلامة كالتحقيق والصلاحية والأمن. وتحدث مفصلا عن تحديات الأمن السايبري وإشكالات التكيف مستشهدا بأن فترة التكيف من المصانع البخارية إلى المصانع الكهربائية استغرقت 30 عاما، بينما فترة التكيف من المنتجات والخدمات إلى المنصات أخذت من 5-7 سنوات، وأن الإنسان يحتاج مام يقارب 15 سنة للتكيف مع ماهو جديد.
وحول الفرص القادمة تحدث المحاضر عن حزمة من الفرص أبرزها مجال التصاميم كالتطبيقات الذكية والطابعات ثلاثية الأبعاد، ومجال التحولات الذكية كالذكاء الإصطناعي والروبوتات والمنصات، ومجال الخلط كالأجهزة والبرمجيات والبيانات والشبكة والحوسبة السحابية. كما أوضح فرص محددة من بينها السيارة المصنعة بالطابعة ثلاثية الأبعاد، وطباعة الكبد بالطابعة ثلاثية الأبعاد، والسيارات ذاتية القيادة، والذكاء الإصطناعي في مجالس إدارة الشركات، والمنازل المتصلة بالإنترنت، والملابس المتصلة بالإنترنت. وأنه محاضرته بالحديث عن بعض التوصيات المهمة حول التعليم والوظائف والشركات والمؤسسات والأفراد والمجتمع.
بدأت المداخلات بمشاركة من الأستاذ محمد جعفر المسكين حول تاريخ البدء في الحاسوب العملاق في الولايات المتحدة الأمريكية موضحا أنه بدأ مع فترة الحرب الباردة وليس في مرحلة متأخرة، وأكد الدكتور عبد العزيز الحميدي بأن جميع الثورات والتحولات العلمية الكبرى ارتبطت بالرياضيات، مؤكد على أن الثورة الرقمية نتج عنها خسائر كبيرة أيضا على الإنسان. وتساءل الأستاذ عبد الله شهاب عن تأثير التقنية على العملات النقدية المتداولة وعلى قطاعات الإنشاء والبناء، وطرح الأستاذ صالح العمير تساؤلا حول مستقبل وضع الإنسان مع هذه التحولات السريعة جدا وتقلص فرصه الوظيفية.
وتساءل الأستاذ مؤيد الضامن عن الفرص المحلية في ظل هذه التحولات الرقمية الكبيرة، وطرح الأستاذ يوسف شغري تعقيبا حول مستقبل العلوم الإنسانية ودور القيم والأخلاق في ظل هذه التحولات الرقمية التي تتجه لتقليص دور الإنسان والإتماد على الآلة نيابة عنه. كما نوه الأستاذ خالد النزر أيضا عن المخاطر التي أفرزتها التقنية والمؤثرة على حياة الإنسان ومستقبله ومنها المناخ والتعديل الجيني والذكاء الصناعي، متسائلا حول مدى كون الإنسان الإصطناعي مهدد للبشرية.
وتحدث الأستاذ أمين الصفار عن ماهية الكوابح التي يمكن أن توقف هذا الإعصار التقني وتحد من هيمنته الكونية، وأكدت الدكتورة أميرة الغمغام على أهمية الإستفادة من علوم البيانات في مختلف التطبيقات والتخصصات.

الندوة العاشرة (9/1/2018)

الدكتور يوسف مكي يناقش المشروع العربي والتحولات العلمية

ركز الدكتور يوسف مكي على موقعية المشروع الثقافي العربي والتحديات التي تواجهه في ظل التحولات العلمية الكونية في محاضرته التي نظمها منتدى الثلاثاء الثقافي ضمن برنامج موسمه الثقافي الثامن عشر تحت عنوان “المشروع الثقافي العربي والتحولات العلمية الكونية” وذلك مساء الثلاثاء 21 ربيع الآخر 1439هـ الموافق 9 يناير 2018م.
وضمن الفعاليات المصاحبة للندوة تم عرض فلم قصير عن الشاعر والأديب علي الدميني تناول شطرا من حياته الأسرية والأدبية والسياسية، بعد أن تم عرضه في جمعية الثقافة والفنون بمناسبة تكريمه في مهرجان بيت الشعر في دورته الثالثة. كما استعرض الفنان حسن آل عبيد تجربته الفنية من خلال أعماله المعروضة في المنتدى في مجال الفن التشكيلي والخط العربي، متحدثا عن المعارض التي شارك فيها والجوائز التي حققها. كما تحدثت الإعلامية ماريان الصالح عن مبادرتها القادمة وهي “ماراثون الألوان الخيري” الذي يشمل العديد من الفعاليات والأنشطة الترفيهية التي تخدم مختلف فئات المجتمع كمساهمة خيرية لدعم الأعمال الإجتماعية.
أدار الندوة الأستاذ محمد الشافعي مقدما للمحاضره بالحديث عن الأبعاد المختلفة للتحولات العلمية القائمة وانعكاساتها الإجتماعية والثقافية على المجتمعات المختلفة، مؤكدا على ضرورة التعاطي الواعي والمسئول مع هذه التحولات. بدأ المحاضر حديثه بأن المعرفة البشرية أمست عظيمة جدا وتسير بخطى حثيثة في كل المجالات لا يمكن للذهن البشري اللحاق بها، وانعكس ذلك على تغيرات جوهرية ومكثفة في طريقة الحياة لعموم الناس، وتبدلت ثقافات وتقاليد استعيض عنها بأشكال جديدة من السلوك وطرق العيش. واستعرض الدكتور يوسف مكي أشكالا متعددة من التحولات العلمية التي أثرت على المجتمعات الإنسانية خلال العقود القليلة الماضية، وخلقت مجموعة من التحديات والإشكالات بين العلم والفلسفة وتأثيرها على أرض الواقع على البيئات الإجتماعية والهويات والثقافات.
وأضاف المحاضر أن الهوية هي نتاج تاريخي وجغرافي لا تنطوي على عناصر داخلية فقط بل على إسهامات إنسانية محلية وعالمية وتفاعل مع حضارات وثقافات أمم وشعوب أخرى، فالهويات – كما يوضحها الدكتور عماد عبد الغني – لا تتشكل من العدم وأنها حصيلة ديالتيك وسيرورة اجتماعية وهي تعبر عن شكل من أشكال التجانس والإنسجام. وأوضح الدكتور مكي أن التطورات العلمية أحدثت اختراقا للحدود الثقافية، إلا أنه نتج عن ذلك تلاقح إنساني ثقافي غير متوازن لصالح المركز وهو الغرب مما أدى لرواج الثقافة ذات الطابع الغربي وتراجع إمكانية التثاقف بين مختلف الثقافات المعاصرة.
وينقل المحاضر تمييزا يشير إليه الفيلسوف الفرنسي ادجار ميلان بين الثقافة الإنسانوية والثقافة العلمية حيث يشير إلى الإنفصام الحاصلي بين الروح والقلب وبين عالم العقل والتقنية مما يخلق نزاعا مأزوما وصدوعا في الوعي الجمعي، مما يعني أن المنظومات الفكرية تكون مغلقة ومفتوحة في آن معا. وأوضح ان هذا الإنفصام يكون أكثر في المجتمعات التي لم تدخل بقوة في الثورات العلمية والتي هي في الواقع مستهلكة لها، فالقوي علميا يسهم بفعالية في تذويب العناصر الت يتصنع الثقافات المحلية بالمجتمعات الإنسانية بما يحقق غلبة المركز على الأطراف. وأضاف أن تكنولوجيا الإخضاع وصناعة العقول وهندسة الإدراك تلعب أدوارا هامة في كسر الممانعة الثقافية للبلدان النامية، كما أن الغرب لا يتردد في استخدام تكنولوجيا الاتصالات المتطورة لبعث الهويات ماقبل التاريخية متى ما وجد ذلك يخدم استراتيجياته في تحقيق الهيمنة.
وتحدث الدكتور يوسف مكي عن أثر التطورات العلمية على المجتمعات العربية، مشيرا إلى أن تغيرات كبيرة وواسعة حدثت في أنماط الحياة والسلوك وطرق التعامل الإجتماعي، فضعفت وشائج التواصل الإنساني وتراجعت قيم التعاضد والتضامن والتكاتف. وعدد المحاضر أشكالات من التغيرات في أنماط السلوك الإجتماعي بعد انتشار ظاهرة الإنترنت حيث تراجعت مجمل الحالة الثقافية والفنية ودور الكتاب وقراؤه حيث أصبحت المجتمعات العربية من أقل شعوب العالم إقبالا على الكتاب.
انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن دور المثقف العربي في ظل هذه التحولات الكبرى التي ساهمت في تحرير الفرد من قيود حجمه وزمانه ومكانه وجنسه، وخلقت حالة انفصام شديدة وخطيرة بين ماضينا وحاضرنا. وأوضح أنه لا بد من ضبط إيقاع حركة الولوج في الزمن الكوني الجديد باتجاهين متوازيين هما التراكم الثقافي والعلمي والمعلوماتي المطلوب والثاني التماهي الواعي مع الحراك الإيجابي الدائر من حولنا في هذا الكون. وبين أن ذلك يتطلب منا تحديد الأهداف والاستراتيجيات والأدوات التي ينبغي الأخذ بها، والتركيز على أهمية الحوار والتفاعل مع مختلف التيارات الإنسانية بكل أطيافها وتوجهاتها.
وطالب الدكتور مكي بجعل المؤسسات الإعلامية من فضائيات وصحف ومجلات ومواقع الكترونية وعنكبوتية في خدمة مشروع النهضة الجديد، وأن يكون الخطاب فيها منفتحا وتنويريا ورافضا لدعاوى الخصوصيات الثقافية والدينية التي تستخدم كذريعة لقمع الحريات ومصادرة الرأي الآخر. وعبر عن مفهومه للإندماج في العصر الكوني من خلال بعد إيجابي يؤكد على المساهمة في مجالات الثقافة والفنون وإصلاح الأنظمة باتجاه تحقيق مزيد من الإحترام لحقوق الإنسان، ومن خلال اندماج سلبي يرفع في وجه الثقافة العربية تحدي الرضوخ للتبعية والتهميش وإلغاء الذات أمام قوى الهيمنة العالمية الجديدة.
وفي تشخيصه للأزمات العالمية القائمة، بين الدكتور مكي أن مشكلة العالم الثالث تكمن في وقوعه ضمن معادلة المركز المهيمن الذي ينهب ويستحوذ على مقدرات الأطراف، وأن التعددية القطبية تفتح الخيارات أمام الأطراف للحركة والفاعلية، فالحرب الباردة أعطت مجالا لحركات التحرر في آسيا وأفريقيا وأمركيا اللاتينية بأن تتشكل ضمن منظومات جديدة وممارسة حقهاا في الإختيار. وطالب بضرورة تفعيل الحراك والوعي الإنساني لاكتشاف الذات مجددا وإعادة صياغة مشاريع الأمة على ضوء المتغيرات المستجدة.
وأنهى الدكتور يوسف مكي ورقته بالحديث حول دور الثقافة العربية في هذا الزمن الكوني، حيث أكد أننا من أكثر الشعوب مصلحة في تحقيق التواصل والإندماج لأن ذلك سيكون عاملا مساعدا في التعجيل بقطع المسافات الطويلة التي ينبغي علينا تجاوزها الآن. وأضاف أن الجدلية التاريخية تفرض علينا الدخول في رحاب عالمي إنساني دون أن يعني ذلك تنازلا أو ارتماء أعمى في أعتاب النظام العالمي الجديد أو تحت أقدام جياده التي تفننت في هزيمتنا وسحق ارادتنا.
بدأت المداخلات بأسئلة من مدير الندوة الأستاذ محمد الشافعي حول الحداثة وحملها لاحتمالات مسارات متعددة وعن مدى فاعلية وقدرة الأطراف على توسيع دورها أم أنها محصور في تأثير المراكز فقط، ونبّه الأستاذ أحمد الخميس إلى الخلط الحاصل بين مفهومي الحداثة والعولمة المتغولة متسائلا عن المشروع البديل لمواجهتها. وانتقد الأستاذ حسن ال جميعان خطاب المحاضر الذي اعتبره مليئا بالهواجس وبرتكات الهزائم والانكسارات متسائلا عن المخرج من هذه الأزمة والبحث عن حلول لا تحمل داخلها الانهزام، أما الأستاذ جعفر الكشي فطرح اشكالية انتشار المدارس العالمية التي تعتمد على اللغة الانجليزية في تدريس طلابها مما يؤثر سلبا على الهوية.
وتناول الأستاذ محمد جعفر المسكين دور الشعر والحكمة في الفلسفة وتعزيز مكانتها الحضارية، وطرح الأستاذ أمين الصفار تساؤلات عن دور شركات النفط في التحول والتغيير في العالم وليست الدول فقط. ووجه الأستاذ علي الحرز ملاحظته حول موقعية الشعر والسرد وعلاقتهما بالهزيمة والانتصار كأنماط تعبيرية في الوسط العربي، وطرح الأستاذ زكريا المدن اشكالية تراجع قيم المجتمع القديم التي تنتج مثقفا مستقلا والتنازع في ذلك بين مدرستي الإجتماعيين والثقافيين. وتساءل الأستاذ عبد الله الدحيلان عن تأثير التدخل الروسي في سوريا على معادلة عودة الثنائية القطبية العالمية، أما الدكتور عبد العزيز الحميدي فأكد على أهمية تنمية مهارات التفكير في التعليم بالنسبة للأجيال القادمة.
وأكد الأستاذ زكي ابو السعود على ضرورة بلورة الهوية الخاصة دون أن يلازمها انغلاق داخلي أو وضع عراقيل للوصول والتعاطي مع المعرفة والثقافة العالمية، وأنهى الأستاذ يوسف شغري المداخلات بنظرته أن واقع اتجاه البشرية لا يقود إلى التفاؤل بل إلى المزيد من انحدار القيم ويتطلب ذلك العمل على توطين المعرفة والتأكيد على دور الشعوب التي قد تفاجأ الجميع.

الندوة الحادية عشر (23/1/2018)

“قيثارة العشق” تنثر الشعر وردا بمنتدى الثلاثاء الثقافي

أمسية ثرية بالشعر والأدب والجمال، وبحضور نجوم الشعر والأدب من مختلف المناطق، تلك التي أقامها مؤخرا منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء بتاريخ 6 جمادى الأول 1439هـ الموافق 23 يناير 2018م بمشاركة قامتين أدبيتين معروفتين على الصعيد الوطني والعربي هما الشاعرين طلال الطويرقي وناجي حرابة، وأدار الأمسية الشاعر ياسر الغريب. وكعادة المنتدى كل أسبوع، فقد أقام الفنان حسن قاسم آل عبيد معرضا فنيا للأسبوع الثاني في المنتدى شمل بعض أعماله في الخط العربي والفن التشكيلي، كما عرض فلم قصير عن حياة الراحل الشاعر حسن السبع، وتم تكريم الأستاذتين رحاب المزارع وعقيلة آل ربح لحصولهما على شهادة الدكتوراة الفخرية من المركز الثقافي الألماني لأبحاثهما في مجال دمج الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
بدأت معزوفة الشعر بكلمة أدبية رائعة لمدير الندوة الشاعر ياسر الغريب قال فيها “أن نقيم أمسية شعرية يعني أن نصنع إيقاعا داخل إيقاع الزمن، أن نفتح نوافذ على المخبوء من ذواتنا، أن نلون الفراغات حتى تصبح لوحة تشكيلية تستبطن ما وراء الغد. الليلة سنحظى في منتدى الثلاثاء الثقافي بلذة الإصغاء لشاعرين يؤثثان بالدهشة والجمال المشهد الأدبي في المملكة”. وعرّف بعد ذلك الشاعر طلال الطويرقي المتخرج من قسم اللغة العربية بجامعة أم القرى في مكة المكرمة ونشر شعره في الصحف السعودية والعربية، ومثل المملكة في عدة مهرجانات عربية، وصدرت له ثلاثة دواوين شعرية، أما الشاعر ناجي حرابة فقد أصدر ثمان مجموعات شهرية وحصد العديد من الجوائز، وكتبت عن تجربته الشعرية العديد من الدراسات البحثية والمقالات الصحفية.
على مدى ثلاث جولات، تناوب الشاعران الطويرقي وحرابة في إلقاء قصائدهم العمودية والنثرية، تلاها حوار أدبي حول تجربتهما الشعرية. استهل الشاعر طلال الطويرقي الأمسية بقصيدة “فراق سيدة البنفسج” التي قالها في وداعه لأمه عند مشاركته في مهرجان الشباب العربي التاسع بالاسكندرية حيث كانت أمه رافضة مغادرته لها، واصفا حالة الوداع وذكرياته المؤلمة، جاء فيها:
أمي تشارف عـــامها الخمسينـــا وتدس من وجــه الندى تشرينا
نأت المرايـــــــا فاستبد نشيجهـــا في رأس أمـي لهـوة وسنـــينا
ورحى من الذكرى تؤلب جمرها وتكتب من شجن اللـــظى تنينـا
قبل الوداع أذوب فـــي نظراتــها وتشـر في رئتي الوداع حزينا
تبعها بقصيدة غزلية “مساء عذب” يتغزل فيها بمحبوبته ويبث لها أشواقه وهمومه:
مساؤها العذب لا يغفــو به قمــر ولا نجــوم ولا غيـم ولا وتــر
بللت أفيــاء ذكرانـــا فمــا عرفت كيف التقينا وهذا البين يحتضر
غادرت لا الريح تتلوني ولا سفر أفقت من نبضه المنساب يعتذر
أفل من صوتها المجنون أشرعـة وجمرة من بقايا الشــوق تستعر
وأنهى الجولة الأولى بإلقاء مجموعة قصائد نثرية جميلة شملت “مرحلة الأزرق” و “لم يعد سرا”. وواصل بوحه الشاعري بقصائد متنوعة “خريف قادم”، “وصايا”، “بساطة” و “غيم”، وكان آخرها قصيدة “طلق” والتي جاء فيها:
لم تشتك أمي تعسر مولدي
فالطلق داهمها بقرب البيت
لم تعرف طريقا للمكوث، أمام باب الدار
لم تشك غياب أبي، ولم تصرخ كثيرا في بداية أمرها
لم تعترف أبدا، ولم تترك تقلص رحمها
في لحظة الطلق الأخيرة لي، لم تقترف يوما أخيرا من تفاصيل العلاقة
كي تبلل طفلها البكري في ماء المخاض
استلم منصة الإلقاء بعده الشاعر ناجي حرابة، الذي قدمه مدير الأمسية بمقطع من قصيدته “توضأ يادمي ثملا وصلي” ليبدأ أشعاره الطرية
كروم تبــــوح لمن ذاقهـــا وتسكب في الروح أعماقها
إذا أخلصت كرمة سكرها تولت يـد الغيــب إغداقـهـــا
إذا نخلــة ألهمت فكــــــرة أمالت إلى الأرض أعذاقـها
لتبذرهــــــا أمــة بالــرؤى وترفــــع للـــــــه أعناقهـــا
تلاها قراءة قصيدة “عقد يحاول أن يضيئ”، والتي عبرت عن انسانية عالية، جاء فيها:
على بعد صبر، سآتيك من عمق جيد الأعاصير باللؤلؤة
وخذ من دمي يا أخّي إلى أن تجف العروق
فلست ابن أمي إذا احتل جفنيك ليل ويلهو بعيني الشروق
وبي يا أخياتي المثقلات من الشهد جرح فراه النشيج
ألا إبر من يديكن تكمل خلق النسيج
وما السر ليلاي، صلي لكي أفهما
لماذا وانت ابتكار التراب،
لماذا إذا ما رشفت شفاهك أشعر أني ارتشفت السماء
ثم غرّد بقصيدته “أغنية” التي تغنى بها الحضور وعشقوها:
إذا ذبلتْ في عيونكَ أمنيةٌ ثم لذتَ إلى القلبِمُستسقياً فانكسرتَ من الحزنِ إذ جفتْ الساقيةْ
فارتشفْ أُغنيةْ
إذا أَشعلَ الهمُّ ريحانَ صدركَ واغتيلَ وردُكَ بالصّرصرِ العَاتيةْ
فاشتممْ أُغنيةْ
إذا وجلتْ من ظلامِ الكوابيسِ نجواكَ
واستوطنَ الخوفُ رأسَكَ
في ليلةٍ شاتيةْ
فاقتدحْ أغنيةْ

وفي جولة الحوار حول التجربة الشعرية، رأى الطويرقي أن التجربة الشعرية كالجنين؛ والذي يحتاج إلى مراحل حتى ينضج، مستعرضا أبرز المراحل الشعرية والتي مر بها، منوها إلى أن بداياته كانت بقراءة الشعر القديم وحفظ المعلقات؛ مرورا بقراءة شعر العصور الإسلامية والعباسية وانتهاءا بالشعر الحديث والذي «أقام فيه» بحد تعبيره. وعن كتابته للرواية؛ رغم أنه شاعرا؛ أجاب: أنه لايوجد اي ضرر في كتابة الشاعر للرواية؛ وأن في مرحلة ما بعد الحداثة تتجاور الفنون وتتساوق في ما بينها ولا يمكننا الفصل بينها بشكل حازم، فالرواية أحيانا تتلبس لباس لغة شعرية، مستشهدا بمعلقة إمرؤ القيس وشعره. وانتقد الطويرقي عملية الفصل بين الفنون؛ مشددا على أنها عملية غير مجدية لأن الفنون جميعها متقاربة.
ورأى الشاعر ناجي حرابة أن لا أحد من شعراء هذا الجيل يمكن الحكم على تجربته بأنه مؤثر على الآخرين على غرار شعراء جيل الثمانينيات، وقال أن الحسنة الوحيدة لشعراء هذا الجيل هي انهم يجاهدون أن يكونوا شعراء بحق وأنهم يحاولون تجاوز المرحلة، كما أنهم حملة أمينين لما خلفه لهم الجيل السابق. وأشاد حرابة بالشعراء الذين اجادوا كتابة القصيدة النثرية وتفعيلها، وأشار إلى كتابته المسرحيات الشعرية لأطفال ذوي الإحتياجات الخاصة والتي حاول فيها فهم احتياجاتهم وآمالهم والامهم.

الندوة الثانية عشر (6/2/2018)

منتدى الثلاثاء الثقافي يشارك في التوعية بأمراض السرطان

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان ندوة تثقيفية تحت عنوان “الاكتشاف المبكر لأورام الجهاز التناسلي”، ألقاها الدكتور أشرف المطر استشاري جراحة أورام المسالك البولية في مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام، وذلك في مساء يوم الثلاثاء 20 جمادى الأول 1439هـ الموافق 6 فبراير 2018م، وأدارها الدكتور محمد الحماقي بحضور جمع من المهتمين في المجال الصحي. وقبل بدء الندوة تم عرض فلم تثقيفي قصير حول أمراض السرطان، وبعده تحدث الفنان التشكيلي فاضل أبو شومي عن تجربته الفنية وأعماله التي عرضها في المنتدى هذا الأسبوع، كما تم تكريم المفوض الكشفي الأستاذ علي العبندي الذي تحدث عن تجربته في مجال الكشافة معرفا بمجالاتها المختلفة ومشاركاته ضمن أنشطتها محليا ووطنيا وعربيا.
قدّم مدير الندوة للمحاضرة بكلمة عبّر فيها عن أهمية التوعية بأمراض السرطان وسبل الوقاية منها وطرق علاجها مشدّدا على أنه يعتبر المسبب الثاني للوفاة على مستوى العالم، حيث حصدت أمراض السرطان في عام 2015 حوالي 8،8 مليون شخص، أي ما يمثل واحد من كل ست وفيات في العالم. وعرّف المحاضر الدكتور أشرف المطر بأنه خريج جامعة الملك فيصل بالدمام وحاصل على شهادات الاختصاص السعودي والأردني والزمالة الكندية في جراحة أورام المسالك البولية، وعضو في العديد من الجمعيات المهنية المتخصصة ونشرت له العديد من الأبحاث العلمية في هذا المجال.
بدأ الدكتور أشرف المطر محاضرته بالحديث معرّفا الجهاز التناسلي وتحديدا حول أورام البروستات موضحا أن ترتيبها الخامس بين أمراض السرطان لدى الذكور على مستوى المملكة بعد القولون والغدد اللمفاوية واللوكيميا والرئة حسب إحصاءات عام 2014م. وتتقدم المنطقة الشرقية على بقية المناطق في ترتيب سرطان البروستات مع بقية الأورام، وأوضح أن الإحصائيات تشير إلى انعدام التشخيص المبكر لسرطان البروستات في العمر ما بين 45-59 عاما، بينما يحتل المرتبة الثانية من أمراض السرطان لدى الفئة العمرية ما بين 60-74 عاما، والمرتبة الأولى للفئة العمرية الأكبر من 75 عاما.
بعد ذلك فصّل المحاضر أنواع أورام البروستات بكونها موضعي ومتقدم أو منتشر في أجزاء مختلفة من الجسم، موضّحا أن 44% من حالات السرطان المكتشفة في السعودية هي موضعي، والباقي منتشر أو غير معروف، بينما ترتفع هذه النسبة الى 81% في الولايات المتحدة الأمريكية. وأشار إلى أنه لا توجد هناك أعراض واضحة في المراحل الأولى للإصابة بالسرطان، وأن من بين الأسباب التاريخ العائلي والجينات الوراثية، والأصول العرقية، ونوعية الغذاء وزيادة السمنة في الجسم.
وحول الكشف المبكر لسرطان البروستات، أوضح الدكتور المطر بأنه يعني عملية البحث عن السرطان لدى الأفراد الذين لا تظهر عليهم أية أعراض واضحة، وأن فائدته هو في تشخيص المرض بشكل مبكر مما يجعل فرص العلاج أفضل بكثير، ناصحا بأن تكون بدايات الفحص عن سرطان البروستات عند الخمسين من العمر. وبيّن أن الفحص يكون إما عن طريق قياس معدل PSA في الدم أو عن طريق الاختبار من قبل الطبيب لمعرفة إن كان هناك تضخم في البروستات، وأحيانا عبر أخذ عينات مشيرا إلى إيجابيات وسلبيات الفحص المبكر وتأثيره على حياة الأفراد.
تناول المحاضر بعد ذلك أورام الخصية والتي تعد من أكثر أمراض السرطان انتشارا بين الفئة العمرية 15-35 عاما، وفي المملكة فهي تقع في الترتيب الرابع لأمراض السرطان لهذه الفئة العمرية بنسبة 9،4%. وأشار إلى ضرورة تعلم وسائل الكشف الذاتي لأمراض الخصية للتأكد من عدم إصابتها بأورام خبيثة، وللعمل على معالجتها قبل انتشارها، حيث أن نسبة الشفاء من علاج أورام الخصية أعلى من 95% عندما يتم اكتشافه مبكرا. وأنهى المطر محاضرته بالتأكيد على ضرورة الفحص والكشف المبكر لمختلف هذه الأورام كي يمكن البدء في معالجتها واتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك قبل استفحالها، موضحا أن المراكز الطبية القائمة قادرة على استيعاب مختلف الحالات.
في بداية المداخلات، تحدث الأستاذ حسن الزاير عن تضخم البروستات وضرورة الفحص المبكر لأبرز أنواع أورام السرطان ضمن برنامج وطني محدد، وأهمية التوعية الوطنية الشاملة بهذه الأمراض وعمل مسوحات شاملة. وتساءل الأستاذ فرحان الشمري عن وظيفة البروستات في الجسم، كما طرح الأستاذ أحمد آل حسن تساؤلا عن حول أعراض ورم الخصية وطرق الكشف عليها. وأشار الأستاذ موسى الشايب إلى برنامج التحول الوطني في القطاع الصحي مع التغيرات في مبادرات الرعاية ومبادرة الملف الصحي، كما تناول الاكتشافات الجديدة في علاج مختلف الأمراض والأورام.
وتناولت الأستاذة خديجة الربعان أهمية إصدار وتعميم بروتوكولات للمرضى المسنين يشمل الكشف على مختلف الأورام السرطانية المحتملة، وتساءل الأستاذ طاهر آل حسن حول تأثير السرطان على مدى الخصوبة، وعما إذا كان سرطان البروستات يزيد من نسبة الطفرة الجينية تنعكس على الأجيال اللاحقة.

الندوة الثالثة عشر (13/2/2018)

منتدى الثلاثاء يحتفل باليوم العالمي للقصة

شارك مجموعة من النقاد الأدبيين والقاصين وجمهور من المتابعين في احتفالية منتدى الثلاثاء الثقافي التي اقامها بمناسبة اليوم العالمي للقصة تحت عنوان “المشهد الثقافي وكتابة القصة” وذلك مساء الثلاثاء ٢٧ جمادى الاول ١٤٣٩هـ الموافق ١٣ فبراير ٢٠١٨م، حيث قدم كل من الاديب والقاص عبد الله النصر ورقته التأسيسية تحت عنوان “القصة القصيرة: نشوئها وخصائصها”، كما عرض القاص والناقد محمد الحميدي ورقته المعنونة ” الادب القصصي في المنطقة”.
وقبل بداية الندوة وضمن الفعاليات المصاحبة لها، تم عرض مقاطع من فلم “ثوب العروس” الحائز على عدة جوائز في مهرجانات فنية مختلفة لمخرجه الفنان محمد سلمان. واستعرض الكاتب والعضو المؤسس في “نادي القصة” الاستاذ موسى آل ثنيان فكرة تأسيس النادي وأهدافه والتي من بينها الإعلاء من شأن القصة لتأخذ مكانا لائقا بها في الأمسيات الأدبية والعمل على صقل التجارب لترتقي بكتابها والمهتمين بها، كما استعرض هيكلية النادي والمبادرة التي أطلقها مجموعة من أدباء ومثقفي المنطقة. كما استعرض التشكيلي فاضل ابو شومي الحاصل على العديد من الدورات التدريبية في بمختلف الفنون استعرض تجربته الفنية من البدايات وتوجهاته التي حاول التعبير عنها من خلال التدريس كمعلم تربية فنية، وقد عرض عدة لوحات من أعماله في معرض فني بالمنتدى للأسبوع الثاني على التوالي.
بدأت الأمسية القصصية التي أدارها الأستاذ حسن شروفنا بحديثه عن الاهتمام المتنامي لدى الكتاب بكتابة القصة وخاصة القصيرة منها، حيث تشهد الساحة نموا مضطردا في حجم المادة القصصية المنتجة، مشيرا إلى أن عقد هذه الندوة من قبل المنتدى يأتي متزامنا مع مناسبة الْيَوْمَ العالمي للقصة. وعرف المحاضران بأنهما من رواد النقد وكتابة القصة، فالكاتب عبد الله النصر من مواليد الاحساء صدرت له سبع مجموعات قصصية وثلاث روايات، وهو عضو في العديد من الجمعيات والاتحادات الأدبية ومثل المملكة في ملتقيات خارجية وعمل محمد للقصة القصيرة. أما الأستاذ محمد الحميدي فهو يعمل في قطاع التعليم وحاصل على ماجستير في الأدب العربي والنقد الأدبي، له تسعة إصدارات منشورة وحصل على عدة جواز أدبية ونشرت له مقالات في صحف ورقية وإلكترونية.
بدأ الناقد الأدبي محمد الحميدي بالتساؤل عن سمات الأدب القصصي في المنطقة فابتدأ بالإشارة إلى سمة النثرية والتميز بالإبتعاد عن أسلوب كتابة الشعر ذي الخصائص المميزة، معتبرا ذلك سمة إيجابية ومستعرضا نماذج من روايات كتبها ممارسون للكتابة الشعرية. وبين أيضا أن من سمات الأدب القصصي هي الاستطرادية حيث يأخذ الكاتب في الحكي ووصف الأحداث ثم يتوقف عند نقطة سلبية كأن تكون عيبا اجتماعيا فيأخذ حينها زمام المبادرة ويعمل على توزيع النصائح على القارئ.
وأضاف الناقد الحميدي أن سمة التكرار ظاهرة في العديد من الأعمال الأدبية، حيث يعمد القاص إلى إدراج الأحداث في روايته ولكنه يضع نقاط التقاء بين الفصول المختلفة والأحداث المتوزعة تتمثل في عبارات مكررةومتشابهة تؤدي وظيفة معينة. وتطرق في حديثه إلى بعض السمات البنائية والتركيبية وإشكالياتها في العمل القصصي كنمو الشخصيات داخل الرواية بصورة غير نموذجية، واستعرض كذلك أفق المتوقع وخداع القارئ من قبل المؤلف حيث لا يعتمد على العناصر الفنية الحاكمة للنوع الأدبي. وقال الناقد الحميدي أن كتابة القصة القصيرة جدا هو نوع جديد على الساحة الثقافية ويمثل إشكالية بسبب عدم وضوح سماته وقوانينه، وأوضح أن هذا الفن لا يزال في بدايته وفيه الكثير من الأخطاء، مستعرضا نماذج من كتاب القصة القصيرة جدا وإصداراتهم المختلفة.
انتقل الحديث بعد ذلك للكاتب عبد الله النصر الذي تطرق للحديث عن نشأة القصة القصيرة وبداياتها في المنطقة العربية على أيدي بعض الكتاب الرواد على رأسهم يوسف إدريس ومحمد بوزفو وزكريا تامر وغيرهم، وعن طريق ترجمة بِعض القصص الأجنبية أيضا. وتعرض النصر تعريفات مختلفة للقصة القصيرة ومنها أنها نص أدبي نثري يعمل على تصوير موقف معين أو عور إنسان بشكل مكثف لتحقيق مغزى معين، وواصل حديثه حول خصائص القو القصيرة ومنها الوحدة ومعناها التركز على فكرة واحدة أو هدف واحد، والتكثيف وهو التوجه بشكل مباشر إلى هدف القصة ومبتغاها، والدراما وتعني المزج بن الحرارة والحيوية والديناميكا في القصة.
ثم انتقل للحديث عن عناصر القصة القصيرة، فتناول بالتفصيل عناصرها العشرة وهي الحادثة، السرد، البناء، الشخصية، الزمان والمكان، الفكرة، الموضوع، اللغة، الأسلوب الفني، والحوار. وفرق المحاضر بين القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا بأن الأخيرة تكون ذات تكثيف كبير ومركز وبليغ وعادة لا تلتزم بعناصر الحدث وتبدأ متأزمة ومفاجأة وتنتهي كذلك. وحول وضع القصة القصيرة في المشهد الثقافي اليوم، أوضح الأستاذ عبد الله النصر أن أكثر كتاب اليوم يَرَوْن بأن القصة كشعر النثر يجب أن تتخلص من قواعد العناصر الأساسية والكتابة بحرية تامة لأن ذلك هو الأنسب لإخراج الفكرة، بينما لا تجد فيها الروح الحركية الفعالة المتوخاة.
بعد ذلك شاركت القاصة اميرة الحوار بإلقاء مختارات من أعمالها القصصية، حيث تنوعت مختاراتها القصصية وأساليبها، وامتعت الحاضرين بذلك باعتباره مادة تطبيقية للحديث النقدي الذي سبق.
في بداية المداخلات، انتقد الاستاذ علي الحرز الطريقة التي يختارها بعض الادباء في انتظار تقييم الغربيين للانتاج الادبي والاعتراف به، مع ان هناك اعمال جبارة يهملها قارؤوها الى ان يتبناها ناقدون او أدباء غربيون فتبرز أهميتها. ولاحظ الاستاذ موسى ال ثنيان الخلط ان الاستاذ الحميدي استعرض عدة اعمال للقصة بينما ركز على عملين روائيين فقط مما فد يفسر بوجود تحفظ لديه على العمل الروائي.
وذكر الاستاذ عادل جاد ان عامل التأثير على القارئ يعتبر من السمات المهمة لأي عمل قصصي وان الخاتمة الصادمة في القصة القصيرة ينبغي ان يكون منسجما ومتوافقا مع سياق العمل في القصة، مؤكدا على ان وسائل التواصل التقني قد غيب علاقات التميز بين المركز والاطراف في المنطقة العربية بالصورة التي كانت عليه سابقا.
وقال الاستاذ علي الشيخ ان مصطلح “كسر افق التوقع” لدى المتلقي يعتبر من العناصر المهمة التي تميز بعض الاعمال الادبية عن غيرها. وتساءلت الدكتورة نضال النصر عن النتاج الذي يتركه الفوز بالجوائز على الادبية على مستوى الكتابة وتطورها، وبينت ان الاديب والكاتب مسئول عن ايصال مشروعه للافق العالمي بالتعاون مع بقية زملائه دونما انتظار من جهات اخرى ان تقوم بهذا العمل نيابة عنه.

الندوة الرابعة عشر (20/2/2018)

مهارات التواصل والقيادة في منتدى الثلاثاء

تناول بطل الخطابة الفكاهية الأستاذ محمد العيسى في محاضرته التي كانت تحت عنوان “مهارات التواصل والقيادة” عدة قضايا تتعلق بهذا الموضوع المهم وكذلك أسرار الخطابة الملهمة وسبل تطوير مهارات التواصل، وذلك في الأمسية التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 4 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 20 فبراير 2018م. حضر الأمسية جمع من المثقفين والمهتمين ودارت خلالها العديد من الأسئلة والمناقشات حول مختلف جوانب الموضوع.
قبل بدء الأمسية، تم عرض فيلم قصير تحت عنوان “رفقا” يحكي عن ضرورة تعاون طرفي الأسرة في التربية وتقاسم الأدوار في المنزل من ناحية اجتماعية، كما تحدث الخطاط جابر الهروبي عن تجربته في الخط العربي بعد تواصله مع مجموعة من خطاطي المنطقة، حيث أقام معرضا فنيا يحتوي على أبرز أعماله في هذا المجال. وقام المنتدى بتكريم تسعة طلبة هم أبطال الرياضيات الذهنية الذين مثلوا المملكة في عدة مسابقات دولية وحققوا مراكز متقدمة في هذا المجال، حيث تحدث الدكتور السيد أمين أبو الرحي عن تجربة مشاركة الفريق والنتائج التي حققها وتطلعهم لمواصلة مشوار التميز.
أدار الندوة الأستاذ السيد أحمد الحسن، الذي قدم للموضوع بكلمة حول أهميته وضرورة التعرف على الأبعاد المختلفة للقيادة والتواصل ولدور الخطابة في تحريك الأفكار ونقلها وتداولها معرفا بالمحاضر بأنه مهندس استشاري متقاعد حديثا من شركة أرامكو وحاصل على وسام العريف المميز وهو أعلى وسام تمنحه منظمة التوستماستر العالمية، وله سجل حافل بالفوز ورقم قياسي عالمي غير مسبوق في مسابقات الخطابة فقد فاز ولخمس مرات في مسابقات الخطب الفكاهية.
بدأ الأستاذ محمد العيسى محاضرته “مهارات التواصل والقيادة ” بتعريف التواصل عبر تمرين عملي بسيط منتهيا إلى القول بأنه أي شيئ نقوم به لنقل المعلومات والأفكار والمشاعر لطرف آخر أو لاستقبالها منه، وهو لا يقتصر على اللغة الملفوظة أو المكتوبة بل على أي حركة يقوم بها الجسد وأي تغير في نغمة الصوت، موضحا أن اللغة تلعب 7% فقط في نقل المعلومات بينما يقوم تغير نبرة الصوت بنسبة 38%، وتلعب لغة الجسد بنسبة 55% في نقل المعلومات للأخرين.
وبتدريب عملي آخر، انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث عن القيادة وعرفها بأنها إحداث التغيير عبر التأثير على الآخرين بتحريك عقولهم ومشاعرهم، مشيرا إلى أن التواصل يعتبر من ضرورات القيادة. وواصل حديثه في هذا المجال حول ضرورات القيادة ومن بينها الرؤية وتعني نقل الصورة المستقبلية بوضوح للآخرين، والقناعة التي تعني ايصال الفكرة من أجل الإيمان بفكرة جديدة أو تغيير فكرة سابقة، والحماس عبر مهارة التحفيز لمواجهة الاخفاقات، وايصال المشاعر الحقيقية كالصدق والأمانة وكذلك المثل والنموذج الذي ينبغي للآخرين رؤيته في القائد.
من هنا يصل المحاضر إلى نتيجة أن مهارات القيادة معظمها عمليات تواصل، وأن جودة القيادة تتركز في توفر قدرات أفضل للتواصل. وتحدث أيضا عن مؤشرات نجاح القائد التي يمكن رصدها من خلال انجازات الفريق وخاصة في الأعمال التطوعية التي لا تعطي القائد سلطات كبيرة كما الوظيفة مثلا، وكذلك في مدى رضا وسعادة أعضاء فريق العمل. وأوضح أن الحاجة إلى القيادة التي قد تكون قسرية تفرضها الحياة كما هو الحال في دور الأبوة أو تسلم منصب قيادي في الوظيفة، كما أن هناك حاجات تنموية لإبراز وإطلاق الطاقات الكامنة في الآخرين وتوجيهها بكفاءة لإحداث التغييرات الإيجابية في هذا العالم. وفي مقابل ذلك فإن ضعف مهارات التواصل وعدم إتقانها وإيصال المعلومات والمشاعر بدقة يؤدي إلى خسارة في الوقت والمال وغياب الصفاء الذهني وتضييع الفرص، وسوء في العلاقات.
وحول المهارات الأساسية للتواصل والقيادة، تحدث الأستاذ محمد العيسى عن ضرورة تنمية وتطوير مهارة الإصغاء للآخرين بكل الحواس، والبوح بالمشاعر والأحاسيس والأفكار، والوصف والتفصيل، والإقناع أي خلق الإيمان، والإلهام أي تنشيط الإبداع والأمل، والتحفيز وهو تنشيط الهمة، والتفاوض وهو الوصول لحلول مرضية للطرف الآخر وتحقق أعلى المكاسب، والحوار أي تبادل الآراء.
كما تناول في حديثه أسرار الخطابة الملهمة مشيرا إلى أهمية الخطابة كوسيلة في إيصال الأفكار وأنها عظيمة الخطر لكونها عملية تواصل يكون المرسل فيها واحدا والمستقبل عدد كبير قد يصل إلى الملايين، وأوضح أن الخطاب المؤثر هو الذي يسهل فهمه ويعمق معناه ويصعب نسيانه. وواصل في حديثه أن من صفات الخطاب الملهم والمؤثر أن يكون موضوع الخطاب إنسانيا بحيث يتناول قضية تمس الإنسان بما هو إنسان، وأن ينطلق في الحديث من ضعف ونقص الإنسان وحاجته إلى التكامل، وأن يقدم حلا لمشكلة أو طريقة لإساغلال فرصة أو طاقة كامنة. وحول صفات الخطيب، قال العيسى بأنه ينبغي عليه أن يقدم نفسه كإنسان مثل جمهوره وليس فوقيا، وأن يكون هو الأجدر بالكلام عن الموضوع، وأن يكون صادقا، وألا يكون أنانيا بحيث يفيد الآخرين وليس ليستعرض.
وحول سبل تطوير مهارات التواصل والقيادة، ذكر الأستاذ العيسى أن كل مهارة تواصل وقيادة ظاهرية جيدة تنطلق من صفات باطنية كالأخلاق والقيم والعادات، فالإصغاء ينتج من التواضع وحب الآخرين، والحوار ينتج من الذكاء العاطفي. وأشار إلى أهمية القراءة وتوسيع المعرفة ليخرج الإنسان من دائرة الجهل المركب إلى دائرة الجهل البسيط كطريق للتخارج من الجهل، وكذلك التمرين على الكتابة والخطابة وتقبل التغذية الراجعة، والانخراط في الحوارات الموضوعية، ومخاطة من يملكون هذه المهارات القيادية للأستفادة منهم، والانضمام لأندية التوستماستر.
بدأت المداخلات بتساؤل من الأستاذ علي الجاسم حول أندية التوستماسترز وبرامجها، وعلق الأستاذ علي الراضي حول سبل إيصال الرسائل المهمة لدى الخطباء عبر التنفيذ وليس الإلقاء النظري فقط. وطلب الأستاذ شاكر الهاشم استعراض بعض المواقف التي تعرض لها المحاضر أمام الجمهور، كما تساءلت الأستاذة عرفات الماجد عن سبل تصنيف القادة سلبيا وإيجابيا حيث أن بعض الأشخاص يمتلكون مهارات قيادية واضحة لكنهم يسخرونها للإضرار بالإنسانية بدلا من تقدمها.
وطرحت الأستاذة فوزية الصفار عن مؤشرات نجاح القائد وعما إذا كان عمل الفريق بدون القائد هو أحد هذه المؤشرات وعن سبل معرفة صدق النوايا لدى الفريق للحفاظ على الحالة الإيجابية بينهم. وطرحت الأستاذة منى نور الدين عن دور أندية التوستماسترز في دعم اللغة العربية الفصحى في برامجهم المختلفة، وإخراج الأطفال من حالة انغلاقهم معرفيا واجتماعيا وأسريا. ونوه ألأستاذ جعفر الجارودي بوجود بيت الكوميديا في جمعية الثقافة والفنون بالدمام من أجل دعم وترسيخ البرامج الخطابية المختلفة، وتساءل السيد تاج عن سبل التمييز بين القيادات الإيجابية والسلبية، وكذلك عن مقاومة الخجل والخوف أمام الجمهور.
ونقل الأستاذ حسين العوى أن أعضاء أندية التوستماسترز منغلقون في المجتمع وليست لهم أدوار إجتماعية واضحة وبارزة، وطرح الأستاذ عيسى العيد تساؤلا حول سبل التمييز بين القائد وأعضاء الفريق الذي يحدث تأثيرا أيضا. وأوضح الأستاذ محمد آل عمير عن وجود ناد توستماسترز في منطقة المجيدية بالقطيف.

الندوة الخامسة عشر (27/2/2018)

من حكايا القمر: أمسية شعرية في منتدى الثلاثاء

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي أمسية شعرية تحت عنوان “من حكايا القمر” استضاف فيها الشاعرتين البحرينيتين فاطمة محسن وسوسن دهنيم وحضرها العديد من الشعراء والكتاب ومتذوقي الشعر من مواطن متعددة، وذلك مساء الثلاثاء 11 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 27 فبراير 2018م، وأدراتها الأستاذة رجاء اليوعي.

وبدأ اللقاء بعرض فيلم قصير عن تجربة الأديب الأستاذ خليل الفزيع الذي تم تكريمه مؤخرا في دورة بيت السرد التي أقامتها جمعية الثقافة والفنون بالدمام، كما تحدث الخطاط جابر الهروبي – المولود في جنوب المملكة – عن تجربته الفنية في الخط العربي وعن معرضه الفني الذي أقامه للأسبوع الثاني على التوالي بالمنتدى، مشيرا إلى تعرفه على مجموعة من خطاطي المنطقة واحتكاكه بهم حيث نمت موهبته في هذا المجال وتفاعل مع البيئة الفنية. وكرّم المنتدى ضمن فعالياته الشاعرة بثينة اليتيم بمناسبة حصولها على المركز الأول في مسابقة بيت الشعر للكتاب الأول عن ديوانها “سأعيد للقدر مكيدته”.

قدّمت عريفة الأمسية الأستاذة رجاء البوعلي اللقاء بحديث أدبي وشاعري حول الشعر في الوجدان الإنساني وأغراضه الجمالية، والتوجهات المتنوعة للشاعرتين اللتين وصفتهما بأنهما “غيمتان تمطران شعرا”. وعرّفت بالشاعرتين، فسمسن دهنيم خريجة ماجستير إعلام وعلاقات عامة وهي صحفية وكاتبة مقال منذ عام 2004م، ومعدة ومقدمة برامج إذاعية، لها مشاركات شعرية في العديد من المهرجانات في مختلف الدول العربية، وأصدرت أربعة دواوين شعرية. أما الشاعرة فاطمة محسن فهي اختصاصية تربوية حاصلة على ليسانس آداب لغة عربية، ودبلوم الدراسات العليا، شاركت بالكتابة في العديد من الصحف العربية والإلقاء في عدة أمسيات شعرية وكذلك في تنظيم هرجان أصيلة – البحرين للثقافة والفنون، وصدر لها ثلاثة أعمال أدبية.

افتتحت الشاعرة سوسن دهنيم الجولة بإلقاء قصيدة عمودية شاعرية، جاء فيها:

جنوني غيمةّ وهواكَ صيفُ ويعصف بي حنين لا يجف
أنا امرأة إذا مرّت عليها نسائمُ فجرك الحاني تشفُّ
وبي شَغَفُ الليالي.. والليالي إذا طال الجفاء المرُّ تجفو
وبي من حنطتي خبزٌ مُحلّىً وتنُّورُ الهوى شِعرٌ ووصفُ
فصِفني كي يحلِّقَ بي جنونٌ وأنشِدني لعلي عنكَ أعفو

وواصلت الشاعرة في إلقاء عذب شعرها السيال في أبعاده الإنسانية الثرية:

نسيتُ يدي على بابِ الوداعِ ولم أنسَ الطفولةَ في متاعي
ورحتُ ألملم الألعابَ دمعًا على دمعٍ.. وضحكاتِ ارتياعِ
يُريني اللارجوعُ سرابَ أرضٍ تواسيني بأحلامِ الضياع
وتَصحبُني المرايا.. والمرايا تُكسِّرُني شظايا من خداعِ
لياليَّ الطوالُ بلا نجومٍ تريقُ الحِبرَ ضوءاً في يراعي
وأنهارُ المخاوفِ غارقاتٌ زوارقُها.. ومهجورٌ شراعي
ظلامُ الظلم أورق في الصحارى وظِلُّ البُعدِ أعشبَ في المراعي
توجّسَ خِيفةً قلبي، وأصغى لهسهسةِ الدمِ الحُرِّ المُضاعِ
وصاحتْ كلُّ أوردتي بصوتٍ خُرافيٍّ وضجّت بالتداعي

تلتها بقصيدة “كن أباً لنهارك الحيويِّ”:

كُنْ أنتَ حتى لو أرادوا
أن تكون نبيُ وقتٍ ما
وأنتَ مسافرٌ للغيِّ
لا تَقْبَلْ
لأنكَ لن تكون سوى
الذي يوماً أردْتَ
أردْتَ أن تنسى وتشْفَى
من مسافة خاذليكَ
أردْتَ أن تمضي لأسباب الحياةِ
ولستَ تدري من تكونُ
لينتهي بك أمرُ هذي الارضِ
نحو براءةِ الموتى
وميراثٍ يُطلُّ عليك من أقصى البلادِ
مَن لم يهِمْ لم يَعِشْ..
فالخفقةُ القدَرُ
والحقُّ والأَمَلُ المُخضَرُّ والعُمُرُ

قد عاش قلبي عزيزاً فيَّ حين قضى بالبعد لَحظَتَهُ.. والدمعة الشررُ
البين قبرٌ لهُ.. ما زالَ مُتسعاً يدعو مَنِ انتظروا دهراً وما انتصروا
لأنَّهُ صارَ جرحاً جِئْتُ أحمِلُهُ كأنَّما في يَدَيَّ الشَّمسُ وَالقَمرُ
هل جئتُ أبكيه؟ كلاَّ..! جِئتُ أنتظرُ وَجِئتُ أَذكر شكواهُ.. وأعتذرُ
ما جئت أرثي هنا، فالدمعة انطَلَقَتْ من نبضه وبها الأحداق تأتزرُ
قلبٌّ يظنُّ رعاةُ الظُّلمِ أنَّهمُ قد أسكتوهُ، وفي أفواهِهِم حَجَرُ
وفي قلوبِهِمُ حزن يُرافِقُهُم في النَّومِ وَالصَّحوِ، لا يُبقي ولا يَذَرُ
قلبي الجريح وفيٌ لا تغيِّرُه (نارٌ) .. ولا يشتريهِ الظلم والوَطَرُ
كأنَّما كانَ (إبراهيمُ) يَعرفُه كلاهما لِفِداءِ الوجد مُدّخرُ
هو المزامير، لم يَسكُتْ وَقَد سَكَتوا ولم يُصِبْ نبضهُ الإعياءُ والخورُ
هو السعادة، والأشواق لُؤلؤةٌ على يدَيهِ، وَمِن عَينَيهِ تَنحَدِرُ
قلبي كثيرٌ كثيرٌ ، ألفُ ألفِ فتى ما قلَ إذ ماتَ، فهْوَ الغيمُ والمطرُ

واستعرضت دهنيم؛ تجربتها في إصدارها “لمس” والذي جاء نتيجة تجربة خاصة عاشتها وهي عشق الشاعرة إلى رجل أعمى؛ مشيرة إلى أنها وخلال التسع سنوات من الحب والزواج كانت شغوفة بتفسير الأحداث عن طريق اللمس. وذكرت أن إصدارها الذي كان تنبأ بالرحيل والغياب تناول الحديث عن اللمس لدى الكائنات، واللمس لدى الحبيب والأم، وأخيراً لدى الأعمى. وقالت دهنيم: كنت أتمنى ان أستطيع ادراج قصيدة كاملة بداخله بلغة «بريل» وهي اللغة التي يقرؤها المكفوفون، والهدف منه ان يلجأ المبصر هذه المرة الى كفيف لقراءتها لا العكس كما هو معتاد، ولكن الظروف حالت دون ذلك.

وصفق الحضور إعجابا بقصيدة “ألوذ بك .. ألوذ بصمتي” للشاعرة فاطمة محسن والتي قالت فيها :

ألوذ بأضْلُعي
حيث أصابِعُك اتحدتْ خلفها
لا الذكرى/ لا التفاصيلُ
لا ألمي الذي أخبئُهُ هناك
أنا وضلعٌ مغدورٌ فقط
يشكو من الهجرِ
كلما كحلتُ عيني بصورتِك

ألوذ بخربشاتي..
حيث لا قلمَ يخفيكَ من نصوصي
لا الحبرُ / لا الشعرُ
لا صوري الذبيحةُ فوق البياض
أنا… وخربشاتٌ مجنونةٌ فقط
تهرُبُ من الورقِ
كلما زارني ضوءُ نبضِك.

وتفاعل الحضور مع قصيدة (خلخال القصيدة) للشاعرة فاطمة المحسن ؛والتي بدأتها بقولها:

لا لم تعد رجلاي تحتملان خلخالي
ولا رقصي
ولا صوت التغنج في الموسيقى
يارنة الخلخال
صوت القلب
ياشغف الحكاية بالرحيل
ياصوتي الذي بح
وياوطني الذي قد أذهلته رقصتي
لا لم تعد رجلاي تحتملان
هذا الرقص يأتي من بعيد
مسك الغريب يد القصيدة
حل الخوف في الكلمات
وتناثرت في النص كي تغفو
ولا تغفو المدينة
هذا النص يرعبني
أمسك يدي
وامدد يديك
حرك جنوني واخترق كل الموسيقى
در كيفما شاء اتساع الأرض
واسمع رنة الخلخال

وقالت في قصيدة أخرى:

وأعرف … أعرف
أن الفضول الجميل
الذي جاء هذا الصباح
بقلبك
ألبسني الورد

نام كخصر على لغتي
وألمح عن خضرة الحاء
حرك في الباء موج الجنون
تعال كما الوقت
كالضاد حين تمر بحرفي
كما الرقص في اللا جهة

تعال قليلا
لتنثر عطرا على شفتي
ومن شهقة الورد
من برقع الشمس
طلَّ على وجعي
و خذني إليك

غلالة شوق
تطوقني لحقول يديك
ولاشيء ، لاشيء
خذني لقلبك
لاشيء يمنعني
من جنون ودفء
سيعشب قلبي
إذا ما عبرت لدالية من هواك
وتعلن عيناي أعراسها

توغل قليلا
فنعناع قلبي تعتق حزنا
ستشرق روحي
إذا ما رأيتك حلما بعتمة دربي
وأرقص
أرقص
من دهشة الحلم

وألقت قصيدتها “جديدٌ على اليتم”، والتي جاء فيها:

تأملُ أنَّ السَّماءَ
بغيمٍ عتيق تقايضُ حزنَكَ
أنت جديدٌ على اليتمِ
لا لستَ تدري
بأنَّ الفصولَ إذا ما طغت في الخريفِ
تضيِّع أوراقها
حزين بمليون جرح ٍ
تطوَّق أسماء محنتك البكر خلف السَّديمِ

وترقص
لا شيء يسعدني مثل همٍّ تكدَّس في الرُّوح . .
نام على شفرةِ الحرف

لا شيءَ يحزنني مثل هذا الدَّمار
تغادرني زمرةَ الأصدقاء
إلى حيثُ قارعة الصمت
أو تشتكي وجعي من هناك

جديد على اليتم
ملء السّحاب ثيابك،
تغزو بنجمةِ حزنِكَ سور الغياب

وتأمل أن تشتري الطُّرقات
وتحفرَ بين الرَّصيف وقلبِك وقع جنون الخطى

جديدٌ
ولكنّ ما جدَّ فيكَ عتيقٌ
تسربلَ بالرُّوحِ واشتظ في طرقات الفؤاد

من جهتها؛ تحدثت الشاعرة فاطمة محسن عن مجموعتها الشعرية بعنوان (أخبئه كي لا ينبض)، التي ترجم نصوصها إلى الإنجليزية غريب عوض، وأكدت على أن الترجمة إضافة مهمة لنقل الثقافات و جسر للتواصل مع الآخرين، مشددة على أهمية شعور المترجم بالكلمة عوضا عن الترجمة الحرفية. ونفت محسن أن تكون الترجمة خيانة للنص كما هو مشاع؛ مشيرة إلى أنها ثمرة عشق تأتي نتيجة التجاوب مع نص معين؛ ومحاولة نقله إلى الآخر.

الندوة السادسة عشر (6/3/2018)

منتدى الثلاثاء يحتفي باليوم العالمي للمرأة

نظّم منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 18 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 6 مارس 2018م ندوة حوارية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة شاركت فيها الكاتبة والأديبة الدكتورة زينب ابراهيم الخضيري بمحاضرة تحت عنوان “المرأة السعودية: تطلعات وتحديات”، وتم تكريم ست شخصيات نسائية في هذه الأمسية التي غصت بالحضور من الجنسين وطرحت فيها العديد من القضايا والمواضيع ذات لالعلاقة بالمرأة.
وقبيل بدء الندوة، تم عرض فلم قصير حول تاريخ اليوم العالمي للمرأة وجهودها ونضالها على مستوى العالم للحصول على حقوقها في مختلف المجالات كالأمومة والعمل والمشاركة العامة وغيرها. كما تحدث الفوتوغرافي الأستاذ محد الشبيب عن تجربته الفنية الثرية في التصوير الضوئي والمجالات التي خاضها، حيث أنه حصل على العديد من الجوائز الدولية وشارك في معارض فنية متعددة، مستعرضا مختلف المهارات التي قدمها من خلال البرامج التدريبية، وشارحا حول المعرض الفني الذي أقامه بالمنتدى واحتوى على 22 صورة تعكس دور المرأة في العالم ومجالات مساهماتها.
بدأت الندوة بكلمة المنتدى التي ألقاها راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب وتحدث فيها عن دور المنتدى في الإحتفاء بالمناسبات الحقوقية الدولية ومنها اليوم العالمي للمرأة في كل عام، مشيرا إلى التطور الملحوظ في التشريعات المتلاحقة التي أقرتها الدولة للمساهمة في إفساح المجال بصورة أوسع لمساهمة المرأة، ومؤكدا على ضرورة العمل على تشخيص التحديات والمعوقات التي تواجه المرأة بصورة دقيقة. وعرّفت مديرة الندوة الإعلامية عرفات الماجد بالضيفة الدكتورة زينب الخضيري التي تعمل كعضو هيئة تدريس بجامعة الملك سعود بالرياض ولها مساهمات أدبية وإعلامية عديدة في مجال قضايا المرأة، وصدر لها العديد من الأبحاث والدراسات حول صحة المجتمع وكذلك مجموعة من الإصدارات والكتب الأدبية ومجموعات قصصية، كما أنها كاتبة بصحيفة الرياض.
رصدت الدكتورة زينب الخضيري مجموعة من التحولات في واقع المرأة السعودية تبعا للتغيرات الإجتماعية والقانونية ومن خلال برنامج “التحول الوطني 2020” الذي أقر في المملكة، الذي أكّد على ضرورة تكافؤ الفرص والحصول على التعليم وجعل التدريب عنصرا أساسيا لتمكين المرأة. وأوضحت أن تقدم المرأة في المجتمع مرهون بخلق مساواة حقيقية ينعكس على دورها في الواقع، وتعديل الأنظمة وتحرير المجتمع من النظرة الدونية للمرأة، ومراجعة كل خطاب عنيف ضدها، والتخلص من القيم الإجتماعية التي لا تتناسب مع وقتنا الحالي. وأشارت إلى أن تمكين المرأة يعني تأكيد حقها في الإختيار واتخاذ القرارات في حياتها، والاعتماد على نفسها، ومدى تأثيرها عل محيطها، ورفع ثقتها بنفسها، موضحة أن مفهوم التمكين قد تحول من مفهوم محوري يسعى إلى تحرير المهمشين ودعم دورهم ومشاركتهم إلى مفهوم استيعابي يسعى إلى استيعابهم في المجتمع وفي منظومة التنمية.
وتحدثت الدكتورة زينب الخضيري مفصلا عن أبرز التحديات التي تواجه المرأة السعودية في هذه المرحلة، ذاكرة على رأسها التحدي القانوني مطالبة بتحسين القوانين المتعلقة بالمرأة والتي تعيق مسيرتها في الحياة كحقوق الأمونة والحضانة والأحوال الشخصية، مؤكدة على ضرورة توعية النساء بحقوقهن القانونية حيث أن الكثير من النساء يجهلن حقوقهن المنصوص عليها في القانون. كما تحدثت أيضا عن التحدي الإقتصادي باعتبار أن دور المرأة في الإقتصاد لا يزال محدودا وضئيلا، بسبب عدم استقلالية المرأة المادية واعتمادها على الرجل وتبعيتها الإقتصادية له، وأن نسبة البطالة ترتفع كثيرا لدى النساء مقارنة بنسبتها لدى الذكور.
ومن ناحية أخرى أشارت المحاضرة إلى دور التحدي الإجتماعي كالعرف الإجتماعي السائد الذي ينظر للمرأة كإنسان قاصر غير مؤهل، وتدني مستوى الوعي بدور المرأة في المجتمع تهميش وجودها، وصعوبة التوفيق بين المتطلبات العائلية ومتطلبات العمل، وتراكم الموروث الثقافي القاسي في التعامل مع المرأة، والتعرض للمرأة في أماكن العمل أو التحرش بها والتطاول عليها. وأخيرا تناولت الدكتورة الخضيري تحديات العمل والتنظيمات الإدارية ومن بينها ضعف القدرات والمهارات الإدارية للمرأة، وعدم وجود بيئة إيجابية لاحتواء المرأة، وعدم إعطاء قضايا المرأة أولوية، وقلة الموارد البشرية والمادية المخصصة لتنفيذ برامج المرأة، وضعف التسهيلات الإدارية المقدمة للمرأة.
واستعرضت الخضيري مجموعة من التوصيات المهمة في كل مجال من المجالات التي ذكرتها بصورة مفصلة، فطالبت من الناحية القانونية بسن وتعديل قوانين تحمي المرأة وإيجاد مراجعة وإشراف تضمن تطبيقها بصورة متساوية وسليمة، ومعالجة جميع ما يتعلق بحقوقها المدنية كالسفر والعمل والتعليم والإقامة والتنقل. وفي المجال الإقتصادي أشارت إلى ضرورة إعداد برامج مدروسة ومنظمة تسعى إلى تمكين المرأة علميا ومعرفيا وثقافيا وتكنولوجيا لمواجهة المتطلبات المعاصرة كي تتوافق مع البيئة الإقتصادية الحالية، أما في المجال الإجتماعي فأكدت على ضرورة تغيير نظرة المرأة تجاه نفسها ونظرة الرجل إليها كي يتم التعامل كشراكة في البيت والعمل دون خلق صراعات مفتعلة بين الجنسين.
تحدثت الدكتورة عائشة المانع في مداخلتها حول التفريق بين الأنظمة والقوانين معتبرة أن جميع ما صدر من إجراءات جديدة حول المرأة وحقوقها هي أنظمة بحاجة إلى قوانين وتشريعات تسندها كي تبقى أكثر ثباتا واستمرارية، كما أشار الأستاذ حسن الزاير إلى تجارب المجتمعات الأخرى ومن بينها المجتمع الياباني في إعطائه أولوية كبيرة للتربية والحضانة المنزلية على حساب إشراك المرأة في العمل خارج المنزل، كما أعاد الأستاذ صالح العمير التذكير بالتنوع المجتمعي في المملكة ودور المرأة تاريخيا في المجتمع حيث كانت أكثر حضورا ومشاركة من الوقت الحالي.
بعد ذلك، جاءت فقرة تكريم نخبة من سيدات المجتمع الناشطات في مجالات إجتماعية مختلفة تقديرا لدورهن وجهودهن بمناسبة اليوم لاعالمي للمرأة. فتحدثت بداية الدكتورة أحلام عبد الكريم القطري عن تجربتها الثرية منذ بداياتها في العمل الاجتماعي التطوعي من خلال اللجنة النسائية التابعة لمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، ومشاركتها لاحقا في تأسيس جمعية العطاء النسائية التي ترأسها حاليا وعملها في طرح برنامج يختص بتنمية المجتمع المحلي من خلال تمكين المرأة. بعدها تم تكريم الدكتورة عائشة محمد المانع التي ركزت على مجالي التعليم والبناء الإقتصادي لتمكين بنات مجتمعها حيث عملت مديرة إشراف في وزارة العمل الشئون الإجتماعية، وترأست العديد من اللجان المعنية بالصحة والتعليم في الغرف التجارية وتدير معهد المانع الصحي منذ عام 2000م.
بعدهما جاء دور تكريم الأستاذة خضراء أحمد المبارك التي انتخبت كأول عضورة بالمجاس البلدي بالقطيف، ورأست لعدة سنوات مشروع “ملكة سيدة جمال الأخلاق” التي أسسته مع فريق عملها ويهدف إلى بناء قدرات الفتيات اليافعات وتشجيعهن على التنافس الإيجابي في مجال الأخلاق، كما أنها عضو مؤسس لجائزة القطيف للإنجاز، وتحدثت في كلمتها حول دور مؤسسات المجتمع المدني. وألقت الدكتورة فاطمة الشملان نيابة عن المكرمة الأستاذة شريفة إبراهيم الشملان التي تغيبت لظرف صحي، ألقت كلمة أشادت فيها بالتكريم وتحدثت عن سيرتها في خدمة المجتمع وتنقلها في عدة مناصب في وزارة الشئون الإجتماعية ثم في تأسيس مكتب نسائي في فرع هيئة حقوق الإنسان بالمنطقة الشرقية، حيث صدرت لها عدة كتب ودراسات في المجال الإجتماعي إضافة لست مجموعات قصصية، وتم تكريمها من قبل عدة جهات رسمية وأهلية.
تلتها المكرمة الناشطة الإجتماعية منى عبد الله الشافعي التي استعرضت صور جميلة من بدايات عملها الاجتماعي ضمن لجان جمعية سيهات الخيرية للخدمات الإجتماعية، ثم إدارتها لروضة الأطفال وبعدها للمركز النسائي التابع لها، كما تحدثت عن اهتماماتها في مجال اعلم التطوعي وحقوق الإنسان ودورها في التدريب في هذه المجالات مشيرة إلى أن خلاصة تجربتها تتركز في أن ما يتم القيام به من عمل حاليا سيشكل إضافة إلى التراكم الذي ستبني عليه الأجيال القادمة. وتحدثت أخيرا الأستاذة نعيمة عبد الرحمن الزامل التي اهتمت بتنمية المجتمع من خلال عملها المباشر مع أهالي بعض الأحياء الفقيرة في مدينة الخبر والتي كانت تنتشر فيها مختلف أشكال الجريمة ويسودها الفقر، ولكنها من خلال الجهود التي بذلتها تمكنت من زرع بذور الأمل واستقطاب سيدات في المركز الاجتماعي ليشاركوا في تنمية وتوعية المجتمع ومعالجة المشاكل الاجتماعية فيه، واستعرضت تاريخ أعمالهاا والجوائز التي حصلت عليها في مجال الخدمات الإنسانية التطوعية.

الندوة السابعة عشر (13/3/2018)

حوار حول الموسيقى وجمالها في منتدى الثلاثاء الثقافي

أمسية متميزة موضوعا وحضورا تلك التي نظّمها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 25 جمادى الثاني 1439هـ الموافق 13 مارس 2018م تحت عنوان “ماوراء الموسيقى: فن الجمال الموسيقي” والتي حاضر فيها الأستاذ خليل المويل، وأدراها الأستاذ مالك الفتيل بحضور ملفت من المهتمين بالموسيقى وجمع من الفنانين المعروفين. وقبيل بداية الأمسية تم عرض فلم قصير حول تاريخ الموسيقى استعرض تحولات الفهم الانساني في التعامل مع الموسيقى على مدى التاريخ، كما استعرض المصور الفوتوغرافي محمد الشبيب تجربته في التصوير على مدى عدة عقود وحصوله على العديد من الجوائز العالمية، وعن المعرض الصوري الذي أقامه في المنتدى محاكيا دور المرأة في الحياة باختياره صورا متنوعة لعملها من مختلف أرجاء العالم.
أدار الأمسية الشاعر الأستاذ مالك الفتيل الذي عرف بالمحاضر الأستاذ خليل المويل على أنه حاصل على عدة شهادات في مجال الموسيقى الشرقية ودرس النظريات الموسيقية والعزف في المعهد الروسي، وهو عضو مؤسس لملتقى جسور الثقافي بالرياض وجمعية الحفاظ على التراث السعودي وخبير من خبراء اليونسكو. وقدم المويل العديد من الورش والأمسيات الموسيقية، وله عدة ألحان وإصدارات، كما قام بتلحين اوبريت “هي الرياض أمنا”، وقدم بحثا عن الموسيقار محي الدين حيدر وكتب عدة مقالات عن فلسفة الموسيقى.
وتناول الأستاذ الفتيل في مقدمته للمحاضر موضوع علاقة الموسيقى بالدين والفلسفة، مشيرا إلى أن الموسيقى وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها لا تزال الطرف الأضغف في العلاقة مع الدين المقدس والفلسفة المزمنة والمؤطرة علميا، إلا أن هذه المكانة بدأت في الارتقاء خلال القرون الماضية. وأوضح أن مرتكز العلاقة تدور حول التحريم والطرد، أو التخديم والنفعية، أو التقديس والتأليه، مستعرضا موقف الديانات الشرقية كالكونفوشيوسية والبوذية والهندوسية من الموسيقى، منتنقلا إلى بقية الفلسفات كاليونانية ومدرسة الاسكندرية حيث تدور مواقف كل منها حول الموسيقى ضمن الأطر الثلاثة السابقة.
بدأ المحاضر الأستاذ خليل المويل حديثه حول الموسيقى واصفا مكوناتها الجمالية وتأثيراتها على الطبيعة والإنسان مؤكدا أ، للمكان تأثيرا بارزا على الذائقة الموسيقية وتجلياتها المختلفة. واستعرض دور الفنون في التواصل الإنساني والإفصاح عن الذات والمشاعر، معتبرا الموسيقى من أسمى الفنون الجميلة وهي فن الجمال السمعي الذي يستطيع أن يستوعبه الإنسان بالرغم من اختلاف اللغات والعادات والتقاليد. وأوضح أن هناك حواجز في المجتمع جعلت من الصعوبة بمكان دراسة ومعرفة علم الموسيقى ومقاماته وفنونه والتفاعل معه.
واستعرض مواقف الفلاسفة من الموسيقى والجدل الدائر بينهم منذ العهد القديم حتى الآن، فمنهم من رأى أن الموسيقى وسيلة اتصال فقط تنقل مشاعر وانفعالات الفنان للآخرين، وآخرين رأوا فيها وسيلة تأثير على أخلاق وسلوك الإنسان بما يماثل الدواء للجسد. وحول القيم الجمالية للموسيقى يرى بعض الفلاسفة أن مصاحبة الشعر والكلمات للموسيقى يعطيها جمالا ورونقا وتأثيرا أكبر ومنهم جورج ويلهم وفريديريك هيجل، بينما رفض ارثر شوبنهاور هذا الرأي ويرى أن الموسيقى فن قائم بذاته ومستقل عن الفنون الأخرى وتستطيع أن تعبر عن أهدافها بوسائطها الخاصة، وأن تأثير النغمات أقوى وأسرع من الكلمات.
وخلص المحاضر إلى أن الموسيقى لغة بحد ذاتها، وتعبر عن حالات إنسانية مؤثرة بنغماتها بأداة “الصوت” أو “النغم” التي تعتبر أساس توين السلالم الموسيقية (المقامات) من خلال قوانين فيزيائية ورياضية معتمدة على الأبعاد والمسافات الصوتية بين النغمات، مؤكدا على أن الموسيقى فن وعلم ولغة. وواصل في حديثه عن المقامات موضحا أن النغم هو أحد العناصر المهمة في تكوين المقام أو السلم الموسيقي، وهو عبارة عن سبعة درجات صوتية متتالية يختلف كل صوت عن الآخر بتردد معين بحيث يختلف كل مقام عن الآخر بالبعد أو المسافة الصوتية بين الدرجات. وقد يطلق البعض على بعض الأساليب الأدائية مقامات بينما هي قوالب موسيقية لألحان قديمة قائمة على مقامات أساسية معينة.
وأوضح أن ارتباط الموسيقى بفنون الغناء تاريخيا عند العرب، جعل منع مقرونا باللهو والمجون وحرمه بعض علماء الدين لما يصاحيه من أفعال غير مستساغة لديهم واعتقادهم بأنه يؤدي إلى إفساد الأخلاق والشهوانية، ويأتي ذلك امتدادا لمواقف فلاسفة سابقين من فنون الموسيقى فارسطو يتحدث عن موسيقى ترتقي بك وتؤدي بك إلى الفضائل وموسيقى تؤدي بك إلى الرذائل. واستعرض المويل أشكال الفولكلور والفنون الأدائية في مختلف مناطق المملكة والتي ترتبط أساسا بطبيعة المجتمع وثقافته، وتعبر عن اهتماماته بصور موسيقية مختلفة. وخلص إلى القول أن الموسيقى التأملية تعتبر غذاء للروح ويمكن أن تستخدم فيها مختلف الآلات الموسيقية كي تعطيها أبعادا تأثيرية أكبر.
بدأت المداخلات من الدكتور حسن البريكي الذي أشاد بالندوة مؤكدا على الدور التربوي والاجتماعي للموسيقى حيث تخلق روح الفريق والانضباط والذوق لدى أفراد المجتمع، ومشيرا إلى أن الموسيقى أوسع من مجال الإنشاد بكثير ومتعدد الأشكال والألوان، وأشار الأستاذ منصور آل سلاط إلى تنوع وتطور الموسيقى من مرحلة لأخرى اعتمادا على الثقافة السائدة فلكل عصر أنماط موسيقية معينة. وتساءل الأستاذ عبد الرسول الغريافي عن علاقة الأحبلة الصوتيه واختلاف الأصوات واللهجات مع دور الآلات الموسيقية في إصدار الأنغام المختلفة.
وأشار الأستاذ نادر البراهيم إلى مراحل حكمت العلاقة بين المجتمع والموسيقى بين الاستمتاع بها وانتشارها في بعض المراحل إلى مرحلة التحريم والتعارض بين رغبات الناس وموقف المتدينين منها، وهو ما أكد عليه الأستاذ عبد العظيم آل شلي حيث أشار إلى أنه كانت المدارس والأندية لديها فرق موسيقية بآلاتها المختلفة بالاضافة إلى الفرق الموسيقية التي تشارك في الأعراس والاحتفالات الشعبية لكنها اندثرت وغيبت واختفت مختلف الفنون الشعبية وأصبحت محرمة وامتد ذلك لمختلف الفنون البصرية كالرسم والنحت وغيرها. وتساءلت الأستاذة نسيمة السادة حول أزمة الذائقة الموسيقية، وتعارض الرأي الفقهي مع لموقف الديني من الموسيقى.
كما طرحت الأستاذة عالية آل فريد تساؤلا حول أناشيد البحارين وماهيتها الموسيقية، أما الأستاذة هدى القصاب فأشارت إلى أن الموسيقى لها دور في تهذيب النفس وإبعادها عن التطرف والتشدد والعنف، وانتقدت استمرار وسيادة حالة التحريم للموسيقى مع العلم بكونها إحدى أدوات العلاج لأمراض مختلفة. وأكدت الأستاذة هدى المويل على أهمية الصوت والموسيقى في الحياة حيث تعطيها جمالا أكثر وروحية أجمل، وأكدت الأستاذة ايمان الصفار على تمكين أفراد المجتمع من التعاطي الايجابي مع الموسيقى يؤدي إلى تعميمها وانتشارها بصورة تفاعلية دون الحاجة لوجود معاهد متخصصة.
وعلق الأستاذ محمد الفرحان على بعدي اهتمام الانسان بجانبيه الطبيعي والثقافي، وكون الموسيقى إحدى مصادر الثقافة التي يتأثر بها الإنسان، مشيرا إلى أن هناك تحرر من الأمية الموسيقية في المجتمع. وأشار الفنان شكري عاشور إلى الحاجة الماسة لدعم وتشجيع الأفراد والجهات العاملة في المجال الفني. كما استعرض الفنان محمد السنان تاريخ الأنشطة الموسيقية في المنطقة وتأسيس الفرق المموسيقية في الخبر والقطيف في الستينات الميلادية والاحتفالات التي كانت تقيمها تحت اسم “اوركسترا الخبر”.
كما بيّن الأستاذ علوي الخباز عن تاريخ قيام الفرق الموسيقية في الأندرية الرياضية بالقطيف ودورها في إحياء المناسبات الاجتماعية المختلفة، وتساءل الأستاذ زكي ابو السعود عن “العرضة” كفولكلور اجتماعي وهل هي مقتصرة على منطقة معينة أم كما أشار المحاضر لها أشكال متعددة في مناطق مختلفة. وتحدث الأستاذ خالد الخالدي عن تاريخ الموسيقى بأشكالهاا المختلفة في المنطقة وضرورة توثيقها ضمن مشروع تراثي وطني، وطرح الأستاذ موسى الحجاب تساؤلات حول أشكال الموسيقى و”نظافتها” وموقف الشرع منها.

الندوة الثامنة عشر (27/3/2018)

النظرية المعجمية للمفردات على طاولة منتدى الثلاثاء الثقافي

ضمن برنامجه الأسبوعي للموسم الثقافي الثامن عشر، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوة تحت عنوان “النظرية المعجمية: تطبيقات اجتماعية وتراثية” ألقاها أستاذ اللغويات التطبيقية الدكتور أحمد فتح الله التاروتي مساء الثلاثاء 10 رجب 1439هـ الموافق 27 مارس 2018م، وأدارها الأستاذ عيسى العيد عضو اللجنة المنظمة للمنتدى.
وقبيل بدء الندوة تحدثت الفنانة التشكيلية يثرب الصدير عن معرضها الفني الذي أقامته بالمنتدى والذي شمل العديد من اللوحات الفنية وكذلك عن تجربتها في الفن التشكيلي، وهي التي تعمل مشرفة لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي بجمعية الثقافة والفنون بالدمام، وشاركت بالعديد من المعارض الفنية داخل وخارج المملكة، كما حكمت العديد من المسابقات الفنية وقدمت عدة ورش عمل في هذا المجال. كما تم تكريم الأستاذ أحمد عباس العلوي لحصوله على عدة شهادات تميز في مجال التدريب على الأمن والسلامة وإصداره العديد من الكتيبات التوعوية حول الاسعافات الأولية وسلامة الأطفال وإدارة السلامة، وتحدث في كلمته عن مسيرته العملية وتجاربه في خوض غمار هذا التخصص الذي وصل به للحصول على أوسمة وشهادات عديدة في مجال إدارة المخاطر والصحة والسلامة.
بدأ مدير الندوة الأستاذ عيسى العيد بالتعريف بالمحاضر الدكتور أحمد فتح الله التاروتي الحاصل على شهادة الدكتوراه في اللغويات التطبيقية من جامعة لوس أنجلوس، وعمل معيدا في جامعة الملك سعود واستاذ مشارك في جامعة الملك فيصل حيث أشرف على العديد من رسائل الماجستير، وصدر له كتاب “معجم ألفاظ الفقه الجعفري”، كما أن له مخطوط “معجم المثنيات في اللغة”، ودراسة عن مجمع البحرين للشيخ الطريحي.
تناول الدكتور التاروتي في بداية محاضرته أهمية الكلمة والمفردات اللغوية في حياة وفكر الإنسان حيث تعتبر مادة اللغة وأنها كائن حي تعيش وتتتبل وتنقرض وتتحول لمعاني ومفاهيم مختلفة عبر العصور والأزمنة، موضحا أن النظرية المعجمية هي التي تعني بدراسة هذه التحولات في المفردات اللغوية ودلالاتها. وبيّن أن المعجمية كأي نظرية أخرى في العلوم الإنسانية تحتوي على جانب نظري كعلم المفردات واللغات وتنظيراتهما حيث أثرى ذلك الأصوليون العرب لارتباط هذه العلوم بعلوم الفقه والأصول والعقيدة. وفصّل في الجانب الثاني للمعجمية وهو العلم التطبيقي كمنتج في نظام تصنيفات المعاجم اللغوية، فالمعجميين لا يضيفون للغة ولا يخترعون معان من ذواتهم بل أن دورهم يكون في تتبع ورصد معاني ودلالات المفردات، لذا فإن المعاجم تعتبر من أخطر المصادر لما لها من تأثير مرجعي في تثبيت المعاني والتواريخ والأحداث المرتبطة بكل مفردة من مفردات اللغة. وبيّن أن المعاجم قد تأخذ أحد الأشكال الثلاثة فهي إما أن تكون مكتوبة، أو مخزنة ذهنيا، أو معبرة عن فهم اجتماعي مشترك تختلف من بيئة اجتماعية لأخرى حسب التجربة الحياتية والوجدانية.
وأكد المحاضر على أن المعجم يضم بين دفتيه تراث الأمة والمجتمع، فلكل كلمة تاريخ وذاكرة ووجدان لدى أفراد المجتمع، كما أنه يعالج تطور دلالات بعض الكلمات، مستشهدا ببعض المفردات والتحول الذي طرأ في دلالاتها كالسيارة والقطار حيث يتطور المعنى حسب الزمن وتتغير الصور المرادفة للمفردة. والحال ذاته ينطبق على المعاني “الشعبية” للمفردات عند كل مجتمع، مما يعني أن اللغة كائن حي تموت وتولد وتتغير – كما مر سالفا -. وفي بعض الأحيان يأخذ الجزء مكان الكل، فالفاتحة مثلا هي قراءة سورة الفاتحة من القرآن الكريم على الأموات، ولكنها توسعت بحيث أصبحت تعني مكان إقامة العزاء كما تعني أيضا مجمل شعيرة العزاء مكانا وزمانا.
وأوضح الدكتور التاروتي أن المجتمع يخلق مفردات جديدة أو يطور ما هو قائم كي تغطي حادات معينة أو تساعد في تصنيف الأشياء والأشخاص والسلوكيات، ومن بينها مفردة “المتدين” التي تعني المتعبد ولكنها تصحب معها شكلا وسلوكا معينا، ونفس الحال ينطبق على مفردة “الحاج” مثلا. من هنا يؤكد المحاضر على أن اللغة واستخداماتها ودلالة مفرداتها أمر خطير للغاية فهي تصور وتخلق حدثا معينا في الداخل الذهني والوجداني للإنسان، من هنا يمكن استخدام الصورة اللغوية وتحويلها لحدث معين وتتغيير هذه الصورة تبعا لأغراض المرسل. وبيّن أن هذه إحدى مشاكل التراث والحدث التاريخي، فالتصنيفات جاءت بعد الحوادث التاريخية ذاتها وبالتالي فهي تعبر عن رأي من اضافها أو ضمنّها في المفردات أو نقلها من تراث وبيئة أخرى.
وأشار إلى أن المبالغة في التوصيف اللغوي قد يؤدي أحيانا إلى الإساءة إلى الشخص المراد تكريمه وتقديره، مستشهدا بإسم “فاطمة” الذي قال عنه أنه كان منتشرا في التراث العربي قبل الإسلام وليس له أي خصوصية أو دلالة معينة، لكن عدم فهم مدلولات اللغة يوقع الكثيرون في أخطاء جسيمة. وانتقل بعد ذلك لمعالجة بعض التطبيقات الواقعية من التراث حيث استعرض جوانب من واقعة كربلاء مستّلا منها بعض المفردات ومناقشا دلالاتها بما ينعكس على فهم مغاير لما هو سائد في المجتمع حاليا، مطالبا بعدم اسقاط المفاهيم الحديثة على المفردات التراثية بل دراسة كل مفردة حسب وقتها وزمانها وظرفها.
وأنهى المحاضر بحثه بالقول أن التطور الدلالي هو علم قائم بذاته، مؤكدا على أن غرضه هو الدفه باتجاه التفكير المستقل والفحص والتدقيق في دلالات ومعاني المفردات وليس النقل والتقليد دون أي تمحيص، حيث أن هناك ما يشبه الفوضى في علم اللغة بسبب تعدد العلوم والنظريات في مجالات الدلالة والتأصيل اللغوي. وانتقد في حديثه الاستخدام المفرط دون وعي لتمرير بعض الأفكار على الناس وسحب معاني أخرى على المعنى الأصلي والأولي لأغراض مختلفة، مطالبا بضرورة دراسة المضامين بدلا من الأشخاص والأفراد.
بدأت المداخلات بمشاركة من الشيخ سمير الربح حيث أشار إلى أن التطور الدلالي للمفردات لا يمكن إيكاله لأفراد المجتمع حيث يمكن أن يحدث فيه عبث وتراكمات وإدخال مصطلحات غير متوافقة، مؤكدا على ضرورة تصدي مجمعات اللغة العربية والمختصين لتصحيح ما يستجد وما ينقل من مفردات من لغات أخرى قبل استقرارها كمصطلحات ثابتة. وعلّق الأستاذ عبد الرسول الغريافي حول كون المحاضرة مجسدة لعلم اللغة التطبيقية وأنه لا يوجد قواميس مناسبة للمصطلحات اللغوية العربية، كما تحدث الشيخ علي الموسى حول غياب نظرية لتأسيس وبناء المعاجم اللغوية، وكيفية تشكل المعنى للمفردات، وأن هناك خلط بين المعاني المفهومية والمصداقية.
وعلّق الأستاذ صالح العمير حول حديث المحاضر عن بعض المفردات ودلالات استخدامها ومعانيها، كما طالب الأستاذ أحمد الخرمدي بطرح السبل والوسائل المناسبة للتعبير عن هذه المعالجات. وأشار الأستاذ مرتضى الرويعي في مداخلته إلى أهمية ارتباط المفردات بالذهنية السائدة وضرورة معالجتها بناء على أسس علمية دقيقة وليست جزافية، موضحا أن بقية العلوم النظرية والتطبيقية تستند لمعايير واضحة ودقيقة. وتحدث راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب عن التطبيقات التي أبرزها المحاضر حول دلالات المفردات في المجتمع المحلي مشيرا إلى أن المجتمعات الأخرى لديها حالات شبيهة، متسائلا عن كيفية المعالجة التي قامت بها المجتمعات الأخرى لتصحيح خلط الدلالات.

الندوة التاسعة عشر (3/4/2018)

مسرحيون يناقشون قضايا المسرح المحلي

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 17 رجب 1439هـ الموافق 3 أبريل 2018م ضمن برنامج موسمه الثقافي الثامن عشر، شخصيتين من العاملين إخراجا وتمثيلا في المسرح هما الأستاذ مسبح المسبح وأحمد الجشي للحديث حول “المسرح المحلي بين جيلين”، وتناول قضايا المسرح وتوجهاته ومعوقاته وآفاقه المستقبلية.
وقبل بداية الأمسية تم عرض فلم قصير “ولا تنهرهما” يتناول موضوع البر بالوالدين لكاتبته جيهات صباح ومن إخراج علي عبد علي، كما تحدثت الفنانة يثرب الصدير عن جوانب من تجربتها الفنية في الفن التشكيلي واهتمامها بالبورتريه حيث عرضت نماذج من أعمالها للأسبوع الثاني على التوالي في المنتدى، مشيرة إلى مسيرتها في هذا المجال والبرامج العديدة التي شاركت فيها من معارض وورش تدريبية وتحكيم مسابقات. وتم تكريم الطالبين حسن الخنيزي ونوار الحداد على انجازاتهما العلمية وحصولهما على مراكز متقدمة في الأولومبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع 2018م)، حيث تحدث كل منهما عن مسيرته وانجازاته العلمية.
أدار الأمسية عضو اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ عيسى العيد، حيث أكد على أن المسرح يعتبر من أعمدة الفنون الأساسية، وأن الاهتمام به بدأ منذ العصور الأولى للتاريخ كفن بسيط يمكنه أن يختصر القضايا ويعبر عن المواقف بأساليب جادة وساخرة وغنائية وغيرها، لأن تأثيره على المجتمع كبير وقدرته على تناول مختلف القضايا واسعة وشاملة. واشار إلى هذه الأمسية تهدف لتقديم مقاربة موضوعية لمراحل التطور في المسرح المحلي، والعقبات التي تقف أمامه، والآفاق الواسعة المنتظرة في ظل التحولات الكبيرة التي نعيشها داخل الوطن. وعرّف الفانين المشاركين في الندوة وهما الأستاذ مسبح المسبح الحاصل على بكالوريوس أدب عربي وهو عضو لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بالدمام كما أنه المشرف الثقافي ومسئول الفرقة المسرحية بنادي الابتسام، كتب وأخرج ومثل العديد من المسرحيات. أما الممثل والمخرج أحمد الجشي فقد حصل على العديد من الدورات المسرحية في داخل المملكة وخارجها وأشرف على لجنة المسرح بمركز الخدمة الاجتماعية بالقطيف، وترأس نادي المسرح بكلية الجبيل الصناعية وفرقة “مواهب” المسرحية، ومثل عدة أدوار في مسلسلات عربية مشهورة.
بدأ الأستاذ مسبح المسبح حديثه باستعراض مجالات التميز في المسرح المحلي وقدرته على تحقيق جوائز محلية وخليجية بفضل جهود الرواد كماهر الغانم وعباس الحايك، مشيرا إلى أنه على الرغم من ضعف وقلة الامكانيات المتاحة إلا أن ذلك لم يقف عائقا أمام هذه الإنجازات. وأشار إلى أن من أبرز المعوقات التي تحد من انتاجية العمل المسرحي المحلي عدم وجود مسارح مهيئة ومناسبة للعروض، فكان يوجد مسرحان في ناديين فقط في المنطقة هما نادي الهدى والابتسام. وقال أن فترة المهرجانات التراثية دفعت بالعمل المسرحي مجددا بعد أن توقف مؤقتا بسبب تخصيصهما مخيمات خاصة استخدمت كمسارح وتمت استضافة بعض نجوم المسرح الخليجي للحضور والمشاركة فيها، مضيفا أن من العقبات القائمة أيضا هي قلة الدعم والرعاية للمسرح وضعف الاستثمار فيه من قبل رجال الأعمال المعنيين.
واستعرض المسبح تجربة المسرح المدرسي حيث تحدث عن تجربته الشخصية متحدثا عن مدى تأثيره في المجتمع وعن الإقبال الجماهيري الكبير الذي كان يحظى به المسرح، مشيدا بالدور الكبير الذي أسس له الأستاذ جعفر آل رضوان في المسرح المدرسي في المنطقة. وقال المسبح أن المسرح انحسر دوره في مرحلة ما واستعيض عنه بالفرق الإنشادية بسبب التوجهات الإجتماعية، كما أن المدارس في بعض المراحل انعدم فيها وجود مسارح مناسبة فيها. ومن ناحية إعداد الكوادر المسرحية المناسبة، تحدث المسبح عن صعوبة إعداد ممثلين مناسبين لغياب المعاهد والأكاديميات المتخصصة في مجال التمثيل المسرحي، وكذلك لغياب النجومية في المسرح المحلي حيث يتم الاعتماد على شخصيات معروفة من خارج المنطقة.
تناول الأستاذ أحمد الجشي أيضا مشكلة عدم توفر المسرح المناسب في المحافظة، مستشهدا بجهودكم التي بذلوها في إعداد مسرحية “أكشن ياجني” التي لقيت إقبالا جماهيريا كبيرا مع تعثر عرضها بسبب تعقيد الإجراءات وبطئها. وأشار إلى أن أهل المنطقة مقبلون بشكل كبير على الأعمال المسرحية وأن الحضور الكبير يكشف عن مدى تفاعلهم وشغفهم للمسرح، معتبرا أن وجود المسرح الملائم هو أبرز الأولويات للعمل المسرحي في هذه المرحلة. وأوضح أن المسرح المحلي بني على تراكمات واجتهادات ومبادرات شخصية عديدة، لكنها لم تتحول جميعها لعمل مؤسسي مما سبب في ضياع العديد من هذه الجهود والمبادرات.
وتحدث الجشي عن قدرات وكفاءات المسرحيين المحليين وضرورة إتاحة الفرص لهم للدراسة المتخصصة في مجالات وأماكن متعددة، مبينا أن المسرح السعودي ينبغي أن يكون حاضرا على المستوى العربي بشكل عام. وأوضح أن الفرق المسرحية المحلية غالبا ما تحقق انجازات ومراكز مرموقة في العديد من المسابقات العربية، موضحا أن المسرح المحلي لا يزال يهتم بالجوانب الاجتماعية أكثر من الأبعاد النخبوية. ولتطوير العمل المسرحي طالب الأستاذ أحمد الجشي بضرورة تكثيف ورش العمل التدريبية في أعمال المسرح وإقامة مؤسسات وأكاديمية متخصصة مع أن ذلك يتطلب الحصول على تراخيص رسمية عديدة، واختتم حديثه بالقول أن هناك تقصير في توثيق تجربة العمل المسرحي في المنطقة مؤكدا على التنبه للفرص الاستثمارية الواعدة من العمل المسرحي.
بدأت المداخلات من قبل الأستاذ محمد الدهان عن أسباب غياب خطط الاستثار المسرحي في المنطقة حيث أن هناك إقبالا جماهيريا كبيرا على المسرح، متسائلا عن ابرز المعوقات التي تحول دون ذلك. وناقش الأستاذ فراس الشواف أزمة المسرح وجماهيريته بدلا من توجهه النخبوي البناء، مما يعني انحدارا في مستوى التقديم، موضحا كذلك أن المهرجات التراثية أتاحت فرصا لوجوه مسرحية من الخارج ولم تكرس دور المسرحيين المحليين.
واشار الأستاذ صالح العمير إلى أن بعض المسرحيات المعروضة تعكس واقع المجتمع وتعالج قضاياه، ولعل هذا هو سبب إقبال الناس على حضورها، مشيرا إلى أن بعض المسرحيين لا يهتمون كثيرا بالجانب الترفيهي للمسرح بينما يبالغ فيه آخرون، كما تحدث عن حالة الشللية والتفكك بين المسرحين وانعدام التواصل والتعاون بينهم. وتساءلت الإعلامية فضيلة الدهان عن القصور في إعداد جيل مسرحي مؤهل لغياب الورش التدريبية وافتقاد المؤسسات الأكاديمية المتخصصة. وأكد اللواء عبد الله البوشي على أهمية التواصل مع مختلف الجهات المسرحية والثقافية وطنيا وخليجيا لتبادل الخبرات والتجارب المختلفة.
وتساءل الإعلامي محمد الحمود عن اتجاهات المسرح المحلي وانتماءاته وهويته، كما طرح آفاق الاستمار في مختلف مجالات المسرح، كما تساءل عن غياب تاريخ الكتابة المسرحية في المملكة وعدم توثيقها بصورة وافية. وتحدث الأستاذ حسن آل جميعان عن أسباب ضعف كتابة السيناريو المسرحي، وعن تأثير الحالة الدينية على المسرح، مشيرا إلى أهمية النقد المسرحي في تقدم المسرح وتطوره مؤكدا على أهمية التنافس بين المسرحيين. وختم راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المداخلات بالاشارة إلى فترة خمود وضمور المسرح بسبب التوجهات المحافظة في المجتمع بعد أن كان فاعلا ونشطا في فترات سابقة، مشيرا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب الإعداد المؤسسي الجيد للمهتمين بالعمل المسرحي في ظل أجواء الانفتاح التي تعيشها البلاد، وضرورة الاستفادة من التجارب المسرحية السابقة وجيل الرواد المسرحيين.

الندوة العشرون (10/4/2018)

النفايات الالكترونية في منطقة الخليج والتعامل معها

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الأسبوعية العشرين ضمن موسمه الثقافي الثامن عشر، وكانت تحت عنوان “مستقبل النفايات الالكترونية في الخليج” قدّمتها الخبيرة في تقنية المعلومات الأستاذة شروق طاهر الصائغ، وأدارتها الأستاذة رائدة السبع بحضور العديد من المهتمين بتقنية المعلومات، وأعضاء من المجلس البلدي بمحافظة القطيف.
وقبل بدء الندوة، تم عرض فلم قصير بعنوان “إنهم يألمون” يحكي عن سوء معاملة ذوي الاحتياجات الخاصة، بعدها تم تكريم الدكتورة فضيلة العوامي الحاصلة على شهادة الزمالة الأمريكية في علاج الإدمان، والمصنفة ضمن مئة إمرأة مؤثرة في السعودية عام 2017-2018م حيث تحجثت عن تجربتها الحياتية والمصاعب التي واجهتها في مسيرتها الأكاديمية إلى أن تخرجت في هذا التخصص النادر على النساء السعوديات. كما شاركت الفنانة كريمة المسيري بحديث عن تنظيمها للملتقى التشكيلي السعودي المغربي الذي شارك فيه ثلاثون فنانا من الدولتين وأقيم مؤخرا في الدار البيضاء.
عرّفت مديرة الندوة المحاضرة الأستاذة شروق الصائغ بأنها خريجة جامعة الكريت في علوم الحاسب الآلي وتعمل مستشار منتدب في العيئة العامة للإتصالات وتقنية المعلومات، ونظمت العديد من المبادرات حول دور التكنولوجيا والأنشطة التطوعية والتدريبية الشبابية، وهي عضو عامل في الشبكة الاقليمية للمسئولية الاجتماعية ومدرب معتمد في عدة مجالات تقنية.
بدأت الأستاذة شروق الصائغ حديثها بالتعريف بدور التكنولوجيا وتأثيرها المباشر على الاقتصاد، مشيرة إلى أن تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات تسهم في التقدم الاقتصادي والاجتماعي للأمم، فعلى سبيل المثال فخلال السنوات 1998‑1990م ساهمت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نمو بنسبة 57% في الناتج المحلي الإجمالي التي تتمتع بها مجموعة من البلدان المتقدمة بما فيها اليابان. وأكدت على أن هذا التسارع المذهل في التوسع في استخدام الأجهزة التقنية بشكل عام ينتج عنه نفايات وتراكم كميات كبيرة من المعدات والأدوات التي لا تجد لها طريقا مناسبا للتدوير سوى الترك والاتلاف.
وبيّنت المحاضرة أن النفايات الالكترونية تشمل أي جهاز أو معدة تعمل الكترونيا وليست قادرة على أداء العمل المنوط بها بشكل كامل مما يتطلب استبدالها بجهاز أو معدة أخرى، وعدّدت أنواع وأشكال وتصنيفات الأجهزة الكهربائية والالكترونية المستخدمة في المنازل والمصانع والشركات سواء بشكل ضخصي أو مكتبي وصناعي.
وأوضحت المحاضرة أن من الأمور المهمة في الاجهزة الالكترونية احتوائها على عناصر قد يكون بعضها سام للجسم وضار للبيئة من بينها عناصر الرصاص والزئبق ومادة البلاستيك، بالإضافة إلى وجود معادن ثمينة ضمن تركيبة هذه الأجهزة، مما يجعل تلفها ضررا من ناحية وخسارة مادية من ناحية أخرى. من هنا انطلقت فكرة تدوير النفايات الإلكترونية أو الأجهزة عديمة الفائدة، بسبب تسارع النمو وللإستفادة من مكوناتها والعناصر التي تتألف منها ولكن ذلك خلق أيضا مشكلة أمن المعلومات المخزنة فيها وضرورة التأكد من مسحها تماما.
وشرحت الأستاذة الصائغ التعامل الحالي مع هذه النفايات من خلال رميها في حاويات دون التأكد من محتوياتها، ومن ثم دفنها في المرادم بصورة غير سليمة بيئيا وأمنيا، حيث أن طريقة الردم والترك غير آمنة وقد تخلق أضرارا بيئية مستقبلية، ولا توجد مراقبة دقيقة على مجمل عملية التخلص من هذه النفايات الضارة. وأوضحت أن مشكلة النفايات الإلكترونية مركبة من عدة قضايا هي بيئية وصحية واقتصادية، فمن الناحية البيئية تساهم الأجهزة و المعدات الإلكترونية بما نسبته 2% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون مما يجعله مقاربا لانبعاثات نفس الغاز السام من الطائرات، كما أن المخلفات الكيميائية من المعدات الإلكترونية يساهم بتلوث التربة بالكاديوم والزئبق.
واسترسلت المحاضرة في توضيح التشريعات الدولية التي جاءت في هذا المجال استجابة لهذه التحديات البيئية الخطيرة ومن بينها اتفاقية “بازل” التي توصف المخلفات الإلكترونية بأنها مخلفات خطرة عندما تتلوث بالزئبق أو الرصاص أو الكادميوم أو ثنائي الفينيل متعدد الكلورة، أو عندما تحتوي على مكونات مثل المدخِرات والبطاريات الأخرى، ومكثفات الدارات المطبوعة والمفاتيح الزئبقية والزجاج من أنابيب الأشعة الكاثودية وغير ذلك من الزجاج المنشَّط. من ناحية أخرى، رصدت المحاضرة أن تصل النفايات الإلكترونية في دول الخليج العربي بين 2280 إلى 7650 ألف طن بحلول العام 2040 حسب الدراسات والبحوث بهذا الشأن.
واستعرضت اللأستاذة شروق الصائغ تجارب اقليمية في التعامل مع النفايات الالكترونية منها مشاريع في دبي ومدينة الخبر بالمملكة العربية السعودية، كما تحدثت عن برامج الحملات التوعوية التي تم تنفيذها في الكويت لتوعية الرأي العام بضرورة التعامل الأمثل مع المعدات والأجهزة الالكترونية من ناحية تخفيض الاستهلاك والحفظ الآمن لهذه الأجهزة لتقليل تأثيرها المباشر الإنسان جسديا وذهنيا. كما تحدثت مفصلا عن أسباب ضعف تفاعل المجتمع مع هذه التوجهات بسبب عدم ثقة الناس بمسح المعلومات الخاصة لهم المخزنة على هذه الأجهزة، موضحة أن المشكلة تكون أكبر عند التعامل مع الشركات التي تسعى لتجديد معداتها وأجهزتها كل فترة والتخلص من الأجهزة القديمة دون مراعاة لموضوع السلامة والبيئة.
واختتمت المحاضرة كلمتها بالإشارة إلى الجوانب الاستثمارية في مجال تدوير النفايات الالكترونية، حيث أنها مجال مربح وصديق للبيئة ويعود بالفائدة على الجميع، مبينة أنه تم إحداث تحولات تقنية جديدة وفعالة في التعامل مع النفايات الالكترونية بصورة مجدية اقتصاديا.
بدات مداخلات الحضور بسؤال الاستاذة دلال العوامي المسئولية في جمعية العطاء النسائية الخيرية حول سبل اقناع ابناء المجتمع بأهمية تدوير النفايات الالكترونية ضمن مشروع بيئي تقوم به الجمعية مع ان الكثيرين يترددون في تدوير مقتنياتهم من الاجهزة الالكترونية لاعتقادهم بعدم الامان حول معلوماتهم المخزنة فيها، وعن افضل السبل في هذا المجال. كما طرح الاستاذ ابراهيم البراهيم عضو المجلس البلدي عدة ملاحظات على الطرق المستخدمة في المرادم لردم النفايات حيث انها لا يتم فرزها بصورة دقيقة وصحيحة، وانه قدم مشروعا في البلدي ضمن سعيه لمعالجة هذه المشكلة ويامل ان يكون هناك اهتماما اكبر للتعامل مع مشاكل النفايات بمختلف اشكالها. وتحدث الاستاذ عبد الرسول الغريافي عن الخلط لدى البعض بين المقتنيات التراثية والاجهزة الالكترونية التي تعتبر من النفايات ويتم الاحتفاظ بها على انها من التراث.
وتساءل الأستاذ علاء الفرج عن آلية عمل الشركات في التعامل مع النفايات الالكترونية وخاصة مع تركيب شبكات الألياف البصرية وما يترتب عليها من ترك أبراج الاتصالات والأسلاك المرتبطة بها، كما تساءلت عضو المجلس البلدي الأستاذة عرفات الماجد عن آلية سن التشريعات المناسبة للحد من التلوث بسبب النفايات الالكترونية وعن سبل حماية أفراد المجتمع من أي أضرار ناتجة عن ذلك. وأكد الأستاذ علي بو خمسين على أن هناك تطور متسارع في كميات النفايات الالكرتونية ولا يقابله وعي مناسب في المجتمع حول أضرارها وسبل التخلص منها بطرق سليمة أو قليلة الضرر، متسائلا عن سبل نشر الوعي البيئي في المجتمع.
وتحدثت الدكتورة فضيلة العوامي حول كون الأجهزة الالكرتونية لا توجد فيها كميات اشعاعية كبيرة وبالتالي فإنها قد لا تكون مصدرا مسببا للأمراض السرطانية كما يعتقد الكثيرون حيث لا توجد معلومات علمية تؤكد ذلك، وأشار الأستاذ حسين الخميس إلى أنه يوجد حاليا اهتمام واضح بسن تشريعات جديدة في هذا المجال وإلزام مختلف الجهات بهذه التشريعات التي تراعي موضوع حماية البيئة تماشيا مع رؤية 2030.
الندوة الواحدة والعشرون (17/4/2018)

منتدى الثلاثاء يقيم حوارا حول دور الفنون الشعبية

في أجواء مفعمة بالتفاعل والحماس، وبحضور نخبة من المهتمين بالفنون الشعبية، ألقى الباحث في تاريخ التراث والفنون الشعبية الدكتور سمير الضامر محاضرة في الندوة التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 1 شعبان 1439هـ الموافق 17 أبريل 2018م، تحت عنوان “الفنون الشعبية والتنمية الاجتماعية”، وأدارها الاعلامي حبيب آل محمود.
تم عرض فلم قصير “إنسان” من اخراج حسين العباس عبارة عن حوار ذاتي حول مفاهيم التعددية والتنوع في الوطن، بعد تم تكريم الطالبة جود موسى النمر الحاضزة على عدة جوائز في مجال كتابة وتأليف قصص الاطفال منها الجائزة الأولى لأجمل محتوى قصصي لقصص الأطفال. وتحدثت كذلك التشكيلية زهراء المتروك عن تجربتها الفنية وعن أعمالها المعروضة في قاعة المنتدى التي نالت استحسان الحضور حيث تناولت فلسفة هذه الأعمال ورؤيتها حول الفن التشكيلي واساليبها في أدائه.

استعرض مدير الندوة الابعاد الاجتماعية والثقافية للفنون الشعبية مؤكدا على أهميتها في دراسة أي مجتمع وتاريخه، مشيدا بالتجربة الثرية التي يقدمها الدكتور سمير الضامر في مجال أبحاث التراث والفولكلور الشعبي وجمعه، مستعرضا سيرته العلمية والعملية في هذا المجال. بدأ الدكتور الضامر محاضرته بعرض فلم مختصر يجمع أشكالا من الفنون الفولكلورية الشعبية في المنطقة الشرقية تم توثيقها وتسجيلها في مراحل ماضية، مشيرا إلى أن الفنون الشعبية هي فنون جماعية، أفرزتها الحالات الاجتماعية والثقافية للمجتمعات القديمة، ومن سمات هذه الفنون أنها تُتوارث وتتلقاها الأجيال وتتناقلها، ولا نستطيع -غالبا- أن نجد لها مُؤلفاً، فالمُؤلف هو الشعب، وهو الضمير الجمعي الذي يعبر عن عواطفه وانفعالاته وأفراحه وأحزانه وطقوسه بطريقة منظمة غاية في النظام، وهذا النظام مُنتج من منتجات الشعب العاميّ؛ الشعب ابن الأرض وابن الطبيعة، وليس ابن الأيديولوجيا، حيث هناك فرق كبير بين نتائج الثقافة الطبيعية، ونتائج الثقافة الأيديولوجية.

وأضاف أن أشكال الفنون الشعبية تتنوع وتتعدد، فمنها ما يتصل بفنون الأغاني كأغاني العمل في الفلاحة، والمالد النبوي والأفراح، والأناشيد والأهازيج بمختلف مناسباتها، وأغاني ترقيص الأطفال، والحكايات الشعبية، والعادات والتقاليد، واللهجات والمفردات، والنكت والأمثال، والشعر الشعبي والمنولوجات، والألعاب الشعبية، والسير الشعبية وفنون الراوي والرواية. ومنها ما يتصل بالحرف وفنون صناعة الفخّار وسفّ الخُوص، والحفر والنحت والخياطة والملابس وصياغة الحلي والعمارة والدمى والوشوم والزخارف والجداريات. والبحث العلمي في توثيق الفنون الشعبية يقوم على تصنيفها إلى نوعين: فنون شعبية شفاهية، وفنون شعبية مادية، ومهما تم التصنيف الدقيق إلا أن هذه الفنون تتداخل على بعضها، ويشكل بعضها إفرازا وسببا في نشأة الآخر، فالعمل في الفلاحة مقترن بشكل كبير بأداء فنون شعرية بطريقة صوتية مؤثرة، وبطريقة في أداء الجسد كما يعمل الفلاحون في موسم الحصاد.

وأوضح أن المتتبع للفنون الشعبية في المملكة العربية السعودية، بل وعموم الخليج العربي، سيجد أننا نستطيع أن نكوّن خريطة شاملةً ومتنوعة لعدد من الفنون في كل المناطق، بمختلف بيئاتها: البحرية والريفية والصحراوية والجبيلة. وأهمية هذه الخريطة أنها: توثق للفنون ومسمياتها، ترصد أماكنها، تترجم للذين مارسوها والذين رووها للأجيال، تحلل البنيات الأساسية التي قامت عليها هذه الفنون، تدرس الأصول الثقافية وملامح البدايات التي نتجت من خلالها هذه الفنون، تبحث -أيضاً- في طبيعة الإنسان المُنتج لهذه الفنون، وتقدم النتائج لتكون مساندةً ومعززة لصياغة التنمية البشرية والثقافية للدولة الحديثة.

وبيّن المحاضر أن التنمية الثقافية التي تعطيها الفنون الشعبية هي تنمية داخلية، تظهر مع الوقت في السلوك والذوق والوجدان، هذه التنمية هي قوة ناعمة تدعم البنية الداخلية للإنسان فتظهر نتائجها في علاقاته وتخطيطاته وتدابيره وجماليات حياته في اللبس والمعمار والفن والتسامح والعلاقات الطيبة مع الإنسان والحيوان، ولهذا دلائل وشواهد كثيرة في الفنون والحكايات الشعبية، وهذه التنمية فيها توازن مابين الروحي والمادي، صاحبها فنان كبير، ومتدين كبير في نفس الوقت، لا مشكلة عنده بين الديني والدنيوي، وكل شيئ له وقته ومزاجه. واستعرض الدكتور الضامر في حديثه نماذج من قلق الهوية تجاه الفنون الشعبية وخاصة من أصحاب بعض الأيديولوجيات المتطرفة، فسعوا إلى تحريمها وجعلها هي العيب والفساد والانحلال، ومن نماذج التعبئة الفكرية في هذا المجال ما كتبه محمد محمد حسين (1912-1982) في كتابه “حصوننا مهددة من داخلها”، وأنور الجندي (1917- 2002) في كتابه: “إحياء التراث الجاهلي والوثني تحت اسم الفلكلور: التراث الشعبي”، وغيرهما من الكتاب والخطباء والدعاة.

ووصف الدكتور الضامر حالة الفنون الشعبية محليا بأنها حالة بائسة، لا مؤسسة لها ترعاها، ولا تستفيد منها التنمية البشرية، وهي في حالة تشرذم وتشتت، وليس هناك إعلام خاص بها يوثقها ويعطيها مكانتها اللائقة بوصفها هوية شعبية وطنية إنسانية. وهي جاهزة لحاجتنا للبرامج السياحية وبعض المهرجانات. وأكد على أن الفنون الشعبية لها حضور عالمي، وهي تعد من ضمن حركية التنمية في العالم، وتعمل على المحافظة على الفنون الشعبية، وعمل المتاحف والمراكز الخاصة، والمهرجانات الدولية، ولها أقسام متخصصة في البحوث والدراسات الثقافية والشعبية في الجامعات والمراكز، تدرس أنظمتها، ولهجاتها، وملابسها، وعلاماتها، وتعيد توظيفها وإنتاجها في كافة أشكال الفنون الإبداعية كالسينما والمسرح والألعاب الإلكترونية والتعليم وفنون الشوارع، وقصص الأطفال، وتعمل المسابقات والجوائز الداعمة لهذا النوع من التنمية الثقافية.

وختم الدكتور سمير الضامر حديثه بتقديم عدة توصيات لإعادة الاهتمام بالموروث الشعبي وتفعيل الفنون في المشهد الثقافي والاجتماعي وذلك من خلال: منح تصاريح سهلة ميسرة لإنشاء فرق للفنون الشعبية، دعم تلك الفرق وتيسير مشاركاتها في المهرجانات الداخلية والخارجية، إعادة الاعتبار للنهام والراوي والمطرب الشعبي ومنحهم منصات لمقابلة الجمهور في المجمعات التجارية والمهرجانات السياحية، تأهيل رواة و راويات للحكايات الشعبية وتسهيل مشاركاتهم في مدارس التعليم العام لإثراء الطلاب والطالبات، عمل مسابقات ودورات لفنون الإيقاعات الشعبية وإبراز المتميزين لإظهار الهوية الشعبية للفنون الإيقاعية الوطنية، تسهيل تصاريح فرق التطوع، ومراكز البحوث لدراسات الثقافة الشعبية بشكل عام والفنون الشعبية بوجه خاص.

بدأت مداخلات الحضور بتساؤل من الأستاذ علي الحرز حول مشروع الفنان طارق عبد الحكيم لتوثيق الفنون الشعبية في المملكة، وعن تأثير الحالة الدينية في ضمور الفنون والفلولكلور بكل أشكاله وألوانه، وطرح الأستاذ نادر البراهيم تأثير التحولات السياسية في دعم وتعزيز اتجاهات دينية معينة ساهمت في اقصاء الحياة الفنية وضمورها واعتبارها من المحرمات. وتناول الدكتور احمد سماحة دور الجاليات الغربية التي عاشت في المنطقة في دراسة وتوثيق التراث الشعبي وسعيهم لفهم المجتمع من خلال ثقافته وتراثه، وأضاف أن الفنون الشعبية تهدف أيضا إلى تفريغ شحنات الألم والتعب في المراحل التي كان الناس يبذلون مجهودات جسدية كبيرة.

وتحدث الأستاذ علوي الخباز عن العلاقة بين التراث الشعبي بسيكولوجية الإنسان المنتج له، حيث أن المادة التراثية المنتجة كانت تلتصق بحاجة الانسان وتعبر عن همومه وانتاجه المحلي وليس المستورد من هنا جاء تعلقه واهتمامه بها، وتساءل الأستاذ محمد الهلال عن مسببات ارتباط الفنانين الشعبيين بأعمالهم على الرغم من أشكال المعارضة والضغوط التي تواجههم. وطرح الأستاذ فاضل معتز ضرورة التوثيق باستخدام النوتات الموسيقية للأعمال الفنية وعدم الاقتصار على التسجيل الشفوي والكتابي، كما أشار الأستاذ فاضل عمران إلى وجود حالة الكسل في أعمال التدوين والتوثيق للتراث الشعبي موضحا أن القفزة التنموية لم تكن طبيعية لتحافظ على الموروث الشعبي. واقترح الأستاذ صالح العمير اضافة التراث الشعبي كمادة تعليمية في المدارس لربط الأجيال الجديدة بها، وشكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب المحاضر والحضور على المشاركة في الحوار الجاد حول هذا الموضوع البالغ الأهمية للمجتمع والوطن في هذه المرحلة الانتقالية.

الندوة الثانية العشرون (24/4/2018)

العليط يستعرض الانجازات التعليمية في منتدى الثلاثاء

ناقش مدير مكتب التعليم بالقطيف سعادة الاستاذ عبد الكريم العليط أبعاد واتجاهات التحول في مجال التعليم والإنجازات التعليمية في محافظة القطيف، وذلك ضمن المحاضرة التي ألقاها في منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 8 شعبان 1439هـ الموافق 24 أبريل 2018م، وحضرها نخبة من مسئولي ورجالات التعليم في المنطقة، وجمع من الحضور، وأدارها رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ زكي البحارنة.
تم عرض فلم “فسحة أمل” للمخرج علي المشيقري والذي تدور أحداثه حول اهتمامات الشباب والعوائق التي تقف أمامهم للإهتمام بدراستهم، كما أخذت الفنانة زهره المتروك الشخصيات الحاضرة في جولة لمعرضها الفني التي أقامته في المنتدى للأسبوع الثاني على التوالي، وتحدثت عن أنماط تجربتها في الفن التشكيلي طوال هذه السنوات. كما تم تكريم الدكتورة نورة آل اسماعيل لتميزها العلمي والأكاديمي وحصزلها على عدة جوائز في البحوث الطبية، وتحدثت عن مسيرتها العلمية ومجال أبحاثها في علاج أمراض سرطان الثدي والتجارب العلمية التي قامت بها في هذا المجال.
قدم مدير الندوة اللقاء بكلمة أشار فيها إلى اهتمام المنتدى باستضافة مسئولي القطاعات الرسمية للتفاعل والشراكة مع المجتمع، مؤكدا على أهمية التعليم ودوره الأساس وعلى أهمية الالتفات للإنجازات العلمية التي يحققها الطلبة في مجالات مختلفة. وعرف بالمحاضر الأستاذ عبد الكريم العليط بأنه من خريجي كلية الشريعة بجامعة الامام محمد بن سعود، وحصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة دار العلوم بالرياض، وتنقل في سلك التعليم منذ عام 1410هـ كمعلم إلى أن عيّن مديرا لمكتب التعليم بالقطيف عام 1428هـ، له كتاب تحت الطبع بعنوان “حياد المحكّم واستقلاله في نظام التحكيم السعودي”، كما أنه عضو في العديد من اللجان والجمعيات المتخصصة.
بدأ الأستاذ العليط حديثه باستعراض موجز لمسيرة وتطور التعليم في المملكة والخطط والبرامج التي استند عليها في ذلك، مشيرا إلى الجوانب التميز فيه كالقضاء على الأمية والاهتمام بتعليم الكبار، ودمج إدارتي تعليم البنين والبنات، وتشكيل وزارة موحدة تجمع بين التعليم العام والتعليم العالي، وإدخال برامج تعليمية لذوي الاجتياجات الخاصة وصعوبات التعلم، وكذلك رعاية الموهوبين من الطلاب والطالبات. كما نوّه في كلمته إلى الدور التفاعلي التي تعنى به الوزارة في التواصل مع مختلف القطاعات الاجتماعية وتفعيل الشراكة المجتمعية عبر وسائل وسبل مختلفة، جعلت من القطاع الخاص وشرائح المجتمع شركاء في برامج التعليم وأنشطته.
واستعرض الأستاذ عبد الكريم العليط بعد ذلك بعض الاحصاءات عن التعليم في محافظة القطيف، فأوضح أن عدد المدارس في المحافظة تبلغ 306 مدرسة يدرس فيها 100،608 طالب وطالبة يعلمهم 8264 معلم ومعلمة تحت إشراف 133 مشرفا ومشرفة. وانتقل المحاضر للحديث حول أهداف رؤية 2030 كمنطلق لتطوير مسيرة التعليم، مشيرا إلى أن التعليم يعتبر المحور الأساس في برامج التنمية المستدامة والبحث والتطوير والابتكار، وبناء الموارد البشرية المؤهلة وغيرها من العناصر المهمة في بناء المجتمع وتنميته. كما استعرض الأهداف العامة للتعليم 2020 والتي ضمنّها تطوير المناهج وأساليب التعليم، تحسين استقطاب المعلمين وتطوير مهاراتهم، ضمان التعليم الجيد، تحسين البيئة التعليمية، تعزيز القيم والمهارات للطلبة، ومشاركة القطاع الأهلي في التعليم.
اتجه الحديث بعد ذلك حول الرؤية المستقبلية للمتعلم (الطالب) والمواصفات المطلوب الحصول عليها من مهارات وقدرات وتأهيل مناسب، كالتمسك بالقيم وانتاج المعرفة وايجابية التعامل مع الحياة وتكامل الشخصية. كما حدد المواصفات المطلوبة للمدرسة وذلك بتوفير تعليم عالي الجودة، وأن تكون جاذبة ومعززة للتعليم والابداع والموهبة، وذات مسئولية مجتمعية. كما استعرض أيضا الرؤية المستقبلية لمكتب التعليم في المحافظة كي يتمكن من تحقيق الأهداف التعليمية التي يخطط لها.
انتقل المحاضر بعد ذلك للحديث حول الانجازات التعليمية في المحافظة مشيرا إلى أنه تم تحقيق 17 انجازا تعليميا وابتكارا علميا على المستوى العالمي في الحساب الذهني واولمبياد العلوم الدولي ومسابقة انتل. كما حقق الطلاب ومنسوبي مكتب التعليم 46 انجازا نوعيا على مستوى المملكة، كالمركز الأول في فئة الإدارة والمدرسة المتميزة، ومسابقة “موهوب” في العلوم الطبيعية واختبارات القدرات العامة والتحصيل، وجوائز التفوق الدراسي، والاولمبياد الوطني لللإبداع العلمي. أما على مستوى المنطقة الشرقية، فقد تم تحقيق 78 انجازا تعليميا منها نسبة أعداد الطلبة الموهوبين، ونسبة 52% من سفيرات التفوق على مستوى المنطقة، ومسابقة أفضل المملارسات في جودة التعليم، والمركز الأول في مسابقة اللقاءات التربوية، وتفعيل ساعة البرمجة.
وتناول المحاضر في ختام حديثه آفاق وتحديات تطوير التعليم مشيرا إلى أن من بينها تحسين البيئة المدرسية لكون أمثر ملاءمة لممارسة التعليم من خلال تقليص المباني المستأجرة وتطوير المياني الحكومية ودعم مبادرات المدارس للشراكة المجتمعية، تبني ودعم الممارسات والمبادرات الناجحة والعمل على ابرازها مثل مبادرة الحاج المطرود لتكريم المعلمين المتميزين، دعم مهارات التفكير لدى الطلاب والطالبات، ودعم مكانة المعلم وابراز دوره، ودعم وتمكين القيادات التربوية إداريا وفنيا، والتوسع في بناء الجسور مع المجتمع والتكامل مع مؤسساته عبر الشركات مع القطاع الخاص.
بدأت مداخلات الحضور بكلمة لأستاذ زكي الزاير للتعريف بكتابه “طرق متعددة في حل المسائل الرياضية” ويهدف للتفكير بالمسائل الرياضية بطرق إبداعية، كما تم تكريم الأستاذ منصور آل كبيش الذي عمل لسنوات طويلة متطوعا في قطاعات التعليم المختلفة، وتحدث الأستاذ فتحي البنعلي شاكرا المحاضر ومكتب التعليم على حسن جهودهم، ومثله أكد ذلك الأستاذ جمال الحمود الذي رأى في عمل المكتب أنموذجا يحتذى به.
وأشارت الأستاذة صفية العبيدان إلى انجازات النشاطات الطلابية النسائية في المحافظة وخاصة في مجال تدريب الطالبات والبحوث العلمية، أما الأستاذ أمين الصفار فقد طالب بتوضيح حدود مسئولية المشرفين التربويين، وعلّق على قلة عدد فصول طلاب حالات التوحد ومشكلة الدمج، وكذلك عن مدى رضا وسعاد المدرّس في مدرسته بحيث يكون أكثر قدرة على العطاء، كما أشار إلى آلية تعيين مديرات المدارس في المحافظة، وضرورة الاهتمام بموضوع صيانة المدارس.
الأستاذ ابراهيم الإبراهيم تناول أهمية وجود القيادة الفاعلة والمتمكنة في مكتب التعليم التي أنتجت كل هذه النتائج المبهرة، مشيرا إلى أهمية التعاون مع رجال الأعمال ودعمهم لمشاريع وبرامج التعليم وخاصة في مجالات التدريب. وأشارت الأستاذة سلوى السيف إلى بعض الاشكالات الناتجة من برامج دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في الفصول بحيث ينبغي مراعاة الحالات التي تتطلب تأهيلا مناسبا، وتحدث الأستاذ عبد الله الجصاص المشرف على التربية الخاصة بالمكتب عن جهود المكتب في التعامل مع حالات التوحد وأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة مشيرا إلى الحاجة الى تنمية الثقافة الاجتماعية في هذا المجال.
وتساءل الدكتور سعيد القرني عن برامج التهيئة التي ينبغي أن تقدمها المدارس بحيث تختصر على الطالب السنة التحضيرية عند التحاقه بالجامعة، وشكر الأستاذ محمد جعفر المسكين مسئولي التعليم مشيرا إلى الانتقال الحاصل في العالم من المارد الطبيعية إلى الموارد البشرية وأهميته في الانعكاس على التعليم. وطرح الأستاذ صالح العمير مشكلة المدارس المستأجرة ووجود معلمين في مناطق أخرى بعيدة، ووضع رياض الأطفال التي ينبغي معالجتها. وتحدث الأستاذ منصور آل جواد عن انجازات تعلمية إضافية منها اختبارات التسريع والاختبارات الدولية وتحليل المحتوى. وتناول الأستاذ جعفر الشايب راعي المنتدى في كلمته اشلكر والتقدير لرجالات التعليم وأهمية الانفتاح والتواصل بين المسئولين في مختلف القطاعات والمواطنين لتحقيق الفائدة، مشيرا إلى كون التعليم ركيزة أساسية في عملية التحول التي تمر بها بلادنا في هذه المرحلة، وموضحا أن المنتدةى يقوم أسبوعيا بتكريم المنجزين من أبناء وبنات المحافظة. وأكد الأستاذ محمد الدعلوج على أهمية دور الأهالي ورجال الأعمال في دعم الانجازات التعليمية.السيرة الذاتية للمحاضر

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد