متغيرات الخطاب الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر

3٬454

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء يوم الثلاثاء 16 شعبان 1426هـ الموافق 20 سبتمبر 2005م الباحث البحريني السيد ضياء الموسوي في حديث حول “الخطاب الإسلامي بعد الحادي عشر من سبتمبر”. وقدم المحاضر الاستاذ محمد الخباز الذي سرد سيرة مختصرة عن حياة المحاضر الأكاديمية والعملية حيث درس العلوم الدينية في حوزة قم لمدة عشر سنوات وبلغ مرحلة الدراسات العليا (بحث الخارج)، كما حصل على شهادة البكالوريوس في الأدب العربي والماجستير في فقه السنة، ويرأس حاليا مركز الحوار بمملكة البحرين وله عدة كتب منها “علي وحقوق الإنسان”، و”شيعة الخليج من المواجهة إلى المراجعة” و”ثقافة التخوين في الخطاب الإسلامي” و”مقالات في زمن الردة”. كما أن له مشاركات إعلامية وثقافية متنوعة في داخل البحرين وخارجها في مجالات الأدب والثقافة والشعر.

بدأ المحاضر حديثه بالتأكيد على ان الخطاب الإسلامي لم تحدث فيه تغيرات حقيقية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وذلك لوجود خلل حقيقي في هذا الخطاب، ولا يقتصر ذلك على الإسلاميين وحدهم بل جميع الاتجاهات السياسية والفكرية في العالم العربي والإسلامي، مؤكدا على وجود أزمة تقهقر وتخلف في العالم العربي. وأكد على أن هذا الخطاب لا يمكن ان يتغير ما لم تتوفر جرأة حقيقية لنقده والمطالبة بإصلاحه، فالأسس التي ابتنيت عليها ثقافة المجتمعات هي المنبت الاساس لوجود حالة التخلف وتكريسها وهو المعاش في مختلف المجتمعات العربية والإسلامية. وأشار الى إن ازمة الخطاب الاسلامي شاملة ولا تقبل النقد وتنحوا باتجاه المواجهة والتخوين والتبرير، بدلا من المراجعة على اثر أحداث سبتمبر والمواقف الخاطئة والمتناقضة التي تبناها العديد من المثقفين حول مختلف القضايا المحلية والعالمية. كما انتقد المحاضر العودة الى حالة العقل الخرافي والتراثي والروايات المفخخة في مختلف المجالات الثقافية، بدلا من الاتجاه نحو ثقافة التنظيم، وتنمية المجتمع المدني وسيادة القانون وتعزيز دور الإنسان في التنمية والتطور.

كما ركز السيد ضياء الموسوي على أن الخطاب الإسلامي المستند على الحالة الكاريزمية والانتفاخ الأيدلوجي ينحى باتجاه دغدغة عواطف الجمهور بدلا من التركيز على الجوانب العقلانية والمنطقية، وبذلك يجره لاتخاذ مواقف متشنجة من قضايا قد لا تكون مهمة واستراتيجية. واستشهد المحاضر بنماذج من الخطاب الاسلامي التي تكرس التضليل والتخلف وتبرر السلوكيات المنحرفة وتبتعد عن المعرفة والقراءة الصحيحة للتراث والأحداث وتعزز الخطاب الوهمي والخرافي المتضخم في الأذهان، وهذا ما يشحن العقل المسلم باليقين والتسليم والخرافة والعيش في التاريخ. كما أشار المحاضر إلى أزمة النرجسية التي يعيشها الخطاب الإسلامي والذي يصور الغرب على انه نظام مهزوز سياسيا واجتماعيا وثقافيا وأنه معرض للزوال وينتظر الحل من العالم الإسلامي، ويطرح شعارات كبيرة وغير واقعية من قبيل “الإسلام هو الحل” دون البحث في المحتوى والتطبيقات العملية لمثل هذه الشعارات.

ثم تحدث الموسوي عن أزمة الطائفية في الخطاب الإسلامي والحاجة إلى تعزيز مفهوم المواطنة لتجاوز الأزمات السياسية التي تعصف بالعالم الإسلامي وتحرك قواه الاجتماعية على أساس المحاصصة الفئوية. وانتقد عجز الخطاب الإسلامي عن الإجابة على العديد من تساؤلات الجيل الجديد والتعاطي مع قضاياه من خلال تجاوز الأزمات التقليدية العالقة والانطلاق بصورة أكثر عقلانية وانفتاحا إلى الاستفادة من مكتسبات الحضارة وتحويل التراث إلى عامل دفع حضاري، مشيرا إلى أن من ابرز التحديات هي قيادة المجتمع إلى تحقيق انجازات معيشية له بدلا من أوهام الشعارات التي تدعو إلى العزلة والمقاطعة السياسية والثقافية مع القوى الداخلية والخارجية. ونبه في حديثه إلى أزمة الخطاب المعارض الذي لا يساهم في البناء ولا يتفاعل مع الاستحقاقات السياسية ويقف معارضا أمام المشاركة في الفرص المتاحة.

واستعرض المحاضر نماذج عديدة لمسيرة بعض الحركات الإسلامية في المنطقة والتغير الذي طرأ على خطابها السياسي مؤكدا على خطورة التشنج في الخطاب الذي يؤدي إلى العنف مما ينتج عنه خسائر سياسية واجتماعية كبيرة. وركز في حديثه أيضا إلى أهمية تحديد الأولويات في العمل المحلي والداخلي بدلا من الانشغال بالقضايا البعيدة والكبيرة، مطالبا بالتوجه إلى الاهتمام بقضايا المجتمع المحلي أولا. وأشاد بالمراجعات الفكرية والسياسية التي يطرحها مثقفوا المنطقة الشرقية خلال هذه المرحلة وتجاوزها للعقلية النمطية المنغلقة السائدة من خلال الطرح الوطني والواقعي المنفتح.

ودعا السيد ضياء الموسوي في نهاية حديثه إلى العمل على تصحيح الخطاب الإسلامي عبر عدة خطوات من بينها: الانفتاح على الأديان والحضارات الأخرى، والتوجه إلى زرع روح الوطنية والتسامح في الجيل الجديد، والقبول بالآخر واحترامه، واستبعاد المفردات المنفرة في الخطاب الإسلامي، وتعزيز الخطاب المعتدل والمتسامح بدلا من الخطاب الثوري والتكفيري، وأهمية المصالحة الاجتماعية والمشاركة السياسية، والقيام بمشاريع إعلامية وثقافية تساهم في تصحيح صورة المسلم لدى الآخر.

وفي نهاية اللقاء شارك الحضور من خلال تعليقاتهم ومداخلاتهم في إثراء اللقاء بمناقشات جادة حول الموضوع، حيث نوه بعضهم بجرأة المحاضر في نقد الخطاب الاسلامي من اجل دفعه للتغيير والمراجعة بينما تحفظ البعض على حالة التعميم موضحين ان هنالك بوادر تشكل خطاب اسلامي اكثر عقلانية وانفتاحا هو بحاجة الى رعاية وتشجيع. وأشار احد المعلقين الى تداخل السياسي والثقافي في الخطاب الاسلامي، فالمواقف السياسية هي بطبعها متحركة وليست محل اتفاق بين الجميع، بينما الخطاب الثقافي هو الذي يمكن ان يكون محل اجماع وتوافق وتؤسس الى رؤى مشتركة ومتقاربة.

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد