منتدى الثلاثاء يناقش تصوير الأنبياء في السينما

3٬445

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ضمن برنامجه للموسم الثالث عشر، مساء الثلاثاء 23 ذو القعدة 1433هـ الموافق 9 أكتوبر 2012م الكاتب والناقد محمود محمد الشرقاوي نائب رئيس لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بجدة ، في محاضرة بعنوان: “تصوير الأنبياء في السينما بين الفقه والفن” . وأدار الندوة الأستاذ عبد الباري الدخيل الذي عرف المحاضر بأنه فنان وكاتب مسرحي كتب ومثل في عدة مسرحيات منها أربعة على الطريق وخطيرين ، وعزف اليمام ، وسلف ودين.

تحدث الشرقاوي في البداية شاكرا المنتدى على استضافته ومعربا عن سعادته بلقاء المثقفين والفنانين في المنطقة الشرقية والحوار معهم. وبين أهمية وحساسية الموضوع الذي يتطرق اليه من ناحية كون المقدس في عالمنا الاسلامي منطقة محضورة للنقاش حولها. وقدم المحاضر الشرقاوي نبذة عن ظهور الدين الإسلامي ، معتبراً أنه نابع ومتفاعل مع الهوية العربية، مستدلا على ذلك بأنه دين ناطق بالعربية ومنتشر في بلاد العرب، حيث يرى الكثيرون أنه لا توجد مسافة فاصلة بين الإسلام والعروبة وبين القرآن واللغة العربية. وأشارالمحاضر إلى ان الدين والفن يشتركان في كونهما يشكلان تراكما حضاريا ، فالدين يعبر عن رسالة سماوية مقدسة والفن هو إرث انساني وحضاري ، ويصعب حصرهما في دائرة محدودة وبمجموعة واحدة من البشر. كما أن فن الدراما والتمثيل نشاط وافد على المجتمعات العربية ابتكره الإغريق و تبناه الأوروبيون من المجتمعات المسيحية بعد قرون.

وأضاف اننا بحاجة للتعاطي مع الفنون كتجربة انسانية أصيلة وضرورة جمالية ملحة، تعكس حاجتنا لمحاكاة الطبيعة، حيث أنها تجربة يشترك فيها جميع بني البشر، ويجب ان نبتعد عن تصنيف هذه التجربة جغرافيا ، عرقيا او دينيا. وأردف بأن ذلك سيساعدنا على اجتياز شوط كبير من النقاش موفرين على أنفسنا الكثير من الاتهامات والهواجس المقلقة المتعلقة بالتغريب والتبديع والاستلاب الثقافي والانسلاخ عن التاريخ.

وأكد الشرقاوي فيما يتعلق بعلاقة المقدس بالإبداع وتناوله في مجال الفنون،على ان المجتمعات الأخرى تجاوزت هذا الموضوع في وقت لا زلنا نتجادل فيه حوله ، مضيفا ان الفن يستلزم أن يخضع للكثير من عمليات التقنين والتأطير ولكن كخطوات لاحقة للممارسة. فالفن تجربة جمالية متمددة وغير قطعية حيث أنها تفتح المجال للجدل والاختلاف على الأخص حين يكون النشاط الفني تعبيرا عن حالة آنية غير ثابتة.

واوضح المحاضر ان هذا الاختلاف يتضح كثيرا عند تناول الفن لأحد المقدسات ، فرأي الشارع والمؤسسة الدينية والسلطة يتعالى كثيرا متداخلا مع صناعة العمل الإبداعي في مجتمعاتنا حيث يصعب حصر الكثير من العقائد. وتناول الشرقاوي تجربة بعض الأفلام الغربية التي تناولت السيد المسيح عليه السلام منها فيلم (عيسى ابن الناصرة) ، أو (عيسى الناصري) حيث اعتبره فيلما غنيا إلى حد ما من الناحية السينمائية إذا ما قارناه مثلا بفيلم (أعظم قصة تليت على الإطلاق) والذي يعتبر أقرب إلى إنجيل مصور أكثر من كونه حبكة درامية ، موضحا أن ردور الفعل على فلم (عيسى ابن الناصرة) كانت معتدلة ولم تخرج عن المألوف .

أما فلم (آلام المسيح) فتدور أحداثه بكاملها في يوم الصلب والليلة التي تسبقه ويصور آلام المسيح بشكل صادم وعنيف و مؤثر، ولكون الفلم نهج على رواية اتهام اليهود بقتل السيد المسيح ، فقد نتج عن ذلك جدلا صاخبا ، بينما حقق الفلم نجاحا كبيرا جدا. وبين المحاضر أن اكبر ردة فعل جاءت على اثر انتاج فلم (الاغواء الاخير للمسيح)حيث حدث بعده تظاهرات وتهديد لانه تناول القصة وسحبها لمساحات انسانية يصور ان الله جل وعلا يتعرض لغواية الشيطان .

واستعرض الكاتب المسرحي محمود الشرقاوي التجربة العربية في إنتاج الأفلام الدينية، مستعرضا على وجه الخصوص فلم (الرسالة) لمصطفى العقاد، حيث وقفت العديد من الدول العربية والإسلامية ضد الفلم، مؤكدا ان الفلم كان رائعا من الناحية الفنية، ولكنه لم يتخلص من كهنوت النص الديني ، ولم يكن حمزة ان يكون الشخصية الرئيسية والمحورية في الفلم وهو قد استشهد في غزوة احد وافتقد من باقي العمل ، كما أن تمثيل الهجرة لم توجد فيها مفارقة درامية مناسبة.

كما ناقش المحاضر أيضا فلم (المهاجر) للمسرحي يوسف شاهين معتبرا اياه أنه تجاوز كل قيد وانتصر لفنه ، وانتهج المنهج الرمزي وابدال المحسوسات ، موضحا أن شاهين تعرض على اثر هذا العمل لضغوط وتهديدات كبيرة من اطراف مختلفة . وعن التجربة الإيرانية في انتاج الافلام الدينية وتصوير الانبياء قال الشرقاوي انها متميزة جدا وقوية ، مستخلصا ذلك من مشاهدته لانتاجيين كبيرين هما (مريم العذراء) و (يوسف الصديق) .

وأوضح أن في مسلسل (مريم العذراء) كان وجه السيدة مريم ظاهرا بينما تظهر بعض الشخصيات الاخرى وهالة ضوء فوق وجوهها وهي طريقة أعترض عليها تماما إن كانت لاعتبارات دينية لنفس الأسباب المهنية التي أسلفتها في حديثي عن فيلم (الرسالة). وختم الكاتب محمود الشرقاوي حديثه بأهمية تحرر العقلية الإسلامية من قيد الكهنوت ومن شَرَك الازدواجية ومن سلطان التبعية للهواجس الماورائية التي زاحمت كل المجالات من تاريخ وطب وعلوم بحتة وفنون ، مشددا على أهمية الفصل بين ما هو روحاني غيبي وبين ما هو علمي أو دنيوي محض.

وأكد أن على الفنان أن يلزم معايير فنه وأن يحتكم إلى حسه الجمالي كي لا يزلّ إلى دوامة الاستفتاء الذي قد يوقع المفتي والعمل الفني في مأزق وخلط يسبب في شرخ إبداعه وفي وجود فجوة هائلة بين الصورة والفلسفة المضمرة. وضمن الفرات المصاحبة للندوة ، وعلى هامش المحاضرة قدم الأستاذ شفيق آل سيف نبذة عن مشروع المستقبل لذوي الاحتياجات الخاصة، التابع لجمعية تاروت الخيرية، ويضم جميع الإعاقات الفكرية من الجنسين وخاصة صعوبات التعلم، مطالبا بالاهتمام والمساواة في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بصورة متوازنة ومناسبة.

كذلك قدم الفنان التشكيلي عبد الكريم آل رامس نبذة عن تجربته التشكيلية ضمن معرضه الفني الذي أقامه في المنتدى، معتبرا ان الفن تعبير بمختلف الأساليب الموجودة، فكل لوحة تعبر عن أسلوبها وتعبر عن أحاسيس ومشاعر الفنان. بعد ذلك تم فتح باب المداخلات، حيث أشار الكاتب والشاعر زكي الصدير ان فلم (الرسالة) أنتج في فترة السبعينيات التي كانت تعتبر فترة محتدمة من الناحية الدينية، لذلك يعتبر رجوع المخرج العقاد للأزهر في حينه طبيعيا، أما على المستوى الحداثي فهناك ارتداد للخلف حول المنتج الفكري والثقافي. أما الناشط محمد زكي الخباز فقال ان ردود فعل الغربيين تجاه المقدسات تأتي منسجمة مع توجهاتهم حيث أنهم انزلوا نبيهم نحو البشر بينما المسلمون عكسوا ذلك، مضيفا ان منتجي الأفلام بحاجة لاستقلالية اكبر حتى يتمكنوا من العمل دون الرجوع لجهات أخرى أو التأثر بها.

أما الفنان التشكيلي محمد المصلي فأشاد بطرح منتدى الثلاثاء الثقافي الذي يواكب المهتمين به، مضيفا في سياق موضوع الندوة ان الغرب ليس مرجعا لنا، وتجاربهم مختلفة عن مجتمعاتنا فنحن نؤمن بعصمة الأنبياء، وأكد المصلي ان المظاهرات التي خرجت في العالم الإسلامي ليست ضد الفلم كفن، بل ضد الإساءة للرسول (ص) . وقال زكي البريكي ان الفن ليس مدعاة للتطرف بل هو يدعو للجمال، متسائلا عن مدى تأثير الأفلام الإسلامية على غير المسلمين.

وطرح الاستاذ حسن المفتاح سؤالا حول علاقة الفن بالمقدس، وما هي الطريقة الأفضل لإيصال رسالة الأنبياء إلى الشعوب بأساليب فنية. كما بين الكاتب علي الشعبان كيفية الموازنة بين حرية التعبير و الإساءة إلى الآخرين. وأيد عضو إدارة منتدى الثلاثاء الاستاذ زكي البحارنة فكرة تصوير الأنبياء والمقدس وتمثيل او تجسيد الأنبياء مع المحافظة على كونهم قدوات، متسائلا هل نحن بحاجة لتجسيد المقدس. وقال محمد المحمد الفن يستخدم كعلاج لأمور فنية وسياسية، لكن نحن مطالبون بحفظ المقدس.

وتساءل أحمد ال حسن إلى أي مدى ينبغي ان يتحرر الفن من القيود، ومن هو المستفتى في الأعمال الفنية. اما رئيس جماعة الأفلام بالقطيف محمد سلمان فبين أن السينما لغة بصرية وفنية بحتة وليس مسؤوليتها التفسير او الشرح للمتلقي. وقالت سميرة الشرياوي ان رسالة الفن راجعة للمتلقي نفسه وعلى الفنان مراعاة ذلك في عمله.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد