الشعر الحسيني والواقع المعاش

3٬710

شارك كوكبة من شعراء القطيف في أمسية حوارية شعرية تحت عنوان “الشعر الحسيني والواقع المعاش” وذلك في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء يوم الثلاثاء غرة محرم 1427هـ الموافق 31 يناير 2006م، وأدار الندوة الشاعر محمد الخباز الذي أكد في كلمته على أهمية الحوار الأدبي حول الشعر الحسيني لتحديد أغراضه وتقييم أدائه دون الاقتصار على ترديده فقط. وذكر في كلمته ارتباط الشعر بالقضية الحسينية باعتبارها قضية سياسية واجتماعية، فضلاً عن أنها قضية إنسانية، وأشار إلى ضرورة امتزاج الشعر بالحوار والمناقشة، داعياً إلى عقد المزيد من الندوات الحوارية الشعرية.

بعد ذلك ألقى الشاعر معتوق المعتوق القصيدة الاولى في الامسية وهي عبارة عن نص حواري بين العباس بن علي بن ابي طالب (ع) ونهر الفرات، حيث صور فيها الحالة التي عاشها العباس وهو يدافع عن البيت الهاشمي في معركة كربلاء وتضامن مكونات الحياة مع هذه القضية وتصوير وقوفها مع الحق بما في ذلك ذرات مياه النهر التي وفق الشاعر في توصيفها بصورة أدبية رائعة. وأنهى الشاعر المعتوق قصيدته بصورة جمالية عالج فيها موقف النهر الذي يتحسر ألماً على مقتل العباس (ع) عطشاناً مع توفر الماء حوله وكيف صار نهر الفرات يعاتب نفسه على ذلك.

اتجهت الأمسية بعد ذلك إلى ناحية الحوار والمناقشة ليطرح سؤالاً مهماً حول أبعاد نهضة الامام الحسين (ع) اجتماعياً وسياسياً، فعلق الشاعر قاسم المقبل مؤكداً على انها ثورة انسانية اجمالاً تضمنت جميع القيم والثوابت التي سعى إلى ارسائها المصلحون، وأن لنهضة الامام الحسين(ع) أبعاداً دينية وسياسية تتركز على دعوته في الامة الاسلامية واقامة شعائر الدين ومقاومة الظلم والفساد مستنداً في ذلك على مقاطع من الخطابات والشعارات التي طرحها الامام الحسين (ع) خلال مراحل نهضته تلك.

وحلل الشاعر صبحي الجارودي منطلقات الشعر الحسني وأغراضه كالدفاع عن أهل البيت (ع) ومنهجهم وذكر فضائلهم وامتداده ليشمل القضايا الاجتماعية والسياسية المختلفة التي تبرز في كل عصر. وأشار الجارودي الى النتائج الأدبية المهمة التي ساهم الشعر الحسيني في ابرازها في الوسط الشيعي باعتبار أنه كان الدافع الرئيس وراء بروز العديد من الكفاءات الشعرية، مؤكداً على ضرورة احتوائها وتفعيل نشاطها عبر الاسهامات المختلفة لرجالات المجتمع وتشجيعها.

أما الشاعر معتوق المعتوق فتحدث عن أغراض الشعر الحسيني ومساهماته في التعريف بقضايا المجتمع رابطاً بين الشعر كوسيلة أدبية وبين الحسين (ع) كقضية شهادة على الأمة وثورة على الظلم ارتبطت بالمأساة والألم، مؤكداً على أن الشعر الحسيني شعر مناسبة تبرز في احياء هذه الذكرى الأليمة بصورة أكثر وضوحاً. وأشار الى ان الشعر الحسيني ربط المجتمع الشيعي بعقيدته في أهل البيت (ع) وساهم في التعريف بدورهم في العالم الاسلامي، وكذلك في الارتباط العاطفي بهم والولاء لهم، كما أنتج حالة من التذوق الأدبي لدى مستمعي هذا الشعر من خلال المجالس الحسينية وغيرها.

وألقى الشاعر قاسم المقبل القصيدة الثانية في الندوة والتي اتسمت بالصور الأدبية والبلاغية الرائعة مشبهاً فيها حركة الامام الحسين (ع) بدعوة الأنبياء (ع) في أقوالهم والظروف الصعبة التي واجهوها معهم، مشيراً الى أن الامام الحسين (ع) انتصر في حربه ضد الطغيان على الرغم من خسارته المادية للمعركة ومفصلاً مشاهد تصويريه جميلة عن سير معركة كربلاء والصراع بين الحق والباطل بطريقة أثار فيها أحاسيس الحضور وتفاعلهم مع هذه الصور الأدبية الابداعية. وحول قضية أنسنة نهضة الامام الحسين (ع) وثورته، أكد الشاعر المقبل على أهمية ذلك لاخراج هذه القضية من حيز الدين والمجتمع فقط لطرحها كنموذج لتجربة نضالية انسانية.

واختلف في ذلك الشاعر المعتوق الذي طرح ضرورة عدم اقحام القضايا السياسية بتبعاتها المختلفة في الشعر الحسيني حيث أن ذلك قد يحرف اهتمام المجتمع الذي ألف نمطاًً وشكلاً محدداً للشعر الحسيني، مشيراً الى أن المجتمع يتفاعل مع الشعر الحسيني من خلال ثلاثة أبعاد هي الفكر والبنية وممارسة النقد الأدبي.

بعد ذلك ألقى الشاعر صبحي الجارودي قصيدته وجاءت في فصول متعددة تناول فيها بشكل أدبي بلاغي تعبيري وصف لمعركة عاشوراء، والظلامة والقهر الذي وقع على الإمام الحسين وأهل بيته (ع)، وقد أعقب الشاعر بكل جزء في قصيدته بمقطع من الشعر الشعبي النبطي الموروث. بعد ذلك ساهم الحضور بمداخلات ومشاركات مختلفة تركزت حول إنسانية ثورة الإمام الحسين (ع)، وتوظيف الشعر لهذا الغرض، مؤكدين على ضرورة التجديد في وسائل وآليات عرض الشعر الحسيني كالشريط الصوتي ومواقع الانترنت وتبني طباعة الانتاج الشعري.

وشكر راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب في مداخلته الحضور والشعراء، وحث رجال الأعمال ودور النشر إلى تبني أعمال الشعراء وطبع دواوينهم، مشيراً الى أن المواقف المتباينة التي يتخذها البعض حول دور الشعر الحسيني ماهي الا نتيجة طبيعية لفهم مشروع ثورة الامام الحسين (ع) والمواقف منها، فمن يراها بصورة تقليدية يحصرها في دور محدود يغلف احياناً بأساطير وغيبيات غير دقيقة، أما من ينظر اليها من زاوية دور انساني وصراع اجتماعي وسياسي فيعالجها بشمولية أوسع. واختتم مدير الندوة الشاعر محمد الخباز الأمسية بالشكر الجزيل للقائمين على المنتدى ومذكراً بدورهم الفاعل في خدمة المجتمع عبر الندوات التي يقيمونها، ومؤكداً على أهمية تناول الشعر الحسيني بصورة حوارات أدبية.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد