منتدى الثلاثاء يستقرأ تجربة العوامي في الحركة الوطنية

4٬140

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف ندوة حوارية موسعة حضر فيها العديد من الشخصيات الوطنية والثقافية مساء الثلاثاء 17 ربيع الأول 1434هـ الموافق 29 يناير 2013م تحت عنوان “أضواء على مسيرة السيد علي العوامي وقراءة في كتابه الحركة الوطنية في السعودية”، وشارك فيها كل من العضو المؤسس في اللجنة الأهلية لحقوق الإنسان الأستاذ زكي ابو السعود ورئيس تحرير مجلة الواحة الأستاذ محمد النمر.

أدار الندوة عضو اللجنة المنظمة بالمنتدى الأستاذ زكي البحارنة والذي بين جوانب من سيرة الراحل العوامي وتجربته النضالية ، حيث ولد في 17 أغسطس 1924م، والتحق بالكُتّاب لدراسة القرآن ومبادئ القراءة ، والحساب والإملاء والخط ، ثم درس البلاغة والمنطق. بعد الدراسة مارس التجارة ، والتحق بالعمل مع بعض المقاولين في رحيمة، بمنطقة رأس تنورة ثم عمل ببلدية القطيف بوظيفة مساعد محاسب ، وظل حتى تاريخ اعتقاله الأول في عام 1956م. وبعد خروجه من السجن عمل بشركة كهرباء الخبر، ثم التحق للعمل ببنك القاهرة، وبقي فيه حتى اعتقاله الثاني عام 1964م.

كان للراحل نشاط في الشؤون والقضايا المحلية والنشاطات الاجتماعية، ومارس الكتابة في الصحف المحلية حينها معالجاً بعض القضايا المحلية وناقدا أحيانا لبعض الدوائر والتصرفات من قبل بعض المسؤولين فيها ، وكان ذلك بتواقيع مستعارة أولا ثم صريحة أخيراً. له من المؤلفات: (رجال عاصرتهم) طبع بعد وفاته، و(جهاد قلم) مخطوط يضم ما كتبه من المقالات في الصحف والمجلات في المملكة العربية السعودية والخليج، كما صدر له لاحقا كتاب (الحركة الوطنية في السعودية).

وقد تحدث راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب في كلمته الترحيبية عن اهمية توثيق تجارب العمل الوطني في المراحل الماضية كي تستخلص منها التجارب والعبر وتنقل بأمانة للأجيال اللاحقة ، موضحا أن المنتدى يقوم بتخصيص بعض جلساته لاستحضار تجارب الشخصيات الوطنية بصورة دورية.

وألقى في البداية الأستاذ زكي ابو السعود كلمته التي تناول فيها ظروف المرحلة التي عاشها العوامي مشيرا الى أن من عرف السيد علي لم يجد فيه غرور المثقف الذي يدعي العلم بكل شيئ، بل كان بسيطاً في لغته وفي تعامله مع الآخرين ، وبهكذا لغة كتب هذه السيرة ، لغة سهلة وبسيطة خالية من التعقيدات الأيدلوجية؛ التي قد تنفر بعض القراء منها . وأشار ابو السعود إلى أن الخمسينيات كانت فترة صعود حركة التحرر الوطني وتنامي النضال من أجل الاستقلال من نير الاستعمار الأجنبي وبناء الدولة القومية الحديثة ، وكذلك النضال من اجل السلم العالمي ، والتصدي للأحلاف العسكرية التي كانت تهدف إلى تكبيل الدول الفتية باتفاقيات تضمن للاستعمار الذي خرج من الباب ، أن يدخله مرة أخرى من الشباك ليبقى فيها من خلال قواعده العسكرية التي تأمن له حماية مصالحهِ وتحاصر الاتحادَ السوفيتي الذي برز في ذلك الوقت كنصير للشعوب المناضلة من اجل بناء الدولة القومية المستقلة .

ومن المعروف أن الدول العربية خارج الجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت اكثر تقدماً من بلدان الجزيرة ، فكان الوعي السياسي منتشر بين مختلف الشرائح الاجتماعية وخاصة بين المثقفين الذين ساعدهم تعلمهم على التعرف على الأفكار الثورية وتبنيها ، والانخراط في التنظيمات السياسية النشطة بين صفوف الجماهير. ومن بين هؤلاء الشعوب وخاصة الفلسطينيين استقدمت شركة ارامكو الأمريكية مدرسين لتعليم عمالها -الذين كانت أغلبيتهم من الأميين- في المدارس التي أقامتها الشركة، فكانت الفرصة سانحة للمدرسين ذوي التوجهات الثورية أن ينقلوا تلك الأفكار والمبادئ إلى طلبتهم من عمال الارامكو ، الذين اقبل البعض منهم على هذه الأفكار لما فيها من جاذبية وحماس يتجاوب مع الروح الشبابية المتلهفة عادة لكل جديد.

واوضح الأستاذ زكي أن الكتاب في بعض أجزائه ينقلنا لهذه المرحلة بكل تفاصيلها والتحولات الاجتماعية التي مرت بها المنطقة وانتقال الفكر الثوري بين اوساط الشباب المتحمس الذي بدأوا ينظمون انفسهم في خلايا ومجموعات تعبر عن اعتراضها على السياسات البترولية وتحديدا حول حقوق العمال في شركة ارامكو ، وتشكيل لجنة عمالية تطالب بحقوقهم .

وبين المحاضر أن السيد العوامي رغم حراكه وانتمائه للوسط الثقافي الجديد ، إلا أنه لم يكن على تواصل يومي بالعناصر النشطة سياسيا والمتواجدين خارج القطيف ، وربما يكون ذلك هو السبب في عدم انتمائه تنظيميا بأول تنظيم سياسي سري ، تشكل في الوطن أنذاك ، والذي أسسه في سنة ١٩٥٤م مجموعة من الشباب ، كان في مقدمتهم المرحوم الشيخ عبد العزيز المعمر ، والمرحوم محمد الهوشان وإسحاق الشيخ يعقوب ، تحت مسمى “جبهة الإصلاح الوطني”، والتي وضعت ضمن أهدافها ” اعتماد دستور يكفل الانتخاب البرلماني، ويضمن حرية النشر ، والتجمع ، وإجازة الأحزاب والنقابات وحرية التظاهر والإضراب ، إلغاء الرق ، إعادة النظر في الاتفاقيات المعقودة بين شركات النفط وتعديلها بشكل يضمن حق استثمار ثروات البلاد في تقدمه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، مكافحة الأمية وتوسيع التعليم وتأسيس مدارس للبنات” وغير ذلك من المطالب الإصلاحية الوطنية .

وأضاف الكاتب زكي ابو السعود، أن النضال في بداية عقد الخمسينيات كان نضالًا مطلبياً ونقابياً لم يحتوي على مطالب وطنية عامة ، بقدر ما كان يهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية وزيادة الأجور لعمال شركة الزيت. وكان الشباب كما هي العادة في طليعة هذا النضال، الذي تحول كما يصفه السيد العوامي من كونه “نضالاً طبقياً ، يطالب بتحسين أوضاع العمال المعيشية فقط إلى نضال سياسي عام يطالب بالتغيير الاجتماعي والسياسي لمجموع الوطن كله”. ودون دخول في التفاصيل فقد تم اعتقال السيد العوامي ضمن المجموعة التي اعتقلت في يونيو ١٩٥٦ م ، وزج بهم في سجن العبيد بالأحساء ، حيث تجمعت عدة أسباب لهذه الإعتقالات منها تواصل النشاط المطلبي والتحرك السياسي لبعض الناشطين الذين طالبوا بعدم تحويل مطار الظهران إلى قاعدة أمريكية .

وفي عام 1964م ، كما يبين المحاضر تعرض السيد علي العوامي هو ومجموعة كبيرة من رفاقه في المنطقة الشرقية ، للاعتقال بتهمة الانتماء إلى تنظيم شيوعي ، وحكم عليه بالسجن خمسة عشر سنة ، مبينا أن البنية الاجتماعية والطبقية والثقافية في الوطن ككل في ذلك الوقت لم تكن قد بلغت النضج لكي تكون حاضنة قوية تحمي التنظيم وتتيح له التوسع الجماهيري ، ولهذا رغم جذوره العمالية ، ألا إنه بقي تنظيما نخبوياً ، كما أن التنظيم لم يستطع أن يبني لنفسه كادراً تنظيمياً متفرغاً يقود العمل ، ويؤسس هيكلًا تنظيمياً مقاوماً للاعتقالات أو ضربات الأجهزة الأمنية . وأخيرا فإن من التحديات أيضا هو ضعف المستوى التعليمي والنظري لمعظم عناصر التنظيم ، الذي أثر على عدم بروز قيادات متمكنة نظرياً وأكاديمياً ، قادرة علي قراءة الأوضاع السائدة وتحليلها، وتقييمها بشكل علمي .

أما الكاتب محمد النمر فقد عنون مشاركته بقراءة انسانية في مذكرات المناضل السيد علي العوامي، حيث بين أن السيد العوامي كان من القلائل الذين يحملون رؤية واثقة نابعة لأنه كان مثقفا واعيا مليئا بالتجارب ، ينظر اليه والى تجاربه كل مناضل مؤمن بالاصلاح والتغيير بإعجاب واحترام. واوضح أن من أجمل مافي كتابه إهداءه الذي جاء فيه “الى الجيل الجديد من شباب هذا البلد الذي لم يشهد هذه الأحداث ، ولم يعاصرها ، عله يستفيد من تجاربها – سلبا وايجابا ، خطأ وصوابا – في مسيرة نضاله الوطني الشاق ، فحلقة النضال متصلة يتبع بعضها بعضا ، والجيل الجديد ما هو الا امتداد لمن سبقه ، وحلقة وصل لمن يأتي بعده في عملية تطور ونمو حضاري ، تسير عليه الإنسانية كلها “.

وأوضح النمر أن الكتاب تأخر اصداره لما بعد وفاته ، وأن عنوانه ليس من اختيار الكاتب وكان يمكن أن يكون أكثر دقة لو عنون بالحركة الوطنية شرق السعودية لأنه يتحدث عن تلك البقعة من البلاد ، وإن كانت الحركة امتدادا وعلى علاقة مع آخرين من مختلف المناطق. وأشار النمر إلى أن الجزء الأول من الكتاب يشمل خمسة فصول ويتناول الفصل الأول عرضا للوضع العام في المنطقة قبل النفط ، وهو طويل ومتشعب ويشمل مرحلة استخراج اللؤلؤ والعلاقة مع البدو والقراصنة الى دخول الملك عبد العزيز القطيف الى الضرائب والجهاد وصولا الى التفرقة الطائفية ثم قضايا الخدمات المختلفة.

ويستعرض النمر الفصل الثاني من الكتاب بأنه يتناول مرحلة ما بعد ظهور النفط وما حدث فيها من تغيرات وتحولات في مختلف نواحي الحياة وشؤونها ، وتسجيل وتدوين الأحداث التي شهدتها المنطقة بشكل خاص نتيجة لما بدأ يظهر على الفكر لدى الشباب من اراء ونظريات حديثة والتي اصطدمت بالفكر التقليدي المحافظ . والفصل الثالث يستعرض تفاصيل اضراب الحركة العمالية عام 1953م ودور بعض رموز النضال الوطني ، وينتقل للفصل الرابع الذي يشمل تجربة ما بعد الاضراب ومراجعة لها مبينا وضع الصحافة الوطنية ومذكرات الاعتقال ويومياتها والحراك الشعبي للمطالبة بعضوية مجلس الشورى وانشاء المكتبة الاهلية وعن تجربة اول مجلس بلدي بالقطيف.

والفصل الخامس يتحدث عن الحركة العمالية الثانية عام 1956م محاولا تأريخ معاناة زملائه في السجن ويومياتهم . ويواصل الكاتب محمد النمر عرض الجزء الثاني من الكتاب ليشمل فصله الأول حديثا عن جبهة التحرير الوطني وعن انتمائه الحركي لها وأساليب عملهم التنظيمي في ظل المناخ السياسي الحاكم حينها ، وتناول في الفصل الثاني تفاصيل مثيرة عن حملات الاعتقال الثانية التي طالته ورفاق دربه ذاكرا الأسماء والمواقع والأنشطة . كما يحكي الفصل الثالث قصة قضاء المحكومية في سجن الدمام بكل تفاصيلها ويومياتها المثيرة ، وينتقل في الفصل الرابع للحديث حول النشاط البعثي في المنطقة وتأسيسه والاعتقالات التي أصابت كوادره ، وكذلك عن مختلف التطورات السياسية التي مرت بها المنطقة . كما ضم الفصل الخامس وثائق خطابات ومراسلات مهمة مع دوائر وجهات حكومية روحها المطالبة بالاصلاح .

بعد ذلك القى الدكتور كامل العوامي ابن المحتفى به كلمة شكر فيها المنتدى على احياء هذه المناسبة لوالده المناضل العوامي وقراءة في كتابه مؤكدا على مجموعة من صفاته من ابرزها الريادة في العمل وفي مواجهة التقاليد المحافظة الثقافية والاجتماعية مع تحمله لتبعات ذلك ، وخاصة في مجتمع غاية في التقليدية فقد دعا لتحرير المرأة وامتلك قدرة على التواصل مع الآخرين بمختلف توجهاتهم وأعمارهم .

بدأت المداخلات بتعليق للأستاذ حسين القريش تناول فيها زيارات العوامي الى شخصيات المعارضة في سوريا طوال الثمانينات وتجاوزه لأية تحفظات أو مخاوف ، كما أشار الأستاذ ميثم الجشي إلى كون المطالب الحالية للمجتمع هي من ذات مطالب السابقين في الخمسينيات الميلادية مؤكدا على ضرورة توثيق التجارب النضالية بكل ابعادها .

وتساءلت الدكتورة حنان الشيخ عن اسباب فشل الحركة الوطنية في تلك المرحلة ، وهل هو نتيجة ضعف في الحركة الوطنية ام في وعي الناس. وبين الأستاذ رضا الزاير أن أبرز أسباب تفكك الحركة الوطنية حينها كان نتيجة الاختلافات السياسية بين الاطراف المتعددة ، وطالب الشاب مهدي الزاهر تقريب التجارب النضالية السابقة الى الوضع الحالي لمعرفة التجارب والاستفادة منها .

أما الناشطة نسيمة السادة فأكدت أن من أبرز مهام قيادات النضال كتابة تجربتها بصورة ناقدة . واضافة الى عدة مداخلات ثرية تناول باقر الشماسي وهو أحد رفقاء العوامي قراءة نقدية للكتاب موضحا بعض الملاحظات والانتقادات على ما ورد فيه من معلومات.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد