الوعي بحقوق الإنسان..المستجدات والمعوقات

3٬929

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء أمسيته الأسبوعية للموسم الثقافي السادس تحت عنوان «الوعي بحقوق الإنسان المستجدات والمعوقات» التي ألقاها الدكتور صادق محمد الجبران، الحاصل على درجة الليسانس في الحقوق من الجامعة اللبنانية، وماجستير في الحقوق من جامعة الحكمة في لبنان، ودرجة الدكتوراة في الحقوق من جامعة روح القدس بلبنان، إضافة إلى شهادة الدراسات العليا من جامعة المنتظر في الباكستان.

وقدمه مدير الندوة الكاتب المعروف الأستاذ حسن حمادة بأنه عمل مديراً وإدارياً وقانونياً في الدولية للشراكة الاستراتيجية، ومستشاراً قانونياً غير متفرغ لدى دار العلوم للخدمات الملكية الفكرية بالمملكة الأردنية الهاشمية، وله مشاركات في مؤتمرات وورش عمل وأبحاث علمية عديدة، ومن اصداراته «التصنيف في القانون الدولي» و«العربون وأحكامه في الشريعة والقانون».

بدأ الدكتور الجبران حديثه حول نشأة وممارسة حقوق الإنسان في المنطقة العربية، فذكر أن حركة حقوق الإنسان في العالم العربي انطلقت من نواحي فردية منعكسة على الواقع المعاش وليست من فاعلية حركية واجتماعية واسعة، وإن أقدم منظمة عربية لحقوق الإنسان برزت في تونس قبل ثلاثة وعشرون سنة تقريباً. وأشار إلى أن الذي ساهم في إنشاء بدايات المؤسسات الحقوقية في العالم العربي هم المعارضون السياسيون الذين سعو إلى طرح قضاياهم من خلال الزوايا الحقوقية. وكانت المؤسسات الحقوقية رديفاً مساعداً للجماعات السياسية المعارضة في أغلب الأحيان حيث كانت تخلط بين العمل الحقوقي والعمل السياسي. ولذا فقد اقتصر النشاط الحقوقي في معظم الأحيان على النخب السياسية ولم يتبلور بشكل واسع خارج هذا النطاق، على الرغم من أن الشريعة الإسلامية وهي الحاكمة في العالم العربي تؤكد على أهمية حقوق الإنسان وتدافع عنها.

تناول الجبران بعد ذلك قضية حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية مبيناً أن الحقوق الإنسانية تعتبر من القضايا الأساسية التي منحها الله للإنسان والتي لا يجوز بأي حال من الأحوال انتهاكها أو التنازل عنها، مستشهداً بالعديد من الآيات والروايات الدالة على ذلك. وناقش عندها أسباب تخلف وابتعاد المسلمين عن الالتزام بهذه التشريعات والمفاهيم وانشغال العلماء بالبحث في قضايا فقهيه وفكرية هامشية ليست ذات أهمية ولا تلبي حاجات الإنسان المعاصر. وانتقد المحامي الجبران غياب الإسهامات الفكرية والتنظيرية في المجتمع العربي في مجال حقوق الإنسان على الرغم من ثرائه الفكري والمعرفي، مرجحاً أن سبب ذلك قد يعود إلى حالة التخلف السائدة في الأمة الإسلامية وغياب الأولويات والانشغال بالقضايا الجزئية.

وأشار الجبران إلى أن حقوق الإنسان في المجتمع العربي شعارات تطرح دون ثقافة، وإن مجتمعاتنا لا تصعد هذا النوع من الحقوق لفقدها ثقافة العمل التطوعي وسيادة حالة الانتقائية في المعالجات الحقوقية بينما ينبغي التعامل مع قضايا حقوق الإنسان بكل شفافية ونزاهة ومساواة، دون النظر إلى من وقع عليه الانتهاك وموقفنا منه. وقد حث الدكتور الجبران على تدريس مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية المختلفة ولزومها في المرحلة الجامعية، وإن المادتين الخامسة والخمسون والسادسة والخمسون لميثاق الأمم المتحدة يقر ذلك ومنصوص عليه في عدد من المواثيق الدولية، مؤكداً على أن ذلك هو المدخل الأنسب لنشر هذه الثقافة وتعميقها في المجتمع.

وذكر المحاضر بعد ذلك المراحل التي تطورت فيها مفاهيم حقوق الإنسان مبتدءاً بالجيل الأول المتمثل بالحقوق المدنية والسياسية والتي تتميز بالتطبيق الفوري والسلبية بمعنى أنها لا تكلف الدولة المعنية إلا إصدار التشريعات كمنع التعذيب أو التمييز مثلاً، والجيل الثاني المتمثل بالحقوق الاقتصادية والذي يتميز بعدم التحقيق الفوري والإيجابية بمعنى أنه يكلف الدولة ولزومية التحقيق كحق التعليم فهو ليس واجب فوري لكنه لازم التحقيق. وأخيراً الجيل الثالث المتمثل بالحقوق الاجتماعية كالسلام العالمي ونظافة البيئة ومقاومة العولمة وغيرها من قضايا العالم المعاصر.

أما المعايير التي يقاس من خلالها وضع حقوق الإنسان ومؤشرات تقدمها في دولة ما، فإنه يتم من خلال عدد المنظمات الأهلية الفاعلة في هذا المجال، ومصادقة الدولة على المواثيق الحقوقية، واعتبار الاتفاقات الدولية أعلى من المحلية، ومدى احترام الحكومة للقوانين، وسهولة إجراءات عمل الجمعيات الحقوقية وتمتع هذه الجمعيات بالحماية، واستقلال السلطة القضائية، وحرية الصحافة والإعلام، ومستوى تدريس مادة حقوق الإنسان في جميع المراحل الدراسية. وأشار إلى أن هناك مقياس آخر يرتبط بالمنظمات الغير حكومية من قبيل عدد المنظمات الحقوقية والمجالات التي تغطيها، وعدد منظمات المجتمع المدني المساندة، وعدد الصحف المختصصة بحقوق الإنسان، وعدد مراكز تدريب حقوق الإنسان، وعدد الناشطين في هذا المجال.

واختتم راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الأمسية بكلمة تناول فيها المواضيع الجديرة بالاهتمام لتطوير المجتمع للمشاركة في الجمعيات ذات العلاقة بحقوق الإنسان داعياً إلى تفعيل التواصل مع اللجان الحقوقية وبلورة آليات مناسبة للمشاركة في مثل هذه القضايا كعقد الندوات وإيجاد برامج تدريبية وثقافية.

وفي نهاية المحاضرة تلقى المحاضر مداخلات الحضور وأسئلتهم والتي تركزت حول تطور مفاهيم حقوق الإنسان مع تطور الحداثة في المجتمعات المدنية اثر الثورة الفرنسية، وتلازم تطور وضع حقوق الإنسان مع توسع الحريات العامة في المجتمعات. وأكد المحاضر على أن الوصول إلى تشريعات عالمية مدنية حديثة في مجال حقوق الإنسان يعتبر من أهم الانجازات الإنسانية وأن هنالك تفهم وتجاوب أكثر مع هذه المواثيق في المجتمعات العربية، مشيراً إلى أهمية التعاطي الايجابي مع المؤسسات المحلية الحكومية والأهلية المهتمة بقضايا حقوق الإنسان والاستفادة منها لتعزيز الثقافة والفاعلية في هذا المجال.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد