حرية التعبير في الإعلام العربي

3٬930

حاضر الباحث الاعلامي الاستاذ عبد الله ابراهيم الكعيد في منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 14 ربيع الثاني 1428هـ الموافق 1 مايو 2007م حول “حرية التعبير في الاعلام العربي”، متناولا مسيرة الاعلام العربي وضمانات حرية التعبير من خلال الاتفاقيات الدولية والدساتير الوطنية ومستعرضا واقع الاعلام العربي والتحديات والمصاعب التي يواجهها في هذه المرحلة. وادار الندوة الإعلامي الأستاذ ميرزا الخويلدي مدير مكتب جريدة الشرق الاوسط بالمنطقة الشرقية حيث عرف المحاضر بانه من مواليد عام 1954م في مدينة عنيزة السعودية وحاصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في في علوم الادارة الامنية وعمل في اجهزة حكومية متعددة حيث انتهى به المطاف ككاتب ومتفرغ ويحضر حاليا رسالة الدكتوراة في مجال الاعلام، وصدر له كتابان هما: المرور بين الماضي والحاضر، ونثيل في اثر الحادي، ويشارك في مؤتمرات دولية مختلفة وكذلك في ادارة العديد من المهرجانات والمناسبات الثقافية على مستوى المملكة.

بداية تحدث مدير الندوة الاستاذ ميرزا الخزيلدي عن التطور الحاصل في الصحافة المحلية واتساع هامش التعبير فيها خلال السنوات الماضية، موضحا ان الرقابة الذاتية هي الاكثر تاثيرا وانتشارا بين الاعلاميين من اي نوع من اشكال الرقابة الاخرى كالرسمية والاجتماعية مما يحمل الاعلامي او الكاتب مسئولية نقد الذات ومعالجة الاشكالات القائمة بمزيد من الوعي والتفاعل الصادق مع ما يدور حوله من قضايا. واستشهد بعدة نماذج وامثلة لتوضيح ذلك معللا وجودها بسبب سيادة حالة القهر والمزايدة ومطالبا بمزيد من الشفافية واحتيار التعبير المناسب عن القضايا والافكار بالصورة التي يستخدمها ضيف الندوة في مقالاته على سبيل المثال.

استعرض الاستاذ عبد الله الكعيد في بداية حديثه الى قوائم الممنوعات التي اصبحت سائدة في العالم العربي باعتبارها القاعدة الاصل عند سن اي قانون او نظام، وعادة ما تكون مقدمة على المسموح. ثم عرف الرقابة نقلا عن الموسوعة العربية العالمية بانها: “التحكم فيما يسمج للاشخاص بقوله او سماعه او كتابته او قراءته او رؤيته او فعله، وياتي هذا النمط من التحكم عادة من الحكومة او من اشكال متنوعة من الجماعات الخاصة. ويمكن للرقابة ان تؤثر على حرية الكتب والصحف والمجلات والاقلام وبرامج الاذاعة والتلفاز وعلى ما يلقى من خطب، كما يمكن ان يمتد تاثيرها ايضا الى الموسيقى والرسم والنحت وغيرها من الفنون”.

كما اسنعرض المحاضر ايضا مشكلة الرقابة الاعلامية تاريخيا وتطور حق الاتصال وحرية التعبير في العهود والمواثيق الدولية في التاريخ المعاصر، ابتداء من ميثاق حقوق الانسان والمواطن الذي اعلنته الثورة الفرنسية عام 1789م حيث اشارت المادة 11 فيه الى حرية تبادل الافكار والآراء، وكذلك الاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة وورد ذلك في المادة التاسعة عشر منه التي اكدت على حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، وكذلك قرار الامم المتحدة رقم 59 الصادر عام 1946م الذي اكد على حرية تداول المعلومات كاحد حقوق الانسان الاساسية. وانتقل الى ماورد في بعض الدساتير والانظمة العربية كنماذج منها قانون المطبوعات المصري الذي يمنح الحرية للصحافة، موضحا ان هنالك قوانين اخرى تستند عليها الحكومات تعطل من حق حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة. واشار الى نص المادة 24 في نظام المطبوعات السعودي الصادر عام 1402هـ “حرية التعبير عن الرأي بمختلف وسائل النشر مكفولة في اطار الاحكام الشرعية والنظامية، ولا تخضع الصحف المحلية للرقابة الا في الظروف الاستثنائية التي يقرها مجلس الوزراء”

ونقل الباحث الكعيد عن الفيلسوف جون ستيوارت ميل بأنه من اوائل من نادوا بحرية التعبير عن اي رأي مهما كان هذا الرأي غير اخلاقي في نظر البعض، معتبرا ان الحد الوحيد لحرية التعبير عن الرأي هو ما اطلق عليه “الحاق الضرر بشخص آخر”، كما استشهد بما كتبه المؤرخ وودوارد بقوله ان منع العتبير او فرض الرقابة عليه يسلبه الحرية ويجعله تابعا لقيم اخرى.

وعاد الباحث الكعيد الى الوراء عقودا بحثا عن وجود تاريخ لحرية الرأي في الاعلام العربي، ناقلا ان الصحافة العربية عاشت في اواخر العصر العثماني مرحلة من الحرية المطلقة وخاصة في لبنان كالبشير والجنان والجنة والتقدم وثمرات الفنون وغيرها التي كانت تنشر مقالات عن مواضع الخلل في الدولة العثمانية، الى ان اصدر السلطان عبد الحميد امرا بتقييد حريتها. وجرت محاولات عديدة منذ ذلك الحين والى يومنا هذا تراوحت بين الصعود والهبوط.

انتقل الباحث بعد ذلك للحديث عن الصعوبات التي تواجه الاعلام المحلي والتي من بينها الحصول على المعلومة من مصادرها الموثقة، وكذلك صعوبة نشر المعلومة كاملة التي يتم الحصول عليها وهذا ما ادى الى استفحال ظاهرة مواقع ومنتديات الانترنت على حساب الصحافة، وكذلك سيطرة المحاذير الثقافية والاجتماعية.

واكد الاستاذ الكعيد في نهاية حديثه على ان واقع الاعلام النحلي الحالي مختلف تماما عما كان عليه في السابق، وقد تطور تطورا ملحوظا ينبغي استثماره من خلال تعزيز حرية التعبير عن الرأي والثقة بالذات وعدم الخوف من تداول المعلومات التي اصبحت متاحة للجميع بمختلف الصور ولن تفيد معها محاولات المنع وتشديد الرقابة.

وشارك الحضور النقاش وعرض المداخلات حول الموضوع، فاكد الناقد المسرحي اثير السادة على اهمية الوعي بالحاجة الى حرية التعبير كاساس لسيرورة الحرية بشكل عام ومعالجة التحديات التي تقف امام ذلك وعدم احتكار حرية التعبير بالانابة. واشار الكاتب نجيب الخنيزي الى اهمية ماسسة المكتسبات القائمة والتي هي جزء اساس من الحريات العامة من اجل الحفاظ عليها وتجاوز التحولات التي قد تساهم في المساس بها او تضييعها. وعلق الكاتب محمد المحفوظ على المحاضرة بتاكيده على ان الحرية ليست مطلقة وانما هي امر نسبي يخلقها الانسان الحر القادر من خلال توسيع دائرة حرية التعبير، واشار الى ان المؤسسات الاعلامية ستكون اكثر حرية اذا ما ابتعدت عن الادلجة واتجهت نحو المهنية في عملها، وان الفضاء الاجتماعي المتحرك يعتبر ضمانا لحرية التعبير.

واشار راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب في نهاية اللقاء الى اهمية الحفاظ على المطتسبات التي تحققت على الصعيد المحلي باعتبارها انجازات وطنية ساهم فيها المواطنون والمثقفون ومسئولو الدولة وذلك من خلال التوافق على مبادئ عامة تحمي الحريات ضمن اطر مسئولة ومتنامية، كما اكد على اهمية العائق الاجتماعي والثقافي في مجال حرية التعبير حيث انه يشكل تحديا حقيقيا امام تطور الحريات العامة بشكل عام وينبغي بذل المزيد من الجهود لمعالجة ذلك.

وانهى مدير الندوة الامسية بشكره للجميع وثنائه على مادار من نقاش وحوار ثري، وشكر القائمين على المنتدى على اتاحتهم الفرصة للتواصل الثقافي بين الكتاب والمثقفين من مختلف مناطق المملكة.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:   

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد