كيف نواجه المخدرات

4٬112

في أمسية مختلفة من نوعها جمعت مدمني مخدرات متعافين من عدة مناطق، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف مساء الثلاثاء 26/جمادى أول/ 1428هـ، الموافق 12/ يونيو/ 2007م “مجموعة الخط المستقيم في القطيف” للتعرف على نشاطها الذي تشرف عليه زمالة المدمنين المجهولين، وقد أدار الندوة الكاتب عبد الباري الدخيل فبدأها بالحديث عن فكرة زمالة المدمنين المجهولين وأن أول منشأها كان في الولايات المتحدة الأمريكية، تأسست في المملكة العربية السعودية عام 1993م على يد خمسة من المدمنين المتعافين في مدينة الظهران بالمنطقة الشرقية، عملوا على تحقيق أهداف برنامجهم حتى انتشر وتوسع ليشمل مختلف مناطق المملكة. مشيرا إلى أن عدد مجموعات زمالة المدمنين السعودية المسجلة رسميا في المكتب العالمي بلغ 10 مجموعات بمسميات مختلفة توزع جميعها ما بين الظهران، والدمام، والقطيف، والرياض، ومكة المكرمة، وجدة، وتبوك، حيث حققت الزمالة من خلالها إنجازات هامة في التوعية برسالتها منها ترجمة العديد من الأدلة والكتيبات الخاصة بالتعافي وتوثيقها في مكتب الخدمة العالمي، والحصول على مقعد في المنتدى الآسيوي الباسيفيكي، كذلك المشاركة في أيام ومعارض مكافحة المخدرات، فضلا عن عقد اجتماعات مفتوحة لحضور غير المدمنين.

وبلغة الأرقام أشار مدير اللقاء إلى الإحصائيات المسجلة لنشاط الزمالة والمتمثل في عدد الاجتماعات الأسبوعية التي تعقدها، ففي حين كان عدد الاجتماعات عام 1978م أقل من مائتي اجتماع سجلت في ثلاث دول فقط، بلغ عددها عام 2005م  33,500 اجتماع تضمنتها 116 دولة تحظى مجموعات المملكة فيها ب 50 اجتماعا أسبوعيا لحوالي 500 مدمن متعاف ٍ.

بعد ذلك أتيح المجال لأعضاء المجموعة للتعريف بنشاطهم وتجاربهم الشخصية في تعاطي المخدرات والادمان عليها ثم التعافي منها، فألقى “عبد الرحمن” كلمة عرف فيها “من هو المدمن؟”، مبينا أن الإدمان مشكلة ليست مقتصرة على فئة معينة من أفراد المجتمع كالرجال فقط، بل أنها قد تشمل النساء والأطفال أيضا، شارحا الاضرارا المترتبة على الادمان سواء من الناحية الفردية والاسرية والاجتماعية. تبعه “سالم” في الحديث عن برنامج الأعضاء في جمعية المدمنين المجهولين الذي يتضمن اجتماعات أسبوعية منتظمة ينضم لها الراغبون في التخلص من إدمانهم كشرط أساسي لقبولهم في المجموعة بغض النظر عن جنس المنتسب أو عمره أو جنسيته أو حتى ديانته، مؤكدا أن المجموعة تعمل بشكل مستقل عن أي جهة سياسية أو دينية، وهي مجموعة لا تخضع للمراقبة بأي حال، ولا تطلب رسوم اشتراك أو توقيع تعهدات، وتكتفي بالرغبة الصادقة في العلاج.

وقد تكلم “جواد” وهو أحد أعضاء المجموعة عن أهم اثني عشر خطوة يجب على المدمن اتخاذها للخلاص من مشكلة الإدمان ذكر أن أولها يكمن في الاعتراف بأن هناك مشكلة وهي كونه مدمن، وأن الإدمان قوة تتحكم فيه فتسلبه القدرة على السيطرة على نفسه، ثم تدرج في ذكر بقية الخطوات ومنها الإيمان بالله عز وجل والتسليم له والتوكل عليه، ومنها إجراء محاسبة ذاتية دقيقة للنفس للوقوف على أخطائها التي أوقعتها في هذا الشرك، ثم مراجعة علاقاته مع من حوله ومباشرة إصلاح ما أفسده منها باستعداد، كذلك شحذ الإرداة والرغبة لقطع مرحلة علاجه متحديا كل الصعوبات التي قد تواجهه بطبيعة الحال ليكون قادرا في المستقبل على مساعدة آخرين يرغبون في التعافي.

وعن تجربة التعافي الشخصية من الإدمان تكلم بعض أعضاء المجموعة بارتياح بدا واضحا أشاروا من خلاله إلى أسباب تعاطيهم المخدرات، فقد أشار “محمود” إلى أن روح المغامرة والتجربة كانتا السبب الأساسي في إدمانه رغم البيئة الطيبة التي ترعرع فيها ليجد نفسه مدمنا بعد حين، وعلى مدى سنوات تدهورت حالته الصحية وعلاقاته الاجتماعية، لا سيما ومبادئ تربيته التي نشأ عليها صارت تتهاوى أمامه حيث صار الكذب والسرقة مفردتان تتصدران قاموس أخلاقياته تصرفاته، ما أشعره برغبة حقيقة للخروج من أتون هذا الوضع فكانت مرحلة العلاج هي قبس النور الذي أضاء له عتمة غشته أمدا طويلا، حتى سخر الله له من يثق فيه للانضمام للمجموعة التي بدأ من خلالها قطع مرحلة العلاج في خطوة لاستعادة إنسانيته.

أما “مصطفى” فقد اعترف أن الحظ كان معه في كل مرحلة من مراحل حياته، فقد كان ذكيا متفوقا في دراسته ومحبوبا من قبل أهله وأصدقائه إلا أن عناده فضلا عن ضعف ثقافته الدينية في ظل مغريات الغربة التي كانت تضمه للدراسة الجامعية هما ما أوقعاه هما في شرك الإدمان لخمسة وعشرين عاما مستسلما للذة الخمر والحشيش ثم الحبوب المنشطة، ورغم أن إدمانه لم يؤثر على مستوى أدائه في عمله ولم يؤثر على منصبه العالي كونه كان فوق مستوى الشبهات، إلا أن احترام الناس له بدأ يتحول في نفسه إلى احتقار ذاتي، خصوصا بعد أن اكتشف أنه سبب موت عدد من أطفاله وهم أجنة، كذلك تذكير زوجته له بأصله الطيب وتخويفه من الله كل حين حتى قرر دون مقدمات الإقلاع بالتوجه إلى مستشفى الأمل الذي تعرف فيه على عدد من مرضى الإدمان، ليبدأ معهم صفحة جديدة في الاستمتاع بحياته وتسخيرها من أجل الآخرين الذين كان واحدا منهم، وحينها انبثقت فكرة تأسيس المجموعة التي عمل على دراستها وأصدقاءه دراسة ترجمتها إلى واقع يفخر به.

ومن جانبه، فقد نوه راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بسعادته للأهداف الطيبة التي حققتها المجموعة وأكبر جرأة الأعضاء في الحديث عن تجاربهم الشخصية التي يعجز عن التصريح بها الكثير من الناس، كما اشاد بتجربة الارتباط والتنسيق بمؤسسات اهلية في دول اخرى مرت مجتمعاتها بتجارب شبيهة حيث يقوم المعنيون بكل مشكلة في تشكيل جمعية اهلية تعنى بهذا الموضوع معلقا بأهمية الاستفادة من هذه التجارب وتطويرها في مختلف جوانب الحياة، ومؤكدا حاجة المجتمع لاتخاذ الخطوة الصحيحة للعلاج الوقائي بالبحث عن حلول نابعة من عمق المشكلة ذاتها.

وتناولت مداخلات الحضور اسئلة ومشاركات حول أهمية تفاعل رجال الدين والجهات الفاعلة مع القضية لنشر التوعية المطلوبة لمكافحة انتشار الإدمان بين الشباب، ما  أثار أسئلة البعض الآخر حول سبل التأكد من وجود مشكلة إدمان لدى أحد أفراد الأسرة والطريقة السليمة للتعامل معها، ثم طرق التحصين بعد انتهاء العلاج لضمان عدم تكرا ر المشكلة او انتكاسة الشخص المتعافي. كما طالبوا اعضاء الجمعية باستمرار عقد مثل هذه اللقاءات التي تساهم في التوعية بهذه المشكلة المستشرية في المجتمع والتي تهدد مستقبل قسم كبير من فئة الشباب.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد