المجتمع والتاريخ في المدينة المنورة

3٬950

ضمن برنامج موسمه الثقافي السابع، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف مساء الثلاثاء 12/ جمادى الأول/ 1428هـ الموافق 29/مايو/2007م فضيلة الشيخ فهد العصاري متحدثا حول موضوع “المدينة المنورة.. المجتمع والتاريخ”. وقد أدار الندوة راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب حيث بدأها بالترحيب بالمحاضر والضيوف ثم قدم تعريفا مختصرا بالمحاضر وهو من مواليد المدينة المنورة، حاصل على درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية، وأخرى في الفكر والأصول من جامعة الحضارة الإسلامية المفتوحة في لبنان، متقاعد من إدارة التربية والتعليم حيث شغل فيها العديد من الوظائف التعليمية والإدارية، إضافة إلى أنه كاتب في الصحافة المحلية وله العديد من الإصدارات العلمية والفكرية المنشورة منها اعرف عدوك، أهل محبة الله، لمحات عن الإرهاب المعاصر. شارك في الكثير من المؤتمرات المحلية والعالمية كمؤتمر الحوار الوطني ومؤتمر موقف الإسلام من الإرهاب الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

بدأ المحاضر حديثه عن المدينة المنورة بذكر موقعها الجغرافي على خطوط الطول والعرض مشيرا إلى توسطها العالم الإسلامي فضلا عن الإقليم الغربي للمملكة، متطرقا لبعض تضاريسها المهمة التي تضمها كجبل أحد شمالا وجبل عير جنوبا، وإحاطتها بوديان ثلاثة هي بطحان والعقيق وقناة. وتحدث بعد ذلك عن أحيائها مشيرا لأشهر أبوابها وزقاقها القديمة كباب المجيدي والشامي وقباء، وزقاق النخاولة والتاجوري والطيار والأغوات، ذاكر أثر التوسع العمراني في تكوين أحياء جديدة ضمت معظم القديم للمنطقة المركزية التي تحيط بالمسجد النبوي الشريف.

وعن تركيبة مجتمع المدينة السكانية، ذكر المحاضر أن العمالقة هم أول من سكن المدينة، ويعودون لعمليق بن لاود بن إرم بن سام بن نوح، وتفرقوا في البلاد ليحل محلهم الأوس والخزرج قبيل البعثة النبوية بمعية يهود بني قينقاع وبني النضير وبني قريضة وبعض القبائل العربية. ووصف المحاضر مجتمع المدينة اليوم بكونه أصدق معرض للجنس البشري لا يماثله في ذلك إلا مكة المكرمة أثر في ذلك السياحة الدينية خصوصا في موسم الحج، مشيرا إلى أهم شرائح هذا المجتمع تحديدا والتي تتضمن الأتراك الذين تواجدوا بكثرة أثناء الحكم العثماني، والأفارقة أو ما يطلق عليهم محليا ” التكارنة ” وهم من عامة أفريقيا السوداء، والهنود ويقصد بهم كل من يعود أصله إلى شبه الجزيرة الهندية وباكستان وبنغلاديش، والأفغان الذين تكاثر حضورهم في السنوات الأخيرة، وكذلك سكان آسيا الوسطى ويطلق عليهم أهل المدينة البخاريين، وأخيرا العرب؛ وهم خليط من السكان الأصليين والمهاجرين، أما السكان الأصليون فيتقدمهم الأشراف الذين يرجع نسبهم للرسول (ص) وبعض القبائل التي سكنت أطراف المدينة، والنخليون الذين يمثلون شريحة كبيرة من سكان المدينة، وأما السكان المهاجرون فقد وفدوا لها من داخل المملكة لا سيما نجد ويطلق عليهم أهل المدينة “الشروق” وخارجها.

تكلم المحاضر أيضا عن مكانة المدينة المنورة المنطلقة كونها عاصمة الدولة الإسلامية، ودار هجرة الرسول (ص)، وقبره وأربعة من أئمة أهل البيت (ع) فضلا عن ما قدّر بعشرة آلاف صحابي، إضافة لكونها الحضن الذي انبثقت منه مدارس فكرية ومذهبية متعددة خلال مراحل الدول الإسلامية المختلفة.

وختم المحاضر محاضرته بالحديث عن حكم المدينة حيث تعاقبت عليها بعض الدول كالأخيضريين والفاطميين والسلاجقة والأيوبيين والمماليك، مبينا أنه على اختلاف هذه الدول إلا أن التعايش بين جميع شرائح المجتمع في المدينة المنورة في تنوع مذاهبه كان قائما على الاحترام المتبادل مغلبا المشتركات الدينية منحيا ما سواها.

حضر الأمسية العديد من المثقفين والعلماء والمهتمين الذين أثروا الأمسية بآرائهم ففي مداخلة له، تطرق سماحة الشيخ حسن الصفار بالحديث حول مراكز الحضارة الإسلامية التي تنبئ عن سعة أفق الإسلام المتمثل في تنوع الآراء والمدارس عجز مفكرو الديانات الأخرى أن يجدوا هالة من الحرية تمنحهم من التعبير عن ذواتهم كما هو الحال في مراكز الحضارة الإسلامية مشيرا إلى المدينة المنورة مثالا على ذلك لما احتوته من مدارس فكرية مختلفة نشطت حلقاتها الفكرية والثقافية والفقهية بما أثرى هذا التنوع الحضاري. وختم حديثه بدور بعض الشخصيات الدينية المدنية في مختلف عصورها كالسيد بن معصوم المدني الذي كانت أطروحاته موضع احترام وثقة المسلمين على تنوع مذاهبهم الأمر الذي ساهم في خلق تلاق ٍ مذهبي معزز بروح الوحدة الدينية.

وناقش الحضور أيضا التنوع الاجتماعي في المدينة المنورة ومجالات الأنشطة الثقافية والاجتماعية فيها، وتأثير توسع الحرم المدني الشريف على المناطق والأحياء القديمة وسبل تعزيز مركزية المدينة المنورة في نشر ثقافة التسامح والتعدد الاجتماعي والمذهبي.

وفي ختام الأمسية توجه راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب بالشكر للمحاضر والحضور على إثراء الأمسية بالمداخلات والأسئلة التي فصل المحاضر بإجابته فيها بعض ما أوجزه في طرحه حول مجتمع المدينة المنورة وخصوصياته وتفاعلاته الاجتماعية والثقافية.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد