تحسين الذوق العام في منتدى الثلاثاء

5٬158

في أمسية إنسانية وأخلاقية أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 16 رجب 1436هـ الموافق 5 مايو 2015م تحت عنوان: “أثير المحبة: خواطر وأفكار في التعامل الإنساني”، استضاف فيها الشيخ خالد بن محمد بن علي العبد الكريم، مستشار اللجنة التأسيسية للجمعية السعودية للذوق العام، وحضرها جمع من المهتمين والنشطاء والشخصيات الاجتماعية.

وشارك في البداية الأستاذ علي المفتاح مسئول اللجنة الاجتماعية الشبابية بالعوامية، وذلك للتعريف بأنشطة اللجنة وفعالياتها الاجتماعية المتنوعة، حيث تهدف إلى تفعيل العمل التطوعي الشبابي، وتقديم خدمات اجتماعية وبلدية متنوعة، والعمل على رفع مستوى الوعي المجتمعي. وأشار المفتاح إلى أن عدد المنتسبين إلى اللجنة في تصاعد مستمر حيث بلغ أكثر من 700 عضو، معظمهم من طلبة المدارس الذين يتطوعون في الفترة المسائية وأيام الإجازات الأسبوعية لتأدية أنشطتهم.

أدار الندوة الأستاذ موسى الهاشم، عضو اللجنة المنظمة لمنتدى الثلاثاء، والذي تحدث عن أهمية الذوق العام كمؤشر لقياس مدى وعي وتطور أفراد المجتمع، موضحا بأن قلة الذوق العام في المجتمع ينتج عنها سلوكيات وممارسات سلبية وضارة لكل أفراد المجتمع. واستعرض جزءا من سيرة الشيخ خالد العبد الكريم، فهو حاصل على ماجستير علوم قرآن وسنة، ومالك مجموعة خالد العبد الكريم للتطوير وإدارة المشاريع، ورئيس مجموعة مراقي للتطوير العقارية، ورئيس مجلس إدارة شركة التيار العربي للأعمال الكهربائية، ونائب رئيس مجلس شركة الميار التجارية العالمية، ومستشار اللجنة التأسيسية للجمعية السعودية للذوق العام، وعضو المعهد الأمريكي لإدارة المشاريع الاحترافية، وعضو مجلس الأمناء بمؤسسة الأمير محمد بن فهد بن جلوي للقرآن والسنة والخطابة، وعضو الجمعية العربية للثقافة والفكر والأدب، وعضو اللجنة السعودية المشتركة للإغاثة الدولية.

بدأ المحاضر كلمته بالثناء على جهود منتدى الثلاثاء الثقافي في التوعية المجتمعية من خلال تواصله في إقامة الندوات الأسبوعية في مختلف المجالات، وتحدث عن الذوق العام من خال عرضه لصور تاريخية عن سيرة الرسول (ص) العطرة وتعامله مع من حوله بطريقة أثرت في سلوكياتهم وأخلاقهم. وأوضح المحاضر أن الذوق العام هو مجموعة من القيم الإنسانية الخيرة والمتوافقة مع الفطرة السليمة سطرها التاريخ ولا تتعارض مع السلوك الانساني دون النظر لأي تصنيف جنسي أو عرقي أو عقدي، كما أنها قابلة للممارسة في كل زمان ومكان. وأكد على أن الذوق العام يعتبر مقياس دقيق لثقافة ووعي ونضج المجتمع، ومظهر حضاري من مظاهر التقدم والتطور.

ودلل على ذلك بمجموعة نماذج من السلوكيات الأخلاقية التي تعبر عن الذوق العام كإكرام كبار السن والإبتسامة والتحية واحترام الناس وعدم ازعاجهم، وفي مقابلها سلوكيات أخرى تعبر عن قلة الذوق كالعبوس، والغلظة واهدار الوقت والمال العام وتأخير المعاملات والفوضى والشغب وترويع الآمنين. وبين المحاضر أن موضوع الذوق العام يكتسب أهمية بالغة لأنه قضية أساسية ومفصلية للحفاظ على توازن المنظومة الأخلاقية في المجتمع، كما أنه يعتبر المضمون الحقيقي للمواطنة وأن ممارسة هذا السلوك الإيجابي والحضاري هو ترسيخ حقيقي لمفهوم المواطنة، مؤكدا أن الذوق العام لم يعد أمرا اختياريا بل هو مطلب هام وملح وضروري.

وأوضح الشيخ العبد الكريم أهمية الأثر الذي يتركه سلوك الذوق العام لدى الأفراد والمؤسسات والمجتمع، من خلال عرضه لتجربة تطبيق هذه المفاهيم على الشركات التي يملكها عبر وضع معايير للذوق العام – مثل معايير الجودة -، ونتج عن ذلك تحسين الأداء في العمل، ارتفاع مستوى الجودة في الأداء، زيادة في المبيعات، مصداقية أكثر في التسويق، وشعور أعلى بالأمان الوظيفي.

وحول الخطوات العملية لتحسين الذوق العام في المجتمع، ارتأى المحاضر اتباع خمس خطوات رئيسية هي تصحيح المفاهيم عن السلوكيات الخاظئة والصحيحة، وتحويلها إلى قناعات عامة في المجتمع، تأكيد وضبط ممارساتها عمليا، الالتزام بها كمبادئ وقيم، وأخيرا تنمية مبادرات داعمة ومرسخة لهذه المبادئ. ونبه إلى أن سلوكيات الذوق العام تعزز من مفاهيم المواطنة والاحترام المتبادل بين مختلف أطياف الوطن، لأنها ترتكز على تحقيق المحية واحلال هذا النط الفكري الذي يقبل بالتعددية مقابل فكر التطرف الأحادي، وأن ذلك يتطلب زيادة الوعي ومعالجة ثقافة المجتمع السائدة، وإزالة الاحتقان وإعطاء المخالف الحق في التعبير عن رأيه.

كما أوضح أن الصراعات والأزمات التي مرت بها المجتمعات الإسلامية أدت إلى نشوء ثقافات مأزومة وأبعدتها عن القيم التي جاءت بها الرسالة الإسلامية، ولهذا ينبغي العودة إلى المفاهيم والمقاصد الحقيقية للرسالة الإسلامية. وتحدث الشيخ العبد الكريم عن مبادرة الجمعية السعودية للذوق العام في خطتها لتثقيف المجتمع ورفع مستوى وعيه في هذا المجال، وكذلك في عقد شراكات مع جهات رسمية وأهلية متعددة تهدف إلى تحفيز المبادرات الاجتماعية باعتبار أن هذا الموضوع عبارة عن مشروع وطني كبير ينبغي أن يساهم فيه جميع الأطراف.

بدأت مداخلات الحضور بكلمة لراعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الذي شكر المحاضر على مشاركته وعلى ما طرحه من تجارب وأفكار ثرية، وأكد في مداخلته على أهمية سيادة القانون في المجتمع لخلق بيئة مناسبة لرفع مستوى الذوق العام مقارنا بين سلوك الأفراد في البيئات المنفلتة وسلوكهم في البيئات المنضبطة قانونيا. ونوه الأستاذ أحمد الخميس على أهمية تناول وطرح هذا الموضوع الحضاري عبر مختلف السبل والوسائل والاهتمام بتربية النشأ على هذه السلوكيات الايجابية.

وأكد رئيس اللجنة المنظمة للمنتدى الأستاذ عيسى العيد على أن الذوق غريزة فطرية إنسانية، وينبغي استعادة الحالة الطبيعية في المجتمع التي تأثرت بعوامل تلوث أثرت على سلوك الأفراد. وتساءل الشيخ حسين القريش عن الأسباب التي سببت في ضياع هذه الأخلاقيات في مجتمعاتنا على الرغم من أنها متوافقة مع تعاليم الدين والتراث والتقاليد، وشدد الأستاذ حسين الحاجي على دور المناهج الدراسية في هذا المجال حيث أنها تعتبر البذرة التي تزرع من خلالها القيم لدى أبناء المجتمع.

وتناول الأستاذ عبد الله شهاب أهمية تعزيز الاهتمام بهذا التوجه على مختلف الأصعدة وخاصة التعليم، وتأكيد ذلك على الجهات الرسمية وإشراكها في هذه البرامج وخاصة شرطة المرور الذين يمارس بعضهم سلوكيات خاطئة أحيانا. وتحدثت الإعلامية عرفات الماجد عن مشكلة عدم احترام المختلف فكريا والتعاطي الفوقي مع الآخر، حيث أن ذلك يعتبر سلوكا لا أخلاقيا ومتنافيا مع سلامة الذوق العام، متسائلة عن الأسلوب الأفضل للتعامل مع هذا الموضوع. وأشارت الأستاذة هدى القصاب إلى دور الرسالة الإسلمية في اتمام مكارم الأخلاق وابتعاد المجتمعات الإسلامية عن ذلك، مشيرة إلى أن لكل سلوك محرك وإلى ضرورة تنشأة الجيل الصاعد بحيث تكون قائمة على قيم الإحترام والتسامح والحريّة، موضحة أننا نفتقد في ثقافتنا العامة إلى إبراز تجلي جمال الخالق في مفاهيم التسامح والعفو والكرم وغيرها حيث أنها تساهم في زرع محبة عباد الله، كما أننا نفتقد أيضا استحضار النموذج الأمثل من خلال سلوكيات إيجابية وقائمة، وأنهت مداخلتها بالقول أنها تستنج وجود تناسب عكسي بين زيادة التدين وممارسة السلوك الايجابي الصادق.

وعبر الأستاذ فؤاد الجشي عن وجود سلوكيات مختلفة ومتناقضة في التعامل مع المرأة، وأن السلوكيات التي تعبر عن الذوق العام بدأت تقل في مناهج التعليم الأولي، وأشار الأستاذ كمال الممتن إلى مشكلة سلوك بعض المواطنين المتعالي على غيرهم والذي يعبر عن حالة عنصرية لديهم. وطرح الدكتور رأفت التركي أسلوبا لتقييم ومراجعة الذات تجاه السلوكيات الخاطئة والتي تتعارض مع الذوق العام ومراقبة نتائج ذلك، وأشار الأستاذ محمد سعيد العلي إلى أهمية الجدية والمصداقية في تعزيز القيم والسلوكيات الحضارية على مختلف الأصعدة الفردية والاجتماعية.

وأثنى الدكتور عبد الرحمن الغنيم على الجهود التطوعية للشباب المشاركين في اللجنة الاجتماعية الأهلية بالعوامية، باعتبار ذلك مظهرا حضاريا محفزا للجميع. وذكر الإعلامي حسين السنونة أهمية جعل الرموز الدينية في تاريخنا الاسلامي نماذج نستلهم منها ونقتدي بها في السلوكيات الايجابية التي يمارسها الأفراد باستحضار الصور المضيئة من التراث.

وفي استبانة أعدها المنتدى حول تقييم الندوة، تبين أن 60% من الحضور شاركوا بسبب جاذبية الموضوع، وأن 73% قيموا مادة الندوة والمحاضر على أنها ممتازة، وأن 60% من المشاركين رأوا بأن المقدم والمعرض المصاحب للندوة كان ممتازا أيضا.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد