قراءة في النظام القضائي بمنتدى الثلاثاء

3٬689

في ندوة توعوية حول مجتمع القانون، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي مساء الثلاثاء 21 ذو الحجة 1430هـ الموافق 8 ديسمبر 2009م المستشار القانوني الدكتور يوسف الجبر متحدثا حول “مجتمع القانون: قراءة في النظام القضائي”، وأدار الندوة الأستاذ وليد سليس الذي قدم للمحاضر بالتأكيد على أهمية القانون وعلاقته بحريات الناس وما يحققه من عدل وكرامة ومستوى عيش آمن، متسائلا حول العناصر التي تضمن أن يكون هذا النظام نظامًا قويًّا سيّدًا مُحترما من قِبل جميع فئات المجتمع وبالخصوص ممّن يعمل في النظام القضائي، وكون القوانين في بلداننا العربية تملك من الشرعية ما تحقّق ثقة الناس بها والالتزام بها واحترامها. وعرف بالمحاضر بأنه من مواليد الأحساء عام 1388 هجري، حاصل على شهادتي الماجستير والدكتوراه من المعهد العالمي للقضاء في الرياض، عمل في وزارة العدل ووزارة التربية والتعليم وعين عميدًا في كلية المعلمين، كما ترأس لجنة المحامين في الغرفة التجارية في الأحساء، وهو عضو اللجنة الوطنية للمُحامين في المملكة ومُحكَّم معتمد من وزارة العدل وعضو في جمعية المعاقين.

بدأ الدكتور يوسف الجبر محاضرته بالإشارة إلى أهمية الأنظمة القضائية، باعتبار أنّ السلطة القضائية دعامة مهمة يقوم عليها الحكم في أيّ مجتمع مشيرا إلى أن معظم دساتير العالم كرست الحق الحصري للدولة في حل النزاعات وذلك عن طريق السلطة القضائية المتمثلة بالقضاة والمحاكم، فالدولة ومن خلال النظام القضائي التي تنشؤه تتولى وظيفة اجتماعية أساسية وتتمثل بتحقيق العدل بين أفراد المجتمع وحماية حقوقهم شكلا ومضمونا وذلك عن طريق حل النزاعات التي تنشأ بينهم فتقول الحق وتُلزِم الناس باحترامه. وأضاف أن هناك حاجة ضرورية إلى وجود الضبط الاجتماعي وهو يتمثل في عوامل ذات تأثيرٍ فعّال في الأفراد والجماعات من شأنها أن تحافظ على النظام وتُراعي القيم والأُسس المُتعارف عليها أو المَوضوعة وتُحقق مصالح الافراد والجماعة، وتتنوع وسائل الضبط الاجتماعي بين الضمير والمُثل العليا والتربية بالإضافة إلى الدين والعادات والتقاليد وصولا إلى القانون والسلطة القضائية، فلا شك أن القضاء ملاذ لكل ضعيف ومظلوم وتتجسّد رسالته في إقامة العدل بين الناس في ما يتعلّق بحرياتهم وأموالهم وأحوالهم الشخصية ولذلك أقرّت جميع دساتير الأمم استقلال السلطة القضائية وحَصْرَنتها.

وأوضح أن السلطة القضائية تستمدّ قدرتها على المقاومة والصمود من قوة أفراد هذه السلطة وهم القضاة، وذلك من خلال تمسّكهم بكل ما يعتقدون بأنّه الحق واعتقادهم بأنّ عليهم قول الحق دون النظر إلى أيّ طرف مهما كان كبيرا. وتحدث حول القضاء على المستوى المحلّي حيث تشهد المملكة مؤخّرا حراكا تطويريا متسارعا في السلطة القضائية اتضحت معالمه بشكل بارز خلال السنتين الأخيرتين، عبر خطوات جادّة وأحيانا جريئة تتطلع وتسعى لمزيد من التطوير والتحديث في أداء السلطة القضائية. وأشار إلى أن أبرز تلك الخطوات التطويرية على الإطلاق هو صدور النظام الجديد النظام القضائي أو نظام القضاء الجديد الذي هيّأ بيئة مناسبة تقبل التطوير والتحديث، هذا النظام أُقرّ بموجب المرسوم الملكي رقم م78 وتاريخ 19-09-1428هـ وحلَّ بديلاً لنظام القضاء القديم الصادر بموجب المرسوم م64 وتاريخ 14-07-1395هـ، موضحا أن النظام الجديد مُكون من خمس وثمانين مادة أعادت تنظيم القضاء وهيكلته وصلاحيات أجهزته.

واستعرض الدكتور الجبر أهم مزايا هذا النظام القضائي الجديد ومن بينها: إنشاء ما سمي بالمحكمة العليا واستلّها من المجلس الأعلى للقضاء، وتفعيل العمل بمبدأ التقاضي على درجتين بشكلٍ أفضل من الوضع السابق، وعالج طريقة المراجعة للحكم الابتدائي، وتفعيل دور محكمة التمييز، والاعتماد في تقسيمه لمحاكم الدرجة الاولى على معيار الاختصاص النوعي. وبين أن من مزايا النظام الجديد توسع اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء بأن أصبح له دورا تشريعيا مساعدا في ما يخص القضاء كإعداد اللوائح المتعلقة بشؤون القضاة الوظيفية والتفتيش القضائي، ووضع قواعد تنظم اختصاصات وصلاحيات رؤساء المحاكم ومساعديهم وطرق اختيار القضاة، وفي المقابل حدّ النظام من سلطة وزارة العدل على القضاء في غير الشؤون الإدارية والمالية، معتبرا ذلك ضمانة جيدة للعدالة فأصبحت هذه الجهة التنفيذية ووزارة العدل حدودها وصلاحياتها حددت في الشؤون الإدارية والمالية وفقط كل الصلاحيات التي تتعلّق بالقضاة رُحِّلت إلى المجلس الأعلى للقضاء. وأشار إلى أن نظام القضاء الجديد عمل على الحدّ والتقليل من الهيئات شبه قضائية إلى حدٍ كبير، وهذه اللجان والهيئات تابعة للسلطة التنفيذية ومُناط بها القيام بأعمال قضائية معينة وكثير منها غير خاضع لرقابة ومراقبة السلطة القضائية، فجاء هذا النظام لإرجاعها إلى مظلّتها الحقيقية وإخضاع جميع هذه اللجان لمراجعة السلطة القضائية وهي متمثلة في القضاء الإداري ديوان المظالم.

واستعرض الماضر جملة من الملحوظات الملاصِقة للواقع القضائي المحلّي التي اعتبرها تقف عائقًا أمام التطوير والإصلاح المنشود، مشيرا إلى قلّة عدد القُضاة حيث أن معدل القضاة في المملكة قاضٍ واحد لكل 20 ألف مواطن، بينما نجد أنّ المعدَّل المثالي كما في بريطانيا مثلا قاضٍ لكلّ 2000 مواطن، وفي بعض الدول الخليجيّة مثلا الكويت قاضٍ لكل 4000 مواطن، موضحا أنّ هذا سيؤدّي إلى تأخرّ القضايا. وقال في حديثه أن هناك بطئ كبير في مشروع التقنين أي تحويل أحكام القضاء إلى مواد مُقنّنة ومُحدّدة تكون واضحة ومقروءة للجميع، مما ولد جملة من السلبيات كالتباين في الأحكام القضائيّة والتوسع في الشفاعات.

وسرد في جانب من محاضرته، تطوّر القضاء في المملكة منذ تشكيل أوّل إدارة للقضاء بمكة المكرّمة، مرورا بإنشاء وزارة العدل، ثم صدور نظام القضاء، وأنظمة المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية والمحاماة، وأخيرا نظام القضاء الجديد. وأبحر في ختام محاضرته بمجموعة من التوصيات التي اقترحها في نهاية المطاف، ومن بينها: وُجوب الاهتمام بتقنين مواد القضاء، افتتاح كليّات قانون في مُختَلَف الجامعات، تدريب القُضاة ومُساعديهم، زيادة عدد القُضاة، التخصص في قانون المرأة والطفل، وتوسيع دائرة المشاركة والاستشارة لتشمل جميع شرائح المجتمع.

بدأت مداخلات الحضور بتعقيب للأستاذ حسن الزاير حول آليات تشغيل وتفعيل الأنظمة سواء القضائية منها أو الإدارية، والتي تتطلب وجود الكوادر المُتخصصة لتبوّء هذه المراكز الحسّاسة جدًّا، مشيرا إلى أهمية توفير مصادر البحث والمعلومات وإلى أهمية احترام عامل الوقت في المحاكم الشرعية لأن التأخير من شأنه ضياع حقوق الناس. وأوضح الشيخ حسن الصفار أنه لاحظ أن النظام القضائي القديم والجديد لم يهتم بمُراعاة الاختلاف المذهبي في موضوع الأحوال الشخصية وهو موضوع يسبب الكثير من الإشكالات في حياة المواطنين، كما تناول دور الأفراد كمواطنين في المطالبة بمعالجات تطويرية في مختلف الأنظمة بما يحقق مصالحهم ويتناسب مع التغيرات في ظروفهم المعيشية ومعالجة الثغرات القائمة.

وتساءل الأستاذ إبراهيم الماحوزي حول الجهة الرقابية لتطبيق الأنظمة، ومدى إمكانية استرجاع تنفيذ الأحكام الشرعيّة الصادرة التي يطلق عليها الأحكام القطعيّة. وعلق راعي المنتدى الأستاذ جعفر الشايب حول النظام القضائي الجديد ومدى مواءمته مع الالتزامات القانونيّة الدوليّة للمملكة النابعة من الاتفاقيات الحقوقية التي وقعت عليها المملكة، مشيرا إلى إشكالية التعارض في الأحكام الصادرة بين القضاة لعدم وجود مسطرة قانونية موحدة تكون مرجعا للجميع. وطرح الأستاذ عبد الله البريكي مشكلة عدم تخصص القضاة مما يسبب صدور أحكام غير مناسبة، كما أشار إلى مشكلة القضاء في الميراث واختلافه بين المذاهب. وطالب الأستاذ حسن العيد تعديل متطلبات القاضي للدخول إلى سلك القضاء بأن لا يقتصر على أن يكون خريجا من إحدى الكليات الشرعية فقط بل أن يشمل ذلك خريج القانون.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

المحاضرة الكاملة:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد