البشراوي يناقش نشأة الحضارات في منتدى الثلاثاء

1٬334

أقام منتدى الثلاثاء الثقافي ندوته الواحدة والعشرين لموسمه الثقافي العشرين مساء الثلاثاء 10 جمادى الثاني 1441هـ الموافق 4 فبراير 2020م، وكانت تحت عنوان “مدخل لفهم نشأة الحضارات الإنسانية”، وقدمها الباحث في علم الإنسان القديم الأستاذ عادل البشراوي  تناولت القراءات التاريخية للحضارة وتهيؤ البشر لإنجاز الحضارة، أدار الأمسية الأستاذ أمين الصفار عضو مجلس إدارة المنتدى، وحضرها جمع من المهتمين والمثقفين.

بدأت الأمسية بعرض فيلم توعوي قصير حول أمراض السرطان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان، واستعرضت الفنانة امتثال العوامي في كلمتها تجربتها في الفن التشكيلي متحدثة عن مسيرتها والتحديات التي واجهتها ومجالات مشاركتها الفنية، كما تناولت تعريفا بمجموعة من أعمالها التي قامت بعرضها في المنتدى وتركز على معالجة الصورة النمطية للمرأة. وتم تكريم الأستاذة أماني العلي على إنجازاتها المهنية في تدريب وتطوير المئات من الشابات السعوديات في كلية لينكون وحصلت على جائزة عالمية في هذا المجال، كما تحدثت الأستاذة فاطمة آل قريش عن كتابها “أحلام سمراء” واستعرضت محتوياته، ووقعت عليه في نهاية الأمسية. وقد سلم ضيف شرف الأمسية الشخصية الاجتماعية المعروفة الأستاذ محمد النمر دروع التقدير لجميع المكرمين في الأمسية.

افتتح مدير الندوة الأستاذ أمين الصفار الأمسية بالحديث حول أهمية دراسة الحضارات الإنسانية على مر التاريخ وضرورة تصحيح المفاهيم المتعلقة بهذا الموضوع من ناحية علمية لأن هناك الكثير من الجدل والوهم وعدم الوضوح، مشيرا إلى دور الأستاذ عادل البشراوي في سعيه للتحقيق العلمي في هذا المجال المهم. بدأ المحاضر حديثه بتوضيح المعنى الاصطلاحي للحضارة وتطور المفهوم تاريخيا ومسوغات استخدامه، وتناول بدايات ملامح الحضارة البشرية موضحا التوصيف الأنسب لما كان يتناسب مع طبيعة حياة البشر قبل ظهور الحضارات، كما ناقش ظاهرة المستوطنات التي يعبر عنها بمصطلح “الثقافات” معتبرا إياه توصيفًا علميًا لآثار المستوطنات قبل تشكل الحضارة.

وحول ضرورات تهيؤ البشر لإنجاز الحضارة، تحدث الأستاذ عادل البشراوي عن المحاولات المستمرة لفرض تصور منفرد لقيام الحضارات حيث يجب أن يرعى التطور البشري لكي يمكن تقنين التصورات ووضع حد لجموح الخيال، وعليه فإنه ينبغي الوعي بأن البشر قد تحدروا من سلالات بشرية وما قبل بشرية متنوعة تهيؤوا خلالها للانطلاق نحو بناء الحضارات. وانطلق بعد ذلك للحديث حول علاقة التطور الفسيولوجي بالوعي لدى البشر، حيث بين أن جين SRGAP2 قد تعرض لثلاث حالات تكرار جيني، بدأت أولها في عائلة الأوسترالوبيثيكوس ما قبل بشرية قبل أكثر من ثلاثة ملايين سنة، واكتملت في سلالات بشرية كالهوموإيريكتس، وأن هذا الجين له علاقة بتسريع الإشارات العصبية بين الدماع ومجمل الجهاز العصبي.

وذكر أن تطور جين FoxP2 ونضوج الصندوق الصوتي في البشر حديثا مكنه من التعاطي مع نطاق أوسع من الأصوات مما زاد من قدرته على التواصل، كما أن تطويع النار خلال حدود المليون سنة ونصف السابقة وفر للبشر استفادة أكبر من الغذاء وهو الشيء الذي ساهم في تعاظم حجم الدماغ. وواصل حديثه مستعرضا مرئيات “يوفال هراري” حول تطور البشر متحدثا عن بروز هوموسابينزسابينز بما يسمى بثورة الإدراك قبل سبعين ألف سنة، وأن بروز هذه المرحلة البشرية لها علاقة بتمظهر حالة الوعي البشري من خلال عنوانين رئيسين هما الإبداع والروحانية، موضحا أنه لا يمكن قبل هذه المرحلة الحديث عن الحضارة بتعريفها الأكاديمي وهو أمر مهم في تقنين استخدام المصطلح.

وفي مناقشته لأوجه القصور في الرواية التاريخية المعتمدة بين المحاضر عدم تعاطيها مع متغيرات المناخ وتأثيرات الكوارث الكونية كظاهرة الطوافين العالمية، وعدم توفيرها لتبريرات وجود أنماط ثقافية قديمة اشتملت على إقامة صروح ذات ارتباطات فلكية، وأن هناك مكتشفات علمية وأثرية لا تتماشى مع الرواية التاريخية. وأشار البشراوي إلى أهمية بلورة رواية تاريخية حديثة أكثر مصداقية من خلال الاهتمام بدراسة كل الآثار ومحاولة فهم طبيعتها واستغلال المتوفر من تقنيات التزمين لمعرفة سياقها التاريخي، وضرورة دراسة الآثار في محيطها الجغرافي والذي من خلاله يمكن رسم صورة أكثر مصداقية، وكذلك تفعيل مجالات علمية مختلفة للتعرف على خواص الآثار الطبيعية التي من خلالها يتم وضع شروح علمية مناسبة.

وخلص المحاضر البشراوي إلى القول أن مهمة كتابة التاريخ لا تقع فقط على عاتق المؤرخ، وضرورة إعادة النظر في بعض المسلمات التاريخية وفي مصداقية بعض المصطلحات، وضرورة قراءة الآثار في سياقها الزمني والجغرافي للحصول على صورة متكاملة لإرهاصات قيام الحضارات وانتشار البشر الأوائل وظروف تطورهم قبل ذلك بعشرات الآلاف من السنين.

بدأت مداخلات الحضور بمشاركة من الأستاذ نادر البراهيم عبر فيها عن رأيه في المحاضرة من حيث استرسال المعلومات وتداخلها متسائلا عن مرحلة البناء الصخري في العديد من الحضارات التي تميزت بنقل كميات هائلة من الصخور وبنائها بأنماط مختلفة والتفسير العلمي لذلك، وطرح اللواء عبد الله البوشي عن تكون آثار محافظة العلا (مدائن صالح) والمباني الضخمة الموجودة فيها وعمرها الزمني. وناقش الأستاذ أحمد درويش أسباب تشكل الحضارات والتجمعات البشرية في مناطق جغرافية محددة وهل هو ناتج عن تفاعل ثقافية وجغرافية، وطرح الأستاذ أحمد المدلوح مدلولات بعض الروايات التاريخية كمكانة البيت الحرام والحجر الأسود في تشكل الحضارة الإسلامية مثلا ومدى دقة ذلك علميا.

وتساءلت الأستاذة مهدية الغمغام إن كان التغير في أحجام البشر على مر التاريخ حيث أن الصورة النمطية المتداولة أن الإنسان يصغر حجمه عمن سبقه من حضارات بشرية، وناقش الأستاذ عبد الرسول الغريافي موضوع نظرية التطور الداروينية وكذلك مراحل الطوافين التي غيرت وجه المعمورة وسببت في غياب وبروز حضارات مختلفة. وطرح الأستاذ علوي الخباز موضوع وجود مخلوقات بشرية في بعض الكهوف الكبيرة من خلال فتحات صغيرة، كما تساءل الأستاذ عبد الله شهاب عن المخلوقات البشرية قبل نبي الله آدم عليه السلام.

وبين الأستاذ مرتضى الرويعي في مداخلته على أن الحضارات الإنسانية السابقة كانت تمتلك حصيلة علمية كبيرة مكنتها من اكتشاف العديد من الأمور وجعلتها قادرة على إبراز إمكانياتها المعمارية والفنية بأشكال مختلفة ولكننا نجهل العلوم التي كانت لديهم. وتساءل الأستاذ فرحان الشمري عن التغير في حجم جمجمة الإنسان ومقدمة رأسه له علاقة بقدراته العقلية وإبداعاته على مدى التاريخ، كما تساءل الأستاذ علي العوامي عن الأسبقية بين الدين والعقل في التطور البشري. وناقش الأستاذ صالح العمير بعض الأفكار المتعلقة بخلق البشر وصورته وتطور ذلك في حين أن النصوص الدينية تؤكد على الخلق المتكامل للإنسان.

وفي نهاية الندوة تحدث ضيف الشرف الأستاذ محمد النمر معبراً عن ثنائه للمحاضر وجهده العلمي البارز، ومشيدا بتجربة منتدى الثلاثاء الثقافي ودوره الوطني موضحا أن نجاحه يكمن في القدرات الإدارية التي يحتضنها وفي تنوع مواضيعه ومحاضريه وفي انفتاحه على المجال الوطني مما جعله حاضنة ثقافية شاملة.

 

   

مدخل لفهم نشأة الحضارات الإنسانية   

لمشاهدة بقية الصور اضغط هنا

التغطية الإعلامية

 

التقرير على يوتيوب:

 

كلمة ضيف الشرف الأستاذ محمد النمر:

 

كلمة الفنانة امتثال العوامي:

 

كلمة الأستاذة أماني العلي:

 

كلمة الكاتبة فاطمة آل قريش:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد