الثلاثاء يناقش أبعاد الخطاب السياسي الغربي

1٬380

في ندوته الخامسة للموسم الثقافي التاسع عشر، تناول منتدى الثلاثاء الثقافي موضوع الخطاب السياسي الغربي بجوانبه المختلفة في ندوة ثقافية حضرها لفيف من المهتمين بالموضوع وقدمها المشرف على مركز الدراسات الاستراتيجية بمعهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية الدكتور منصور المرزوقي تحت عنوان “الخطاب السياسي الغربي: رؤية وتحليل”، وذلك مساء الثلاثاء 29 محرم 1440هـ الموافق 9 اكتوبر 2018م، وأدارها الأستاذ عيسى العيد عضو الهيئة التنفيذية للمنتدى. وقد تم استضافة الأستاذ الدكتور عبد العزيز المصطفى كضيف شرف الندوة، وهو شخصية اجتماعية وأكاديمية ومعروفة في المجال التربوي وله جهود كبيرة في توجيه الشباب ورعايتهم وفي تطوير الرياضة في المنطقة.

وكعادة المنتدى في كل ندوة، فقد تم عرض فيلم قصير حول اليوم العالمي للمعلم وآخر حول التوعية بمرض سرطان الثدي، تلى ذلك تكريما للكاتب الأستاذ أمين البراهيم على جهوده البارزة في مجال التدريب وصدور كتابه “أنت من تكون”، حيث تحدث عن جوانب من مسيرته الحياتية وعن مؤلفه الذي وقع عليه في المنتدى. كما تحدثت الفنانة التشكيلية سلمى الشيخ عن تجربتها الفنية وحول معرضها التي اشتمل على بعض أعمالها التي عرضت بالمنتدى.

افتتح مدير الندوة الأستاذ عيسى العيد مرحبا بالضيف والحضور، مقدما للندوة بالإشارة إلى أهمية البحث والنقاش في موضوع الخطاب السياسي الغربي الذي لم يعط حقه من البحث مع أهميته البالغة بالنسبة لنا في المنطقة العربية، مؤكدا على ضرورة النقاش المنفتح والمتواصل تجاه المستجدات في هذا الموضوع الشائك. وبدأ الدكتور المرزوقي حديثه بالإشارة إلى مستويات الخطاب السياسي: الداخلي وهو المعني بالنظم والقيم التي تسود في مجتمع ما، وعلاقات السلطة والمجتمع، أما المستوى الخارجي فتتناول بنية النظام الاقليمي أمنيا وعسكريا والعلاقات الدولية.

واستطرد المحاضر في الحديث عن أبعاد الفلسفة السياسية، ووجود قصور عميق في طرح هذا البعد في ثقافتنا مما أدى إلى تجريم النظرة الفلسفية، وعبر عنها بالمعضلة الحضارية، موضحا أن الأطر الثقافية السائدة تعمل على تكميم الخيال والإبداع وتقود إلى البرمجة الثقافية والذهنية. وأوضح الدمكتور المرزوقي أن مجال العلوم الاجتماعية لا يزال واسعا ومتجددا، ولعله منه انطلقت القسمة السياسية بين الغرب والبقية، وخاصة تعريف كل طرف، وهل أن هذه التعريفات مستقرة وثابتة أم لا. فالغرب مثلا يعرف نفسه بأنه كتلة تتمتع بتنوع هائل مع وجود عقد ناظم لهذا التنوع، أما غيره فيطلق عليه “البقية”. وعندما نشأت العلوم الاجتماعية في منتصف القرن التاسع عشر في ظل النظرية الليبرالية التي تفصل بين السوق والدولة، فقد قسّم العالم بين “المركز” و “الأطراف”، بحيث ترك للأطراف حقلي الأنثروبولوجيا والاستشراق.

وقال المرزوقي أن هناك أصل فلسفي وتاريخي لتبرير هذه القسمة، وقد نشأ بعد ذلك ما عرف “بالمجتمع الدولي” الذي هو عبارة عن نظام الدول الأوروبية بعد أن تمت توسعته وأصبح المهيمن عليه الدول الغربية. وبيّن المحاضر أن هناك عدة مفاهيم أنتجت سياقات مختلفة منها “الوقت”، فتصوره في الأطراف يختلف عنه في المركز، ففي الغرب هناك استمرارية وتواصل في حركة التاريخ بينما مفهوم الزمن لا يتغير في دول الأطراف.

وواصل ضيف الندوة حديثه في توضيح تأثير العولمة الاقتصادية التي نشهدها الآن والتي انعكست آثارها على الثقافة لغرض أن يكون للعالم نظام قيمي موحد، موضحا أن بداية فكرة العالمية كانت من الفلسفة الاغريقية كسؤال معرفي، وتطورت حتى عصر هيمنة الفكر المسيحي في اوروبا حيث اكتسبت زخما روحيا. وكان من مبررات الحركة الاستعمارية نقل التقدم والتطور للآخرين، ثم استبدلت لاحقا في الفترة الرأسمالية بقضايا ومفاهيم كحقوق الإنسان ونشر الديمقراطية لتبرير التوسع الرأسمالي.

وأوضح أن من أمثلة ذلك مفاوضات التجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون للضغط في قضايا حقوق الانسان وإعطاء الشركات الاوروبية أولوية في بعض القطاعات.وقال المحاضر أن هناك جدلا في المؤسسات الغربية في مرحلة ما بعد الديمقراطية يؤكد على ضعف إيمان المجتمعات السياسية الغربية بالمنظومة الديمقراطية، مشيرا إلى أن النظام الدولي المؤسس على هيمنة غربية ينحو باتجاه حق المجتمع الدولي التدخل لحماية حقوق الإنسان، وهو ما يتعارض مع مبادئ سيادة الدول

واوضح أن الخطاب السياسي هو جزء من أدوات الصراع القائم على طبقية فلسفية وأخلاقية وقانونية، كما يطلق عليه أحيانا “العالم الحر”، مشيرا إلى أن الدول غير الغربية تركز على المبادئ التي تحميها من سطوة الدول الغربية، وتختلف طريقة التعامل مع هذه الطبقية من دولة لأخرى.وحول الموقف السعودي وخلفياته تجاه الخطاب السياسي الغربي، أوضح المحاضر أن الرد لم تكتمل كل معالمه بسبب غياب الجدل الفلسفي المؤسس في النظام التعليمي والثقافي على الرغم من وجود محاولات للرد على هذه الطبقية التي لا بد لها من انعكاسات، مشيرا إلى أن هناك مستويان للموقف. الأول مستوى الخطاب الذي بدا فيه تحولات تنتقل إلى نحو من التراكم، ومن خلال التركيز على كون المملكة مركز الحضارة العربية والاسلامية تاريخيا ومونها منبت الحضارة الاسلامية. أما المستوى الثاني فهو الخطاب دالسياسي العملي من خلال اتأكيد على مبادئ النظام الدولي التي تحمي الدول الأقل ثراء وقوة ضد التوسع مقابل استخدام الغرب لوسائل عديدة للتوسع الرأسمالي. وأنهى حديثه بالقول أن هذه الطبقية تواجه تحديات كبرى وتتطلب العمل بكل قوة لدفع التحيز وتأكيد دور المجال الفلسفي في إعادة صياغة الخطاب السياسي.

بدأت مداخلات الحضور بكلمة للأستاذ علي الحرز علق فيها على حديث المحاضر بأنه ألبس السياسة ثوب الفلسفة كما فعل علماء اليونان بينما يعمل السياسيون بكتاب الأمير لميكافيلي، وتساءل الأستاذ محمد التاروتي حول الاتجاهات الليبرالية التي تنادي بحرية السةق باعتبارها إحدى صور ووسائل الجدل الفلسفي مع الغرب، وعما إذا كان هناك جدل شبيه مع الشرق أيضا. وطرح الأستاذ إبراهيم البراهيم تساؤلات عن عدم قدرة العرب مواكبة التحولات الحضارية والتقدم العلمي على الرغم من وجود الكفاءات والقدرات والثروات لديهم.

وأبدى الأستاذ صالح العمير تحفظاته على طرح المحاضر حول المنظمات الحقوقية، مشيرا إلى أن قواعد اللعبة السياسية واحدة في كل مكان فالاقتصاد هو محرك السياسة والمؤثر فيها، وأشار الإعلامي الدكتور أحمد سماحة إلى أن التناقضات القائمة هي نتيجة لاختلاف الثقافات والتعريفات بين المجتمعات المتعددة، وكون الاقتصاد والبقاء هما السببان الرئيسان لاستمرار الصراع. وطرح الأستاذ أحمد الخرمدي تساؤلات حول دور ومسئولية الشعب الأمريكي في تصحيح مسار العلاقات الخارجية مع بقية الدول.وأكد الدكتور عبد العزيز المصطفى على مستلزمات نجاعة النظام الدولي المكونة من الأخلاقية والقوة والسيادة، أما الأستاذة نجاة بوحليقة فتساءلت حول سبل مواجهة التخلف في منطقتنا العربية.

وآخر المداخلات كانت للمشرف العام على المنتدى الأستاذ جعفر الشايب الذي تحدث عن استقرار السياسات في الدول الغربية مقابل اضطرابها في منطقتنا العربية، وعن موقف الاتحاد الاوروبي في مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج الذي يشكل جزءا من منظومة قيمه الثابتة في المجال الحقوقي.

وختم اللقاء بكلمة ضيف الشرف الدكتور عبد العزيز المصطفى الذي أثنى فيه على مسيرة المنتدى طوال هذه السنوات، مسترجعا المراحل الأولى التي شارك فيها حضورا وإلقاء، منوها بالجهود الكبيرة التي يبذلها القائمون على المنتدى.

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

التغطية الإعلامية

 

التقرير على اليوتيوب:

 

المحاضرة الكاملة:

 

كلمة ضيف الشرف الأستاذ الدكتور عبد العزيز المصطفى:

 

كلمة الأستاذ أمين البراهيم:

 

كلمة الفنانة سلمى الشيخ:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد