منتدى الثلاثاء يناقش الصحة النفسية في ظل الأزمات والكوارث

1٬386

في ندوته السابعة والعشرين التي بثت مباشرة عبر الإنترنت، خصص منتدى الثلاثاء الثقافي موضوعها حول “الصحة النفسية في ظل الكوارث والأزمات” حيث استضاف فيها استشاري علم النفس العيادي والعلاج النفسي الدكتور موفق حسين العيثان وذلك مساء الثلاثاء 7 شعبان 1441هـ الموافق 31 مارس 2020م بإدارة الأخصائي النفسي الأستاذ فيصل العجيان. استهل الحديث عضو المنتدى الدكتور محمد الحماقي بكلمة ترحيبية أوضح فيها اهتمام المنتدى بتواصله مع المتابعين واستمراره في نشر رسالته التوعوية عبر البث المباشر بعد أن أصبحت اللقاءات متعذرة بسبب الظروف الراهنة، وبين بعض أبعاد الأزمة الحالية على الناس وخاصة في تصاعد الوفيات وفي انقطاع الكثيرين عن أعمالهم وأثر ذلك على الجوانب النفسية.

وبدأ الأستاذ العجيان الندوة بالترحيب بالمحاضر الدكتور موفق العيثان معرفا إياه وهو الحاصل على دكتوراه علم النفس العيادي كلية الطب جامعة مانشستر ببريطانيا وعمل أستاذا جامعيا سابقا بالرياض واستشاريا نفسيا في مستشفيات بريطانيا إضافة للرياض، كما عمل مديرا لمركز أبحاث في الرياض، وهو عضو هيئة التحرير والتحكيم لمجلتين علميتين في الاضطرابات النفسية والمخية والعصبية، ونشرت له عدد من الأبحاث في هذا المجال النفسي مع عشرات من المحاضرات محليا و خارجيا. تحدث المحاضر في البداية عن ضرورة التعامل مع الحقائق الواقعية بعيدا عن الإشاعات والمعلومات المغلوطة حتى يكون الفعل مناسبا لما هو حقيقي وقائم، وقال يبدو أن أعراض المرض الجديد تم اكتشافها في 17/11/2019م في الصين، وفي تاريخ 31/12/2020م تم الإعلان عن وجود الفيروس الجديد COVID19 حيث بدأت الزيادة في أعداد المرضى منذ شهر يناير لغاية الآن. وأشار أنه بناء على ذلك فليس هناك لحد الآن معلومات نهائية ودقيقة حول الجانب الوظيفي المرضي وطريقة الانتقال في الجسم، كما أننا نجهل العلاج المناسب والناجع لهذا الفيروس، ونعلم أنه يتميز بالسرعة الرهيبة في الانتقال والتأثير السريع على المصابين به.

وأوضح أنه أمام هذه المعلومات المحدودة المتوفرة للعالم، فإنه لا يوجد أمامنا سوى استخدام طرق الوقاية قدر الإمكان: ومن أبرزها تغيير عقلية الإنسان وسلوكه كي يتأقلم مع الوضع الجديد المترتب عليها، وهذا مجال لعمل علم النفس العيادي (أساس علم النفس أصلا العقل والسلوك) كي يعمق الناس الالتزام بالتعليمات الصحية والسلوكيات الجديدة المطلوبة تبعا لها كالتباعد الجسدي والعزلة المنزلية وما إلى ذلك من إجراءات. إن الوقاية أساسها السلوك وعقلية الناس في التعامل مع الضغوط وكيفية التأقلم. وأكد على أن علم النفس يعمل على تأكيد تقبل المعلومة ومعالجتها وخلق عادات سلوكية جديدة وجعلها مستمرة، وهذا يخدم بصورة مباشرة إجراءات الوقاية من الفيروس إذا طبقت بصورة صحيحة. وأشار إلى أن الغالبية العظمى من الناس ليست لديها مشكلة في التأقلم مع الأوضاع الجديدة، لكنه مع طول الوقت قد ينتج لدى البعض حالة من الملل وعدم الارتياح وخاصة مع قلة العمل والحركة. علم النفس يعطي أسسا علمية لتخطيط ولتطبيق الوقاية الآن وهنا..

وأضاف الدكتور العيثان أنه قد يتولد لدى البعض (قلة من الناس) حالة من الذعر والقلق والاضطراب النفسي لأنهم قد يكونوا مروا بتجارب سلبية مماثلة فتكونت لديهم خبرات حول الموضوع أو أنهم يعانون من اضطرابات نفسية مسبقة قبل هذا الوضع مما يجعلهم أكثر عرضة من غيرهم. ونبّه إلى أن هذا الوباء هو ليس بأول وباء يصيب البشرية التي مرت بتجارب كثيرة سابقة وبأشكال مختلفة بعضها حصدت ملايين من الأرواح كما في 1918، موضحا أن الفهم الديني للموضوع ينبغي أن يكون له دور إيجابي في خلق الطمأنينة لدى الناس والاعتقاد برحمة ولطف الله وحكمته، ولا ينبغي الهروب لإعادة تفسير ما يجري على أساس ديني تخويفي تنفيري والابتعاد عن المعطيات العلمية لأن ذلك قد يقود البعض إلى مخالفة التعليمات الصحية بسبب الحماس الديني. وتناول الدكتور العيثان في جانب آخر من حديثه ضرورة توجيه فئات الأطفال والمراهقين بالوسائل والمفردات التي تناسبهم من أجل توضيح الواقع القائم وشرحه لهم لاتباع السلوكيات المطلوبة في هذه المرحلة، مؤكدا على أهمية إشغال أوقاتهم بما هو مفيد لهم كالألعاب والأنشطة الترفيهية التي تهدف لتقليل التوتر والاستمرارية بالحياة الطبيعية المنزلية ما أمكن.

ووجه في حديثه إلى ضرورة الموازنة بين المعلومة الصحيحة والدقيقة وبين الالتزام بوسائل الحماية دون مبالغة أو تساهل، موضحا أن الغالبية العظمى من الناس تلتزم بالتعليمات ومنها العزل المنزلي لكن هناك فئة – وخاصة من كبار السن – تكون استجابتها مرتفعة ينتج عنها التوتر والقلق كالمتابعة المستمرة للأخبار ونقلها وتداولها، وفئة أخرى – وخاصة من الذكور الشباب – تكون استجابتهم منخفضة لشعورهم برغبتهم في التحكم بمصدر الخطر والقلق وأنهم أقوى منه. وأوصى بعدة أمور تساهم في تقليل التوتر من بينها: الاعتماد على المعلومات الصحيحة ومن المصادر الموثوقة، عدم التكرار الدائم للأخبار ومتابعتها بصورة مستمرة، الالتزام المتوازن بأسس النظافة والتعليمات الصحية، توظيف برامج الاسترخاء ومواصلة العمل الروتيني المعتاد قدر الإمكان، الاشتغال بمجالات اهتمام أخرى ذات مردود إيجابي على الإنسان.

وفي رده على بعض أسئلة المتابعين، أوضح العيثان حول رؤيته لتفسير الأزمة كمؤامرة عالمية خفية بالقول أنها نظرة غير دقيقة، وحيث أن عقل الإنسان لا يقبل الغموض ويبحث عن أسباب للإجابة عن التساؤلات المطروحة فيتشكل لدى البعض ممن تنقصهم القدرة على التحليل أو يبحثون عن أجوبة سريعة تصورا مؤامراتيا حتى يحسم الموضوع في أذهانهم ثم يلفقون لها الأدلة المناسبة دون الاعتماد على المنطق السليم بسبب غياب التفكير المنطقي لديهم، موضحا أنه قد ينتج عن ذلك أيضا حالة من التعصب والعنصرية تجاه الآخرين المختلفين المتهمين بإيجاد المشكلة ليتشكل لديهم تكيفا سلبيا مع الأزمة. وحول تنامي العنف الأسري بسبب طول البقاء بالمنزل، أوضح أن العنف يأتي من الشعور بالإحباط وخاصة مع طول المدة لذا فإنه من الضروري التخطيط لأنشطة تشعر الفرد بالإنجاز والإنتاجية طوال اليوم.

وأكد في جانب من حديثه على ضرورة الالتفات إلى فئة واسعة في المجتمع وهم العمال الأجانب الذين لا يتقنون قراءة اللغتين العربية والانجليزية ويعيشون ويتنقلون بين مختلف فئات المجتمع، حيث يتوجب الاهتمام بإيصال المعلومات الصحية والدقيقة والمفهومة لهم حول الأزمة الحالية حتى يساهمون في سبل الوقاية بدلا من أن يكونوا سببا في نشر العدوى دون علمهم. وحول كبار السن، قال بأنه يجب مراعاة حالتهم النفسية حيث أن الإعلام يشير إليهم دوما على أنهم هي الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس والتأثر به فهم يحتاجون إلى معلومات صحية سليمة ورسائل تطمينية أيضا، وأوضح أن توفر التقنية خدم العالم في هذه الأزمة فبدونها ستكون الأمور أكثر صعوبة بسبب الفراغ القاتل وصعوبة التواصل بين أفراد العوائل.

وأكد في نهاية حديثه على أن الخدمات النفسية ينبغي أن تكون متوفرة وداعمة في هذه المرحلة لمختلف الفئات التي تحتاجها ومن بينهم الممارسين الصحيين والأشخاص المصابين بعد علاجهم وأولئك الذين تم حجزهم في الحجر الصحي بسبب المخالطة حيث يتولد لديهم قلق وتوتر وشعور بالذنب وضعف في الثقة بالنفس. وطالب من المتابعين الاستمتاع بكل لحظة يعيشونها عبر التواصل مع الآخرين – بصورة غير مباشرة – والمحافظة على النظافة واعتبار ما نمر به لحظة تاريخية مهمة بها ثواب وخير وكفارة وطهور, وليستمتع الكل بها وحيث أن الأرض تستعد لتطهير ذاتها وأن الدنيا ستصبح أكثر نظافة وسلامة.

 

التغطية الإعلامية

 

التقرير على اليوتيوب:

 

المحاضرة الكاملة:

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد