منتدى الثلاثاء يناقش تاريخ جزيرة تاروت

1٬060

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي الباحث في التاريخ الأستاذ سلمان آل رامس في محاضرة تحت عنوان “جزيرة تاروت في عيون علماء التاريخ والآثار” وذلك مساء الثلاثاء 19 صفر 1442هـ الموافق 6 أكتوبر 2020م، أدارها عضو المنتدى الأستاذ أمين الصفار وشارك فيها العديد من المهتمين بالتاريخ والآثار من مختلف المناطق. ودار الحديث في المحاضرة مقدمة حول مسميات جزيرة تاروت، وتاروت والمستوطنات البشرية، والأبحاث التاريخية حول جزيرة تاروت، والآثار والتنقيب والمواقع الأثرية.

وعرف مدير الندوة ضيف اللقاء الأستاذ سلمان آل رامس المتخصص في الجغرافيا وأصدر مجموعة من الكتب من بينها “القطيف: دراسة في التاريخ القديم”، و “جزيرة تاروت: التاريخ والجغرافيا”، و “القطيف في القرن الأول الهجري”، و “خليج تاروت: دراسة بيئية”. وتم بعد ذلك عرض فيلم قصير عن جزيرة تاروت تناول تعريفا بسيطا عنها وعرضا لأبرز معالمها.

بدأ الأستاذ سلمان آل رامس الحديث عن جزيرة تاروت بقوله أنها تقع في وسط الساحل الشرقي للمملكة العربية السعودية، وتعتبر من أهم المراكز الحضرية في الخليج العربي، فقد لعبت دوراً مهماً في التاريخ القديم، وقامت على أرضها حضارة تعود إلى الآلاف من السنوات، وذكرها الجغرافيون القدامى والمؤرخون في مصادر مختلفة، واكتشف في أرضها متروكات أثرية تعود إلى فترات زمنية سحيقة. وذكر أن (جيفري بيبي)، رئيس البعثة الدنماركية التي درست المنطقة اعتبرها الموقع الوحيد الذي يمكن من خلاله تتبع القرون المفقودة من التاريخ، وذلك في موقع (تل تاروت)، حيث تقع آنية العبيد بأسفلها وآنية (باربار) بطبقاتها العليا.

واستعرض المحاضر ذكر (بطليموس) في جغرافيته لتاروت على أنها (Thar) أو (Taro)، واشتق اسمها من الإله (عشتاروت) فاشتهرت به، ثم حذف المقطع الأول من الإله اختصارًا، وصارت تعرف بالمقطعين الأخيرين وهما (تاروت). كما أشار إلى ما ورد في حولية الآثار العربية السعودية (أطلال) بالقول أنه “نستطيع الجزم بأن (تيروس) التي ذكرها (بليني) هي البحرين، تأسيسًا على وصفه لها، إلا أن الاسم جاء محرفًا في نص بليني، ولابد أن تكون هي (تيلوس)، وليست (تيروس) سوى جزيرة صغيرة خارج القطيف، وتعرف باسم تاروت ولقد سجل بطليموس كلا الجزيرتين”.

وأشار إلى أن تاروت ذكرت بهذا الاسم في المصادر العربية في منتصف القرن السادس الهجري (554 هـ)، كما ذكرت أيضا في القرن السابع الهجري، في المعاهدة التي تمت بين العيونيين في عهد الفضل بن محمد (606 – 616 هـ) وملك جزيرة قيس. كما ذكرها أبو الفداء (توفي 732هـ) في “تقويم البلدان” وقال “تاروت بليدة في الشرق من القطيف، وإذا مد البحر أحاط بها وبأراضيها فتصير جزيرة، وإذا جزر البحر انكشف، فيصل الناس من البحر، ولتاروت الكروم الكثيرة والعنب المفضلة). ويدل النص على شهرة تاروت بالعنب، واستمرت تاروت أرضا زراعية جيدة وجزيرة خضراء حتى سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.

كما قال أن اسم جزيرة تاروت حاضرًا في الخرائط الأوروبية عن منطقة الخليج في القرن السابع عشر والثامن عشر والتاسع عشر الميلادي، فقد قام العديد من المتخصصين بدراسة جزيرة تاروت، ونشرت تقاريرهم وما توصلوا إليه في الجوانب الأثرية وخاصة منطقة قلعة تاروت، وأعطت هذه الدراسات صورة مشرقة عن تاريخ هذه الجزيرة الموغل في القدم. وأشار إلى أن الدكتور عبد الله حسن مصري قام عام 1972م بدارسة آثار جزيرة تاروت وضمنها في اطروحته لدرجة الدكتوراة ونشر رسالته عام 1974م، كما قامت أيضا الباحثة الغربية بسنجر (Maria Piesinger Constance)  بتقديم أبحاثها عن جزيرة تاروت والمنطقة لجامعة ويسكنسون – ماديسون ( Wisconsin – Madison).

وأضاف أنه يبدو أن بعض المراكز في الساحل الشرقي لجزيرة العرب وخاصة القطيف وتاروت كانت مخزناً كبيراً لمنتجات العالم القديم، أو سوقاً للتبادل التجاري، فكانت تصل إليها بضائع الهند والعراق وبلاد العرب، حيث يتولى التجار والبحارة الديلمونيون نقلها وشحنها إلى مختلف الجهات. وأشار إلى أن الدراسات التي قام بها كول وهاربوتل وساير أوضحت بأن مصادر هذه الأحجار في جزيرة تاروت متنوعة باعتبارها محورًا هامًا للتبادل التجاري في الخليج العربي. ولم تكن تاروت مجرد مركزًا للتبادل التجاري وحسب، بل كانت أيضاً مركزاً لإنتاج البضائع، ومما يدل على ذلك وجود بعض الأحجار غير مكتملة التصنيع، ويعتقد الباحثون وجود مصنع للأواني الحجرية جنوب الربيعية يعد من أكبر المصانع على مستوى الخليج العربي.

وقال آل رامس أنه في دراسة قام بها (جوريس زارينز) عن أنواع الفخار في آثار المملكة العربية السعودية والتي شملت 600 قطعة من الفخار والحجر الصابوني الموجودة في متحف الرياض، ناقلا عنه قوله “أنه يجب التنويه من البداية عن أن المصدر الرئيسي للمواد الحجرية تحت الدراسة هنا هو جزيرة تاروت، الموجودة في الخليج العربي إلى الشرق من القطيف، ويرجع تاريخ اكتشاف تلك المواد والموقع إلى سنة 1962م، حيث أن الأدوات المنوعة من الحجر الصابوني والتي تنتمي للألف الثالث قبل الميلاد من خارج تاروت تعد نادرة وقليلة العدد في الأجزاء الأخرى من  الجزيرة العربية.

وتحدث في بداية المشاركات المؤرخ عبد الرسول الغريافي متناولا أشكال الزخارف التي تزين المباني والبيوت في جزيرة تاروت والتي جذبت اهتمام المعمارين والبحث في مجالات الفن المعماري المبنية على بعض البيوت في جزيرة تاروت ونتج عنها دراسات تفصيلية عديدة شملت نظام التهوية والتبريد في هذه البيوت، وبعض هؤلاء الباحثين من الجامعات المحلية والأجنبية الذين يبحثون مختلف أنماط الحياة في الجزيرة، مؤكدا على أن هذا الاهتمام الأكاديمي يدل على كثرة البحوث القديمة حول الجزيرة. وعلق الفنان عبد العظيم الضامن على أهمية التفاعل مع التراث من خلال المبادرات الأهلية وتشجيع السياحة من خلال الترويج لجزيرة تاروت وتطوع الأهالي لاستقطاب واستقبال السياح، كما هو الحال في العديد من المناطق السياحية التي تتميز بوجود متطوعين من الأهالي لكونهم يعرفون تفاصيل الحياة الاجتماعية، وخاصة في البلدات الأثرية القديمة، مشيرا إلى البرامج التي يشرف عليها مثل “شتاء تاروت” الذي يستقطب الزوار من مختلف المناطق.

وطرح الدكتور أحمد الشهري في مداخلته مقترحا لتكثيف التواصل مع الجهات ذات العلاقة بالسياحة من أجل زيادة الاهتمام بالمعالم الأثرية فيها وتطوير السياحة في جزيرة تاروت، وتساءل الأستاذ عبد الناصر الهتلان عن جغرافية مناطق جزيرة تاروت والاستيطان البشري في الجزيرة، كما ناقش الدكتور زيد الفضيل موضوع وجود معابد في جزيرة تاروت مثل معبد (باربار) في البحرين ومدى حضور للإله (انكي) في الساحل الشرقي.

وأوضح المشرف على المنتدى الأستاذ جعفر الشايب دور مثل هذه الندوات للتعرف على التراث والآثار في مختلف مناطقنا وإبرازها إعلاميا وخلق دور أهلي فاعل لتنميتها سياحيا من خلال المبادرات والتواصل الإعلامي، كما طالب الأستاذ مؤيد القريش بضرورة تفعيل برامج ومشاريع سياحية تتناسب مع أهمية وموقعية الجزيرة وخاصة قلعة تاروت التي تقع على كنوز من الآثار المهمة. وشارك الفنان محمد المصلي في الحديث عن كثافة أشجار النخيل ومنابت القرم ووجود مصانع للحجر الصابوني في جزيرة تاروت ومصنع للمسك، مشيرا إلى أن الحجر الصابوني يطلق عليه حجر تاروت.

 

   

   

 

التغطية الإعلامية

 

المحاضرة كاملة:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد