الثلاثاء الثقافي يحتفي باليوم الوطني ويناقش كتاب “السعودية المتغيرة”

156

احتفاء باليوم الوطني الثالث والتسعين للمملكة العربية السعودية، أقام منتدى الثلاثاء الثقافي وكعادته في كل عام حفلا ثقافيا حضره جمع من المثقفين والأدباء والشخصيات الاجتماعية، شمل عدة فقرات وبرامج متنوعة أبرزها المحاضرة التي قدمتها استاذة الترجمة بالجامعة السعودية الالكترونية الدكتورة نهى العويضي تحت عنوان “تحولات الثقافة والفنون في السعودية: تجربة ترجمة كتاب (السعودية المتغيرة)” الذي قامت بترجمته وتمت طباعته في السعودية مؤخرا.

وشملت الفعاليات المصاحبة للحفل عرضا لفيلم قصير بمناسبة اليوم الوطني عرض فيه أبرز التطورات والمشاريع الكبرى القائمة في المملكة، وكذلك تنظيم معرض فني جماعي بهذه المناسبة شارك فيه سبعة فنانين بلوحات معبرة، وألقت الفنانة زينب ال لباد كلمة معبرة عنهم وعن مشاركتهم في الاحتفاء بهذه المناسبة، وتم كذلك عرض كتاب “إجازة عبقري مشاكس” وتوقيعه من قبل الكاتب الدكتور أمين أبو الرحي الذي تحدث عن تجربته مع الكتابة مستعرضا محتوى الكتاب.

وبدأ الحفل باليوم الوطني 93 للمملكة، والذي قدمه الأستاذ أمين الصفار بكلمة إدارة المنتدى ألقتها الأستاذة هدى الناصر تناولت فيها تحولات الرؤى لدى أجيال المجتمع السعودي ونظرتهم لذواتهم، مؤكدة على أن المنتدى يسعى دوما لإبراز المنجزات الوطنية في مختلف المجالات ويحفز على مواصلة العطاء. وألقى الشاعر حسين آل عمار قصيدة شعرية وطنية تغنى فيها بأسلوب حماسي بأمجاد الوطن وموقعيته في القلوب واحتضانه للجميع.

وتحدث مدير الندوة في البداية حول التحولات التي تشهدها المملكة بمختلف الابعاد، وعلى رأسها البعد الثقافي ومن بينها الترجمة التي تعتبر أحد أهم جسور التواصل المعرفي بين الشعوب والثقافات التي يزخر بها كوكبنا الصغير. وأشار إلى أن ضيف الندوة ستتناول تجربتها في ترجمة كتاب “السعودية المتغيرة”، لتستعرض من خلال هذه التجربة التحولات الثقافية في المملكة، مركزة فيها على القراءة الغربية للتحولات الفنية والاجتماعية في المملكة، وكذلك الترجمة وتشكيل المستقبل. وعرف المحاضرة الدكتورة نهى العويضي بأنها تعمل استاذ مساعد في قسم اللغة الانجليزية والترجمة بكلية العلوم والدراسات النظرية في الجامعة السعودية الالكترونية، وحصلت على الدكتوراه في دراسات الترجمة في عام 2015 من جامعة كنت ستيت بأمريكا، وأشرفت على انشاء برنامج ماجستير تقنيات الترجمة وتصميم مناهجه؛ وبرنامج دبلوم اللغة الإنجليزية على الانترنت، وقدمت العديد من دورات تدريب الترجمة؛ وشاركت في عدد من الندوات والمؤتمرات المعنية تخصص الترجمة.

تناولت المحاضرة في البداية تعريفا بثقافة الترجمة وهو كل ما يكتب عن الترجمة من نظريات وطرق تدريس وبرامج متنوعة، مواصلة حديثها حول نظريات الترجمة وطرق تدريسها من خلال عرض بعض كتب المختصين في الترجمة ابتداء من الأمريكي يوجين نايدا في كتابه “نحو علم الترجمة” وانتهاء بكتاب “فقه الترجمة” للدكتور وليد بليهش العمري والدكتور عبد الحميد عليوة الذي نشره معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب في عام 2012م. واستعرضت في ورقتها تاريخ ترجمة الثقافة موضحة أن عملية ترجمة الثقافة ليست عملية سهلة أبدا، بل هي معقدة وعميقة وأثرها كبير، وشارحة تصنيف مستويات الترجمة التي طرحها طه عبد الرحمن في كتابه فقه الفلسفة، وهي الترجمة التحصيلية بمعنى نقل المعلومة حرفيا، والترجمة التوصيلية والتي تهدف لتوصيل المعلومة بأسلوب مناسب للقارئ الهدف؛ والترجمة التأصيلية وهي أجمل وأرقى مراتب الترجمة الإبداعية حيث يتوخى فيها المترجم التصرف في نقل النص الأصلي بما يتلاءم مع عبقرية اللغة المنقول اليها.

واستعرضت الدكتورة نهى العويضي تحولات اتجاهات الترجمة للثقافة السعودية ودور هيئة الأدب والنشر والترجمة في هذا المجال، مشددة على أهمية ترجمة الثقافة السعودية ومن بينها القصص السعودية، والكتب التي تسلط الضوء على رحلة التطور التي مرت بها البلاد، كما تعطي لمحة عن الماضي والحاضر من خلال الروايات التي تداولتها ألسن العائلات والأشخاص المحليين المواطنين والدوليين المقيمين في أرض المملكة. وأضافت أن هذه الترجمات تضفي فهما أكبر للمهتمين بمشاهد التطور في المملكة ومستقبلها المشرق، كما تشكل هذه الكتب للأجيال السعودية القادمة مرجعا بحثيا، ومصدر الهام يخلق رابطا وطيدا بين الماضي العريق والمستقبل المزدهر.

وانتقلت بعد ذلك للحديث حول تجربتها في ترجمة كتاب “السعودية المتغيرة” للدكتور شون فولي الذي وصف بأنه حجاجا علميا قويا أمام الكثير من الاطروحات الغربية التي تنظر إلى المملكة وتغيراتها نظرة مختزلة ضمن قوالب جامدة تفتقر إلى المعرفة التامة عن طبيعة هذا المجتمع والعلاقات التي تحكم حركته الاجتماعية وتنوعاته المختلفة، وهو يقع بين صوتين غالبين: صوت القدح المفرط تجته ثقافة وفن هذا المجتمع، وصوت احتفائي يبتعد عن العمق والتحليل. وشرحت الدكتورة العويضي بأن الباحث اعتمد على مصدرين لجمع معلوماته وتحليلها أولها الفتاوى كردود المشايخ على الأسئلة التي يطرحها المواطنون، مشيرة إلى أن معظم الأسئلة كانت تطرح لطلب تأكيد معتقدات الفرد، حيث لاحظ المؤلف أن الأشخاص “السعوديين” في سلوكياتهم لا يلتزمون كثيرا بالفتوى. وأوضحت أن المصدر الثاني الذي اعتمد عليه المؤلف كانت مجموعة أعمال حركة الفنون السعودية المعاصرة ومقاطع الفيديو والمقابلات العميقة مع العديد من الشخصيات الثقافية والاجتماعية السعودية الرائدة، وأنه بنى الإطار النظري على مقارنة الكتب المنشورة سابقا.

كما تناولت في جانب من حديثها قراءة المؤلف لوجهات النظر الغربية عن الشعوب الشرقية التي تستند إلى سلسلة من الأخطاء الأساسية والتصورات النمطية للمستشرقين، حيث يفترض الغربيون أن الثقافة الشعبية في الشرق الأوسط هي قوة معارضة ضمن مجتمعات مستبدة مقيدة بالإسلام، ومعادية للعالم العصري. وأضافت أن المؤلف يرى بأن الفكر الغربي يعكس الاعتماد على الثنائيات: علماني – ديني، دولة – مجتمع، مجتمع محافظ – مجتمع ليبرالي، بينما في الشرق الأوسط يكون الشخص محافظا في سلوكه وملبسه، ومنفتح على الغرب والعلم في ذات الوقت، ومؤيدا للتغيرات المتسقة مع المبادئ العالمية في القرن الواحد والعشرين. وأنهت حديثها بنقل مقولة للمؤلف حول هدفه في اصدار هذا الكتاب أنه يهدف إلى البناء على هذه الرؤى، موضحا إمكانية وجود وجهة نظر بديلة للفن والثقافة الشعبية في المملكة، ويزعم أن الفنانين السعوديين أحدثوا طفرة مدهشة بربط الإسلام المحافظ بالكوميديا والفن الحديث، وأنواع الثقافة المقرونة عادة عند الغربيين بالكونية والعلمانية.

وبدأت مداخلات الحضور بتساؤل من الأستاذ محمد العيثان حول ملاحظة المؤلف حول مدى دقته بالقول أن السعوديين لا يلتزمون بفتاوى العلماء، بينما واقع الحال يؤكد عكس كلامه، كما طرح الأستاذ سعد الخالدي مطالبته بضرورة تبني وزارة الثقافة ممثلة في هيئة الأدب والنشر والترجمة مسئولية دعم جهات الترجمة والعاملين فيها من أجل دعم حركة الترجمة في المملكة. وطرح المترجم الأستاذ عدنان الحاجي مجموعة من الملاحظات على أعمال الترجمة من بينها اختزال الثقافة على جوانب معينة دون الأخرى مشيرا لأهمية اعتبار الطقوس نوعا من الثقافة الاجتماعية المهمة.

وطرحت الأستاذة أبرار الحبيب سبب اهمال الأدب في اعمال الترجمة والتركيز على الفنون دون غيرها من أشكال الثقافة مؤكدة على أهمية ترجمة الأعمال الأدبية السعودية للغات أخرى. وقال الفنان محمد المصلي أن الحركة الفنية في المنطقة الشرقية بدأت منذ خمسينات القرن الماضي، ولكنها لم تحظ بتوثيق مناسب، وأشار إلى أنه تناول الفنون الحسينية في محاضرة سابقة له باعتبارها جزءا من الحركة الفنية التي تستقطب فئات عديدة من أبناء المجتمع. وأكد الأستاذ فوزي الدهان على أهمية متابعة ورصد ما يكتبه الباحثون الغربيون حول التحولات الاجتماعية غي السعودية.

وشكر الأستاذ جعفر الشايب ضيفة المنتدى على شمولية طرحها وموضوعيته، متسائلا عن مستقبل مشاريع الترجمة في ظل التحولات الثقافية المهمة في المملكة. وتساءل الأستاذ زكي آل نصيف حول دور الذكاء الاصطناعي في مستقبل الترجمة وتدريسها، وحول المبادرات الثقافية في هذا المجال.

 

لمشاهدة كافة الصور اضغط هنا

 

لمشاهدة المحاضرة كاملة على اليوتيوب:

 

كلمة المعرض الفني المشترك (زينب آل لباد):

 

كلمة الكاتب الدكتور أمين أبو الرحي (توقيع كتاب):

 

قصيدة بمناسبة اليوم الوطني 93 الشاعر حسين آل عمار:

 

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد