رسائل الوحدة تنطلق من حناجر شعراء الأمسية النبوية

618

في قاعة غصت بالحضور من مثقفين وأدباء وشخصيات اجتماعية، ترددت أصداء قصائد شعرية تحمل بين جنباتها رسائل دعوات للمحبة والوحدة والإخاء أطلقها الشعراء المشاركون في مناسبة حفل المولد النبوي الشريف الذي نظمه منتدى الثلاثاء الثقافي في الأمسية الثقافية التي أقيمت مساء الثلاثاء بتاريخ 18 ربيع الأول 1445هـ الموافق 3 أكتوبر 2023م، أدار الحفل الشاعر فريد النمر، وشارك في الالقاء كل من الشعراء الأستاذ مصطفى أبو الرز والدكتور عبد الله الخضير والاستاذة تهاني الصبيح والاستاذة زهراء الشوكان والأستاذ محمود المؤمن والأستاذ حسن احليل.

في بداية اللقاء، ألقت الأستاذة هدى الناصر كلمة المنتدى في هذه المناسبة مرحبة بالضيوف والمشاركين في الاحتفال ثقافيا وأدبيا بهذه المناسبة الدينية الكريمة. وتناولت الفنانة سميريتي سينغ في كلمتها عرضا لتجربتها في مجال الفنن التشكيلي واحتكاكها التفاعلي مع فناني المنطقة خلال اقامتها بالمملكة والتطور الذي حدث في اعمالها وخاصة اهتمامها بالموروث الشعبي المحلي وعكسه في معظم اعمالها الفنية، حيث عرضت مجموعة من اعمالها الفنية في صالة معارض المنتدى. وقدم كل من المهندس خالد الخالدي رئيس جمعية ترميم الاهلية وأمينها العام الأستاذ علي الاسمري عرضا لأبرز إنجازات الجمعية وخططها في تطوير اعمال ترميم منازل المحتاجين على أسس هندسية دقيقة وبمواصفات عالية لضمان الاستدامة وتأهيل هذه المنازل بصورة صحيحة، وكذلك تدريب العاملين في هذا المجال على أصول الترميم السليم للمساكن.

قدم الأمسية الشاعر فريد النمر الذي افتتحها بذكر مناقب وخلق النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، مطالبا التأمل في هذه المناقب وتحويها لواقعنا المعاش لكونه القدوة التي ترجع الأمة لها، ومعرفا بالمشاركين في الأمسية كشعراء بارزين لهم تاريخهم الأدبي وتنوع أساليبهم الشعرية، ومقدما كل منهم بعرض لمسيرته الشعرية ونتاجه الأدبي.

تقدم المسيرة الشاعر الأستاذ مصطفى أبو الرز بقصيدة ملهمة عنونها “طه” أماط اللثام فيها عن المعجزة النبوية في تغيير واقع المجتمعات العربية وتحميلها رسالة سلام ومحبة للعالم بدلا من التناحر والصراع، معلقا على واقع حال الأمة في هذه المرحلة وضرورة وحدتها وإعادة بث رسائل السلام بين مكوناتها. ومما جاء فيها:

طه أتيتك واجمًا أترددُ                             ماذا بمولدك العظيم سأنشدُ

تأْبى القوافي أنْ تطيع قريحتي                   هل تبصرُ الطيرَ الجريحَ يغردُ؟

تغلي الجوانحُ بالهموم وبالأسى                  لكن حرفي في فمي يتجمدُ

عذرا إذا ما جئت أنفث حسرتي                 عز القصيد وإنْ يجلُّ المقصدُ

عجبا تحار له العقول فهل                         نرى للجاهلية عودة تتجددُ

من بعد أن نشر النهار ضياءه                   الليل في أوطاننا يتسيَّدُ

وتمدُّ أجنحة الظلام ستائرا                        يمتد في أفق البسيطة سرْمدُ

والظلم يُنشب في الدنى أظفاره                  وسهامه للأبرياء تسددُ

تلاه الشاعر الدكتور عبد الله الخضير الذي أبدع في عرض قصيدة عميقة وفصيحة استعرض فيها أبعادا مختلفة من شخصية النبي محمد (ص) ودوره في جمع الأمة، وبأسلوب أدبي بديع ترنم بإسقاطات على الواقع المعاش داعيا إلى تجاوز الخلافات البينية والانعتاق نحو الوحدة الجامعة دون أي تمييز بين أبناء المجتمعات. ومما جاء في أبياتها:

وغدا سنمضي حيثُ تدرِكنا مهابة من يجود على بُراق الأنبياء بغسل أدران الحياة،

لأحمي الإنسان من وحش الإبادة في فلسطين الأبيّة،

فلسطين الأبيّة عند مِعراجي وإسرائي

وعند فواجعِ الجرح العميق من المحيط إلى الخليج،

وهند بغدادَ الرشيد إذا تألّم صمتها

ما همّنا من هذه الأرض جريحة طيفها،

نحن العروبة طيفنا إسلامنا سيجيئ فينا من ينادي بالسلام.

والأرضُ ينبت عشبها بالحب بالصفح الجميلِ

وبالإخاء نختارُ أمكنة الغناء

هنا طلوع البدرِ فينا من ثنيّات الوداع،

يا للغناء إذا تبسم نهر رجلك والفرات

وإذا تغنّى بالكرامة والشهامة والعروبة ألفُ عام،

لا لن نهان

قلْ في سماء الله يا أقصى أنا العربي أرضي لا تضام،

قلْ في سماء الله يا بَردَا سأُروِي من ينابيعي محاصيلًا

وأمحو عن بحيراتِ السقام،

قلْ في سماء الله يا مسعى بأنّك دعوةٌ للحق

تزهو بالصفّا وبمروةٍ تهفو إلى البيت الحرام،

تهفو إلى البيت الحرام.

واعتلت المنصة بعد ذلك الشاعرة تهاني الصبيح، حيث ألقت قصيدة ملؤها الشغف والتحدي والسمو نحو الأعلى والاقتداء بخير البشر في كل مناحي الحياة، مسلطة الضوء في إلقاء حماسي على جوانب التجلي الرباني فيما قدمه للبشرية من عطاءات وتضحيات كبرى.

يا وجه كل الأرض في دورانها                 من كل جارحة تفيض بحورُ

وجهٌ يسمِّيه الإله محمدًا                           والكون يؤمنُ أنّه الإكْسيرُ

يا غيْرة الله التي يحيا بها حرٌ                     وينهض في الزمان غيورُ

يا جنّة الإحسان بابك مُشْرَعٌ                      والمؤمنون على مداركَ سورُ

يا رافدًا نهرَ العبادات التي                        فاضتْ قرابينٌ لها ونذورُ

لوْ حلّقَت بالقربِ منك حمامةٌ                     ما غادرتْ وجناحها مكسورُ

لوْ صافَحَتك لدى المخاضِ غمامةٌ               سيهِّل فيضٌ بالرجاء مغمورُ

فيَدٌ تلوحْ لتخطفَ البرق الذي                    يوما إلى قدر الهطول يشيرُ

ويَدٌ على متن البراق يسوقها                      غيب تعرّى لم تحطه سُتورُ

وبدارك النفحاتُ تفتح بالدعاء                    بابَ الإجابة يرفعُ التكبيرُ

وألقت الشاعرة زهراء الشوكان عدة نصوص شعرية تدور حول شخصية الرسول محمد (ص) معرجة على تفاصيل العلاقة الروحية والشعورية التي ينبغي ان تربطنا به ليكون القدوة والأسوة.

ما زال يبحث قلبي عن حقيقتهِ                   ما زال يعثَرُ في أذيال توبتهِ

ما زال لا يدرك الألوانَ مختلطا                 تلوُه بالليالي شكُّ عتمته ِ

يمدُّ أطرافه للصبح في قلقٍ رمشٌ               يفتش عن ضوء لوجهتهِ

حتى تغشّتهُ ذكرًا كالنسيم جرتْ                 تُجلي التعاسة عن أهدابِ قصتهِ

ولاح من يثربٍ نورٌ يذكّره                        بما تمازجَ من طهر بطينتهِ

بعشقهِ الأول المخبوء في دمه                    عقيدةً شكّلت معنى هويتهِ

هنا تنفّس عند المصطفى هدأتْ                 هواجسٌ كم ذكت أشجان كربتهِ

هنا توّهج مُخضرا بكل ندًا                        لمّا دنا ممسكًا أغصانَ جنتهِ

وغرّد اليوم كالدوريّ منتقلا                      بين الأهازيج يشدو لحنَ مُدحتهِ

محمدٌ نوريَ القدسي لستُ أرى                  من بعد ذلك إلا صبحَ غرّتهِ

 

وجاء بعد ذلك دور الشعراء الشباب حيث ألقى كل من الشاعرين محمود المؤمن وحسن احليل قصائد تميزت بالعمق المعرفي والفلسفي معبرة عن الموقع السامي الذي يتبوأه النبي الأكرم في نفوس المسلمين والمكانة التي يحتلها لديهم. ومما جاء في قصيدة الشاعر محمود المؤمن:

بالحبِّ جئتُ مُحمَّلا أشواقي                       أحتاجُ صدرا مفْعما لعناقي

أحتاجُ معجزةً بقدر محبتي                        تُلقى عليَّ تُنيرُ لي آفاقي

ما لٍي إذا استغرقتُ فيكَ وجدْتني                أهفو إليك بصبْوة المشتاقي

أنا ظامئٌ منذ الطفولة للهُدى                      وبك استجرت وأنت أنتَ الساقي

يا منْ دللتَ الخلقَ في حَلك الدُجى               لضياء وجه المبدع الخلاقِ

أشرقتَ من ملكوتِ طُهرك واهبا               نبضَ الحياة طهارةَ الأعراقِ

ونفخت في الطين الحياة فأورقت                مما تجود مكارم الأخلاقِ

حنّتْ لكَ الأرواحُ أرَّقها الهوى                  مُذْ حنَّ ذاك الجِذْع ذاتَ فراقي

هادي المشاعرُ ذوّبتها ليلة                        الميلاد باقيةً على الميثاقِ

أما الشاعر حسن احليل فقد قدم نصوصا أدبية متميزة، ورد فيه:

إذِ الكوْنُ لمّا يلمسِ الكافَ نونُهُ                   تكوَّنَ فيما كانَ قبلَ يكونُ

وقبلَ أن ابيضتْ على الماءِ نفسهُ                أشار لها وأبيضّ في الماءِ طينهُ

فألقى بحبلِ الازمان إلى المدى                  ليُقرنه باللامكان قرينهُ

هنا ينفضُ اللفظُ الغبار عنِ الرؤى              فيختنق المعنى وتعمى عيونهُ

لأنّ ضميرَ الشمس لا فرق حينما               يشعُّ على شمس الضمير جبينهُ

سيَبْتكرُ التَأويل صورتهُ التي                     سيظهر بعضا من كثيرٍ يصونهُ

ولنْ يهدأ التاريخ حتى ينامَ في                   هُداه وتبقى ساهراتٍ جفونهُ

وجودٌ كهذا لا يحدُ بعالمٍ                           يؤثّثه الإنسان وهو سجينهُ

ولكن يعيشُ الظلُّ والضوءُ دائما                يموتُ وفي مرآتهِ من يخونهُ

وشارك في ختام البرنامج الأستاذ منصور العليو كضيف شرف حيث ألقى كلمة أثنى فيها على الشعراء المشاركين في الحفل وقدم الدروع لهم، مؤكدا على دور المنتدى في تفعيل المناسبات الثقافية واستقطاب الكفاءات الأدبية المتميزة.

التغطية الإعلامية

 

لمشاهدة كافة الصور اضغط هنا

 

لمشاهدة الأمسية كاملة على اليوتيوب:

 

كلمة المعرض الفني (سميرتي سينغ):

 

كلمة المهندس حمد الخالدي – الأستاذ علي الأسمري (جمعية ترميم الأهلية):

 

كلمة ضيف الشرف الأستاذ منصور العليو:

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد