المجتمع وقضايا الإعاقة

3٬590

استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي بالقطيف مساء الثلاثاء 8 ربيع الاول 1428هـ الموافق 27 مارس 2007م الاستاذ عبد الله بن رشيدان المغامس مدير عام الجمعية الخيرية لرعاية المعاقين بالمنطقة الشرقية متحدثا عن موضوع “المجتمع وقضايا الاعاقة”. وادار اللقاء راعي المنتدى الاستاذ جعفر الشايب، حيث عرف المحاضر بأنه يحمل درجة الماجستير في التوجيه والارشاد التربوي من امريكا ودرس الاداب والتربية في جامعة الملك سعزد بالرياض، وتنقل في مواقع تعليمية حكومية واهلية عديدة انهاها كمساعد لمدير عام الشئون التعليمية بالادارة العامة للتعليم بالمنطقة الشرقية، وتراس لجنة موسوعة تاريخ التعليم بالمنطقة الشرقية كما صدر له كتاب “الفكر التربوي وعوامل التاثير في المؤسسات التربوية”.

ورحب راعي المنتدى في البداية بالحضور وشكر المحاضر على مشاركته، مشيرا الى موضوع الاعاقة في المجتمع واهميته وانماط العلاقة تجاه هذا الموضوع الذي بدأ في التطور الايجابي مؤخرا نتيجة للوعي بهذا الموضوع بسبب الجهود الكبيرة التي تبذلها المؤسسات المهتمة بهذا الموضوع كالجمعية الخيرية التي يديرها المحاضر، واكد ايضا على اهمية مواصلة العمل لتوعية المجتمع حول قضايا الاعاقة وسبل التعاطي معها.

بدأ الاستاذ المغامس حديثه بطرح عدة مفاهيم لتحديد محاور النقاش منها التعريفات المتعددة للاعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، حيث ان بعضها هدف الى تخفيف المصطلح من اجل تقبله اجتماعيا وضمان استمرار حالة التعاطف والاحسان مع المعاقين، مشيرا الى ان مصطلح ذوي الاحتياجات الخاصة الذي ساهم الاعلام في الترويج له كثيرا قد ينطبق على اية فئة اجتماعية بحاجة الى عناية ورعاية خاصة بما في ذلك الموهوبين والسجناء والارامل وغيرهم،ومؤكدا على ان المعاقين هم جزء من ذوي الاحتياجات الخاصة ولذا فان ابراز التسمية الشاملة (الاعاقة) تبدو ملحة وضرورية. واشار الى ان الامم المتحددة قد اعتمدت الخط الفاصل في مجال الاعاقة وحددته بنسبة 10% من اجمالي السكان بحيث يعتبر الزيادة عن ذلك وضعا غير طبيعي. ثم انتقل للحديث حول مسببات الاعاقة والتي ذكر منها المسببات الطبيعية التي قد تنتج مع الولادة، وكذلك الحوادث الحياتية المختلفة كامراض الدم والجلطات المؤدية للشلل والحوادث المرورية، واخيرا فان هنالك الاخطاء الطبية التي قد يتعرض لها بعض الناس.

وحول نظرة المجتمع للاعاقة بمجمل اشكالها، اكد المحاضر على ان هنالك ثلاث مواقف تلخص نظرة المجتمع للمعاقين: اولها الشرائح التي تدعم وتسند المعاقين وتتعاطف معهم وتتسم بروح الشفقة عليهم والاحسان لهم، وثانيها الفئة التي تتعاطى مع المعاقين على انها جماعة مكلفة اجتماعيا واقتصاديا ولبس لها اي مردود ايجابي للمجتمع ولذا فلا ينبغي صرف مزيد من الجهود والتكاليف عليها، اما الفئة الثالثة فهي التي تنظر بحيادية لموضوع الاعاقة ولا تعطيها اي اهتمام مادامت غير معنية بها او لايتعلق الامر باحد اعضائها.

واستعرض المغامس في حديثه المفاهيم الاجتماعية المتعلقة بالتعاطي مع قضية الاعاقة، محددا حديثه في اتجاهين واضحين: الاول هو المفهوم التقليدي الذي ينظر الى المعاق كانسان ضعيف يحتاج الى الشفقة والعطف والمؤازرة والاحسان، معتبرا ان هذا الموقف على ارغم من انسانيته الا انه يكرس حالة التلقي لدى الشخص المعاق ويعالج مشكلته بصورة فردية محدودة لا تخضع الى اي استراتيجية مستقبلية واضحة تعالج قضية الاعاقة. وأكد أن هذه النظرة هي السائدة في معظم المجتمعات النامية، وأن المعاق يستفيد من هذا التعاطف كفرد ولكنه لا ينعكس كثيرا على المؤسسة التي تضمه او على مجموع الشريحة في المجتمع، موضحا ان هنالك بوادر تحول عن هذه النظرة المحدودة الى حالة اكثر شمولية واتساعا في السنوات الاخيرة،  فالإحسان وحده يعجز عن مواكبة الحاجات المتجددة للمعاق الناتجة عن تطور الحياة.

اما النظرة الثانية فتنطلق من المفهوم الشامل لقضية الاعاقة والتي تعني الرعاية الشاملة، حيث بدأ هذا المفهوم بالتبلور منذ عام 1981م عندما اعتمدت الامم المتحدة اليوم العالمي للمعاق، واصبحت الدول الاسكندنافية متفوقة في تطبيق هذا المفهوم بصورة سريعة. وتعني الشمولية الاهتمام بالاحتياجات الفردية للمعاقين اضافة الى الحاجات الجماعية لهم ايضا بصفتهم اعضاء فاعلين في المجتمع وضمان الحقوق العامة الشاملة لهم مثل بقية افراد المجتمع تماما.

وحول ابرز مطالب المعاقين من مجتمعاتهم ركز المغامس على عدم التمييز بينهم وبين سواهم من ابناء المجتمع واعطائهم حقهم الكامل في حياة طبيعية، وأشار ايضا الى ضرورة تقييم المعاق حسب امكاناته وقدراته التي قد يتميز بها على سواه، وكذلك الى اهمية ايجاد الجماعات المتماثلة في الاحياء والتجمعات السكانية والتي بدأت تلعب دورا رئيسا في خلق حالة تضامن بين المعاقين، واخيرا اهمية تهيئة بيئة خاصة وعملية لازالة المعوقات عن ممارسة المعاق لحياته الشخصية والعملية بصورة طبيعية.

وتحدث في نهاية محاضرته الى ضرورة تغيير النظرة للمعاق وانتقالها للصورة الشاملة، موضحا ان بدايتها ينبغي ان تنطلق من المعاقين انفسهم وكذلك من المجتمع ايضا عبر اشراكهم في القرارات والقضايا الاجتماعية وارتقاء الوعي حول الاعاقة كقضية مجموع وليس افراد والاقرار لهم بحقهم الاجتماعي الطبيعي، وكذلك عبر تثقيف الاسرة بالقبول بواقع الاعاقة عبر تدريب الامهات وتوعيتهم. وأشار الاستاذ عبد الله المغامس الى بعض الاحصائيات المعتلقة بالاعاقة موضحا ان عدد المعاقين المسجلين في المملكة بلغ 720 الف شخص قبل سنتين، وان هنالك 18 جمعية اعاقة في المملكة تخدم حوالي 70 الف معاق متردد على عياداتها، اما في المنطقة الشرقية فتبلغ عدد الحالات 55 الف حالة بما في ذلك الناتجة عن امراض الدم الوراثي.

وتم في الاخير تقديم عرض موجز عن وضع الجمعية الخيرية للمعاقين في المنطقة الشرقية وفعالياتها وبرنامجها المستقبلي. بعد ذلك أعطى مدير الندوة المهندس جعفر الشايب الفرصة لجمهور الحاضرين للتداخل وطرح الأسئلة، والتي جاءت متفاعلة مع الموضوع، وأثار الحضور العديد من الاسئلة والمداخلات حول مشاكل الاعاقة ودور المجتمع في احتضانها ومعالجتها.

 

لمشاهدة الصور اضغط هنا

 

قد يعجبك أيضاً

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافق أقرأ المزيد